احمد الصراف

التفسير السديد.. من بار «ليندا» العتيد*

ورثت ليندا حانة كان يمتلكها زوجها بعد أن مات متأثراً بتليف الكبد!
لزيادة مبيعات البار، قامت الارملة باتباع «سياسة بيع» جديدة تهدف الى تشجيع زبائنها المخلصين، وغالبيتهم من العاطلين عن العمل والمدمنين، على زيادة استهلاكهم بالشراء بالدين مقابل توقيع ايصالات، ووعد بالسداد حال تحسن احوالهم المادية. انتشر خبر تساهل ليندا في البيع فلجأ اليها مدمنون آخرون من المناطق القريبة، واصبحوا زبائن دائمين للبار. وهكذا تضاعفت مبيعات الحانة واشتهرت بجوها المرح واصبحت ليندا من كبار شخصيات البلدة! ولمواجهة الطلب المتزايد على انواع معينة من المشروبات، قامت ليندا برفع اسعار البيرة والواين، (الصنفين الاكثر طلبا)، وأدى ذلك الى ارتفاع كبير في الارباح المحققة وفي اجمالي المبيعات.
لفت نجاح البار نظر مصرفي بارع يعمل في فرع البنك غير البعيد عن الحانة، ورأى فيه فرصة لتحقيق صفقة جيدة لمصرفه، واقترح على مديره تقديم تسهيلات مصرفية اكبر للبار مقابل حزمة الايصالات، او كمبيالات المديونية الموجودة لدى صاحبته، والموقعة من زبائنها، واعتبارها اصولا مستقبلية ذات قيمة. قبلت ادارة البنك اقتراح المدير الشاب، وزادت قيمة القروض الممنوحة لليندا والموقعة من المدمنين والعاطلين عن العمل كضمان عالي القيمة، ونافست بنوك اخرى ذلك البنك في تقديم تسهيلات اضافية لليندا.
وفي الادارة العامة للبنك، وعلى بعد مئات الاميال من بار ليندا، رأى الخبراء الماليون في المصرف ان سندات الضمان المقدمة من ليندا تمثل اداة مالية جيدة، وقاموا بالتالي بتحويلها الى سندات، او Bonds، تحت التسميات التالية: «شراب بوندز»، وتحمل نسبة فائدة عالية جدا. «بيير بوندز»، وتحمل نسبة فائدة معتدلة. و«واين بوندز»، وتحمل نسبة فائدة اقل. وقاموا بعرض تلك السندات في السوق المالي المحلي، وسرعان ما انتقلت الى السوق المالي الاكبر، ومن ثم الى العالمي واصبحت المؤسسات الاستثمارية تتخاطفها بسبب نسبة فائدتها المغرية، ولم يحاول احد معرفة حقيقة تلك السندات، او معنى تسمياتها، وكيف تم اعتبارها مضمونة السداد في نهاية الامر، كما لم تشغل مؤسسات الرقابة والمعايير والتصنيفات نفسها بدراسة طبيعة تلك السندات، ونسي الجميع طبيعتها الاصلية، خاصة مع استمرار الطلب عليها بسبب ارتفاع فائدتها. وفي يوم ما فكر مدير ادارة المخاطر في احد المصارف، والذي تعرض للطرد لاحقا، بأن الوقت قد حان لمطالبة زبائن بار ليندا، من المدمنين والعاطلين عن العمل، بسداد جزء مما تراكم عليهم من ديون، وهنا فقط اكتشفت المصارف انه ليس بوسع نسبة كبيرة من الزبائن سداد ما تراكم عليهم من ديون وفوائد عالية. كما ان ليندا لم يكن بمقدورها السداد نيابة عنهم، وبالتالي كانت اول من اعلنوا افلاسهم، وهذا ادى الى انخفاض حاد في قيمة سندات «بيير بوندز» و«واين بوندز» بنسبة 90%، اما سندات «شراب بوند» فقد استقرت قيمتها بعد هبوطها لاقل من 80%. وترتب على افلاس بار ليندا تراكم كميات كبيرة من المشروبات لدى مصانع الانتاج، وهذا ادى الى افلاس البعض منها، واستيلاء مستثمرين على بعضها الآخر بنصف ثمنها. كما خسر جميع العاملين في البار اعمالهم، وسرحت مصانع الكحوليات عشرات آلاف العمال بسبب الانخفاض الكبير في كميات الانتاج.
اما المصارف الكبيرة المدينة لبار ليندا فقد اصبحت معرضة للانهيار. ولكن اجتماعات ماراثونية بين ممثلي الحكومة وكبار ملاك المصارف تمخضت عنها موافقة الحكومة على التدخل لانقاذها من الافلاس. وقد قامت الحكومة بالحصول على الاموال اللازمة لعملية الانقاذ من خلال فرض ضرائب على غير المدمنين وغير العاطلين عن العمل، بسبب ديون المدمنين والعاطلين عن العمل!!

* مترجم من الإنترنت بتصرف كبير.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

تحذير من تطرف الشباب (2)

 

جاءت خاتمة هذه الزاوية يوم الخميس الماضي بتساؤل هو: «هل يمكن السيطرة على تطرف الشباب مستقبلا؟ والإجابة كانت (لا)! ولكن لماذا الجزم بعدم إمكان السيطرة على حالات التطرف بين قطاع الشباب؟ ذلك ببساطة، لأنه لا توجد على مستوى الساحة الشبابية البحرينية، ما يشير إلى أن هناك اهتماما بهذه الفئة إلا من خلال التصريحات الصحافية، والتي تبدو للاستهلاك الإعلامي فقط، فيما لا يظهر على أرض الواقع إلا الشيء اليسير ما يمكن اعتباره «عملا» أو «خدمة» تدخل تحت مظلة رعاية الشباب وتنمية طاقاتهم وقدراتهم وتوظيفها التوظيف السليم.

وهذه النمطية من الاستهلاكية الإعلامية مضرة للغاية، فهي مع تكدسها على مر السنين، تلحق بقطاع الشباب خيبة أمل كبيرة، ومع أن موجة التطرف المقبلة التي ستنال الكثير من المجتمعات العربية كما يرى المهتمون بهذا القطاع، لا يمكن حصرها فقط في حدود الخدمات المقدمة لهذه الفئة، وإذا طبقنا الأمر على القطاع الشبابي في البحرين، فيمكن القول إنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام من ناحية التشدد، فهناك الشباب المنتمون إلى تيارات دينية متشددة، وهي فئة كبيرة وإن لم توجد بيانات إحصائية تدل على ذلك لنقص الدراسات المحلية في هذا المجال، وهناك فئة من الناشئة والشباب عدوانيي الميول بدأت تظهر ملامح وجودهم بشكل كبير في الحياة اليومية، وهناك فئة ثالثة وهي الشباب الذي ينتمي إلى التيار الديني المعتدل أو الخط المؤمن بالوسطية واحترام الحريات العامة ووجهات النظر المختلفة وهي فئة قليلة مع الأسف.

ولعل الصورة الأكثر وضوحا في المجتمع البحريني، هي تلك الحال التخريبية بين أعداد من الأطفال والناشئة والشباب الذين انخرطوا دونما بوصلة في أعمال العنف والتخريب والتحريق وفي ظنهم إنما هم بذلك يسيرون في مسار المطالبة بالحقوق، وليس من المقبول إهمال هذه الفئة، بل هي الفئة التي تستحق الاهتمام من قبل الدولة وأجهزتها، لكن ذلك لا يعني أبدا التساهل مع الممارسات العنيفة التي لا تستمد حركتها وتطبيقاتها من التحرك السلمي لطرح المطالب، بل والأصعب من ذلك، أنها تضر أكثر مما تنفع، وتثير المشكلات في الأحياء السكنية وفي حدودها وتوقع الضرر بخدمات المواطنين الذين هم منهم، ولا تتعدى مظاهرها حرق الإطارات وحاويات القمامة وتعريض الممتلكات العامة والخاصة للعبث سواء عند مداخل القرى أو داخلها، ذلك كله لا يمكن قبوله فقط من باب حصول هذا الناشئ أو ذلك على تسميات بطولية، وإغداقه بكلمات الفخر والاعتزاز بهذا العمل الصبياني لا أكثر.

لكن، هل هذه الفئة هي الفئة الوحيدة التي تمارس فعلا تطرفا خطيرا؟ أبدا، فقد ظهرت في الآونة الأخيرة أشكال من الممارسات المتطرفة في شكل توزيع منشورات طائفية في بعض المناطق، واستمرار صدور بيانات وخطب على منابر الجمعة وفي بعض المجالس والمحاضرات، تشحن الفئة المستمعة من الشباب ضد الفئة الأخرى، وتدفع الفئة الأخرى لاستمرار النهج العنيف، وتنشط بعض المنتديات ذات الأسماء المستعارة المتخفية وراء مقولات الدفاع عن الدين والوطن، وتنفخ في النار، وكلنا نعلم أن أكثر أعضائها هم من الشباب والناشئة صغار السن، الذين، من كلا الفئتين، يخرجون إلى المجتمع محملين بالشحن البغيض المدمر.

إذن، أين دور الدولة؟ أين دور علماء الدين من الطائفتين… سواء من يتوجب عليهم تحذير الشباب المتطرف… من المخربين ومشعلي الحرائق والاعتداءات المقلقة، أو أولئك المتطرفون من موزعي المنشورات وأشرطة الكاسيت والناشطين في الخفاء في بث نار الفتنة والعداوة بين أبناء الوطن؟

لا يمكن القول إنه لا يوجد دور للدولة أو لعلماء الدين أو للناشطين السياسيين أو للمعلمين والمعلمات، لكن ذلك الدور أقل من الطموح بكثير، ولا يتعدي مجرد لقلقة لسان إن صح التعبير… نحتاج إلى حلول بلا ريب، وربما أسعفنا المجال لطرحها قريبا

احمد الصراف

عصير اليهود والسودان

أشرنا في مقال سابق الى ما ورد على لسان الملياردير السعودي صالح كامل في مقابلة مع قناة «اقرأ» المتخصصة في المواضيع الدينية، من ان اكثر عشر دول تخلفا هي اسلامية، واكثر عشر دول فقرا اسلامية، واكثر عشر دول جهلا اسلامية، او عربية، لا فرق!
ويوم الاربعاء( 4-3-2009) دخلنا التاريخ للمرة الألف، لكوننا اول دولة يدان رئيسها من قبل «المحكمة الجنائية الدولية» في لاهاي، وهو لا يزال في سدة الحكم، ويصدر امر بالقبض عليه وعلى بعض معاونيه لتقديمهم الى المحاكمة بتهم تورطهم باقتراف جرائم بحق الانسانية، بالاضافة لجريمتي حرب في اقليم دارفور!
وفي تأكيد لمدى وحشية، وربما همجية بعض المنظمات والاحزاب الموالية لحكوماتها الاستبدادية، ونقلا عن Sudanese on line – on the net، فقد اكد مصطفى مجذوب، رئيس هيئة التنظيمات والاحزاب السودانية ال‍‍ 26، ومن منطلق المسؤولية الوطنية والتاريخية، وتأكيدا لكل القيم الاخلاقية والدينية والثقافية، عن «جاهزيتها» لتنفيذ ما اسمته بالآلية الفاعلة لقطع يد وعنق وأوصال كل من يدخل يده في شأن المحكمة الدولية، واصفا اياها بالأداة الاستعمارية(!!!)، وقد ذكرني تصريح السيد مجذوب باللافتات التي عادة ما يحملها عرب ومسلمو اوروبا في تظاهراتهم الاحتجاجية على ما يساق من تهم ضدهم، والتي يطالبون فيها بـ«الموت والقتل» لكل من يدعي بأن الاسلام او المسلمين يدعون او يؤيدون الارهاب.
وفي تظاهرة جرت اخيرا في لندن تأييدا لأهالي «غزة»، حمل احد العرب المشاركين فيها لافتة كبيرة، ركزت عليها عدسات وسائل الاعلام كافة، التي دون عليها باللغة الانكليزية Death to juice وتعني «الموت للعصير»!! وربما اختلط الامر على الكاتب بحيث خلط بين اليهود والعصير، فطريقة نطق الكلمتين باللغة الانكليزية متقاربة جدا، ولهذا كتب صاحبنا juice بدلا عن jews.
وكل موت للعصير وانتم بألف خير!
* * *
ملاحظة: في قرار يبين مدى روعة الحكومة السودانية، طلبت الاخيرة من 13 منظمة انسانية غربية تعمل في مجال تقديم الخدمات العلاجية وايواء واطعام مئات آلاف المهجرين من المرضى والجياع من شعب السودان، ردا على قرار المحكمة الجنائية الدولية بإدانة الرئيس البشير!! وهذا القرار يشبه قرار ذلك الرجل الذي لم يجد طريقة اكثر فاعلية للاساءة الى زوجته النشاز غير قطع جهازه التناسلي!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

في انتظار القطة

لشدة تسارع الأحداث السياسية هنا، تمنيت لو أنني أستطيع اعتراض طريقها بيديّ ورجليّ وجسمي كما يفعل حراس مرمى كرة اليد، كي أوقفها وأعلق عليها حدثا حدثا. وأخشى الآن أن أكتب عن شيء فتستجد بعد دقائق أحداث أهم وأخطر! والساعة في يدي الآن تشير إلى الرابعة والثلث عصرا، ولا أدري ما الذي سيحدث بعد قليل، هل ستعلن الحكومة الموافقة على صعود الرئيس، أم سيُحل المجلس، أم حامض حلو، أم شربت. كل الاحتمالات مفتوحة بما فيها خيار الشربت. والشربت يقود إلى التهلكة لكنه خيار مستبعد حتى هذه اللحظة… قلعته.

أسراب الشائعات تحلق فوق رؤوسنا وتتوالد وتحجب أشعة الشمس، والحكومة لم تسترد بعد لسانها من القطة الخبيثة، ولايزال البحث عن القطة مستمرا، والحديث يدور عن أن هناك حلا لمجلس الأمة يعقبه «مرسوم ضرورة» بتغيير الدوائر الانتخابية لتصبح عشرا بدلا من خمس! وتغيير الدوائر ضرورة في نظر الحكومة، بينما تطوير الصحة والتعليم والبنية التحتية وغيرها هو «كماليات». والوزراء الشعبيون حالهم من حالنا، على باب الله، ينتظرون تحت أشعة الشمس، و«لا حد عبّرني يا جميل»، والمصيبة بعدما تم تطنيشهم بهذه الصورة أن تأتيهم الأوامر فـ«يدنّقون» ويبصمون على تغيير الدوائر ويبيعون الشعب بالتنزيلات؟ ويا خبر اليوم بفلوس. لكن الذاكرة ستدون الأسماء والمواقف كما حدث في «دواوين الاثنين» التي نشرتها هذه الصحيفة على حلقات. وتقول لي قارئة وهي تضحك: «إذا أصابني الغرور فبسبب جريدتكم وحلقات دواوين الاثنين التي نشرتموها، فأنا ولا فخر ابنة أحد أبطال المناطق الخارجية في تلك الأيام»… افخري يا بنت.

وما يهم الآن هو مواقف النواب والتيارات السياسية، فإذا قبلوا وخاضوا الانتخابات على قانون الدوائر العشر فنحن بصراحة نستحق ما تفعله الحكومة بنا. والنائب الكبير أحمد السعدون يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية، بقدر مكانته في أعين الناس، وعليه أن يقود جبهة الرفض، فقانون كهذا يجب أن يسن في البرلمان لا في أي مكان آخر، وقوانيننا ليست قطعة خام ياباني يفصلها لنا كل رئيس حكومة على ذوقه هو من دون أن يقيس أجسامنا، لنكتشف بعد ذلك أن الدشداشة ضيقة تظهر كروشنا المترهلة، أو قصيرة تظهر سيقاننا وكأننا دراويش مولد السيدة نفيسة.

* * *

انهمرت الرسائل التلفونية والاتصالات عليّ بعد إعلان نتيجة المزاد على الرقم المجنون (55555555) والذي اشتراه سعودي بـ(360) ألف دينار و900 فلس، بعد تحدّ شرس مع مشترٍ قطري. ولم أفهم حكاية التسعمئة فلس هذه.

وكنت قد كتبت مقالة خمّنت فيها أن الرقم هذا سيباع بـ(180) ألف دينار فقط، وجاءني اتصال بعد المزاد مباشرة من السيد مشعل فهد الغانم عضو مجلس إدارة الشركة الكويتية للمزادات العلنية ليقول لي: «معلش يا بو سلمان، الرقم بعناه بضعف توقعك»، وبعده جاءني اتصال من رئيس مجلس إدارة شركة «فيفا» ضاحكا وفي صوته نبرة الفائز عندما يتحدث مع خصمه المهزوم، وقال إنه فكر بالرد على مقالتي السابقة في وقتها لكنه تراجع في انتظار نتيجة المزاد، وشدد على أن المبلغ المتحصل عليه من مجموع المزاد تجاوز الـ(644 ألف دينار) وسيتم التبرع بها كلها لبعض الجهات، مثل جمعية المكفوفين وبيت عبدالله والبيئة وغيرها.

مبروك لشركتي «فيفا» والشركة الكويتية للمزادات العلنية وللزميل المبدع بركات الوقيان، ويحق لكم الشماتة فيني، لكنني على الأقل أهون من صاحبيّ اللذين توقع أحدهما أن يباع بعشرين ألف دينار، في حين توقع الثاني بيعه بخمسين ألف دينار على أقصى تقدير. وجيه فقر… لكن اللافت هو توقع أحد المعلقين على المقالة هنا في «الجريدة» تحت اسم (neo) والذي كتب: «ليس أقل من (250) ألف دينار وسيفوز به خليجي والأغلب من قطر»! يااااه… جنب الخشبة يا لعّيب.

سامي النصف

استجواب تعسفي = حل دستوري

نرجو ان تكون الرسالة المتكررة قد وصلت واتضحت مقاصدها الخيرة ومعانيها وهي ان الاستخدام الجائر والتعسفي لاداة الاستجواب هو امر لن يسمح به وسيقابله في كل مرة استعمال اداة دستورية مشروعة هي الحل الدستوري رغم ما في ذلك من تعب وعناء، الا انه افضل من الشلل الذي يصيب البلد نتيجة لتلك الاستجوابات الجائرة.

وقد لحظنا التعسف في استخدام اداة الاستجواب من اوجه عدة، منها انه اصبح يستخدم كأول الخيارات لا آخرها، كما انه بات يستخدم في قضايا معروضة على السلطة القضائية او يتضمن محاور تمت ابان عمل الحكومات السابقة بعكس ما ينص عليه الدستور، كما شهدنا التهديدات الظالمة المستعجلة باستخدام اداة الاستجواب تجاه وزيري الصحة والتربية قبل حتى معرفة تفاصيل ما حدث.

وما يظهر بشكل قاطع «ازدواجية المعايير والمقاييس» وتفشي الظلم الشديد لدى بعض النواب، تصور ما كان سيحدث لو ان «الورقة الشهيرة» كانت مرسلة من الوزير أو رئيس الوزراء للنائب وليست من النائب للوزير، وما كنا سنراه من تهديد بالثبور وعظائم الامور وطلب استجواب واستقالة وتأزيم للاوضاع وتعطيل للمصالح الوطنية، الا ان الامر تحول بردا وسلاما بعد ان اكتشف ان الفاعل هو احد الاعضاء وليس احد الوزراء.

وما نرجو ان نراه خلال فترة الحل الدستوري اقرار مشروع انقاذ الاقتصاد الوطني الذي لا يحتمل التأخير او التأجيل، كما اوصى بذلك الخبراء الاجانب الزائرون ومعه اقرار مشروع القرض العادل الذي تقدم به بعض النواب كونه جزءا من حزمة تنشيط الاقتصاد التي لا يجوز تعطيلها، وكي يتم القضاء نهائيا على المقترح المجنون بشراء ديون بعض المواطنين، وكأن الدين اصبح جائزة يجب ان يستفرد بمكافأة من قام بها.

وعلى المستوى الشعبي، نرجو منا كناخبين ان نحسن الاختيار هذه المرة، فنركز على المرشح القوي العادل العاقل المتزن الحكيم الذي يطفئ الازمات لا ان يشعلها، ومن يدفع بعمليات التنمية في البلد لا ان يتفنن في تعطيلها، وان نبتعد عن جماعة الدغدغة التي تريد ان تحيل البلد الى ما هو اقرب لـ «شركة تحت التصفية» يجب ان تنهب موجوداتها وتترك على «الحديدة» دون النظر لمصالح اجيالنا المقبلة.

وكنا اول من اظهر خطأ الايمان بأن الدوائر الخمس ستقضي على التخندقات وعمليات شراء الاصوات، كما كان يدعي ذلك بعض مخضرمي المجلس، ومازال ايماننا قائما بأن الدوائر الـ 25 هي النظام الامثل والافضل لو فعّل القانون معها وان كان نظام الدوائر العشر افضل من الدوائر الخمس متى ما اعتمد على التوزيع الجغرافي والتمثيل الشرائحي والنسبي لا العددي للمجتمع الكويتي كما هو الحال في جميع الانظمة الديموقراطية الاخرى.

آخر محطة:

الحل الدستوري سيعدل كفة ترى ان الاستجواب (عرس النائب) هو معادلة فيها ربح دائم للنائب ولا تتسبب له في أي خسارة مما يجعل جميع النواب يتسابقون عليه. تظهر التجارب الماضية ان المجتمع الكويتي يشتهر بحب العناد والمناكفة لذا فإن تسليط بعض وسائط الاعلام للهجوم والاستهزاء ببعض المرشحين لن يسقطهم بل سيدفعهم على الارجح للمراكز الاولى وستتضرر الكويت وعمليات التنمية من تلك النتائج بالتبعية، المرجو اظهار الحقائق بطريقة متزنة وحكيمة ومحترفة وترك الامر للناخب بعد توعيته بتبعات الاختيار حالنا حال الديموقراطيات المتقدمة الاخرى.

احمد الصراف

مركز العوضي والشراح للعلوم الطبية

كتبنا قبل أيام مقالاً عن سوء أحوال ما يسمى بـ«مركز العلوم الطبية»، الذي يدار مشاركة من قبل النائب والوزير السابق عبدالرحمن العوضي، والذي يمتلك ويدير شركات عدة تعمل في مجالات صناعة الأدوية والاجهزة والخدمات الطبية، ومن نائبه في المركز السيد يعقوب الشراح، وكيل وزارة التربية السابق، الذي نتمنى لو وضح لنا تخصصه الوظيفي، وقد سبق أن قمنا بانتقاد مشروعهما الأخير المتعلق باصدار معجم «طبي» مفسر، وأثرنا اسئلة عديدة وملاحظات عليه، وطلبنا من السيد الشراح الرد علينا وتوضيح عدم دقة أو صحة ادعاءاتنا، ولكن يبدو أنهم أذكى من أن يفعلوا ذلك، ولو تقاعست الصحافة عن دورها في كشف الأمور، ودق النفير، فإن الجهة المعنية بالأمر، وهو «مجلس وزراء الصحة العرب»، المفترض ان من واجبه مراقبة أعمال المركز ومحاسبة المشرفين عليه، ان بدر منهم أي تقصير، لا يمكن ان يتحرك ضد إدارة المركز، فالمجلس الوزاري أعجز من ان يفعل شيئا، وما علينا هنا سوى توجيه رسالتنا الى وزير الصحة الكويتي، لعل وعسى يقوم بفعل شيء مع بقية زملائه من وزراء الصحة العرب!
بعد كتابة المقال السابق عن مشروع المركز المتمثل في ترجمة مئات آلاف الكلمات من اللغة العربية بشكل خاص وإلى اللغة العربية، وتسمية المشروع بـ«المعجم المفسر للطب والعلوم الطبية» (!!) والذي حصل بجدارة على سخرية كل طبيب يحترم نفسه بعد الاطلاع على الجزء الأول منه، نقول بعد كتابة المقال، أرسل لنا قارئ المعلومات التالية عن تاريخ نشأة المركز:
انشئ المركز قبل ربع قرن، وعلى الرغم من ذلك لم يتحقق من وجوده شيء يذكر، بخلاف نشاطه الجم في سنوات تأسيسه الأولى. وكان وقتها يدار من قبل السيد سليمان كلندر، الذي توفي قبل سنوات، والدكتور شوقي سالم ولست متأكدا من الاسم.
وقد قاما، بمعاونة فريق المركز، بإنجاز مشروعات ضخمة عدة في مجال المعلوماتية الطبية العربية، وهي على سبيل المثال لا الحصر: قاعدة معلومات آلية خاصة بالمؤسسات التعليمية الطبية في الوطن العربي، وأخرى للمستشفيات الطبية العربية، اضافة الى مركز معلومات عن الاطباء العرب، وموسوعة طبية عربية، كما قام المركز في حينه بانشاء الشبكة العربية للمعلومات الطبية، بالتعاون مع اليونسكو، ومشروع آخر مع المكتبة الوطنية للطب في الولايات المتحدة الأميركية، لانشاء قاعدة معلومات عن «رؤوس الموضوعات الطبية ثنائية اللغة».
ويقول القارئ ان المعجم المفسر الذي يتبناه السيد يعقوب الشراح، لا يزيد، ان لم يقل عن «المعجم الطبي الموحد»، الذي يصدره المركز الاقليمي لمنظمة الصحة العالمية والذي يديره الدكتور هيثم الخياط، فهل هناك هدف لتكرار الجهود وصرف الملايين بسبب رغبات شخصية لقيادات ادارية لا ناقة لها ولا جمل في ميادين العلوم الطبية؟
ويقول القارئ ان اسم المركز عند تأسيسه كان «المركز العربي للوثائق والمطبوعات الصحية»، ولكن بعد استلام السيد الشراح لمسؤوليته عام 1994 وتصادمه مع سليمان كلندر منذ اليوم الأول، فقد تسبب ذلك في حينه باستقالة الكثيرين من خيرة خبرات المركز وبعدها صفا الجو للإدارة، ومنها اقترحت تغيير تسمية المركز ليصبح ما هو عليه اليوم، وهذا ربما سهل عملية تغيير برامجه واهدافه بعدها، لتصبح أكثر هلامية وغموضا!
من كل ذلك يمكن الاستنتاج بأن هناك أسباباً جوهرية تكمن وراء فشل غالبية المنظمات العربية الاقليمية، وما أكثرها وما اقل نفعها، حيث تنتهي الحال عادة بغالبيتها لتصبح هياكل إدارية نفعية لمواطني دولة المقر، وفي ظل غياب أي نوع من المراقبة والمحاسبة يمكن توقع أي شيء!!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

تحذير من «تطرف الشباب»

 

إن لم تبادر الدولة، بمسئولية وحرص وإدراك وحزم، لتحسين الواقع الشبابي في بلادنا، سواء على مستوى التربية والتعليم والعمل والشباب والرياضة، فإننا سنكون، حسب ظني المتواضع، أمام عقدين من الزمان قادمين، نواجه فيهما جيلا متطرفا بشدة، في الكثير من الأفكار والسلوكيات…

حينها، لن تنفع الحلول الاجتماعية ولا الحلول الاستراتيجية ولا الأمنية ولا هم يحزنون… بل لن تتمكن، لا الدولة ولا حتى القيادات والرموز، دينية كانت أم سياسية أم شبابية، من تطويق حركة تشبه التمرد على واقع الشباب…

ومن المهم الاستدراك هنا للإشارة، إلى أنني لا أقصد أن يتطرف الشباب لمجرد القول أنهم محرومون من حقوقهم، وبذلك، نستسيغ التصرفات الطائشة التي تبدأ بترك مقاعد الدراسة في مختلف مراحلها ثم التسبب بمشاكل لأنفسهم ولذويهم ثم لمجتمعهم، ثم يتجه بعضهم إلى العنف والتحريق والتخريب والتهديد والترهيب اللامقبول مدعيا المطالبة بالحقوق، فيما يتجه طرف آخر إلى التقتيل والتفجير وسفك الدماء مدعيا الجهاد ودحر الكفار الذين يختلفون معه مذهبيا وفكريا… هذه كلها مرفوضة تحت أي عنوان، لكن المقصود، هو أن هناك حاجة لرعاية الشباب وحمايتهم من التطرف، بمن فيهم من وقع في التطرف أصلا.

صحيح أن الكثير من الشباب في مجتمعنا يعانون من مشكلات تحول دون تحقيق طموحاتهم، وبعضهم يحمل الهموم الوطنية، السياسية، الاجتماعية، الديمقراطية، لكن هذا لا يعني أن كلهم بلا استثناء يملكون الإدراك والقدرة للتعاطي مع قضايا المجتمع.

وليسمح لي القارئ الكريم، أن أشير إلى أن هذا الموضوع كبير ومتشعب، لذلك، سأتناوله على امتداد المسموح من الإمكانات، لأهميته وضرورة طرحه من باب (إرضاء الضمير)، والباقي… متروك على الدولة وأجهزتها، وسأبدأ بمحور التطرف.

فمنذ مدة، وقعت على نتائج دراسة خليجية قيمة، لابد للمسئولين الحكوميين في البحرين – بلا استثناء – الاستفادة منها، فقد كشفت الدراسة الأولى من نوعها، أن غياب الوعي الديني لدى الشباب يمثل المرتبة الأولى في أسباب ظاهرة التطرف بنسبة 72.7 في المئة، مقابل 4.8 في المئة من العينة عارضت ذلك.

ووافقت 42.5 فى المئة من إجمالي عينة الدراسة موافقة تامة على أن بعض وسائل الإعلام شجعت لأفكار وأطروحات التطرف والمتطرفين بالإضافة إلى 36.7 فى المئة وافقوا على ذلك ولكن في خانة (إلى حد ما).

وبشأن الاعتداءات الظالمة على بعض الشعوب الإسلامية من خلال بعض وسائل الإعلام، بلغت نسبة المؤكدين على أن تلك الإعتداءات تعد سببا من أسباب بروز ظاهرة التطرف وبلغت نسبتهم 59.9 في المئة، وعارض الفكرة 8.3 في المئة، والنسبة المتبقية وهي 31.7 وافقت إلى حد ما…

والسؤال الأهم هو: هل يمكن السيطرة بسهولة على تطرف الشباب مستقبلا؟ الإجابة (لا)! لكن للحديث بقية.

سامي النصف

بروتوكولات حكماء الاتصالات

احد اعظم اكتشافات السنين الاخيرة واكثرها انتشارا في العالم هو اختراع الهاتف النقال، وواضح ان استخدام هذا القادم الجديد يحتاج الى تنظيم وبروتوكولات محددة يتفق عليها المستخدمون، ومن ذلك:

ضرورة عدم استخدام الهاتف لدى قيادة السيارة كما تقضي بذلك القوانين المرعية منعا للحوادث المرورية الجسيمة، كما يجب الا يستخدم في محطات الوقود تطبيقا لشعار «السلامة اولا». تقنين استخدامه في اماكن العمل، خاصة الامنية منها، لكونه يشتت الانتباه ويضيع الاوقات الرسمية المخصصة لخدمة الناس. اتصال فائت واحد يكفي، لذا لا تكثر عدد الاتصالات الفائتة الا للضرورة القصوى. عندما يبلغك الصوت المسجل ان من تتصل به لديه اتصال آخر فمن الافضل ان تغلق الخط فورا حتى لا تزعجه وتنتظر بعد ذلك اتصاله. وعندما تسمع رنة مكالمة خارجية لدى من تتصل به فعليك ان توقف الاتصال وتستبدله برسالة تشرح فيها سبب الاتصال، خاصة اذا كان سبب اتصالك هو طلبا يستحيل تحقيقه بوجود المتصل به خارج البلاد. لا ترسل رسالة SMS الا وتلحقها باسم المرسل، فهاتف الصديق المخزن به رقمك قد يضيع او يستبدل. حاول ان تجد العذر لمن لا يرد على اتصالك او اعتبر ان عدم الرد هو رد في ذاته. لا ترسل رسائل تهنئة وتنتظر الرد عليها خلال ثوان فأنت لا تعرف ظرف الطرف المستقبل ولا عدد الرسائل التي وصلت اليه مع وصول رسالتك. وعلى الوجه الآخر للعملة من الافضل ـ ان سمحت ظروفك ـ ان ترد على رسائل التهنئة فورا بكلمات محددة لا عامة وتخص بها الشخص المرسل. من الافضل الا تزيد رسائل التهنئة عن كلمات قليلة وجمل مختصرة حتى لا يضيع وقت المرسل اليه في قراءتها ويصعب عليه بعد ذلك الرد المختصر على.. تهنئتك المطولة. ليس من الذوق والاتيكيت الصحيح ان تحمل معك هاتفك النقال ورنينه المزعج عندما تكون مدعوا لفرح او عزاء او لحفل عشاء. كما انه ليس من الذوق والاتيكيت الصحيح ان ترتحل مع زوجة او صديق في سيارة او باخرة او قطار وتنشغل عنه او عنها طوال الوقت بالحديث الهاتفي. ان تحمل هاتفا واحدا معك خير من حمل هاتفين، وحمل هاتفين خير الف مرة من حمل 3 هواتف نقالة تجعل من صاحبها وكأنه طائرة اتصالات «اواكس» متنقلة. تسمح بعض شركات الطيران هذه الايام باستخدام الهواتف النقالة اثناء الرحلات، والافضل دعوة الركاب لوضع هواتفهم على الصامت او الهزاز منعا للازعاج. يجب منع بعض شركات الاتصالات من اعطاء ارقام مستخدميها لشركات التسويق التي تزعجهم باتصالاتها صباحا ومساء لبيع هذا المنتج او ذاك. كما يجب ان يعطى مستخدم الهاتف النقال الحق في رفض استقبال رسائل الشركات والجمعيات.. الخ التي لا يرغب فيها. ويجب ان يعطى المستخدم حق نقل رقم هاتفه من شركة الى اخرى كما يود ويرغب.  كما يجب ان تفرض المنافسة
ـ لا تحديد الاسعار ـ بين شركات الاتصالات العاملة حتى يستفيد المستهلك وتنخفض الاسعار.

احمد الصراف

«الطراوة» والندى.. وقلوب الجُفاة

«في وسط عينيك السوداوين، وبين خصلات شعرك الفاحم بنى الحزن منزلا لي. إن سواد عينيك يشبه سواد ليلي، وسواد شعرك كسواد شفتي. وعندما لا تكونين بجواري فإن دموعي تنساب كالسيل الذي يهدم كل وجود، ولكن عندما تكونين بقربي فإن وحدتي تذهب أدراج الرياح، وتستطيع عيناي الدامعتان النوم هانئتين. لقد خرج الربيع من بين يدي، وازدهرت براعم «وردة الثلج» في قلبي، وأنا جالس في غرفتي أحترق شوقا لك يا «وردة الثلج» المتفتحة بالحياة. آه، ماذا أقول عن شبابي الضائع وصوتي المكتوم؟!».
هذا مقطع من أغنية «وردة الثلج» للمطرب الإيراني آبادانا كوروش، وقامت فرح بترجمته بتصرف. ويمكن الاستماع الى الأغنية على الرابط التالي:
 http://www.youtube.com/watch?v=w1MGn_AV3Go

* * *
أجرى تركي الدخيل مقدم البرنامج التلفزيوني الناجح «إضاءات» في قناة العربية، لقاء معنا قبل أيام، شعرت بعد الانتهاء من تصويره بأنني أخذت من المقابلة ومن المقدم أكثر مما أعطيت، هذا إن كنت أعطيت شيئا!
أخذت أفكر، وأنا في طريق العودة إلى الفندق في دبي، في أننا جميعا تقريبا، ننتمي الى أمة قلقة ومهمومة بالكثير من الأوهام، وتسود بيننا روح الكآبة بشكل واضح، ولا مكان أو وقت لدينا للفرح أو الضحك، ولا نتجرأ حتى في الحديث علنا عن تبادل القبل او تقبل فكرة الحب الجميلة أو العاطفة الجياشة أو تلاقي العيون وتلامس الأيدي، دع عنك فكرة العناق والرقص على أنغام جميلة تحملك الى ما فوق السحاب بطبقات وتجعلك تشعر بإنسانيتك ووجودك الفريد وأن لك دوراً وموقعا في هذه الحياة يتجاوزان بمراحل ما يحاول ذلك الفكر المغالي في تزمته، او تعاسته، ان يضعك فيه او يقنعك به! فنحن إما في حالة بكاء ونحيب موسمية في ذكرى دينية أو عائلية ما، وإما أننا في حالة تجهم وجدية مستمرة وأبدية داخل بيوتنا ومكاتبنا وخارجها، وكأن الفرح معيب والضحك عار. ونحاول دائما التغطية على ضحكنا وفرحنا، بحيث لو تركنا مكانا ما، بعد فاصل قصير من السعادة، نستحلف بعضنا البعض «بالستر» عما سمعنا أو واجهنا وبطلب الرحمة للجميع بسبب قهقهة او نكتة مليحة!! فالتجهم، الذي ربما بدأ تصنعا، قبل قرون، أصبح السمة الغالبة للمسلم بشكل عام ومرادفا للتقوى، ودليلا على الالتزام الديني. حتى طريقة «تعاملنا» مع العزاء الذي عادة ما يكون ليومين او ثلاثة لدى البعض، تدعو للرثاء بسبب صرامتها وخلوها من أي عاطفة او رقة، وتصبح مأساة لدى البعض الآخر، وهم الغالبية، حيث يستمر العزاء لستة أيام ليصل الى ذروته في اليوم السابع، ليمتد الى ذكرى الأربعين، وليتكرر الطقس الحزين ذاته بعد عام من الوفاة! وتتخلل كل ذلك مجموعة طقوس حزينة ومتعبة اجتماعيا وأسريا وماديا، بحيث يصبح هم وعبء القيام بها، في أحيان كثيرة، أكبر من هم الوفاة نفسها!
ولو تمعنا في حياة بقية شعوب العالم، حتى الفقيرة والمسحوقة منها، لوجدنا ان الحال لديهم مختلفة تماما، وان لا حاجة لخيال واسع لتصور ان نظرتهم للحياة تختلف تماما عن نظرتنا.
ففي تلك المجتمعات، ومن دون استثناء، يعتبر الضحك والمرح والاستمتاع بالحياة أشياء جميلة، كما ان الأجمل منها هو الحب، بكل أنواعه العذرية وغير ذلك. وان هناك بالفعل أمورا رائعة في الحياة تجعل الواحد يرى الفراشات الملونة في الصحارى القاحلة ويتخيل قطرات الندى على أوراق الأشجار في عز صيف خليجي حار، ولا يرفع حاجبيه عجبا أو صوته استنكارا ان رأى حبيبين يتبادلان القبل، أو عشاقا يتهادون في مشيتهم وعيونهم وأيديهم متشابكة بسبب جمال اللحظة وروعة الموقف.
قد يكون البعض منا على حق بسبب عقيدته أو منطقه وموقفه من الحياة والموت، ولكن لا يمكن لأحد ان يقنعني بان السياحة والاستمتاع برؤية روائع مدن الأرض جريمة أخلاقية، او ان التواجد في الأوبرا خلاعة بذيئة، او ان حضور مسرحية او مشاهدة فيلم سينمائي رائع فتنة، او زيارة متحف أو معرض صور أو رؤية تماثيل فنية امر محرم، او ان الذهاب الى مدينة ملاهٍ أمر سيئ، او ان التزلج على الجليد والتزحلق على الماء والمشاركة في الرقصات الفولكلورية وتسلق الجبال وممارسة الرياضة وحضور المسابقات وركوب الخيل والاستماع الى الموسيقى في الهواء الطلق والاسترخاء «نصف عار» تحت الشمس الدافئة في المناطق الباردة والتمتع بالطبيعة، وتجميع الفراشات ومراقبة الطيور ورسمها وتصويرها واستكشاف مصبات الأنهار وموارد المياه، وارتياد الصحارى والغابات وتعلم لغات الشعوب الأخرى ورقصاتها، والرقص في «الكرنالات» وحضور المهرجانات والاحتفال بعيدي الاستقلال والتحرير.. وغيرها الكثير من الأمور التي تعتبر لدى البعض محرمة ومفسدة أو مكرهة أو غير مستحبة أو مضيعة للوقت! فوجودنا على هذا الكوكب أمر سعيد ورائع بحد ذاته، ويستوجب هذا الوجود منا ان نحتفل به ونتعامل معه بما يستحق من اهتمام، وبعيدا عن وجوه المغالين منا من اصحاب القلوب الجافة التي لا تود التعرف الى «الطراوة»، على الاقل علنا، والتي لا تعرف حقيقة جمال الندى على ورقة شجرة في بيت حبيب في صباح صيف حار!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

الشعبي والخرافي والعوضي

لاءات تكتل العمل الشعبي الأربع، كل واحدة منها تقول «الزين عندي»: لا لسرية استجواب رئيس الحكومة، ولا لتأجيله أكثر من المدة المنصوص عليها دستوريا، ولا لتحويله إلى المحكمة الدستورية، ولا لتحويله إلى اللجنة التشريعية. كل «لا» تستحق وحدها تعظيم سلام، كل «لا» أجمل وجهاً من أختها، وأمشق قواماً، وأزكى عطراً. وطبعاً الحكومة تعلم بأن «الشعبي» عندما ردد لاءاته الأربع لم يكن يغني وراء فيروز «ع اللالا ولالا ولالا ليه الزعل يا خالة»، بل كان يقول الـ«لا» ويعنيها، واحد زائد واحد يساوي اثنين، نقطة على السطر.

«الشعبي» أعلن لاءاته الأربع وحسم أموره بسرعة كما حسمها من قبل في موضوع المليفي، وبالتأكيد ستسري هذه اللاءات الأربع على استجواب «حدس» الذي قُدِّم أمس… إذاً هو مبدأ لا يتغير بتغير أسماء مقدمي الاستجوابات. وها هو ضمير الشعبي الآن يجلس في بلكونته المطلة على البحر مرتديا «شورت» أزرق وفانيلة «باسكيت» ويرتشف قهوة تركية سكر زيادة و«يقزقز لب»، ومن بلكونته يتفرج على بعض الضمائر التي تداري وجوهها خجلاً أثناء مرورها من هناك! لكن السؤال الأهم: أين بقية النواب الذين لم يصرحوا لا بخير ولا بشرّ؟ أين النائب محمد الصقر وجماعة «إلا الدستور»؟ أين النائب عدنان عبدالصمد وجماعته؟ أين القانوني المتمرس عبدالله الرومي؟ وأين وأين وأين؟ شفيكم صكتم بكتم؟ ماذا تنتظرون بعدما تم تقديم الاستجواب؟

على أي حال، سمو الرئيس يدير الدولة تحت أشعة الشمس لا في السراديب المظلمة الرطبة، ولم يستخدم المال العام لشراء الطبول والطبالين، لذلك سيصعد المنصة، بكل تأكيد، للرد على تساؤلات النائب المسلم، وقد لا يطلب المهلة الدستورية، وأظنه يتمنى لو استطاع «تقديم ساعاتنا اليدوية» ليعجّل بكشف الحقائق. هذا هو المنطق، لأنك عندما تتهم شخصاً بارتكاب خطأ ما فسيسعى هو بأقصى سرعة إلى الرد على اتهاماتك له، والرئيس لن يفوّت فرصة التوضيح والرد. والأمر الغريب أن يتهمك أحد ثم تأتيك الفرصة للرد فترفض، لأن الرفض حينئذٍ يعني… شسمه.

حتماً وقطعاً وجزماً سيقف الرئيس بشموخ نابليون وبثقة أوباما ليتحدث بالتفاصيل عن مصروفات ديوانه، وسيرفض سرية الاستجواب كي يعرف الناس كلهم أين ذهبت ملايين الدنانير، وليتأكدوا أن يد رئيس حكومتهم ناصعة البياض، وسيرفض أيضا تأجيل الاستجواب بالإبر المخدرة أو الاختباء خلف جدران الدستورية والتشريعية.

ويا دولة رئيس مجلس الأمة، جاسم محمد الخرافي، أتمنى عليك ألاّ تنضم إلى «اللجنة الإعلامية» لرئيس الحكومة التي تضم دميثير والراشد والدويلة وغيرهم. أنت أكبر، بصفتك وشخصك، من هذه اللجنة، بل إن منصبك أكبر من منصب رئيس الحكومة نفسه، وليتك تفسح المجال لرئيس الحكومة ليدافع عن نفسه، خصوصا أنك أظهرته – من دون قصد – وكأن الشبهات تدور حول مصروفات ديوانه ويجب تهريبه تحت جنح الظلام، وهو ليس كذلك، خصوصا أنه مَن طلب تكليف ديوان المحاسبة بالتدقيق على المصروفات، وهو أيضا من طلب إحالة التقرير إلى النيابة.

دولة الرئيس، الاستجوابات حق من حقوق الشعب الذي انتخبك، وأنت أول من يجب عليه صيانتها لا خرقها لتتسرب إليها المياه فنموت غرقا. وأعرف حسن نيتك وخوفك على الديمقراطية، وقد تناقشت معك كثيرا حول ذلك، لكن هذا كله لا يبرر ما تقوم به أنت الآن، وإذا كانت الحكومة ترى عدم دستورية الاستجواب فلتعلن هي ذلك، لا أنت.

* * *

رئيس اللجنة المالية النائب عبدالواحد العوضي يستحق التحية لاعتذاره عن «البرشامة» التي كتبها للحكومة. ليته استقال من اللجنة المالية وأعلن عدم ترشيح نفسه لها مرة أخرى، وليبحث عن لجان أخرى يؤدي فيها دوره. أما وأنه اكتفى بعدم حضور بعض الجلسات فليعذرنا لأن «العقوبة كانت أقل كثيراً من الجريمة».