محمد الوشيحي

واخا… ابركوا

هنا الكويت، حيث لا يحتاج كتّاب الزوايا إلى الجلوس في البلكونة المطلة على الحديقة أو التمشّي على البحر وضم الأيدي خلف الظهر بحثا عن موضوع أو فكرة مقالة. هنا الكويت، حيث فائض الأفكار، وفائض الأحداث، وفائض الأحزان (وهو الفائض الوحيد الذي يحتقر فائض الأموال العامة وينثر عليه ماي الغسيل من فوق). هنا الكويت حيث لا حل أمام أصحاب الزوايا والأعمدة الرومانية لمتابعة الأحداث اليومية، إلا بالكتابة سبع مرات يوميا إحداهن بالتراب.

هنا الكويت والأجر على الله، حيث ناصر الدويلة هو رجل المرحلة، الذي ستكون حملته الانتخابية الأكثر تكلفة على مستوى الكويت من المحيط إلى الخليج، وأظنه سيقوم بعمل عرض عسكري، وسيُسقط طائرتين للعدو، وسيحتل البحر الكاريبي، وسيتعامل مع الأسرى كما تنص معاهدات جنيف. والدويلة نحبه لأنه «حبة الفراولة» المزهوّة فوق كيكة الأوضاع.

هنا الكويت والحاضر يعلم الغايب، حيث الغيرة من الدويلة تمزق قلب المرشح علي الراشد، وحيث التنافس الشديد بينهما على رئاسة قسم «الدفاع عن الحكومة»، لأسباب لا يعلمها إلا رب الأرباب، الرازق الوهاب.

هنا الكويت، حيث ينوي عبدالواحد العوضي وبكل ثقة ترشيح نفسه من جديد بعد «عملته السوداء» في اللجنة المالية، وقد ينجح لأنه «حكيم» كما تشيع الحكومة وكتّابها، والحكمة هي كتابة البراشيم وترديد الترانيم. هنا الكويت، حيث بلعوم النائب السابق سعد الخنفور مازال في كرتونه، شد بلاده، محفوظا في مخازن الميناء، ثالث مخزن على إيدك اليسار وأنت داش من البوابة.

هنا الكويت، أو هنا الدائرة الخامسة، حيث سرت شائعات مريضة تزعم أن جابر المحيلبي وعبدالله راعي الفحماء وفهد اللميع ومحمد العبيد ومحمد هادي الحويلة وعصام الدبوس كانوا أعضاء في المجلس السابق، ويجري الآن التأكد من مرض الشائعات.

هنا الكويت، أو هنا الدائرة الثانية، حيث تتصارع حقول النفط، جاسم الخرافي، ومحمد الصقر، ومرزوق الغانم، وخالد السلطان، وهيثم الشايع، ومحمد المطير، ووو. ولو انتقل أي حقل منها إلى أي دائرة لضمن المركز الأول. لذا ولغير ذا يحقد أهالي خيطان على أهالي الصليبيخات ويسبون الجغرافيا ومخططي المدن ومقسّمي الدوائر، لأن «الحقول» تطرح طرحا ثريا جدا وذا قيمة، ومن جاور السعيد يسعد ومن جاور الحقل يحقل «ملو شليله مرتين».

هنا الكويت، حيث الحكومة الجلي، إن برّدتها جمدت وإن سخّنتها ساحت. هنا الكويت حيث الشعب الذي اقتنع جزء كبير منه بأن المسؤولية تتقاسمها الحكومة والمجلس، ولأن للذكر مثل حظ الأنثيين، فللحكومة ثلث وللمجلس ثلثان. وحدووووه.

واخا أسيدي، إن أردتم كلمة عاقلة من رأس مجنون فاحرصوا على تشكيلة البرلمان مرة وتشكيلة الحكومة ورئاستها أربعاً وعشرين مرة، فالعلة هناك لا هنا، أو «ابركوا وديروها في يد الله»، كما يقول المغاربة، واكتفوا عن النهضة بالتيمم والمسح على الوجه وظاهر الكفين والقدمين.

سامي النصف

الوزير الجديد

إذا كان النائب هو خيار الشعب ومن ثم صعوبة التحكم في ذلك الخيار، فإن‍ الوزير هو الاختيار الاسهل متى ما اجتهدنا في اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب للحقبة المناسبة، وهو بالمقابل الاختيار الاكثر كلفة متى ما اعتمدنا على معادلة وزير الديوانية أو الصداقة الشخصية غير عابئين بكلفة ذلك الاختيار الخاطئ على البلد وهيبة السلطة.

والوزير الجديد المكمل للناخب الجديد والنائب الجديد والمستحق لحقبة الكويت الجديدة التي نأمل أن تنأى ببلدنا عن المخاطر الامنية الخارجية وتداعيات الازمة الاقتصادية غير المسبوقة في الداخل، له ـ بالقطع ـ مواصفات قد تختلف كثيرا عن مواصفات بعض من جربناهم في السابق.

فالاختيار الجديد للوزير الجديد يجب ان يقوم على الذكاء والكفاءة والامانة، وهناك، بعكس ما يقال ويشاع، الكثيرون ممن يمتازون بتلك الصفات ومن أذهلوا حتى الاجانب في افكارهم وقدراتهم، واسألوا عما قاله الرئيس والمستشار توني بلير في قدرات من التقاهم من شباب ورجال الكويت في بعض الدواوين، ان عملية البحث عن الوزراء يجب ان تبدأ منذ الآن لا بعد ظهور النتائج مع عدم الاخلال بمبدأ التشاور آنذاك.

الوزير الجديد ونعني بالمفهوم الجديد هو اضافة للحكومة التي هو عضو فيها وللوزارة التي يتقلد مسؤوليتها لا عالة على الاثنتين، وضمن ذلك المفهوم ان يبدأ المسؤول بإظهار ابداعه وكفاءته، باختياراته الجيدة لأطقم وزارته، لا ان يعتمد على المحسوبية في تلك الاختيارات، ان احد اسباب حنق بعض الناس الدائم على الحكومة لا يختص بسياستها العامة وشخوصها بل انعكاس لما يراه المواطنون من فساد وترهل اداري في الوزارات والمؤسسات الحكومية، لذا فأول مهام وزراء الحكومة الجديدة القادمة هو القيام بعمليات تطهير وارتقاء بالاداء الاداري العام.

والوزير بالمفهوم الجديد هو عضو فاعل في الرأي والمشورة ضمن مستودع عقول مجلس الوزراء، فينبه لأوجه القصور في المواقف والقرارات التي ستتسبب في احراج الحكومة والدولة عند صدورها أو النكوص عنها، كما انه حافظ لأسرارها مؤمن بالتضامن مع زملائه الوزراء وليس عاملا على احراجهم اعتقادا منه ان هذا ما سيرفع مقامه ويحسن من صورته.

ولا يكتفي الوزير الجديد بأن يساهم في الاعلان عن مشاريع وزارته، بل عليه ان يدافع ويسوّق لتلك المشاريع بشكل دائم ومتواصل في وسائط الاعلام كما هو الحال في جميع الديموقراطيات الاخرى المتقدمة منها والمتخلفة، فهذا لقاء في الصباح مع التلفزيون وظهرا مع الاذاعة ومساء مع الصحافة أو ضمن البرامج الحوارية بعيدا عن الاعتقاد الخاطئ ان تلك هي مسؤولية «الناطق الرسمي» للحكومة، أي ايجاد شخص خارق يدافع عن أعمال كل الوزراء ويشرح أعمال ومشاريع كل الوزارات.