محمد الوشيحي

الشيك بالشيك يُذكر

الحمد لله استقالت الحكومة، وستأخذ لفة على قطعة أربعة وستعود لنا مرة أخرى بعد شهرين: «بخ، أنا الحكومة القديمة رجعت من جديد»، فنضحك كما الأطفال على محاولتها الفاشلة لتغيير الـ«لوك»، ونكركر ونكعكع ونضرب كفا بكف وسنّا بسن والبادي أظلم! مشهد جميل يتكرر للمرة المليون وسبعة.

لا جديد تحت سقف الشمس. زرقاء اليمامة الكويتية شوهدت في عيادة طبيب العيون تفرك عينيها وتشتكي جفاف القناة الدمعية بعدما أعماها الغبار. والغربان غادرت الصومال الشقيق في اتجاهنا بحثا عن بلد حوّلته حكومته إلى جيفة لا عرق فيها ينبض. وأكْل الميتة حرام، لكن الغراب كافر والجوع أشد كفرا، ثم ان الكويت لم تمت فطيسة، لذا فهي ليست ميتة، هي متردية، كانت على قمة جبل فسقطت، أو أُسقطت، بضم «الألف» على الصدر كما تضم الغندورة كتابها.

وأقسم قسما، لو كانت هذه الحكومة امرأة لمات أبناؤها جوعا، ولامتلأ بيتها ذبابا، ولطلّقها زوجها ليتدارك ما تبقى له من عمر، حتى إنْ كانت أجمل النساء، فما بالك وهي قبيحة دميمة، لا ودود ولا ولود، ولا وجه في المقعد ولا جسم في المرقد.

استقالت الحكومة، إلى حيث ألقت رحلها، بعدما خلفت لنا طبالين وراقصات، من قنوات فضائية تعلمنا الوطنية بالكاسور واللطميات، وصحفا صفراء شاحبٌ لونُها، وكتّابا برائحة الثوم السوداني، ونوابا لشدة ورعهم لا تدري شمالهم ماذا قبضت يمينهم. وهؤلاء كلهم سيموتون جوعا بعد موت وليّهم.

استقالت الحكومة الرفلى الشعثاء، يا ما أنت كريم يا رب، بعدما عجزت عن إدارة دولة هالكبر ذات فوائض مالية كانت تشغل بال خالد السلطان.

استقالت الحكومة، والطريق اللي يودّي، وارفعوا أيديكم معي بالبكاء والنشيج والدعاء: «اللهم يا رب الأرباب، قيّض لبعض النواب القدرة على الاعتذار عن عدم قبول العانية مرة أخرى».

استقالت الحكومة، وسيحل البرلمان وستجرى الانتخابات خلال شهرين، وسنبدأ رحلة جديدة، لأن الرحلة الماضية غير محسوبة، يحسبوها ازاي عليّا، ولن تؤثر نتائج الانتخابات بقدر ما سيؤثر اسم رئيس الحكومة الذي يمتلك سيارات الرحلة ومؤونتها.

استقالت الحكومة، وحذفنا وراءها سبع حصوات، والطق في الميت حرام، أو الطق في المتردي حرام (للمرة الثانية أخطئ)، وانتهت حقبة وابتدأت أخرى، حقبة ما بعد ناصر الدويلة، أعجب نائب مر في ذاكرة تاريخ الكويت.

وفي دستور كوريا الجنوبية هناك مادة تقول: «الحكومة مسؤولة عن بث السعادة في أرجاء البلاد»، وحكومتنا المتردية استطاعت مرة واحدة بث السعادة في الأرجاء، عندما استقالت… بالسلامة، وعيّدي يا كويت.

سامي النصف

الملتقى الإعلامي الكويتي ـ الأردني

أكتب من عمان حيث أحضر أنشطة الملتقى الإعلامي الكويتي ـ الأردني والجميع هنا من كويتيين وأردنيين في قلق لما يجري على الساحة السياسية الكويتية من أزمات طاحنة متلاحقة لا يستحقها الوطن وقد تواترت الأنباء عن استقالة جديدة للحكومة ويضع الجميع ثقتهم المطلقة بربان السفينة صاحب السمو الأمير حفظه الله لوضع حد لتلك الاشكالات السياسية المتكررة وكان الله في عون سموه.

هناك سفراء يمرون مرور الكرام على الدول التي يعينون بها وهناك في المقابل سفراء يضعون بصماتهم اينما حلوا واينما رحلوا ولاشك في أن سفيرنا النشط في الأردن الشيخ فيصل المالك الذي تشرف الوفد الكويتي بلقائه ظهر أمس في مبنى السفارة هو من النوع الأخير الذي نحتاج لاستنساخه.

وهناك كذلك ملحقون اعلاميون مروا على الدول التي عينوا بها دون ان يعرفهم أحد وهناك في المقابل ملحقون اعلاميون كالزميل منصور العجمي الذي نجح في خلق علاقات شعبية مميزة بين البلدين وقد استمرت علاقته بالأردن حتى بعد انتهاء فترة انتدابه مما أهّله لتبني فكرة الملتقى الرائع الحالي والذي اهتمت المملكة الأردنية الهاشمية بشقيها الرسمي والأهلي بتغطية أنشطته والمشاركة في ندواته.

وقد شاركنا في الندوة الأولى التي خصصت للحديث عن التجربتين الديموقراطيتين في الأردن والكويت اللتين بدأتا بتاريخ واحد هو بداية العشرينيات وكان ضمن المشاركين النواب احمد الصفدي ود.نصار القيسي عن الجانب الأردني والنائب الفاضل د.محمد العبدالجادر وكاتب السطور عن الجانب الكويتي.

ان فكرة الملتقى الاعلامي الكويتي ـ الأردني الذي عمل الزميل الاعلامي منصور العجمي على إنجاحها هي فكرة رائدة نتمنى بذل الجهود لدعمها وان نرى مستقبلا الكثير من اللقاءات الاقتصادية والثقافية والشعبية الكويتية في العواصم العربية المختلفة فليس هناك أنجح وأنجع من اللقاءات المباشرة لكسب ود الشعوب وازالة سوء الفهم ومن ثم دعمها لقضاياك.

آخر محطة:
كان للزميل فيصل القناعي مداخلة اقترح فيها تسمية شارع في العاصمة الأردنية باسم الكويت كحال تسمية الكويت شوارعها باسم البلدان العربية وفي لقائنا مع السفير اقترحت أن تتبنى الكويت صياغة مقترح للجامعة العربية يتضمن تسمية الشوارع الرئيسية في المدن العربية وخاصة الجديدة منها بأسماء دولنا العربية حتى يشعر الجميع بالانتماء لأمة واحدة.

احمد الصراف

عادل الفلاح المؤتمري الخارق

«.. ان لدى المسلمين اليوم فرصة ذهبية كونهم المؤهلين الوحيدين لانتشال البشرية من التخبط الذي تعيش فيه، ومن تلك المشاكل الكثيرة.. ومنها مشاكل البيئة..» (!!!!!) (عادل الفلاح، الصحف 13ـ3ـ2009).

***
السيد عادل الفلاح، وكيل وزارة الاوقاف، شخص مثير للعجب والدهشة، وربما لبعض الاعجاب، بسبب قدراته التنظيمية الكبيرة وانشطته المؤتمرية (من مؤتمر) الجمة. فلا يكاد ينتهي من التحضير لمؤتمر في الكويت وترؤسه، حتى يسافر لحضور آخر سبق ان نظمته وزارته في الخارج، وايضا برئاسته، ليعود بفكرة جديدة لمؤتمر ثالث تحت رعايته ورابع تحت اشرافه وخامس تحت ابطه وهكذا من دون كلل او ملل او تعب.. وكانت آخر تخريجاته، او اختراعاته، المؤتمر الاخير الذي عقد في فندق الشيراتون يومي 14و15 مارس، والذي دعي لحضوره 60 خبيرا في البيئة وتغير المناخ، وبالذات من اليابان، وكان بعنوان «حوار الحضارات بين العالم الاسلامي واليابان»!!.
اللطيف او المضحك حقا، ان ضيوف المؤتمر اليابانيين، من الخبراء في شؤون البيئة، لم تكن لهم علاقة مباشرة بالدين ولا الفقه ولا علم الكلام ولا الشريعة ولا حتى حوار الحضارات، او الوسطية، التي طالما برع فيها السيد عادل الفلاح، وكان رئيسا وعضوا عاملا في الكثير من لجانها في العصر الذهبي للسيد عصام البشير، الذي كان امينا عاما لمركز الوسطية وكان في الوقت نفسه عضوا في الحزب الحاكم في السودان وعضوا في التنظيم العالمي للاخوان المسلمين!! وبالتالي كان مستغربا حضور هؤلاء مثل هذا المؤتمر وبدعوة من هيئة دينية بحتة لا يتعلق عملها من بعيد او قريب بالبيئة وتغيرات المناخ وثقوب الاوزون، ودرجة حرارة الجو وتلوث المحيطات والبحار، ولا ادري حقيقة كيف نجح السيد الفلاح في الحصول على قبول كبار مسؤولي الدولة فكرة قيام وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية بالذات، وليس الصحة ولا الهيئة العامة للبيئة، ولا معهد الكويت للابحاث ولا حتى مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، ع‍لى عقد مؤتمر عن البيئة في الكويت!! وكيف يمكن لمتخصص في شؤون الوقف وبناء وترميم المساجد وصيانتها وتوظيف الائمة، داخليا وخارجيا، والاشراف على خطبهم ومراقبتها وطبع الكتب الدينية وما الى ذلك من انشطة عديدة تتعلق بالدعوة والفقه وعلم الكلام العظيم، ان ينظم ويترأس مؤتمرا يتعلق بحوار الحضارات والبيئة!! وهل انتهت مشاغل وزارة الاوقاف ومشاكلها بحيث اصبح لدى وكيلها العتيد كل هذا الوقت للاشراف والتحضير والتدبير والمشاركة في مثل هذه المؤتمرات المتخصصة؟!
وعليه نتمنتى على السيد وكيل الاوقاف، الذي خفت حركته مع انتهاء دور عصام البشير، وشبه تصفية انشطة مركز الوسطية الذي كلف المال العام ملايين عديدة من الدنانير من دون طائل، نتمنى عليه التركيز على اعمال وزارته والتوقف عن التدخل في امور لا يفقه لا هو ولا وزارته فيها.
كما نتمنى عليه افحامنا بنشر «المنجزات» الكبيرة التي تمخضت عنها مؤتمراته التي عقدت في السنوات الثلاث الماضية، ومنها المؤتمر الاخير.
اما ما اوردناه من كلام على لسانه في بداية المقال فنترك للقراء حق التعليق عليه!!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

الكويت ورويشد والقادسية

تلك الأشياء الثلاثة المحببة لازمتني منذ الصغر، فأنا لا أطيق البعد عن الكويت أكثر من ثلاثة أسابيع كأقصى تقدير، ولا يرى النور ألبوم للرويشد إلا أكون في شارع بن خلدون أنتظر صدوره، ولا تفوتني مباراة للقادسية سواء كانت في الجهراء أو الفحيحيل أو الفروانية، إلا في حالات نادرة جدا.

مشكلة عبدالله رويشد أنه لا يقدّر إمكانات صوته جيداً، فحنجرة ذهبية «ما شاء الله» مثل حنجرة «بوخالد» بإمكانها أن تتبوأ عرش الطرب العربي بكل جدارة واستحقاق، فرويشد قد يكون الفنان العربي الوحيد الذي يتمتع بما يسمى بالقرار والجواب في الموسيقى بشكل عذب مميز، فهو يستطيع أن يغني بعذوبة رائعة كما هو الأمر في أغنية «صدقيني» وبهدوء لا مثيل له كما في أغنية «تمنى»، وهو متميز بالغناء الشعبي الكويتي كـ«السامري» و«الصوت» و«الحدادي»، ويبدع أيضا في الفن اليمني الجميل والأغاني الطربية بالفصحى، وبالمقام العراقي كذلك، إلا أنه للأسف يحصر إمكاناته الهائلة في نطاق ضيق محدود جداً سواء كان السبب المجاملات أم بعض المحيطين به من الناصحين غير الجيدين، كم أتمنى أن يعي الرويشد ذلك ويتفاداه ليبدع بشكل أكبر.

والقادسية مشكلته الأزلية هي الإدارة، سواء كانت بقيادة قائمة الجميع أو أبناء النادي، فالإدارة الحالية مثلا تملك من المال الكثير «اللهم زد وبارك» وتملك معه قِصَر النظر بشكل أكبر، فموقع النادي في حولي يعطيه فرصاً كبيرة للاستثمار وهو ما تحقق، فمركز سلطان افتتح أخيراً في النادي بالإضافة إلى عمارات ضخمة أعتقد أنها مؤجرة بالكامل، فضلاً عن ميسوري الحال من أعضاء مجلس الإدارة، وعلى الرغم من كل ذلك، فالملاعب القدساوية لا ترقى إلى المستوى المطلوب، بل المحترفون في النادي أيضاً دون المستوى في كل الألعاب، فأنا أعتقد أنه يوجد أكثر من خمسين شابا كويتيا ممن يلعبون في الساحات العامة يفوقونهم في القدرات والإمكانات، وهذا يعني أن لدينا كقدساوية غزارةً في الأموال وسوءاً في التخطيط والإدارة.

أما الكويت بسلطتيها التنفيذية والتشريعية، فمشكلتها أنها مزيج بين الرويشد والإدارة القدساوية. بالإضافة إلى بعض أصحاب اللحى الذين هم أسوأ بلا أدنى شك من مشاكل رويشد والقادسية معاً.

خارج نطاق التغطية:

كم هو جميل أن نجد بعض الأثرياء الكويتيين في قائمة أغنى أغنياء العالم، وما هو أجمل هو أن ينهي أحد هؤلاء الأثرياء العالميين مشاريعه المعطلة في الكويت، كاستاد جابر المقرر إنهاؤه في أكتوبر 2006 ولم ينته إلى مارس 2009.

سامي النصف

هل استمعتم للنذير العريان؟!

تخرج الخبير الاقتصادي العالمي د.محمد العريان في جامعة كمبريدج العريقة وحصل على الدكتوراه من جامعة اكسفورد وأدار محفظة جامعة هارفرد لسنوات، كما اصبح مسؤولا عن منطقة الشرق الاوسط في صندوق النقد الدولي، ويعتبر العريان وبحق «عبقريا» في انجازه وادائه وفكره الاقتصادي وقد حضر للكويت قبل مدة وألقى محاضرة عن الاوضاع الاقتصادية وأجاب بعدها عن العديد من الاسئلة مما رسم خارطة طريق واضحة للسبيل الامثل لتقليل اضرار الكارثة القائمة والقادمة.

وبعد ان سلط د.العريان الضوء على اربعة امور بدأت في صيف 2006 وانتهت في منتصف سبتمبر 2008 اي تاريخ سقوط بنك ليمان براذرز رأى ان القضية هي اشبه بأربع انابيب تشفط الاوكسجين من صالة «العالم» ومن ثم فالامر يحتاج الى ضخ الاوكسجين اي السيولة النقدية والثقة في نفوس الناس بالسرعة الممكنة، كما يرى ان المشكلة الحالية غير مسبوقة في التاريخ البشري وان العالم سيمر بمرحلة حرجة جدا العام الحالي، كما سينتهي الامر مستقبلا بنظام اقتصادي جديد تتحول فيه الحكومات من حكم لما يجري الى لاعب فاعل في الملعب، كما ستتغير المفاهيم العامة للبشر من حب حيازة وملكية البيوت والسيارات.. الخ الى التفكير الجدي في الادخار وحماية المستقبل.

لا أعلم كم من النواب الافاضل قد حضر واستمع لتحذير الخبير العالمي د.محمد العريان من الخطورة الشديدة للأوضاع القائمة وتبعيات عدم عمل اي شيء بحجة ان قانون الاستقرار الاقتصادي يقصد منه انقاذ 20 شخصا ! وان كنت اعلم ان الجهل بالعمل السياسي هو الذي دمر اللعبة السياسية في البلد وشوّه صورته عندما اختزل الدستور في مادة حق الاستجواب ونسي المواد الاخرى، كما دمر الجهل بالشأن الاقتصادي مشاريع التنمية العقارية وأوقف B.O.T وتسبب في هجرة المليارات للدول الاخرى.

ان قروض الشركات ومحافظها في البنوك التي اشترتها او عومتها الدول الاخرى وآخرها الشقيقة قطر ستسبب ـ ما لم تعالج ـ إفلاس الشركات العامة والبنوك والدولة معها، فمقابل قروض الشركات المقدرة بالمليارات تم ايداع محافظ اسهم كرهونات فمن اقترض 90 مليون دينار على سبيل المثال سلّم محفظة اسهم بـ 100 مليون دينار لم تعد تساوي بعد تأخر عملية الانقاذ الا 10 ملايين، فإذا لم تتدخل الدولة فستفلس الشركات والبنوك وتبدأ عملية «الجري للبنوك» التي ستكلف الدولة ما يقارب 25 مليار دينار كثمن لضمان الودائع التي لم يكلف الدولة فلسا حتى اليوم.

ان عملية الانقاذ والاستقرار الاقتصادي اهم بآلاف المرات من اي عملية اخرى كونها تؤثر بشكل مباشر على 3 ملايين مواطن ومقيم (لا عشرين شخصا) كما تؤثر في الوقت ذاته على مستقبل البلد وبقاء مؤسساته الاخرى كالتأمينات ومشاريع الاسكان وغيرها، ان من يريد من النواب ان يضع اي تعديلات يراها عليه أن يقبل بعد ذلك بالخيار الديموقراطي المعروف، اي القبول بها او رفضها دون تهديد او وعيد، فقد شبعنا من قوانين ومواقف ظاهرها رحمة وباطنها عذاب، ينطبق عليها المقولة الشهيرة «العملية نجحت ولكن المريض اي الكويت قد مات» ولا حول ولا قوة الا بالله.

آخر محطة:
العزاء الحار لآل الحجرف الكرام وللكويت كافة بوفاة الراحل الكبير المرحوم هيف الحجرف، فللفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان.

محمد الوشيحي

اللي اختشوا ماتوا

نوابنا المتدينون تحفة، نواب المناطق الخارجية منهم يتسلحون بفتاوى تبيح شراء المديونيات، ونواب المناطق الداخلية يتحججون بفتاوى تحرّم ذلك، وكأن إسلام الدائرة الرابعة يختلف عن إسلام الدائرة الثانية، وبحسب رغبات ناخبيك اختر فتواك.

هي قاعدة: المتدينون الساسة يتكاثرون بين الشعوب القليلة التعليم، والدليل أن أحفاد الدولة الإسلامية في حركة حماس أرسلوا «ايميل» للمذيعة الأميركية السمراء أوبرا وينفري يقولون فيه: «جربي ارتداء الحجاب يوما واحدا وستشعرين بقيمتك الحقيقية». وأجزم بأن أوبرا لو قرأت الإيميل لكتبت لهم: «جربوا أنتم احترام المرأة، جربوا أن توفروا لها التعليم المناسب والتطبيب المناسب وفرصة العمل المناسبة، جربوا التركيز على لب الموضوع لا قشوره، جربوا عدم الضحك على الناس باسم الدين، دعوا حجابي وركزوا على مصائب شعبكم، وستشعرون بقيمتكم الحقيقية». وستعنون أوبرا إيميلها بالمثل المصري «اللي اختشوا ماتوا».

ما علينا من حماس، نعود إلى الكويت… في السابق كان نواب الحكومة يخجلون من كلام الناس، واليوم يأتي النائب المتدين خالد السلطان ليعلن بالخط الكوفي وبكل ثقة أنه «بإمكان الحكومة الاعتماد على الأغلبية العاقلة في المجلس»! أي أن النواب المعارضين هم مجموعة من المجانين يسيرون في الشوارع ويحذفهم الصغار بالصخر. «يضرب قلبو شو بيذل» هذا الكرسي الأخضر، كرسي البرلمان، يجعلك تهذي بلا شعور. وليت الصديق الرائع بدر ششتري، ذا الأربعة والعشرين عاما، يتبرع بجزء من وقته ليشرح للسلطان أهمية الدستور والدولة المدنية وحق الشعب بالمشاركة في الحكم والاستجواب. وكان بدر قد علم بأن صديقه رُزق مولودا، فاتصل به ناصحا: «كبّر في الإذن اليمنى للمولود، واقرأ المادة السادسة من الدستور في الأذن اليسرى». ما أروعك يا بدر.

يا صاحبي، خزعبلات المتدينين لا تنتهي والناس لا يريدون أن يستيقظوا من سباتهم. خذ عندك أيضا هذه المعلومة، حضرت «الفتوى والتشريع» جلسة اللجنة المالية لمناقشة «شرعية المقترحات الاقتصادية»! فشرعنت مقترح مرزوق الغانم ورفضت مقترح محمد هايف، وقبل خروج جماعة الفتوى والتشريع شكرهم هايف على شرعنة مقترحه! فاحتجوا: «رجاء لا تتقوّل علينا، نحن لم نشرعن مقترحك، ونتمنى أن توجّه سؤالك إلينا كتابة وسنجيبك كتابة، إذا كانت الأمور بهذه الصورة». وليت الفتوى والتشريع تصرّح بفتواها للصحف ليعرفها الناس.

واليوم، لو حُل البرلمان، لحصد هايف الأصوات وتصدر الترتيب بلا منافس، لماذا؟ لأنه حمى مساجد الكويت من «الغزو الصليبي»، وتقدم باستجواب «شينكو» دفاعا عن المساجد. لكن ماذا نقول إذا كانت الحكومة نفسها حكومة شينكو! والمضحك أن خالد السلطان، وهو سلفي أيضا مثل هايف، يرفض الاستجواب، فهل هذا يعني أنه يؤيد هدم المساجد؟ الجواب عند هايف. والدين كان في السابق ينقسم إلى طوائف ومذاهب والآن قسموه إلى مناطق وناخبين. عجبي.

سامي النصف

كعب أخيل الدستور الكويتي

لم تعد القضية وبعكس ما يعتقد البعض بقاء رئيس الوزراء من عدمه، فكما هو مكتوب على قصر السيف الذي يمارس الحكم منه «لو دامت لغيرك ما اتصلت اليك» فقد اكتشف أخيرا نقطة ضعف الدستور الكويتي الكبرى أو كعب اخيل المميت فيه مما يهدد بشلل وتدمير الحياة السياسية الكويتية للأبد وتأجيل عمليات التنمية لأجل غير مسمى.

فلو تصورنا اننا احضرنا رئيسا للوزراء من الفضاء الخارجي بقدرات خارقة في الأداء وقلة الأخطاء وسهولة الوقوف على المنصة سواء كان من الأسرة الحاكمة أو خارجها، رئيس كهذا لن يستطيع ممارسة عمله او اظهار تميزه وابداعه للحظة بعد اكتشاف النواب حقيقة سهولة تقديم استجواب مهما كانت هشاشته وضعفه له ومن ثم ارغامه على ترك مشاغله والتفرغ لذلك الاستجواب الذي يستهدف رأسه على حساب أعماله الأخرى التي تستهدف خدمة البلد ومواطنيه.

وتظهر محاضر المجلس التأسيسي ان أحد كبار مؤسسي الدستور الكويتي الذي نستظل بظله وهو كبير الخبراء الدستوريين د.عثمان خليل الذي كان يقف بشكل دائم مع الصف الشعبي والوطني مقابل الأستاذ محسن حافظ الذي كان يقف مع النظام، كان يقف بشدة ضد اعطاء اعضاء مجلس الأمة حق استجواب رئيس الوزراء وكان يصر على الاكتفاء برفع مذكرة عدم تعاون لاظهار عدم الرضا على اداء الرئيس.

فيقترح د.عثمان خليل في جلسة الثلاثاء 5/6/1962 عند مناقشة مواد 100، 101، 102 المختصة بالاستجوابات ما يلي نصه: «اما رئيس مجلس الوزراء فغير مسؤول لدى مجلس الأمة» ويضيف مبررا ذلك بما يلي: «ان عيب النظام البرلماني الأساسي هو مناوراته المتواصلة لاسقاط الوزارة بشكل مستمر ومسرف، هذه المناورات يبطل مفعولها السيئ وخطرها اذا اقتصرت المسؤولية على الوزير دون رئيس الوزراء» ويضيف د.عثمان كذلك: «ان مقترحه اكثر كفالة للاستقرار السياسي في البلد عندما يكون رئيس الوزراء غير مسؤول عن اي موضوع تنفيذي امام مجلس الأمة وانما يمثل السياسة العامة للحكومة دون تولي وزارة خاصة».

وفي جلسة 16/6/1962 يقول د.عثمان: «لم أجد دولة في العالم يعيش فيها الحاكم والمحكوم كأسرة واحدة مثل الكويت وفي اعتقادي ان كل الامتيازات المعطاة لإحدى السلطتين (حق الاستجواب.. الخ) لن تستخدم الا نادرا» (هذه هي الروح الحقيقية للدستور الكويتي ولآبائه المؤسسين).

ويضيف في نفس الجلسة: «بالنسبة للمادة (100) من الدستور ذكرنا ان رئيس الوزراء غير مسؤول وأنه لا تبعية او مسؤولية عليه لدى المجلس» وردا على من طالب بمحاسبة واستجواب الرئيس من الأعضاء أجاب: «اننا بتلك المحاسبة قد جعلنا دستورنا برلمانيا بحتا وهذا ما اتفقنا على تجنبه ومحاولة التوفيق بين النظام البرلماني والرئاسي» انتهى.

واضح من نصوص وروح الدستور التي ابعدت رئيس الوزراء عن تولي اي وزارة ولا تسمح لمجلس الأمة بطرح الثقة به (المادة 102) بعكس ما هو قائم في «جميع» الديموقراطيات الأخرى ان المراد والقصد والهدف «الوحيد» لتلك المادة هو اعطاء ذلك المنصب الاستقرار السياسي اللازم وإبعاده عن الابتزاز والتقلبات السياسية التي تغلب على الأنظمة البرلمانية، وهو أمر لا يتحقق الا بابعاده كذلك عن الاستجوابات، لذا فاستسهال توجيه الاستجوابات للرئاسة في هذه الحكومة أو أي حكومة أخرى فيه خروج كامل عن روح ونص الدستور الكويتي المتباكى عليه.

آخر محطة:
بعيدا عن السياسة، اقترح على كل من يقرأ هذا المقال ان يتوجه هذا المساء لمدينة الأحمدي وسيذهل من جمال الزينة والاضاءة وروعة المدينة ولن يصدق انه لايزال في الكويت، اذهب ولن تندم واشكر المحافظ المبدع.

احمد الصراف

قصة اللونين .. الأصفر والأسود

قام مواطن في دولة «جزر اللاق لاق» الاستوائية، والتي كانت سابقاً من مستعمرات التاج البريطانية، بتغيير لون اسفلت الشارع الذي يقع منزله في منتصفه، من اللون «القاري» الأسود إلى لون أصفر فاقع.
بسبب قوة انعكاس الضوء على اللون الأصفر البراق وما يتسبب فيه من ازعاج للمشاة وسائ‍قي المركبات، قام جيران ذلك المواطن برفع شكوى لمدير المرور، السيد «مو مون»، طالبين إعادة تزفيت الشارع، وإزالة التعدي على لونه الأسود السابق الجميل، أو إعادة طلائه بالأسود. استجاب السيد «مو مون» للطلب وحرك آليات المرور مصحوبة بدعم أمني وباشر بإعادة لون الشارع الى وضعه السابق. وهنا قام صاحب ذلك المواطن الغريب الطبع برفع الأمر الى السيد «بابا سيلي»، عضو البرلمان اللاق لاقي، طالباً تدخله لوقف مدير المرور عند حده ووقف أعمال الطلاء فوراً، وإجبار الدولة على تعويضه عما تكلفه من مال في طلاء الشارع باللون الأصفر، كما قال لقريبه (العضو) إن استمرار إدارة المرور في عملها يتضمن إهانة لكرامته، وسيعرضه مستقبلاً لسخرية جيرانه!
لم يتردد العضو البرلماني «بابا سيلي» في الاستجابة لطلب مرشحه الثري والمؤمن القوي، وعقد مؤتمراً صحفياً هدد فيه رئيس الوزراء بالاستجواب من فوق المنصة إن لم يوقف فوراً أعمال التعدي المتمثلة في تغيير لون الشارع، مع تعويض المواطن على ما تكلفه من أموال. كما طالب الحكومة بالتعهد بوقف كل أعمال الإزالة المشابهة، وان على رئيسها تقديم مدير إدارة مرور الجزيرة السيد «مو مون» للنيابة لمساءلته عما اقترفته يداه ورجلاه عند تطبيقه القانون (!!!).
لتجنب صعود منصة الاستجواب، قام رئيس الوزراء بالاتصال عن طريق الـ SMS بعضو البرلمان وتعهد له بتعويض المواطن من جيبه الخاص، وبالقيام بإعادة طلاء الشارع على حسابه أيضاً، واعتذر له عن تصرف مدير المرور، ولكنه رفض طلب الإحالة للنيابة! ولما لم يعجب ذلك العضو «بابا سيلي» فقد تقدم بطلبه استجواب رئيس وزراء الجزيرة!
ما ان باشرت قوى رئيس الوزراء بإعادة طلاء الشارع باللون الأصفر، حسب التعهد للعضو «بابا سيلي»، عقد السيد «جود هولي مان»، العضو الآخر في البرلمان، مؤتمراً صحفياً هدد فيه رئيس مجلس وزراء الجزيرة بالاستجواب، إن لم يوقف إعادة طلاء الشارع باللون الأصفر القبيح!
وهنا اصيب الشارع السياسي بالارتباك، بسبب تردد الرئيس في اختيار القرار السليم وفي تهور النائب الاول واصرار النائب الثاني على المضي في الاستجواب، ولم تفلح تدخلات جميع الاطراف في تهدئة الوضع بعد ان اصر كل نائب على موقفه. وبالتالي، لم يجد رئيس وزراء جزيرة «اللاق لاق»، بُدًّا من ارضاء الطرفين بطريقة او بأخرى، تجنبا للصعود الى المنصة، وقام بالطلب من ادارة المرور تقسيم الشارع لمجموعة كبيرة من الشرائح المستطيلة وطلاء واحدة باللون الاصفر واخرى باللون الاسود، وهكذا الى الانتهاء من الشارع بكامله!
ومن هنا جاءت فكرة الوان الارصفة الصفراء والسوداء التي تشاهد في الكويت وفي اماكن كثيرة اخرى في دول العالم الاخرى، وكان سبب انتشارها هو اقتناع حكومة صاحب الجلالة البريطانية في اربعينات القرن الماضي، بالفكرة ونقلها وتطبيقها في انكلترا وبقية مستعمراتها!

•••
• ملاحظة: أعلمنا السيد فواز الفرح، رئيس الطيران المدني النشط والمثابر، بعد الاتصال به بخصوص مشكلة الاتصال باستعلامات المطار، أن الرقم قد تغير الى 161. كما يمكن الاتصال بالرقم 1888180 للحصول على الخدمة نفسها.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

مواقف «العلماء» واضحة… فلا ضير من «مواقفكم»!

 

شاركت قبل فترة، في ندوة أقيمت بأحد المجالس في مدينة المحرق بشأن موضوع: «الطائفية في المجتمع البحريني»، وبعد انتهاء الندوة، طلب مني ثلاثة من الإخوة الحضور (الانزواء) في ركن بالمجلس لحديث جانبي! فكان لهم ما أرادوا لاستمع إلى طرحهم المكرر: «نحن إخوة ولكنكم تشتمون الصحابة وأمهات المؤمنين… نحن أهل بيت واحد ولكنكم تنوون شرا للحكومة ولأهل السنة… أنتم لا تعرفون منهجا سلميا للمطالب التي نشترك في بعضها معكم… تتركون الشباب لتدمير البلد وتخريبها… تسيرون خلف علمائكم بلا عقل… تحبون إيران وعمائمها أكثر من حبكم لبلادكم وقيادتكم… رموزكم الدينية يشجعون الشباب على العنف و«التحريق» ولم نر موقفا واحدا عقلانيا منهم لتأييد المنهج السلمي… وربما تجاوزت القائمة التي تحدثوا فيها لتدور في ذات المحاور وذات النقاط بشكل مكرر ممجوج.

لم يكن من المستعصي علي أن أجيب على كل تلك النقاط، وأكثر منها، لكنني سألتهم سؤالا واحدا قبل بدء حديثي: «ألم يكن في إمكانكم أن تطرحوا هذه النقاط على رؤوس الأشهاد وأمام حضور الندوة في الوقت المخصص للنقاش؟ فطريقتكم في الحديث (المنزوي) توحي… بأنكم إما لا تريدون إثراء النقاش بتوسعة الآراء وتنويعها، أو أنكم لا تريدون للعدد الأكبر أن يستمع لوجهة نظر أخرى».

كانت إجابتهم غير مقنعة بالنسبة لي إذ قالوا: «لا أبدا… لكن هذه رغبتنا نحن فقط»! وعلى أي حال، أوضحت لهم مواقف علماء أعلام من الطائفة الشيعية، يحرمون فيها شتم الصحابة وأمهات المؤمنين، ووسائل الإعلام نقلتها بما يكفي وهي غير خافية، أما بالنسبة لنوايا الشر للحكومة ولأهل السنة فهذه أسطوانة اعتاد بعض كباركم من الخطباء أو من يسمون أنفسهم ناشطين سياسيين ترويجها في خطب الجمعة وفي المجالس والتصريحات إلى درجة أن بعضهم تعدى ذلك ليحرم المواطن من حق كفله له المشروع الإصلاحي لجلالة الملك وكفله له الدستور في المطالبة بحقه والتعبير عن رأيه بحرية، وأما بالنسبة للمنهج السلمي في المطالب فلا يمكن إغلاق العين عن عشرات المسيرات والاعتصامات السلمية، والنظر فقط بطرف قصي لمظاهر العنف والتخريب والتحريق التي تشهدها بعض القرى، وموقفي الشخصي منها واضح وهو رفضها والتحذير منها، وقد تناولتها محذرا الشباب مرارا وتكرارا، أما السير خلف العمائم بلا عقل فهي فرية لا يقبلها عقل، حالها حال حب إيران وعمائمها أكثر من حبنا لبلادنا وقيادتنا، وكأن الناس حين تطرح على القيادة مطالبها، فإنها من دون شك (مدفوعة من إيران) فبئس التفكير!

البحرين وطننا جميعا، وقيادتنا شرعية، وكما يعرفني الكثيرون، فإنني لا أعادي الدولة ولا العائلة الحاكمة ولست مؤمنا بشعارات (الموت) إطلاقا، لكنني مؤمن بأن هناك مطالبا مشروعة كفلها الدستور لي ولغيري، ومنحتني الدولة هذا الحق، لابد من المطالبة بها بلا ضرر ولا ضرار.

ولعل أهم نقطة هنا، هي الادعاء بأن الرموز الدينية يشجعون الشباب على العنف والتحريق وأنه ليس هناك موقفا عقلانيا واحدا منهم لتأييد النهج السلمي! ولا أدري، هل هناك من لا يقرأ الصحف ولا يتابع وسائل الإعلام المختلفة اليوم؟ فالتحذير من استخدام العنف والتحريق وإشعال الإطارات وتعريض حياة الناس والممتلكات للضرر صدرت في دعوات متكررة من الشيخ عيسى قاسم، ومن الشيخ علي سلمان ومن الشيخ محمد علي المحفوظ بل لطالما أكد الأستاذ حسن مشيمع والشيخ محمد حبيب المقداد على النهج السلمي، و… بالمناسبة، لا بأس من التذكير بما قاله أخيرا الشيخ عبدالجليل المقداد في ندوة عن المعتقلين السياسيين أقيمت مساء الخميس في قرية كرزكان من أن «الأساليب السلمية كثيرة، وأنه يجب على الجماهير الالتزام بها حتى لا يتم تشويه صورة المجتمع البحريني الذي طالما عرف عنه الالتزام والتحضر».

إذن، مواقف العلماء واضحة، فلا ضير من مواقف الذين ينظرون بعين واحدة!

على أية حال، ألسنا في حاجة لدعم التوجهات نحو الحوار والعمل لإنجاح المبادرات المطروحة لإنقاذ البلد؟ أليس من حقنا مطالبة الدولة باحتضان تلك المبادرات؟ بل وإفساح المجال للرموز الدينية والسياسية على التقدم بالمبادرات واحدة تلو الأخرى، حتى لو تعثر بعضها؟ فالمطالبة بالحقوق تحتاج إلى منهج عقلاني سلمي مستمر وتوافق وطني مشترك بين كل الأطياف، على أن -وهذا الكلام موجه للحكومة- تقطع لسان المشككين والطائفيين الذين يؤلبون المواقف ويثيرون البغضاء والتناحر السياسي والعقائدي في المجتمع، وبالنسبة للشباب، والكلام في شأنهم يطول، فإن الكثير منهم يخطئ، حالهم حال كل بني آدم، لكنهم أبناء البلد، ولابد من رعايتهم وتوجيههم والاهتمام بهم بالصورة التي تشعرهم بأن دورهم محترم في البناء والمشاركة بشكل حقيقي وفاعل، حينها، سيأتي منهم الخير الكثير. وللحديث بقية

محمد الوشيحي

العدساني… الملط

ملعون أبو من ألّف الحكمة الجبانة: «إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب»، أستغفر الله، لعْن الأب حرام، ملعون جده الأكبر لأنه غش الحكومة فصدقته، وسكتت وخرمست، وتركت «السكان» أو مقود السيارة وقفزت تزاحمنا على «الكشن الورّاني».

أيها الحفل الكريم، عليّ الطلاق «ما في الحمض أحد»، وليس لديكم حكومة كما بقية البشر، رغم كل الصحف والقنوات التي تطبل لها، ورغم انضمام «بعض الكتّاب» إلى الفرقة الاستعراضية الراقصة، مرددين حكمة المومس الفاضلة: «ورانا عيال». اللهم أعط كل مومس على قدر نيتها الطيبة، وليّن خصرها لتؤدي وصلتها بما يرضي الضمير. ومن هنا إلى أن تسترد الحكومة منصب «الناطق الرسمي» من النواب الذين استحوذوا عليه بوضع اليد، دعونا ندردش مع رئيس ديوان المحاسبة عمنا الكبير عبدالعزيز العدساني، وهو من أفرحنا خبر توليته المنصب الحساس هذا، ورحنا نبوس أيدينا شعر ودقن، على رأي اللمبي.

شوف يا عمنا أبا يوسف… في مصر، لا يحلف الغلابة هناك إلا برأس الدكتور «جودت الملط»، رئيس جهاز المحاسبة المركزي، وهو ما يعادل رئيس ديوان المحاسبة عندنا. لماذا؟ لأن صاحبنا الملط ملو هدومه. وأتمنى عليك أن تتابع ما يُكتب عنه هناك، وأن تقرأ ما دار في جلسة مجلس الشعب من مشادات بينه وبين بعض الوزراء. هذا الملط الشريف عرّى وكشف مصائب وألاعيب بعض الوزراء، فهاجوا فهاج، وماجوا فماج، لأنه لا يقبل الاعوجاج. وها هم الناس، والشباب خاصة، يرتبون صفوفهم للوقوف خلفه ودعمه وإعلان مساندته في وجوه الغيلان. وبطولة الملط أنه جاء إلى مجلس الشعب يحمل معه ملفاً لكل وزارة، مبيناً فيه «مؤشراً عاماً» لأداء الوزارة هذه السنة، إلى الأعلى أو الأسفل، شوف البطولة! يعني أنت يا الوزير الفلاني تسببت في هبوط أداء وزارتك، بحسب المؤشر، وأنت يا فلان ابن فلانة (بالاسم والمنصب) رفعت أداء الوزارة، فاتضحت الصورة أمام النواب والصحافة والشعب، والدين ممنوع والعتب مرفوع. وليت النظام هذا يطبق في الكويت.

أبا يوسف، هات أذنك لأهمس لك، أو خلّك قاعد، الحق لك، أنا سأنهض لأهمس في أذنك: السيد نشطراوس، رئيس ما يعادل ديوان المحاسبة في إسرائيل، يعلق على حائط مكتبه جملة قصيرة اقتبسها من قانون الدولة «إن الوزراء والمسؤولين خدم للشعب لا سادتُه» (راجع قانون الدولة الإسرائيلي). نشطراوس هذا هو من أحال رئيس الوزراء أولمرت إلى المحكمة الجنائية، ليش؟ لمخالفتين ارتكبهما عندما كان وزيرا للتجارة والصناعة، تم اكتشافهما أخيراً، إحداهما (تخيل)، الحصول على تذاكر طيران مجانية هدية له ولزوجته من إحدى الشركات بما يعادل ألفي دولار، أكرر ألفي دولار، وهنا تبرز شبهة الانتفاع من المنصب الوزاري! شوف جشع ابن اليهودية. وتم إدخال الشركة في القضية كمتهم مشارك في جريمة الرشوة للتدقيق على صفقاتها منذ ذلك الحين إلى اليوم! وفي الكويت لا يقبل سمو رئيس الحكومة الصعود على المنصة لكشف مصروفاته التي تعادل نحو سبعين مليون دولار.

آمالنا و«هقوتنا الطيبة فيك»، قبل عيوننا، شاخصة تجاهك. لا تنسَ أبا يوسف. أرجوك لا تنسَ أنك مسؤول، والوزراء والمسؤولون خدم للشعب لا سادته.

* * *

غداً الجمعة سأكتب معلقاً على توضيح الهيئة العامة للبيئة، الذي بثته (كونا)، والذي نفت فيه خطورة الموضوع… انتظرونا.

* * *

رحم الله العم بو بدر، هيف سعد الحجرف، وأسكنه فسيح جناته، وألهمنا وآل حجرف الكرام الصبر والسلوان.