إذا لم تخني الذاكرة، فإن مسمى «لجنة المطلقات والمهجورات» بدأ يتردد في الصحافة المحلية منذ شهر يونيو/ حزيران من العام 2008 عندما نظمت مجموعة من المواطنات اعتصاما أمام المجلس النيابي هدفه لفت أنظار المسئولين إلى الأوضاع التي تعيشها الكثير من النساء بسبب إجراءات التقاضي في المحاكم الشرعية.
لم يكن هناك، حسبما بدا من تحرك عضوات اللجنة، أي هدف غير التعبير عن شدة المعاناة بسبب إجراءات التقاضي، والحال كذلك، كانت ولاتزال تحركات أولئك النسوة تسير طبقا للدعوة بالتي هي أحسن، فمن خلال اللقاءات التي عقدنها مع بعض المسئولين في وزارة العدل والشئون الإسلامية ومع نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، وعبر الخطابات واللقاءات التي وجهت وأجريت مع بعض النواب، وكذلك من خلال الاتصال بالسادة القضاة، كانت تلك المجموعة الصغيرة تحمل قضية كبيرة، لا يراد منها الإساءة للقضاء، بقدر التطلع إلى تحسين إجراءات التقاضي، وإعادة النظر في بعض الأحكام التي صدرت وتركت تبعات ثقيلة على استقرار أسرهن، ولا شك في أن من حقهن المطالبة بذلك.
الغريب في الأمر، أن بعض الآراء اتجهت إلى تشويه تحرك تلك النساء! فمن قائل إنهن لا يبغين سوى الإساءة إلى الشرع الحنيف وإلى القضاة، ومن قائل إن هناك من يحركهن في الخفاء لتحقيق مكاسب سياسية، فيما لم يشر أصحاب تلك الآراء فيما قالوا… إلى الظروف القاسية التي تعيشها بعض الأسر… وخصوصا بالنسبة للحاضنات منهن، حتى أن إحدى المواطنات واجهت صعوبة في رؤية أطفالها حتى بعد صدور حكم قضائي، وذلك بسبب تزمت الزوج ورفضه تطبيق الحكم… ووقف المركز الاجتماعي الذي كان مسئولا عن تطبيق الحكم مكتوف الأيدي!
ويبدو أن اللجنة كانت تتابع ما يجري، فأصدرت بيانا على هيئة خطاب (الى من يهمه الأمر)، ضمنته شرحا صريحا لأهدافها، وجاءت مقدمة الخطاب مباشرة تقول: «انطلاقا من تعاليم الدين الإسلامي السامية، التي تمثل دستورا سماويا يحقق للبشرية جمعاء أسس الحياة الكريمة، تستمد لجنة المطلقات والمهجورات مبادئ عملها المتوافقة مع ديننا الحنيف الذي كرم المرأة ورفع شأنها وأعزها، وحفظ لها كيانها وشخصيتها تأكيدا لدورها في المجتمع».
وأعاد الخطاب مرة أخرى التأكيد على ما تريده المواطنات اللاتي يتابعن قضاياهن في المحاكم، وكانت الفقرة المعنية في الخطاب واضحة المعنى: «إن تحركاتنا منطلقة من قضايا واقعية، باستقلالية ونوايا حسنة ترفع الخير والصلاح لها شعارا مستمدا من الدين الإسلامي الحنيف، والمطالبة بالحكمة والموعظة الحسنة لما هو مشروع من مطالب، وكلنا أمل في أن تشارك المؤسسات الدينية والنسائية وقضاة الشرع والمسئولون في تبني الملف المطروح، كونه يهدف في الأساس إلى حماية حقوق المرأة والأسرة البحرينية».
وبعد، يبدو أن هناك تفهما لما تريده اللجنة، وخصوصا أن اللقاءات التي عقدت مع المجلس العلمائي، وبعض علماء الدين والنواب، وفقا لما صرّحت به رئيسة اللجنة أمل جمعة للصحافة، وضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بالأهداف… لكن، هل سنشهد تحركا قريبا لتغيير واقع الحال؟ هذا الأمر في يد قضاة الشرع الأفاضل وحدهم، وهم موضع ثقة عضوات اللجنة