علي محمود خاجه

مشكلة شخصية


مللت الكتابة عن السياسة وشؤونها المُرّة، فقبل أن نخرج من أزمة ندخل في أخرى، وننقسم حتى في ما يجب ألا ننقسم عليه، ولكم في قضية شيك سمو الرئيس عبرة، فرئيس الوزراء منح أموالاً لنائب في فترة نيابته، بغض النظر إن كان هذا المال مال الدولة أو مال سمو الرئيس، ولكن هل يُعقل أن نبرر ونبحث عن أسباب تفسر لنا منح الأموال من رئيس سلطة تنفيذية لعضو بسلطة تشريعية يراقب ويحاسب رئيس السلطة التنفيذية وأثناء تأدية عملهما؟ كما قلت فإني لن أكتب في السياسة اليوم، بل سأطرح مشكلة شخصية وأنا جاد في طرحها كل الجدية، فرفقا بما سأكتب: في الأسبوع الماضي بلغت التاسعة والعشرين من عمري، وها هي الأيام تأخذني إلى الثلاثين منه رغماً عني، وهو ما يعني في مجتمعنا أنني لا أكاد ألحق بآخر عربات قطار الزواج الطبيعي قبل أن أدخل في أسئلة لا داعي لها، سواء قيلت أم لمزت فقط كــ: «ليش ما تزوج؟» و»أكيد فيه بلى؟» و»شناطر؟» إليكم المشكلة، تستهويني فتاة سمراء أفكر جدياً في الارتباط بها ومشاركتها بقية ما لي من حياة دنيوية، هذه الفتاة لا تعتقد بما أعتقد؛ فهي ترى أن أفضل نائب في المجلس حالياً هو مرزوق الغانم… ومع احترامي لـ»بوعلي» فإني لا أرى ذلك، ولا مشكلة في ذلك. وهي ترى أن عبدالمجيد عبدالله أفضل مطرب، وأنا لا أرى هذا الأمر ولا مشكلة في ذلك أيضاً. وهي ترى أن البنطلون يبدو شكله أفضل من الدشداشة عليَّ، وأنا أيضاً لا أرى ذلك، وكل تلك الأمور لا مشكلة فيها، ولا حتى مكان السكن، أو وجود عمالة في منزل المستقبل، أو إدخال الأولاد مدرسة خاصة أم حكومية، كلها خلافات لن تسبب لنا أي مشكلة ولا لأسرنا كذلك. لكن المشكلة التي تأسرنا وقد لا تحقق مبتغانا هي التالي، فأنا أصلي الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء وهي تصليهما فرادى، أنا أفطر في رمضان بعد أذان التلفزيون بربع ساعة، وهي تفطر مع الأذان، أنا أتوجه إلى الحسينية في العشر الأوائل من محرم، وهي تتوجه إلى المسجد في العشر الأواخر من رمضان. هذه الأمور البسيطة التي لا يجب أبداً أن تكون عائقا تعد هي العائق الأكبر، فحتى إن تفاهم الطرفان الشاب والفتاة، فإن الأسرتين معا أو إحداهما في غالب الأحيان ستقف سداً منيعا ضد هذه الزيجة، فهم يصابون بحمى الرفض لأننا نختلف في تلك الأمور التي مضى عليها 1400 عام وأكثر، دون تبيان سبب منطقي واحد يفسر لنا تلك الحمى! فما المانع لو اعتقد أحد بمذهب يعترف الآخر بأنه من المذاهب الإسلامية المختلفة؟ وما الفارق الذي سيحدثه هذا الاختلاف في الحياة؟ وهل ستتعرقل الأمور بذهابي إلى الحسينية أو ذهابها إلى التراويح؟ وهل سيرسب الأبناء في دراستهم لأني أصلي ويداي موازيتان لجسمي؟! لن تتغير قناعتي ولن أغير قناعتها… نريد العيش معاً وفي الآخرة سنفر من بعضنا بعضا كما ذكر القرآن، أيعقل أننا نرفض بعضنا لهذه الدرجة في حين أننا نكون أكثر قبولا حين يتزوج الأبناء من أجانب؟ تلك هي مشكلتي ومشكلة الكثيرين غيري مع اختلاف طفيف، اعقلوا قليلا ولا تدمروا وتمزقوا أواصر الترابط في المجتمع لأننا نختلف، فلماذا نقبل أن نختلف في أمور الحياة الحالية ونرفض رفضاً قاطعاً مَن يختلف معنا في قراءة تاريخ مضى عليه 14 قرناً كاملة؟ خارج نطاق التغطية: صنعنا دستوراً يجمع اختلافاتنا قبل 47 عاما كاملة، فلنحتفل مع مجموعة «صوت الكويت» في مولده يوم الأربعاء المقبل في ساحة الإرادة في تمام الخامسة والنصف مساءً… في موعد إنكليزي دقيق. 

سامي النصف

أأيقاظ أمية أم نيام؟!

كما أنه ليس من العدل أو الإنصاف أن يتم توجيه الاتهام لأحد دون قرينة أو بينة فالقياس ذاته ينطبق على الوزير الخلوق الشيخ ناصر صباح الأحمد الذي فعل خيرا بإصداره بيان التكذيب ليقطع دابر الإشاعات التي يساعد على انتشارها كالنار في الهشيم أننا شعب «سماعي» من الدرجة الأولى يصدق كل شيء دون تحقق وخاصة الأخبار السالبة ـ لا الموجبة ـ بحق الآخرين.

يتفق الجميع على حاجة الحكومة الماسة للظهور المكثف على وسائل الإعلام المختلفة في الأيام المقبلة (وزير المالية، محافظ البنك المركزي.. إلخ) لشرح خططها ومشاريعها وحلولها لما يطرح كصندوق المعسرين، وتأكدوا أن الناس تفهم وتستوعب لغة الأرقام والحقائق، فقط تنتظر من يقدمها لها، لذا فحكومة شجاعة ناطقة خير ألف مرة من حكومة مرتعبة صامتة.

في العالم أجمع يتم التذكير عند الاختلاف السياسي بأن الذكاء والحكمة يقتضيان الحرص التام على الحصول على العنب بدلا من قتل الناطور، في العمل السياسي الكويتي الفريد يتم دائما وأبدا الإصرار على قتل الناطور ثم لا يهتم أحد بعد ذلك بقطف العنب والذي هو أصل القضية.

ومن ذلك نقول إن هناك اتفاقا على نزاهة وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد وان من الصعوبة، إذا لم نقل من الاستحالة، إيجاد بديل حازم وكفؤ كأبي نواف، لذا فلنحافظ على الوزير ولنعمل جاهدين على استرجاع الأموال العامة التي نملكها جميعا والتي صرفت بشكل مبالغ فيه على اللوحات الانتخابية، بدلا من العكس أي تقصد الوزير ثم نسيان تلك القضية.. كالعادة.

اصطحبت الصديق والمفكر العراقي حسن العلوي للعشاء في المدينة والتقيت هناك مصادفة بأحد المواطنين الذي سألني عن الرأي في موضوع الشيك، وقبل أن أرد كان العلوي قد تبرع بالرد قائلا «يابه إذا الشيخ ما ينطي فلوس شنو فايدته؟ لازم تلوموه إذا خش حلاله مو إذا فتح كيسه.. وضحكنا في بلد أصبح نادرا فيه الضحك».

من الأمور المعكوسة في بلدنا حقيقة أن النقابات في دول العالم أجمع هي في الأغلب نظيفة خلقت لمحاربة الإدارات الفاسدة، في بلد «خليفة خليفوه» توجد نقابات شديدة الفساد ما خلقت إلا لمحاربة الإدارات الحكومية الكفؤة والنزيهة والتشهير بها وتهديدها بالاضراب، لو كان لي من الأمر شيء لشككت وأعفيت كل إدارة حكومية تنبطح أمام الطلبات غير العقلانية وتسفح وتسفك المال العام لأجل التثبت بالمناصب.

آخر محطة:

أرسل الشاعر نصر بن سيار قصيدة مؤثرة للخليفة الأموي مروان بن محمد قال فيها بتصرف: أرى تحت الرماد وميض نار ويوشك أن يكون لها ضرام فإن النار بالعيدان تذكى وان «الضعف مبدؤه انقسام» فقلت من التعجب ليت شعري أأيقاظ أمية أم نيام؟! فإن كانوا لحينهمُ نياما فقل قوموا فقد حان القيام

ولم يسمع للشاعر أحد فذهبت دولة ممتدة من الصين حتى الأندلس لقمة سائغة لأعدائها بسبب تجاهل نصح الناصحين، وكم في التاريخ من عظات وعبر.