سامي النصف

كلنا اليوم سعوديون ويمنيون

حال وطننا العربي مع بداية هذا القرن كحال الدولة العثمانية في بدايات القرن الماضي حيث كان الكل يتسابق على تقسيمها وابتلاع أجزائها – القريب قبل الغريب – رافعين الرايات الزائفة المدغدغة والمدعية صداقتها والحفاظ على مصالحها، والزاجة بها في سلسلة حروب كانت أقرب للنيران التي نضجت عليها طبخة أكلها.

يتعرض وطننا العربي هذه الأيام من شمال العراق شمالا إلى جنوب السودان جنوبا مرورا بالصومال واليمن وغزة وشمال لبنان إلى عمليات تشطير وتقسيم وتفتيت تعمّد بدماء الأبرياء، وتبدد من خلالها ثروات الأمة عبر حروب أهلية مبرمجة متتالية تهدف في نهاية المطاف إلى تحويلنا لمشروع دويلات طوائف صغيرة متحاربة كحال الأندلس قبل السقوط.

إن بلداننا العربية أقرب للوح زجاج إن شرخ جزء منه امتد ذلك الشرخ سريعا إلى بقية الأطراف، وعليه فإن مشروع الدولة الحوثية في شمال اليمن وغيره من مشاريع دويلات مزمع إنشاؤها في العراق والسودان والصومال وغزة ولبنان هو موقف مبدئي علينا جميعا أن نقف ضده لا بالقول بل بالعمل عبر تسخير الموارد وتجييش الجيوش كحماية للذات قبل أن تكون وقفة مع شقيق أو صديق.

وإذا كان هدف تشطير المشطر وتقسيم المقسم سيئا بذاته فإن الوسائ‍ل المستخدمة للوصول إليه لا تقل عنه سوءا وضررا حيث استخدم الإرهاب والتطرف والتغرير بالشباب والقتل والنحر والتفجير ورفع رايات الدفاع عن الإسلام والحفاظ على العروبة كأدوات تحريض وتغرير بالسذج والخدج والجهلة والبسطاء لتحقيق تلك الغاية.

إننا في الكويت مع الشقيقة المملكة العربية السعودية قلبا وقالبا في صدها للعدوان على أراضيها الجنوبية في جبل الدخان، ومع اليمن الشقيق في دفاعه عن وحدة أراضيه وسيادته على ترابه داعين دول مجلس التعاون الى أن تعيد ملحمة تضامنها عامي 90 – 91 وأن ترسل قوات درع الجزيرة وطائراتها للقضاء على مشروع دولة الإرهاب والتطرف في صعدة اليمنية، ووأد ذلك الوليد الشيطاني وتخريب عشه وتدمير عرشه قبل أن يكبر ويستفحل أمره، فبدون أن نرفع شعار «كلنا اليوم سعوديون ويمنيون» ستنتقل كرة النار سريعا من الأطراف إلى القلب… وما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا، كما جاء في الحديث الشريف.

آخر محطة:

(1) نعلم علم اليقين ان دول المنطقة ليست مصنّعة للسلاح والذخائر فمن أين يأتي المعين الذي لا ينضب والنهر المتدفق للسلاح والمتفجرات التي تتكفل بتفجير ما لا يقل عن نصف دزينة من أوطاننا العربية في آن واحد ومن يدفع أثمانها المالية؟!

(2) العزاء الحار للولايات المتحدة وشعبها الصديق على الجريمة النكراء التي ارتكبت في قاعدة «فورت هود» وهل يصح لمن آوته أميركا من خوف وأطعمته من جوع ووفرت له سبل العيش الكريم أن يغدر بها وأن يقتل بخسّة بالغة أبناءها بعد أن يتعمد ويتقصد لبس «الدشداشة» العربية البيضاء قبل ارتكابه لجريمته السوداء؟!

احمد الصراف

الحاجة لوربة وغيرها

أعلنت اللجنة التأسيسية لبنك وربة أنها خصصت 684 سهما من أسهم البنك لكل مواطن! وحيث ان نسبة لا بأس بها من المواطنين لم يقوموا بالتقدم للاكتتاب في البنك، فمن المتوقع حتما وجود فائض كبير من الأسهم غير المكتتب بها، ولكن هذا ليس موضوع مقالنا.
تخصيص مبلغ مائة مليون دينار من المال العام لتأسيس بنك لا يحتاج له السوق المحلي فكرة لم تكن اقتصادية منذ اليوم الاول، على الرغم من النوايا الطيبة والخيرة الكامنة وراء هذا المشروع. فمن استهدفتهم فكرة التملك في اسهم البنك سيكونون اول من سيبيع اسهمه بأرخص الأثمان، من دون انتظار تحسن سعر السهم مستقبلا، وسيلتقط الشريطية والهوامير هذه الاسهم بشكل تدريجي لينتهي مصير البنك خلال سنوات قليلة بيد عدد قليل من المستثمرين الذين لم يكن المشروع يستهدف اثراءهم او زيادة ثرائهم في المقام الاول.
فكرة «التعاونية في ملكية البنك» كانت تتطلب التمهيد لها اعلاميا بشكل افضل، من خلال حث المواطنين على ضرورة ابداء الرغبة في المساهمة في البنك من جهة، وحثهم على الاحتفاط بأسهمهم وعدم التصرف بها بأثمان بخسة لا تتجاوز السبعين دينارا للسهم الواحد والتي يمكن ان تضيع من خلال شراء هاتف نقال من نوع عادي. كما كانت الفكرة تقتضي اصدار تشريع يمنع المواطنين من بيع اسهمهم في هذا المصرف قبل 5 سنوات من التأسيس، بحيث ننمي لدى هؤلاء شعور وفكرة تملك الاسهم من جهة، ونعطي السهم فرصة اكبر لكي يتحسن سعره ويصبح مجديا لرب عائلة مكونة من اربعة او خمسة افراد من خلال تحقيق مبلغ لا بأس به كعائد.
ومن جهة اخرى، نجد ان سلبيات محددة صاحبت وستصاحب تأسيس وادارة هذا البنك، وذلك بسبب غياب مالك او ملاك رئيسيين فيه، وهي اول تجربة مصرفية من نوعها، فموظفو الحكومة هم الذين سيتولون غالبا امر ادارته في السنوات الثلاث الاولى، على الاقل. وسيكون للتدخلات النيابية والقوى المتنفذة الدور الاكبر في تعيين مجلس ادارته وادارته العليا، وسوف لن تكون هناك حتما فرصة لي، او لغيري من اصحاب الخبرات المصرفية والمالية الطويلة التي تقارب نصف قرن، في تولي اي منصب في هذا المصرف، على افتراض ان لنا اصلا رغبة في ذلك، وبالتالي فمن المتوقع ان يدار البنك، وقبل ان يستولي عليه «علية القوم» في مرحلة لاحقة، بطريقة حكومية بيروقراطية كأي ادارة في وزارة متخلفة، كما سيكون للمتأسلمين حصة كبيرة في وظائفه العليا بسبب طبيعته المالية، وكأن من تأسلم أكثر دراية بالصناعة المصرفية من غيره.
كم كان جميلا، واكثر نفعا، لو كان المبلغ الذي صرف على رأسمال هذا البنك، وكذلك المبلغ الذي صرفه سمو الشيخ سالم العلي، قبل فترة والذي كان بحدود 100 مليون دينار، قد صرف على تأسيس صندوق استثماري يصرف من ريعه على تنمية المجتمع والاهتمام بالمهارات الدراسية وتشجيع الاختراعات وتجميل شوارع المدن الخارجية وانشاء حضانات نموذجية.. وعشرات المشاريع الخيرية الاخرى التي لا تلتفت لها جمعياتنا الخيرية، ولا بقية مؤسسات الدولة المتخمة بالأموال.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

حتى لا يرحل «المعلمون والمعلمات» (1)

 

ما أن تجلس مع معلم أو معلمة، حتى يبدأ الحديث الحزين المؤلم عن المعاناة التي يعيشها المعلمون والمعلمات، من البحرينيين بدرجة أكبر، وغير البحرينيين بدرجة أقل، يبدأ أول ما يبدأ بمستوى الأجور التي يتقاضاها العاملون في مجال التعليم، مرورا بالمشاكل التي يواجهونها مع الطلبة وأولياء أمورهم، في المراحل الثلاث بلا استثناء.

وفي ظني، أو هكذا وجدت، أن الكثير ممن أعرفهم من المعلمين والمعلمات لم يعودوا اليوم يعملون في المهنة، ومن يعمل فيها باقيا صامدا، فإنه يتحين الفرصة الذهبية التي يمكن أن تنتشله مما هو فيه! وأسفا أقول ذلك حينما نتكلم عن أناس يمثلون شريحة نخبوية في أي مجتمع من المجتمعات، ويقومون بمهمة الأنبياء، وقد طرحت في سلسلة سابقة العام الماضي، فكرة إعادة النظر من جانب الدولة في أوضاع المعلمين والمعلمات بدءا بفرص التوظيف وامتيازاتها انتهاء عند الاستمرار في تقديم المغريات للمعلمين المخلصين ليبقوا ويواصلوا عملهم المقدس الذي يجب على الدولة أن تقف فيه وتوفهم التبجيلا.

لا تهمنا شريحة المعلمين والمعلمات البحرينيين وغير البحرينيين، ممن لا يحترمون مهنتهم ولا يبذلون جهدا في القيام بمهمتهم المقدسة، فهؤلاء، كلما ابتعد غالبيتهم عن المهنة وبحثوا عن مهن أخرى، كان ذلك للطلبة وللمدارس وللتربية والتعليم بشكل عام، أفضل وأفضل! إنما من الضرورة بمكان، أن تدعم الدولة جهود وزارة التربية والتعليم في تنفيذ المشاريع التطويرية الموجهة للمعلمين، والتباحث مع الأطراف المهمة، كالمؤسسات الأكاديمية والأساتذة المتخصصين وجمعية المعلمين، لطرح سؤال افتراضي لكنه مقلق: «أليس وضع التعليم ووضع المعلمين في البلد ينبئ بما لا تُحمَد عقباه وخصوصا في ظل الجهود التي تبذلها الوزارة ويبذلها المعلمون والمعلمات، وفي ظل عدم وجود امتيازات مغرية، ونظام متطور لتقييم أداء المعلمين؟ وهل وضعنا في الاعتبار قراءة مستقبلية لما سيكون عليه الوضع مع عزوف المعلمين والمعلمات والاتجاه نحو مهن أخرى؟»…

ربما كانت قائمة التساؤلات طويلة، لكن، يلزم أن نضع في حدود الإجابات معلومات دقيقة تمكننا من القراءة الصحيحة لمستقبل مهنة التعليم في البحرين، فلا يمكن الاستغناء عن المعلم والمعلمة، لا البحرينيين ولا غير البحرينيين، ولكننا نأمل في أن نطرح محاور مهمة تثير نقاشا مجديا ينطلق من نقطة جوهرية وهي: إعادة النظر في الأجور والامتيازات التي تقدمها الدولة للمعلمين والمعلمات، وهل هذه الأجور والامتيازات كفيلة بأن تؤمّن قطاع التعليم وتقوّيه ليتمكن من المشاركة في مشروع تطوير التعليم المطروح من قبل ولي العهد نائب القائد الأعلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة؟ أم أن هناك مؤشرات مقلقة بالهروب من مهنة التعليم؟

للحديث صلة..