علي محمود خاجه

نريد المعارضة

هناك مَن يريد أن يتناسى عن عمد، وهناك «بكل شك» مَن يجهل، والاثنان مقتنعان بأن مجلس الأمة هو سبب رئيسي وكبير في انحدار هذا البلد، بل أكاد أجزم بأن كل المهتمين أو حتى غير المكترثين بالشأن السياسي الكويتي على قناعة بسوء أداء المجلس الأخير، والذي سبقه على وجه التحديد، وهو أمر له سبب بلا شك.

على مر سنين الكويت وقبل الدستور وقبل الديمقراطية الموثقة بين الحاكم والمحكوم، كانت قوى المعارضة، من أجل تصحيح ما تراه خاطئاً، موجودة في الكويت، حتى باتت هذه المعارضة، المتعايشة بسلم مع الحكم، سمة من سمات الكويت التي تميزها عن بقية الدول المحيطة.

وبكل تأكيد فإن هذه المعارضة لم تكن مصيبة على الدوام، ولكنها وُجدت لمعرفة الرأي الآخر، وعلى الرغم مما قاسته هذه المعارضة من غبن وظلم من قبل الحكم في بعض الفترات الماضية، فإنها لم تَحِدْ عن مسارها أبداً، بمعنى أنها التزمت وارتضت أن يكون الحوار هو العنوان، رغم توافر فرص عدة لها عبر التاريخ لبسط سيطرتها ونفوذها.

وعلى الرغم من تلك المعارضة السلمية، فإن بعض أفراد السلطة لم يعجبه هذا الحال، فلجأ إلى أسوأ الطرق للتخلص منها بدءاً بالتعذيب والإعدام، مروراً بالتزوير وتهجين الهوية الكويتية وتقوية مَن لا يستحق حتى أن يعيش بيننا.

وها نحن كلنا اليوم نعيش ألما حاضرا غرسته السلطة في الماضي، فمَن هجَّن المجتمع الكويتي بجمع من الأميين ليضمن الولاء، وغذّى هذا الجمع بتعليم أمّي طائش، رسّخ في الأنفس التعصب ونبذ الآخر وطمس كل ما خُطّ في الدستور، ها هو يجعلنا اليوم نعيش مر ما صنعته الأيدي سابقا. ومَن تحالف مع قوى الشر المتسترة بالدين، وجعل من الإنسان الكويتي مسخاً يسير حسب نصوص لا نعلم عنها شيئا، فيكفي أي امرئ اليوم أن يقول روى فلان ليتحقق مبتغاه.

يجب أن نشير إلى الأسباب قبل المعالجة، فمن دون الاعتراف لن نثق بنوايا مزعومة بالإصلاح، لقد جرّبت السلطة كل شيء في الماضي إلا التعاون مع ما أسمته بالمعارضة، ولم تحقق التجارب السابقة سوى التراجع والتقهقر للوراء أكثر فأكثر، لن ينفع اليوم أن تهجِّنوا المجتمع بالمزيد من الأميين، فلقد أصبحت لدينا القدرة على تصديرهم، ولن ينفع أن تتحالفوا مع القوى المسماة بالدينية فلم يبق شيء أكثر تستطيعون تحمله من تزمتهم، اتجهوا إلى القوى الوطنية المدنية، وانظروا الى كل شأن تولته تلك القوى في الكويت وكيف صنعت منه معلماً للوطن.

خارج نطاق التغطية

من يذهب لاستخراج رخصة قيادة يخضع لاختبار نظري وعملي… الاختبار العملي تحديدا هو على سيارة «جير أوتوماتيك»، لم أجد لها في مخزوني اللغوي مرادفاً بالعربية، وإذا ما نجح الفرد في الاختبار يحصل على إجازة قيادة لا تتضمن أي معلومة إن كان صاحب الرخصة يجيد قيادة السيارات ذات الـ «جير العادي» أم لا، وهو أمر قد يسبب حوادث ومشاكل مرورية أكثر، ومنا الى وزارة الداخلية.

سامي النصف

النائب الجديد

الكويت الجديدة في حاجة لنوعية جديدة من النواب، لنواب يهرفون بما يعلمون، فلا يتحدثون ولا يتخذون المواقف إلا بعد أن يثقفوا أنفسهم بأول أبجديات العمل السياسي والبرلماني، نواب يعلمون ان سبب وصولهم للكراسي الخضراء هو تعمير البلاد لا تدميرها، والدفع بعجلة التنمية إلى الأمام لا تعطيلها.

نواب جدد بأفكار ومفاهيم جديدة تمنعهم من بيع ضمائرهم في أسواق النخاسة طمعا في ملء الجيوب، ولا يحددون مواقفهم السياسية تبعا للفزعة الجاهلية وجريا خلف مقولة «مع الخيل يا شقرا» بل يضعون مصلحة الكويت ومستقبلها على رأس سلم أولوياتهم لا آخرها.

نواب جدد أمناء أذكياء أكفاء يعلمون أن الكراسي زائلة والسمعة الطيبة باقية وأن التاريخ لا يرحم وذاكرة الناخبين قوية، فكم من اسم كبير أصغرته تصرفاته بعد انتخابه، وكم من اسم صغير أكبرته مواقفه التقية النقية عند الشدائد وفي الملمات بعد نجاحه.

نواب جدد يعلمون أن أسوأ ما يمكن للنائب عمله هو أن يضع إعادة الانتخاب وخدمة الذات هدفا أسمى له فيحاول الخداع واللعب على كل الحبال وتبني كل المواقف للوصول له، فورقة تمرر لهذا وموقف مضاد يهمس به لذاك، وكلمة تلقى أمام الأضواء، وموقف معاكس لها يتخذ بعد أن تطفأ، فالمهم إعادة الانتخاب ولا تهم الوسيلة.

نواب جدد لا يعارضون للمعارضة وادعاء البطولة الزائفة في بلد لا يخاف فيه أحد من أحد بل يعارضون إن شهدوا ما يستحق المعارضة، ويدعمون إن وجدوا أن مصلحة البلاد والعباد تقتضي ذلك خاصة فيما يخص مشاريع التنمية ومقترحات إنقاذ البلاد من الكوارث الاقتصادية القادمة، نواب جدد لا يتغنون بإطلاق التعليقات والتشنيعات الصبيانية على القضايا المصيرية بقصد تحريض العامة عليها بل يدعمونها ثم يملكون الشجاعة الأدبية لشرح مواقفهم الصائبة للناخبين في المنتديات والدواوين.

نواب جدد يقودون الشارع لمصلحته لا أن يسمحوا له بأن يقودهم للدمار، نواب يحترمون القوانين المرعية لا أن يتسابقوا على اختراقها وتجاوزها، نواب يحفظون كرامتهم وكرامة الناخبين عبر رفضهم للواسطة ودعوتهم للمساواة بين الجميع، نواب لا يجعلون الاستجواب خيارهم الأول بل الأخير حفاظا على مصالح البلاد العليا ولا يفخرون بكثرة ما قدموا من استجوابات بل ما قدموا من اقتراحات.

نواب جدد لا يرتضون أن يقدموا أي ولاء آخر على ولائهم لوطنهم وشعبهم وناخبيهم، فإن تحدثوا وضعوا الكويت نصب أعينهم، وإن صوتوا جعلوا مستقبلها هو ديدنهم، وإن اقترحوا أو شرّعوا كان الوطن ولا غير الوطن ومصلحته هو من يسيّرهم.

احمد الصراف

«سوات» قبلة الحائرين

سيطرت حركة طالبان، فرع باكستان، على مقاطعة «سوات» المتاخمة لافغانستان. وسمحت لها الحكومة بالتمتع بحكم شبه ذاتي في تلك المنطقة الوعرة والنائية والتي يصعب الوصول اليها. وبسبب رغبة الحكومة الضعيفة في اسلام اباد في ارضاء جميع الاطراف، وعند حكومتهم وعندنا خير، تنازلت السلطة المركزية عن غالبية صلاحياتها لتلك الحركة، وهنا قامت هذه بهدم كامل مباني 225 مدرسة بنات وساوتها بالارض، لكي تجعل من الصعب جدا عودة نظام تدريس الفتيات الى المقاطعة في حال انتزاع السلطة منها. كما قام «رجالها» باغلاق وحرق جميع محال الحلاقة الرجالية والغاء المهنة من القاموس التجاري، وباشروا بتوقيع عقوبة الجلد علنا على اصحاب تلك المحال والعاملين فيها، او بمن يحترف تلك المهنة مستقبلا. كما حرقوا جميع مباني ومحتويات المحال المتخصصة ببيع الاشرطة والآلات الموسيقية وحتى الاجهزة الكهربائية المتعلقة بالصوت والصورة. وفرضوا على الاناث، ومن اي عمر كن، ارتداء البرقع الكثيف والسميك الذي لا يظهر من المرأة شيئا، ومنعهن من الخروج من منازلهن من دون «محرم»، الا لاسباب قهرية. كما فرضت الحركة اسلوب معيشة على سكان المقاطعة الذين يتجاوز عددهم خمسة ملايين، يتسم بالشدة والغلظة، ومنحت شرطة الاخلاق صلاحيات ضرب كل من يشك في تصرفاته، وهذا خولهم حق توقيع عقوبة الاعدام بعشرات المطربين والراقصين من الجنسين وبمن يشك في اخلاقهم او سلوكهم الانثوي او الذكوري المغاير لجنسهم، او جنسهن، المدون في بطاقات هوياتهم، او هوياتهن، وكل ذلك من دون محاكمة او حتى سؤال بسيط. كما اغلقت دور بيع الكتب والمجلات، بالرغم من قلتها، وصودرت الكتب من مكتبات مدارس الذكور واحرقت.
ومنع الاطباء من الرجال، وبأوامر مشددة، من فحص او تقديم العلاج للمرضى من الاناث. وهذا يعني ان الغالبية الكاسحة من النساء لن يكون بمقدورهن تلقي اي نوع من العلاج الذي يتطلب الفحص الجسدي بسبب ندرة الطبيبات الاناث، يحدث ذلك بالرغم من الوضع الصحي السيىء الذي تشكو منه المرأة الباكستانية في تلك المناطق اصلا، وهذا يعني ببساطة زيادة معدل الوفيات بينهن مستقبلا، خاصة انهن حرمن من تلقي التعليم، ولو البدائي منه!!
كما فرض على جميع البالغين من الرجال اطلاق لحاهم واستخدام المسواك ونبذ الملابس الغربية، او الغريبة. واصبح حضور الصلاة امرا بالغ الاهمية بحيث تخلو في اوقات ادائها شوارع المدينة من البشر تماما، وللشرطة، التي لا تصلي، حق توقيع العقوبة على كل من يشاهد متسكعا في الشارع وقت الصلوات!!
ولو افترضنا ان الحال في تلك المقاطعة الفقيرة والنائية استمر لعقدين او ثلاثة قادمة بمثل هذا الشكل، فما الوضع المثالي الذي يتوخى حكام المنطقة بلوغه في ظل مثل هذه الاحكام التي تعود الى القرون الوسطى؟ هل ستتحول «سوات» الى قبلة المؤمنين، وليس فيها فندق واحد من نجمتين؟ ام ستصبح جنة السائحين وليس فيها ما يكفي اهلها من طعام؟ ام ان كل هذا لا يهم طالما اعتقد الفرد منهم انه ليس بحاجة الى العالم اجمع متى ما اقتنع انه ادى ما عليه من واجبات؟ فإن كانت هناك اي فائدة ترجى من اسلوب وطريقة المعيشة هذين فليعلمونا بها وسنكون لهم من التابعين!!

أحمد الصراف