هنا الكويت، حيث لا يحتاج كتّاب الزوايا إلى الجلوس في البلكونة المطلة على الحديقة أو التمشّي على البحر وضم الأيدي خلف الظهر بحثا عن موضوع أو فكرة مقالة. هنا الكويت، حيث فائض الأفكار، وفائض الأحداث، وفائض الأحزان (وهو الفائض الوحيد الذي يحتقر فائض الأموال العامة وينثر عليه ماي الغسيل من فوق). هنا الكويت حيث لا حل أمام أصحاب الزوايا والأعمدة الرومانية لمتابعة الأحداث اليومية، إلا بالكتابة سبع مرات يوميا إحداهن بالتراب.
هنا الكويت والأجر على الله، حيث ناصر الدويلة هو رجل المرحلة، الذي ستكون حملته الانتخابية الأكثر تكلفة على مستوى الكويت من المحيط إلى الخليج، وأظنه سيقوم بعمل عرض عسكري، وسيُسقط طائرتين للعدو، وسيحتل البحر الكاريبي، وسيتعامل مع الأسرى كما تنص معاهدات جنيف. والدويلة نحبه لأنه «حبة الفراولة» المزهوّة فوق كيكة الأوضاع.
هنا الكويت والحاضر يعلم الغايب، حيث الغيرة من الدويلة تمزق قلب المرشح علي الراشد، وحيث التنافس الشديد بينهما على رئاسة قسم «الدفاع عن الحكومة»، لأسباب لا يعلمها إلا رب الأرباب، الرازق الوهاب.
هنا الكويت، حيث ينوي عبدالواحد العوضي وبكل ثقة ترشيح نفسه من جديد بعد «عملته السوداء» في اللجنة المالية، وقد ينجح لأنه «حكيم» كما تشيع الحكومة وكتّابها، والحكمة هي كتابة البراشيم وترديد الترانيم. هنا الكويت، حيث بلعوم النائب السابق سعد الخنفور مازال في كرتونه، شد بلاده، محفوظا في مخازن الميناء، ثالث مخزن على إيدك اليسار وأنت داش من البوابة.
هنا الكويت، أو هنا الدائرة الخامسة، حيث سرت شائعات مريضة تزعم أن جابر المحيلبي وعبدالله راعي الفحماء وفهد اللميع ومحمد العبيد ومحمد هادي الحويلة وعصام الدبوس كانوا أعضاء في المجلس السابق، ويجري الآن التأكد من مرض الشائعات.
هنا الكويت، أو هنا الدائرة الثانية، حيث تتصارع حقول النفط، جاسم الخرافي، ومحمد الصقر، ومرزوق الغانم، وخالد السلطان، وهيثم الشايع، ومحمد المطير، ووو. ولو انتقل أي حقل منها إلى أي دائرة لضمن المركز الأول. لذا ولغير ذا يحقد أهالي خيطان على أهالي الصليبيخات ويسبون الجغرافيا ومخططي المدن ومقسّمي الدوائر، لأن «الحقول» تطرح طرحا ثريا جدا وذا قيمة، ومن جاور السعيد يسعد ومن جاور الحقل يحقل «ملو شليله مرتين».
هنا الكويت، حيث الحكومة الجلي، إن برّدتها جمدت وإن سخّنتها ساحت. هنا الكويت حيث الشعب الذي اقتنع جزء كبير منه بأن المسؤولية تتقاسمها الحكومة والمجلس، ولأن للذكر مثل حظ الأنثيين، فللحكومة ثلث وللمجلس ثلثان. وحدووووه.
واخا أسيدي، إن أردتم كلمة عاقلة من رأس مجنون فاحرصوا على تشكيلة البرلمان مرة وتشكيلة الحكومة ورئاستها أربعاً وعشرين مرة، فالعلة هناك لا هنا، أو «ابركوا وديروها في يد الله»، كما يقول المغاربة، واكتفوا عن النهضة بالتيمم والمسح على الوجه وظاهر الكفين والقدمين.