محمد الوشيحي

كيفك انتا

على وقع أنغام المطارق وموسيقى الجلبة التي يعزفها جهاز الرنين المغناطيسي (MRI) فوق رأسي، تمددت ورحت أقرأ صفحات من ذاكرتي المنهكة، ذاكرة ذلك الكاتب الذي تقوده إلى التمرد صبوة يدعمها جموح بلا نزوة، هنا دعوى قضائية رفعها المسؤول الفلاني، وهناك دعوى أخرى رفعها الوزير ذاك، وثالثة ورابعة وعاشرة، وتساءلت وأنا ممدد داخل أنبوب الأشعة: ترى، لماذا لم تستدعِ النيابة الوزراء والمسؤولين الذي عبثوا بالديرة كما يعبث الطفل بالكيكة؟ لماذا يخرج الوزراء من عجين المسؤولية كما الشعرة البيضاء من غير سوء، ونغوص نحن إلى أخمص حرياتنا في العجين؟ تأثيرهم كتأثيرنا كبير، لكن أقصى عقاب يتهددهم هو «طرح الثقة» فيهم، وهو عقاب شديد لا شك، لكن السؤال السهل هو: كم وزيرا طُرحت فيه الثقة؟ والجواب الأسهل هو: لا أحد يا صاحبي. والسؤال الآخر هو: كم وزيرا أحيل إلى محكمة الوزراء؟ والجواب الآخر هو: يعدّون على أصبع واحدة، البنصر، أو الوسطى إن كانت بنصرك مصابة كما بنصري. وهنا يأتي دور السؤالين الكبيرين: إذاً من الذي عبث بالكويت كل هذا العبث؟ ولماذا لم يحاكم؟ الجواب عند الحكومة ولا أحد غير الحكومة. هل هذا من العدل يا أولي الجلباب؟ وزراء تتحكم أقلامهم في حياة الناس وحياة أولادهم وأحفادهم، ورغم ذا لا يحاسبون على ما تقترفه أقلامهم تلك، ونحن الكتّاب لا حيلة لنا ولا حيل إلا الصراخ ملء أقلامنا، فإذا بهم يسعون جاهدين إلى سجننا وكسر أقلامنا ودلق أحبارها على أرجل كراسيهم! على أمل أن «نرفع أقلامنا ونجفف صحفنا»، وهو أمل – لو يعلمون – بعيد.

والمشكلة الأخرى أن الكويت هالكبر، وأهلها هالكثر، وكلهم داشين في بعض، هذا نسيب ذاك، وأولئك أخوال هؤلاء، وتعال فكك، أو تعال انتقد أحدا في مقالة، ستنهمر عليك أمطار العتب من أناس لم تكن تتوقع أن لهم صلة بالمسؤول الذي انتقدته، والمسؤول أصلا من النوع الغبي الذي يتكاثر في المناطق الاستوائية، وهو يدوبك يفك الخط السياسي: «ألِف بيم جيم طيم»، وجاؤوا به إلى الحكومة إرضاء لطائفته ومكافأة لعمّه أو عمته أو إحدى هاتين العقوبتين، ونحن كشعب لنا حرية الاختيار بين أن نضرب رؤوسنا بهذا الجدار أو ذاك الجدار، الدستور كفل لنا الحرية، ولم تلده أمه بعد مَن يجبرنا على جدار معين.

تدور الأيام، فيعُكّ المسؤول هذا كما جرت العادة، فتنتقده أنت كما جرت العادة أيضا، فيأتيك اتصال من عزيز قوم افتقدته سنوات، فتفرح باتصاله وتبادله الضحك وتغني له أغنية فيروز: «كيفك انتا، ملاّ انتا، كيفك قال عم بيقولوا صار عندك أولاد»، فيرد الضحكة بمثلها والأغنية بأحسن منها قبل أن يفاجئك: أفا يا فلان، ما هقيناك تضرب صاحبنا في مقالتك؟ / ومن هو صاحبكم؟ الوزير فلان / معقولة، الوزير فلان صاحبك؟ / نعم أنا زوج ابنته / أنعم به وأكرم من نسب، لكن لماذا لم تعاتبه هو قبل أن تعاتبني، لماذا لم تقل له: «أفا يا عم، ما هقيناك تضرب صاحبتنا الكويت»؟ فيأتيك رد صاحبك القديم صاعقا ناعقا: يعني وقفت عليه هو بالذات؟! فتستمر أنت في أجواء فيروز وتغني معها: «سلّم لي عليه». سلّم لي على البلد… راح.

سامي النصف

ربيع حمانا

تبدو جبال لبنان اكثر جمالا واخضرارا في الربيع منها في الصيف لذا لا ارى سببا يجعل الاخوة اللبنانيين يسمون مراكزهم السياحية بـ «المصايف» والمواسم السياحية بمواسم «الاصطياف» مرسلين رسالة خاطئة للخليجيين والآخرين بأن السياحة في لبنان هي سياحة موسمية قصيرة المدة والمردود.

أمضيت الأيام الماضية في فندق جميل يدعى «قصر الوادي» يطل على وادي لامارتين من جهة وقمم جبال صوفر من جهة اخرى وقد تكون النصيحة الأولى لمن يود زيارة حمانا وبحمدون وغيرهما في أيام الشتاء والربيع ان يبتعدوا عن السكن الخاص حيث ان تبعيات انقطاع الكهرباء شتاء لا تُحتمل بعكس الصيف، لذا فالافضل السكن في الفنادق المجهزة والتي لا تنقطع عنها الكهرباء والتدفئة.

وتبدأ متعة اليوم بالتمشي تحت اشعة الشمس المشرقة او رذاذ المطر الخفيف بين المروج الخضراء والازهار متعددة الألوان وتبدو خلالها قمم الجبال البيضاء عن بعد مع وفرة المياه الناتجة عن ذوبان الجليد في الربيع وكثرة انواع الطيور المهاجرة وهي متعة تستحق وبحق الزيارة، خاصة انه قد زاد عدد شركات الطيران العاملة بين الكويت ولبنان وتهاودت اثمانها نتيجة للتنافس وانخفاض اسعار النفط.

ولا يمكن لي زيارة الجبل دون زيارة محمية ومتحف الاصدقاء الفنانين عساف ومنصور وعارف آل عساف الواقع على سفح احد جبال الشوف، واول ما يصادف الزائر تمثال ناطق للفنان الراحل فريد الاطرش ثم صور لعدة تماثيل قاموا بنحتها لشخصيات لبنانية بارزة كميخائيل نعيمة ود.مايكل دبغي في بلداتهم، وقد ساهم الاخوة عساف كذلك في بناء قصر ومتحف «الشملانية» للكابتن حسام الشملان الذي سيفتتح أبوابه في القريب العاجل بعد سنوات طوال من الانتظار والعمل الفني الشاق الذي اشرفت عليه اختنا أم مشعل زوجة الكابتن حسام ابان تحليقه وانشغاله الشديد بالاجواء.. السياسية!

عمرت بيروت بجهد طيب من الشهيد رفيق الحريري كي تصبح بوابة للسياحة والاستثمار كما بدأت عملية تعمير الجنوب بعد حرب صيف 2006، والأمران طيبان وجزء من تعمير لبنان ككل ولكن ماذا عن تعمير الجبل والشمال كي تكتمل الصورة ويزهو ذلك البلد العربي الجميل؟ اي لماذا لا تقوم الدول الخليجية ببناء جامعات ومستشفيات في الجبل تحت رعاية نائبه وليد جنبلاط كي تتوقف معاناة ابنائه ممن يحتاجون للتنقل عبر خمس مواصلات مختلفة للوصول لجامعات ومستشفيات العاصمة؟!

آخر محطة:
على مقربة من حمانا يقع مستشفى هملين التاريخي الذي انشأه بداية القرن الماضي الدكتور الأميركي هملين، وبالقرب من المستشفى تقع المقبرة الخاصة به والتي تضم رفات واسماء العديد من الكويتيين الذين قدموا للعلاج فيه ومنهم الشيخ علي الخليفة المتوفى عام 1943م كما هو مكتوب على شاهد قبره، ولدي صورة تضم والدي والمرحوم أحمد المرزوق ترجع لعام 1932 عند زيارتهما للمستشفى للعلاج فيه حيث كان البديل عن مشافي لندن واميركا هذه الايام.

احمد الصراف

أموال {الجمعيات} وحملات المرشحين

انفردت «القبس»، وليس هذا عليها بغريب، بالتحذير من مغبة استغلال الأموال الهائلة الموجودة بتصرف الجمعيات الخيرية، والتي تنتمي أغلبيتها الساحقة، ان لم يكن جميعها، إلى احزاب دينية سياسية، حذرت من استغلال تلك الأموال في دعم مرشحين معينين في الانتخابات النيابية المقبلة، خاصة وان تخريجات هذه الأحزاب ومبرراتها الشرعية للصرف على حملة مرشح أو مرشحين محددين جاهزة للرد والقول، بأن هؤلاء ممن «يخافون الله»، وفق مفهومهم، وانهم خير من غيرهم، ومن الضروري دعم المرشح القوي الأمين للنيابة، ونجاحه سيصب في النهاية لمصلحة الجمعية أو الحزب السياسي الديني الذي دعمه، وسيزيد من نفوذه ويزيد من أمواله اضعافاً مضاعفة (!)
وورد في خبر «القبس» كذلك أن وزارة الأوقاف شكلت فريق عمل منها ومن ممثلين من الداخلية والشؤون للإشراف على آلية التعامل مع «الجمعيات الخيرية» التي لها ثقل سياسي، ولديها مرشحون في الانتخابات! وان هذا الفريق سيرصد ما اذا كانت هذه الجمعيات ستستغل أرصدة أموال الخيرات لدعم مرشحين معينين!
وهنا نشك ان أحداً سيصدق كلام وزارة الأوقاف، حتى ولو صدقت نيتها، فحجم الخراب والتحيز في عدد من هذه الجهات الحكومية وسيطرة القوى الدينية على وزارة الأوقاف بالذات، أمر معروف، فعلى من تضحك الوزارة؟ ومن جهة أخرى، تبين من واقع ما تسرب من تصريحات بعض النواب السابقين أن حكومة الشيخ ناصر المحمد قد منحت قسائم صناعية، وزرائب ماشية ومبالغ نقدية كبيرة لشراء ودّ عدد من النواب السابقين، وستكون هذه المدفوعات موضوعاً مهما وساخنا في الحملات الانتخابية المقبلة!
ولو حاول مواطن حضور حملات بعض المرشحين الذين حامت حولهم شائعات قبولهم الرشى الحكومية، أو الذين بدأت تظهر عليهم علامات الثراء المفاجئ، وطلب إلى هؤلاء النواب القسم على أنهم لم يتقاضوا من الحكومة، طوال فترة نيابتهم، أو قبلها أي مساعدات نقدية، أو شيكات أو منح عينية في صورة قسائم وجواخير (زرائب ماشية)، أو مساعدات مالية لدفعها لأسر متعففة، فإن هذا المواطن وبقية حضور تلك المخيمات الانتخابية سيرون ويسمعون العجب.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

في يدك المفتاح.. يا وزير الإسكان!

 

وفقا للمعطيات الواقعية المرتبطة بالموازنة العامة وتوقعات العجز، فإنه لن يكون في مقدور الحكومة تقديم مشاريع خدمية، وعلى رأسها الإسكان، من دون أن تكون هناك خطوة حقيقية لإشراك القطاع الخاص وتوفير التسهيلات الدافعة للمستثمرين، وتعجيل وتيرة إنشاء المدن الإسكانية.

ولكن، عن أي معطيات نتحدث؟ وبداية، لابد من الإشارة الى أن هناك خطوات فعلية لاقتراض 600 مليون دينار ( 2.4 مليار دولار)، تم الإعلان عنها لسد العجز المتوقع في الموازنة العامة المبنية على أساس 40 دولارا، للبرميل، وقد تم تقدير إجمالي إيرادات الدولة في دورة الموازنة المقبلة لعام 2009 بمبلغ 1.836 مليار دينار، نصيب الإيرادات النفطية 1.498 مليون دينار، في حين قدرت المصروفات بـ 2.026 مليار دينار منها 1.726 مصروفات متكررة.

لعل المشكلة الخدماتية الكبرى التي يواجهها المواطنون هي الأزمة الإسكانية، ولا شك في أن هناك حاجة ماسة لإشراك القطاع الخاص بصورة تخرج عن إطار (مجرد الكلام)في التصريحات الصحافية، وأعتقد أن في يد معالي وزير الإسكان الشيخ إبراهيم بن خليفة آل خليفة المفتاح، ونحن على مشارف مرحلة جديدة ينتظر فيها أكثر من 60 ألف مواطن بحريني حصولهم على الخدمة، وجاءت الموافقة السامية من لدن عاهل البلاد بهبة الأرض التي تقع في شرق سترة والتي تبلغ مساحتها 590 هكتارا والتي تستوعب 6600 وحدة سكنية لوزارة الإسكان، لتشكل مناسبة سانحة للإشارة إلى دور القطاع الخاص المرتقب.

خلال السنوات العشرين الماضية، لم تتحرك الدولة في اتجاه صياغة تجربة مع القطاع الخاص لإنشاء المدن الإسكانية كما هو حاصل في بعض الدول الخليجية والدول العربية، حتى أنني شخصيا اطلعت على تجربة مؤسسة وطنية رائدة في مجال إنشاء المدن، وهي الآن تبتكر أنظمة عالمية بملكية فكرية بحرينية، ولها أنشطة في دول مختلفة من العالم، لكن مقترحاتها ومذكراتها وخطاباتها المتعلقة بإيجاد حلول للمشكلة الإسكانية في البلد لا تلقى أذنا صاغية من المسئولين.

ولطالما لدينا عقول بحرينية مفكرة ومبدعة، وتحاول الإسهام في تقليل مدة انتظار المواطنين وتخفيف الاحتقان الخطير الحاصل بسبب ارتفاع المدرجين على قائمة الانتظار من المواطنين… فإننا على ثقة، في أن معالي وزير الإسكان، سيخطو خطوة في سبيل الاطلاع على مرئيات المؤسسة الوطنية لحل مشكلة الإسكان، والتعرف على ما يمكن تقديمه من حلول.

ولاشك في أننا ندعم هذا التوجه لطالما يصب في صالحنا -المواطنين-، ويخفف عن كاهلنا عناء (حلم العمر).