سامي النصف

قضايا كويتية ساخنة

يقول الرئيس جاسم الخرافي وهو أحد مراكز الحكمة والهدوء في مجلس الأمة: كان من الأفضل لو ان استجواب مصاريف الديوان قد انتظر نتائج تحقيقات النيابة العامة، ويقول النائب الفاضل صالح الملا وهو أحد ضمائر الأمة: ان تزاحم الاستجوابات هذه الأيام يشير الى ان هناك من يريد إعادة تجربة عام 86 التي انتهت بالحل غير الدستوري.

ليس من العدل والإنصاف أن يحمل وزير المواصلات الحالي ومعه البلد كله تبعات أخطاء وزير المواصلات الأسبق الذي قام بتوزيع الوعود الكاذبة على جميع النقابات، متعهدا لهم بأنه سيتكفل بإخراج كوادرهم من مجلس الخدمة المدنية ومن ثم ارسل رسالة واضحة صريحة لأصحاب ما يقارب 60 كادرا تنتظر دورها في مجلس الخدمة بأن الوزراء قادرون، بعكس ما يعتقد، على اقرار تلك الكوادر وما على النقابات إلا الاضراب لتتحقق معادلة «أضرب تُجَب» التي ابتدأت منذ ذلك اليوم على يد ذلك الوزير النائب، وكم دفع وسيدفع البلد ثمن اختياره الخاطئ.

عدم تكرار فاجعة حريق الجهراء يفرض على الدولة أن تقوم بأمرين محددين: الأول زيارة نصف سنوية للجان السلامة المختصة في ادارة الإطفاء العامة للصالات والمباني العامة وعدم الاكتفاء بزيارة واحدة عند الإنشاء، الثاني ان تشمل رقابة وزارة الشؤون اليومية على الصالات التأكد من ان تعليمات السلامة التي فرضتها ادارة الإطفاء معمول بها قبل السماح بالقيام بحفلات الأعراس المعتادة.

وبالمثل يجب ان تتضمن قوانين الإنقاذ المالي عقوبات مستقبلية رادعة كالسجن المؤبد ومصادرة الأموال المنقولة لمن يتلاعب بأموال المستثمرين والمساهمين وعدا ذلك ستبدأ عمليات الإعداد للسرقات والانهيارات المستقبلية مع اللحظة الأولى لخروجنا من الأزمة الحالية، وفي هذا السياق نرجو الاستماع لأهل الاختصاص كجمعية المحاسبين الكويتيين ورئيسها الفاضل محمد الهاجري الذي يشتكي مر الشكوى من عدم استماع اللجنة المالية في مجلس الأمة لرأيهم في الحلول المقترحة.

آخر محطة:
تحول العمل السياسي لدينا من محاولة الحصول على العنب كما يحصل في جميع الديموقراطيات الاخرى الى التسابق على رأس الناطور.

احمد الصراف

صالح كامل والقسيس

«.. للأسف، مجتمعاتنا اليوم ابعد ما تكون عن القيم الاخلاقية.. فأكثر عشر دول فسادا في العالم دول اسلامية، واكثر عشر دول فقرا في العالم دول اسلامية، واكثر عشر دول جهلا في العالم دول اسلامية. موضوعنا اليوم يتعلق بالقيم، كيف ندعي اننا مسلمون ونحن لا نصدق في مواعيدنا؟ يحز في النفس انه عندما يعطيك الانسان الغربي ميعادا يسألك اذا كان الميعاد «اسلاميا» ولا «غرينتشيا»!! اصبحنا مهزلة لاننا اذا وعدنا لا نأتي في الميعاد، واذا تحدثنا لا نصدق في الحديث، وهذه آية من آيات المنافق، ومع ذلك ندعي اننا مسلمون، واننا نرتاد المساجد واننا ننام ملء جفوننا لاننا قمنا بواجبنا نحو الله.. نحن نعيش في مجتمعات مليئة بالكذب.. وانا عملت في 43 دولة اسلامية، وفي 43 دولة اسلامية لم اجد للاسف دولة سليمة من الفساد. وتحكى نوادر عن الفساد، يعني تلاقي مدير ملتحي متدين ويصلي الفروض في المسجد ويواعدك على انك تجيبله الرشوة قبل الساعة كذا ولما تجيله متأخرا يتخاصم معاك، ويقول لك يا اخي انت ضيعت علي صلاة العشاء، يقول ذلك وهو ينتظر الرشوة التي سماها هدية، الى هذه الدرجة بلغنا من السوء. وهناك موظفون يضعون لوحة على مكاتبهم مكتوب عليها آية قرآنية: «ادفع بالتي هي احسن»، ودرج مكتبهم مفتوح لقبول الرشوة ولا توقيع على المعاملة من غيرها!!».
جاء الكلام العامي اعلاه على لسان رجل الاعمال السعودي المعروف صالح كامل على قناة «اقرأ» الدينية، ويبدو ان مقدم البرنامج ورئيس المحطة، فوجىء بكلام الشيخ كامل، وبالتالي قام باعادة بعض ما قاله بعد ان اضاف عليه!! ويمكن مشاهدة الحديث على الرابط التالي:
http://www.youtube.com/watch?v=171R9llim9Q
ولكي نخفف من حجم مشكلة عدم الالتزام بالمواعيد لدينا، دعونا نورد القصة التالية من «العالم الآخر» بعنوان «عشاء حفل التقاعد»:
قرر رئيس احدى بلديات ايرلندا تكريم قسيس البلدة بمناسبة تقاعده بعد 25 سنة من الخدمة، وقام بدعوة سياسي معروف لالقاء خطبة حفل عشاء التكريم، لسبب ما تأخر وصول السياسي فقرر القسيس القاء كلمة قصيرة بالمناسبة بانتظار وصول الضيف فقال: «عندما تسلمت مسؤولية الابرشية قبل 25 عاما تكوّن لدي انطباع مرعب عن نوعية الرعية التي سأكون مسؤولا عنها، وقد تكوّن الانطباع من واقع أول اعتراف سمعته، فقد اخبرني المعترف انه سرق جهاز تلفزيون من محل في القرية، وكذب في شهادة للشرطة، وسبق ان سرق مالا من والديه، كما اتهم باختلاس أموال من عمله، وكان الاتهام صحيحا، وكانت له علاقة غرامية بزوجة رئيسه في العمل، وسبق ان خان زوجته عدة مرات، وانه مدمن مخدرات، وسبق ان اعتدى على اخته بالتبني وحملت منه، وأجبرها على اجهاض نفسها (!!) صدمني ذلك الاعتراف، والطريقة التي قيل بها، وكأن ليس في العالم أية قيم أو أخلاق، وشعرت ان الدنيا قد اسودت في عيني وأنني اخطأت في اختيار الوظيفة المناسبة، ولكن مع مرور الوقت تبين خطأي وان الناس في غالبيتهم طيبون وشرفاء، وقد نجحت على مدى السنوات الـ25 الماضية في تكوين علاقات طيبة مع الجميع وسعدت حقا بعملي..»، وهنا أعلن عن وصول موكب السياسي، الذي ما ان ترجل من سيارته تأسف لتأخره، وتوجه من فوره الى المنصة للبدء بمراسم الحفل فقال: «مساء الخير جميعا اعتذر لتأخري لن أنسى أبدا أول يوم وصل فيه راعي أبرشيتنا إلى هذه المدينة قبل 25 عاما، فقد كان لي الشرف بأن أكون أول المعترفين لديه!!».
وهنا نجد اننا يجب ان نفعل المستحيل لكي لا نصل الى مواعيدنا متأخرين، شرقا كنا أم غربا!!.

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

أعلام و أقسم

هذا العام تحديداً قمت بالتجول ببعض المناطق السكنية بهدف رؤية الأعلام الكويتية على المنازل، ولم تقتصر الجولة على مناطق من محافظة واحدة، وساءني ما رأيت للأسف، فقد لاحظت اضمحلالاً شديداً بعدد الأعلام الكويتية على المباني… قد يكون هو الأقل على الإطلاق إن كان هناك إحصائية تبين العدد على مر الأعوام السابقة.

قد لا يعني الكثيرين هذا الأمر، وقد يجدونه أمراً طبيعياً، ولا يعني شيئاً على الإطلاق، ولكنني أراه من منظور مختلف تماما، فما الذي جعل الكويتيين وهم نفس الكويتيين الذين كانوا يتسابقون في السنوات الماضية على وضع الأعلام بأن يتناقصوا بهذا الشكل على الرغم من ازدياد عدد الكويتيين بنسبة 50% تقريبا عما كان عليه الوضع عندما كنت صغيرا؟ وما الذي جعل أغانينا الوطنية تتحول من «هذي بلاد تطلب المعالي» إلى «ياللي تحب الكويت لا تقطع الآمال»؟ ومن الذي غيّر النفوس لهذه الدرجة؟ وإلى أين نحن سائرون بهذا البلد؟ ولم أصبح الكثير منا لا يعرفون معنى الأمل في نفس الكويت التي كانت رمزا للسباق مع الزمن لرفع الصرح والبنيان؟

قد يعارضني البعض في تفسيري لقلة الأعلام وأناشيدنا الوطنية، وقد يبررون هذه المعارضة بأن المسيرات في الشوارع احتفالا بعيدي الاستقلال والتحرير كانت كبيرة جدا وحافلة طوال الليالي السابقة.

مع احترامي لهذا الرأي إلا أن لدي قناعة قريبة جداً من اليقين بأن ما حصل وسيحصل من مسيرات احتفالية، لا تمت بصلة إلى فرحة الكويت بأعيادها، بل إن ما يحصل هو رغبة جامحة لدى الكثيرين بالفرح والرقص والغناء وبتصريح ضمني بهذا الفرح، فما هو غير مسموح في الأيام الاعتيادية مسموح في أوقات المسيرات، فللشباب الحق في الغناء بصوت عال، وإيقاف السير والرقص في الشوارع في أوقات المسيرات وهو ما لا يتحقق لهم من مظاهر للبهجة في أي أوقات أخرى غير المسيرات في الكويت.

ولو كان الاحتقال حقاً لحب الكويت هو ما تمثله المسيرات، لما وجدنا الشوارع قذرة غداة انتهاء المسيرات، ولا وجدنا شبانا يطعنون بعضهم بالسكاكين أو تحرشات همجية تحدث بين الشباب في مثل هذه المسيرات.

إن ما يحدث في الكويت اليوم يحتاج أكثر من «ياللي تحب الكويت لا تقطع الآمال» لإصلاحه.

ضمن نطاق التغطية:

حملة «أقسم» حملة جميلة اقتبس أصحابها الأفكار الناجحة في الانتخابات الأميركية، لإسقاطها على الواقع الكويتي، وقد تحقق لهم ذلك بنجاح، وهي حملة تحتاج للدعم الكامل والاستمرارية لعل الشباب يصلحون ما أفسده الكبار.

سامي النصف

نحو مستقبل اقتصادي مجهول

بعد ان دمر البعض بعمد او غفلة مستقبل الكويت السياسي وجعلوا من ممارستنا الديموقراطية التي كنا نفخر بها، والتي خلقها آباء حكماء مؤسسون، القدوة السيئة ـ لا الحسنة ـ للاشقاء في الخليج، اتى الدور هذه الايام على اقتصاد البلد ومستقبله، حيث بدأت ميكنة الخراب والدمار تتحول لذلك المسار بهدف عرقلته وزيادة كلفة اصلاح الاقتصاد الكويتي.

واول الامور التي يجب ان نعيها ان دول العالم اجمع ـ عدانا ـ قد تبنت مشاريع حكوماتها المالية التي تهدف لانقاذ الاسواق وتوفير السيولة لها، وجميع تلك الدول دون استثناء تعلم ان تأخير الحلول يعني مضاعفة التكلفة والحاق الضرر بالتبعية بالاقتصاد الوطني.

والحلول الجيدة هي نتاج طبيعي للتشخيص الجيد، لذا لا يمكن القبول بحلول تأتي ممن يزيف الحقائق ويدعي ان مشروع الاستقرار المالي يهدف لتنفيع حفنة من المستفيدين، حيث ان ذلك المشروع في الكويت وخارجها يهدف لحماية الشركات المساهمة لا الخاصة والبنوك ومن ثم مدخرات مليون كويتي ومليوني مقيم ممن سيتضررون بالتبعية من عرقلة مشروع الانقاذ وافلاس المؤسسات المالية.

ولا حكمة على الاطلاق من ربط مشروع الانقاذ الوطني بشراء المديونيات لألف سبب وسبب، حيث لا يوجد رابط بينهما ولا مشكلة حقيقية مع عملية الاقتراض التي يقوم عليها اقتصاد العالم اجمع، خاصة ان الاغلبية المطلقة من الكويتيين قد حافظوا على وظائفهم الحكومية ومن ثم القدرة على دفع أقساط ما اقترضوه كما ان صندوق المعسرين لم يتحقق امامه الا 230 حالة، مما يعني ان اشكالية شراء المديونيات الفريدة هي قضية مختلقة من الاساس.

وواضح ان مشروع شراء المديونيات لم يقم به احد في العالم اجمع منذ بدء الخليقة او حتى الدول الخليجية الاخرى التي ستحرج بمثل هذا المشروع، كذلك سيبنى على هذا المشروع ظلم كثير من غير المقترضين ممن لا تسمح اوضاعهم المالية السيئة كحال الكثير من المتقاعدين بالاقتراض، كما سيطالب المقترضون مستقبلا بتكرار تلك الفكرة المجنونة غير المسبوقة تطبيقا لمبدأ المساواة ما دمنا قد قمنا بها ونحن في اسوأ احوالنا المالية كوضعنا هذه الايام.

وللتذكير فقد تقلصت خلال الفترة الاخيرة مداخيل الدولة من نفط واستثمار ولم تزد حتى يتم التسابق على كيفية صرفها، واما اذا ما اضطررنا لذلك الامر فلا شك ان مشروع النائب الفاضل مرزوق الغانم ومن معه يوفر الحد الادنى من العدالة بين افراد الشعب الكويتي، خاصة ممن لم يقترضوا لضعف احوالهم المالية، حيث ان القروض تقدم عادة لاصحاب الدخول المرتفعة لا المتدنية.

آخر محطة:

في بلد لا يدفع فيه الكثيرون فواتير الكهرباء والماء والهواتف المستحقة للدولة، لن يقوم احد بعد ذلك بدفع الديون المشتراة من قبل الدولة وستسقط بالتبعية. نرجو ممن يعتقد حقا ان في مشروع الاستقرار المالي انقاذاً لحرامية الشركات العامة ان يتقدم بتعديل يشدد العقوبات على السراق بدلا من عرقلته، او التقدم بمشروع شراء المديونيات، حيث يجب ألا نقبل بمنطق سأسكت عن المتجاوزين اذا ما طوفتوا لنا هذا المقترح او ذاك.

احمد الصراف

سنسفيل جدود الغرب وأبو قتادة

وافق مجلس اللوردات البريطاني بصورة مفاجئة على قرار الحكومة المتعلق بترحيل عدد من المساندين للارهاب للدول التي سبق وان قدموا منها او حملوا جنسياتها، وسبق ان اصدرت محاكم ادنى درجة قرارات تمنع ترحيل هؤلاء المتهمين بالتعاون مع الارهابيين الى الدول التي سبق ان قدموا منها، كما عارضت جمعيات مدنية عدة قرار الترحيل بحجة مخالفته لحقوق الانسان، وخوفا من تعرض هؤلاء للتعذيب في اوطانهم السابقة، وعلى الرغم من ان القرار عام ولم يحدد اشخاصا محددين فان من المعروف ان «الداعية» ابو قتادة، الفلسطيني المنشأ، الاردني الجنسية، الكثيف اللحية، الضخم الجثة، القصير الرداء، هو المعني بالحكم اكثر من غيره، فقد سبق له ان هرب من وطنه واحتضنته بريطانيا ومنحته حق اللجوء وتزوج من انكليزية، وربما انجب منها، ولكنه ما ان استقوى حتى قرر البصق، والقيام بأفعال اخرى، في الاناء الذي قدم فيه الطعام له، وذلك بالعمل ضد مصالح الدولة التي رعته وربته عندما كان ذليلا وعاجزا وفقيرا، ولكن ما ان اشتد ساعده لم يتورع عن العمل ضد مصالحها و«المشاركة» في وصفها بــ «المرحاض»، الذي لا يصلح لغير قضاء الحاجة! وقد اشتهر «ابو قتادة» بلقب «سفير بن لادن»، بسبب شدة مؤازرته لذلك الارهابي، وقد صرح قبل ايام من صدور قرار ترحيله «المبارك»، الذي اعاد الكرامة لرجل الامن البريطاني، وهي التي مرغها شذاذ الآفاق والمخربون هؤلاء، صرح بأن ترحيله وآخرين جزائريين في مثل وضعه، الى الدول التي سبق وان قدموا منها، سيعرضهم للتعذيب! ولا ادري ما هي مبررات خوفه، فمن لم يفعل ما يسيء لوطنه يجب الا يخاف العقاب، مع حفظ حقوق سمعة المخابرات العربية السيئة! الا ان ادعاءه بأنه خائف جدا من قرار ترحيله بسبب امكانية تعرضه للتعذيب في وطنه، ذكرتني بقصة النسر والحمار الرمزية، وذلك عندما اساءا التصرف المرة تلو الاخرى مع مضيفة الطائرة التي كانت تقلهما وحيوانات اخرى! وهنا لم يجد الكابتن مفرا من اصدار الامر بالقائهما خارج الطائرة، فاحتج الحمار بصوت عال على «القرار» بحجة انه سيتعذب قبل ان يدق عنقه ان رمي خارج الطائرة لانه لا يعرف الطيران، فقال له صاحبه النسر: يا حمار، اذا كنت لا تعرف كيف تطير، فلماذا اذا أسأت التصرف المرة تلو الاخرى مع المضيفة؟
من سخرية القدر ان أمام «ابو قتادة» وصحبه فرصة وقف العمل بقرار الطرد عن طريق اللجوء للمحكمة العليا للاتحاد الاوروبي، وهي اعلى سلطة قضائية في دول الاتحاد، والمثير للشفقة او السخرية ان هؤلاء الشذاذ الذين عاثوا في غالبية الدول الاوروبية فسادا وتخريبا لكفرها وسوء نظمها وقوانينها «الوضعية»، غير السماوية، قد اكتشفوا ان هذه النظم والقوانين هي الوحيدة التي يمكن ان تحميهم من ظلم انظمة دولهم السابقة المؤمنة، وعلى الرغم من كل ذلك لا يزال هؤلاء والجهلة منا يسبون الغرب ويلعنون سنسفيل جدوده بسبب كفر نظمه وعلمانية قوانينه!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

عشرة الشهر

إذا اشترينا للسلحفاة «سيكل» تنجز به مشوارها فلن تصل قبل موعدها، أبدا. هي هكذا بطيئة لأنها سلحفاة أباً عن جد. وإنْ رششنا على الحكومة مياه المحيطات فلن تستيقظ من غفوتها لأنها ميتة إكلينيكياً وتتنفس بالأجهزة، ولولا النفط والفوائض المالية التي تغطي خيبتها لقرأنا نعيها في الصحف وذكرنا محاسنها بقلوب مؤمنة بقضاء الله.

وأقسم بالله إن حكومتنا في غيبوبة، ولم أضحك في حياتي كما ضحكت عليها في جلسة استجواب الشيخ أحمد العبدالله عندما كان وزيرا للصحة (هو الآن وزير للنفط، لأننا لم نعد نحتاج إلى النفط)، وكانت الحكومة – قبل الاستجواب – قد اتفقت مع «حدس» أن يتم الاكتفاء بالاستجواب من دون طرح ثقة، يعني قولوا يا حدس كلمتين ثلاث ثم نتفق على تشكيل لجنة تحقيق وتفضلوا على العشاء. فما الذي حدث بعد ذلك ليتسابق النواب على التوقيع على طرح الثقة بالوزير؟ شوف:

أثناء رد الوزير على محاور الاستجواب، نهض الدكتور وليد الطبطبائي (أحد النواب الثلاثة المستجوبين) وذهب إلى مقاعد الجمهور حيث النائب السابق الدكتور فهد الخنة، ودار بينهما حديث سريع قام على اثره فهد الخنة وعلى وجهه جدية مَن سيتخذ قرارا صعبا، وراح وجاء، وبدأت التحركات السريعة يا صاحبي، وما هي إلا ربع ساعة حتى اكتمل العدد المطلوب للتوقيع على طلب طرح الثقة بالوزير، مع ملاحظة مهمة وهي أن أيا من النواب الحدسيين لم يكن من ضمن الموقعين! وهنا بلغ الخبر الدكتور بــــدر الناشــــــي (أمين عام «حــــــــــدس») فانتفـــــض وفــــــز بسرعــــــة في اتجاه الخنـــــــة، وشاهدنـــــاهمــــا – نحن الحضور- يتحاوران، ثم شاهدنا الناشي وهو ينادي نواب «حدس» ويتحدث معهم، ثم يسود الارتباك وتبدأ الجلبة، نواب يخرجون ونواب يدخلون، واستطاعت حدس بعد لأي شديد إضافة اسم أحد نوابها إلى كشف الموقعين، وترددت على ألسنة الحضور كلمة «طرحوه، طرحوه»، أي أن النواب نجحوا في جمع التواقيع المطلوبة لتقديم طرح الثقة، بل إن الخبر وصل إليّ بعدما غادرت القاعة فعدت أدراجي لأشهد نهاية الفيلم، وتحول الحديث من محاور الاستجواب وأداء الوزير والنواب إلى الحديث عن أسماء العشرة الموقعين، ثم جاء دور الحكومة في الحديث، وكانت الطامة الكبرى، أي والله.

تحدثت الحكومة فشكرت النواب المستجوبين على اهتمامهم بالقطاع الصحي، وأعلنت عزمَها التعاون مع البرلمان للنهوض بالقطاع، وأنها ستكلف الوزير (لاحظ) بتقديم تقرير خلال أربعة أشهر، وراحت تنثر الورود المعلبة على رؤوس النواب وتنظم فيهم قصائد المديح، وكررت كلمة «التعاون» مليونا وألف مرة، والسلام عليكم ورحمة الله! يا للهول، يبدو أن الحكومة لا تعرف ما الذي دُبّر لها في المقاعد الخلفية وكراسي الجمهور، معقول؟ الناس وضعوا أيديهم على رؤوسهم وأفواههم لشدة دهشتهم من غيبوبة الحكومة، تعاون مين يا عمتنا الحكومة؟ الناس جمعوا تواقيع الاعدام، وستُعرض أوراق الوزير على المفتي، والسالفة شربت مروقها! وانقلبت الأحوال في مقاعد الجمهور، وتحولت الدهشة إلى ضحك هستيري أشبه بالبكاء على بلد تقوده حكومة بهـــــذا المستــــــوى من الغيبوبــــــــــة، وقـــــال أحدهم متهكمـــــا: «سأهاجـــــر، عيالــــي برقبتـــــك يا بو سلمان»، وودعته وأوصيته بدعاء السفر، وإنا إلى ربنا لمنقلبون.

حكومة الغيبوبة تلك هي ذاتها التي تقودنا الآن، عناصرها الرئيسية لم تتغير، ولذلك نشاهدها الآن بعدما تقدمت بمشروعها الاقتصادي تسعى بنفسها إلى إفشاله، (تابعوا صحف الحكومة الثلاث وستكتشفون ذلك)، طيب ليش تتراجع؟ حماية لرئيسها من استجواب التكتل الشعبي كالعادة، وإنا إلى ربنا لمنقلبون.

سامي النصف

شعارنا.. السلامة أخيراً!

العزاء الحار لآل الغانم الكرام بفقيدهم وفقيد الكويت المرحوم عبدالله يوسف الغانم، للفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله ووطنه الصبر والسلوان و(إنا لله وإنا إليه راجعون).

والعزاء الحار للكويت قاطبة ولأهالي الابرياء من ضحايا حريق صالة أفراح الجهراء، فللفقداء الرحمة والمغفرة، ولأهلهم وأوطانهم الصبر والسلوان، ونقول في هذا المقام إن ظرف الكارثة المؤسف يستوجب التعامل المحترف معها لضمان عدم تكرارها ووقوع المزيد من الضحايا أكثر من التسابق على عمليات اللوم «المبكر» لهذا الطرف أو ذاك، فواضح أن وزارة الصحة قد قامت بما عليها ضمن الامكانات المتوافرة، وهي بالطبع لا تستطيع مهما فعلت أن تعيد الحياة لمن ذهب ضحية الادخنة الخانقة أو عمليات التزاحم القاتلة.

ترفع الدول المتقدمة التي تؤمن بحق الانسان في الحياة شعار «السلامة أولا» على مسار أمورها، فتنشئ ادارات الاطفاء ومعها الوزارات المعنية لجان سلامة مختصة تقوم بعمليات كشف دورية على المباني والمصاعد والمنشآت، فإذا ما وجدت قصوراً في مخارج الطوارئ أو معدات مكافحة الدخان والحريق تقوم بإغلاق تلك المنشآت على الفور وفرض العقوبات المالية الباهظة عليها، ولا تفتح إلا بعد تصحيح تلك الأخطاء، في بلدنا نؤمن دائما بشعار «السلامة أخيرا» ونظريات دفع الدم وازهاق الارواح قبل تصحيح الاوضاع الخاطئة بشكل «مؤقت» انتظارا لفاجعة أخرى.

واذا كانت فاجعة الكويت كبيرة كما رأينا في ضحايا حريق الجهراء الحالي وقبله ضحايا حرائق الشقق والمباني، فهل لنا أن نتصور ما سيحدث عندما نفجع ذات يوم بسقوط إحدى الطائرات ـ لا سمح الله ـ وفقداننا لمئات الضحايا مما سيجعل الكويت بأكملها تتشح بالسواد، ولن يخلو بيت في بلدنا حينئذ من حالة حزن وعزاء.

لقد حذرنا كمختصين في سلامة الطيران ومازلنا نحذر وبشدة من التهاون في عمليات السلامة الجوية خاصة بعد أن ألغى وزير المواصلات الأسبق النائب الفاضل عبدالواحد العوضي خطة تحديث اسطول المؤسسة وأبقى بالتبعية على الطائرات القديمة المتهالكة والتي يوجب استمرار تشغيلها الاهتمام بالسلامة الجوية بشكل مضاعف بعكس ما نراه قائما، إن كثرة الاعطال الفنية تدل كما يعرف خبراء السلامة على قرب وقوع الحوادث و… وقد اعذر من أنذر.

آخر محطة:
سؤال ساذج وبسيط، هل تأكد أحد بعد فاجعة الجهراء المؤلمة من إجراءات السلامة في جميع صالات الأفراح الأخرى وأن مخارج الطوارئ غير مقيدة فيها؟! لا اعتقد، لخوف البعض من أن يلام على حادثة الجهراء فيما لو بدأ يسأل عن إجراءات السلامة لدى الآخرين.

احمد الصراف

تزلج حدس وجريمة حماس

حاول المتشددون، لا بل استماتوا لمنع احتفالنا بعيدي الاستقلال والتحرير بحجة التضامن مع اخوان مسلمي «حماس»! وان من غير المستساغ الاحتفال واهالي غزة الذين من لم يمت منهم اصبح يتلحف السماء وهو جائع، وان الفرح والسعادة والغبطة والابتسامة ليست من الدين، ولا تمت الى عاداتنا ولا الى تقاليدنا بصلة، وكأن الكويت سبق ان احتلت واستقلت وحررت عشرات المرات من قبل، واصبح عرفا تجاهل اعيادها، فلم الاحتفال بها الآن؟! ولكن هؤلاء المتزمتين «الهيبوكرتس» لم يترددوا في الوقت نفسه عن اقامة احتفالاتهم الصاخبة بمناسبة انتصار حماس الوهمي في غزة والرقص والتدبيك على الطريقة الفلسطينية، وكأن جراح غزة قد التأمت ومعاناتها قد انتهت!
وقرر هؤلاء، وفور سماعهم بقرار الحكومة اقامة احتفالات «هلا فبراير» قرروا، بذكائهم التآمري المعروف، خطف المناسبة لمصلحتهم، ولو بـ «الفرهود» حيث فرضوا انفسهم على لجان الاحتفال واعلنوا، من خلال حملة صحفية كبيرة خصت بها جريدة محددة تقريبا، عن اقامة «حفل كبير» تحت عناوين دينية وهمية عديدة بأن «ثلة» من رجال الدين «المختلطي» الجنسية من امثال نبيل العوضي ومحمود المصري ومحمد حسان ومشاري العفاسي ومحمد حسين يعقوب وسليمان الحبيلان ويعقوب عبد المحسن ومحمد العوضي سيقومون بالقاء الخطب فيها على مدى ايام! والطريف، او المثير للضحك فعلا، ان الاعلان ذكر ان الحفل سيقام في صالة التزلج على الجليد، وهو المكان نفسه الذي طالما وصفه هؤلاء الملتحون بانه «وكر للفساد في البلاد»!
كما ورد في تلك الاعلانات المكلفة، والغريبة التمويل، أن جوائز ومفاجآت تنتظر جمهور المهرجان، ولم يرد هنا ايضا مصدر التمويل، خصوصا ان الحضور مجاني، واعلن ان شعار مهرجان هؤلاء سيكون احلى حياة.. خلونا نعيشها! ولو نظرت الى وجوه من سيحيي تلك الليالي لوجدت ان لا علاقة لهذا بذلك! فكيف اصبح فجأة الاحتفال بـ «هلا فبراير» حلالا زلالا؟ ومن الذي يقف وراء مثل هؤلاء؟ وكيف سمحت الحكومة لهم بخطف مناسبة سعيدة، كالاحتفال بالتحرير، وتحويلها الى مهرجان سياسي ديني بحت؟ وهل سيكتفون في السنة المقبلة بالقدر نفسه من المال والوقت اللذين اعطيا لهم، ام سيستولون على نسبة وقدر اكبر من انشطة الاحتفالات بحيث يصبح الامر بكامله في حضنهم؟

***
* ملاحظة: قامت «حدس» الجناح السياسي لـ«الاصلاح الاجتماعي» الفرع المحلي للتنظيم العالمي للاخوان المسلمين، بصرف مبالغ طائلة على اعلانات سياسية تهدف لتبرئة ساحة حماس من تهمة الوقوف بجانب صدام خلال غزوه للكويت، ولا ادري ما مبرر هذه الحملة؟ هل هو بسبب بدء تدفق الملايين الى جيوب قادة الطرفين، ام لتأكيد انتمائهم لتنظيم دولي واحد، ام لاعتقادهم بان عشرين عاما تكفي لكي ينسى الكويتيون مواقف حماس المخزية؟
لو كانت حدس صادقة في تبرئة حماس لفعلت ذلك بعد التحرير مباشرة وليس بعد مرور 19 عاما!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

منتدى البحرين الدولي

 

سيكون أمام مملكة البحرين في العام المقبل، وبعد أن انتهت أعمال «منتدى ومعرض الأمن» الذي عقد يومي 23 و24 فبراير/ شباط المنقضي، تحديات كبيرة تندرج تحت إطار دور هذه البلاد الصغيرة في بحث القضايا الأمنية الكبيرة التي تهم منطقة الشرق الأوسط والعالم، وخصوصا بعد موافقة معالي وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة بالاقتراح الذي قدمه ممثل المملكة العربية السعودية لتغيير اسم المنتدى إلى «منتدى البحرين الدولي».

أن تكون البحرين مشارك رئيسي في صياغة الأمن العالمي؛ فهذا أمر نفتخر به من دون شك، وخصوصا في حقبة تواجه فيها كل دول العالم مخاوف متزايدة من تأثير المد الإرهابي على استقرار البشرية، في الدول النامية والمتقدمة على حد سواء، ولعلنا هنا نشير إلى ما طرحه رئيس الأمن العام اللواء عبداللطيف الزياني فيما يتعلق بتقييم البحرين للمخاطر والتهديدات الأمنية التي يمكن أن تواجه المملكة، وقد تم ترتيب هذه المخاطر ضمن أولويات لوضع الحلول المناسبة لها ضمن القدرات الذاتية، وإنه لمن المؤكد أيضا أن هذه المخاطر تواجه جميع الدول، وسيكون التأثير عليها بمقدار حجم وإمكانات تلك الدول، ونحن في البحرين نعمل بكل طاقاتنا وإمكاناتنا لدرء هذه المخاطر ضمن استراتيجية أمنية تعمل على كل المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.

وفي الإشارة إلى المستوى الوطني، فإن كل الدول التي شاركت وستشارك في المنتدى، قادرة على طرح مرئيات جديدة وفاعلة في محور العدالة الاجتماعية، ولا شك في أن اللجنة المنظمة للمنتدى جديرة بأن تضيف هذا المحور إلى جلسات المنتدى في عامه المقبل، وأجد النقطة التي طرحها رئيس تحرير «الوسط» منصور الجمري من أن الأمن الداخلي لكل بلد يتعزز بصورة مباشرة من خلال تحقيق شعار الأمم المتحدة (مجتمع للجميع)، وتحقيق مثل هذا الشعار، يتطلب التزام الحكومات بإنشاء إطار للعمل من أجل تعزيز العدالة الاجتماعية على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي (الوسط – 25 فبراير).

إن هذه المشاركة الكبيرة والناجحة لممثلين من مختلف دول العالم، تسجل كنقطة تميز للجنة المنظمة ورئيسها العقيد رياض عيد في إعداد وإدارة منتدى بهذا الحجم من الأهمية، فتوجيهات وزير الداخلية لتسجيل ووتوثيق كل ما طرح من أفكار وآراء داخل المنتدى في مطبوعات وأقراص كمبيوتر، لحفظها وتوزيعها على المشاركين، وإقامة ورش عمل حولها، يؤكد الحرص على توحيد الرؤى الأمنية وتأكيد ضرورة مواجهة أخطر التحديات التي تواجه دول العالم، من خلال أساليب العمل الجماعي الدولي أو الإقليمي، وحين تكون البحرين ركنا رئيسيا في صياغة استراتيجية أمنية عالمية، فإن تحديات المنتدى في العام المقبل ستكون أكبر، لكننا على ثقة بأن اللجنة المنظمة قادرة على تجديد قراءة المشهد الأمني العالمي وتقديم قراءة مرجعيتها (منتدى البحرين الدولي)