محمد الوشيحي

عذراً… يمّه وضحة

والفرس ومربط الفرس وعنانها والجوكي كلهم في يد الحكومة، ونحن الشعب نقسم أوقاتنا ما بين شوية لعن ظلام على شوية إشعال شموع، إلى أن خلت الأسواق من الشموع، وأضحت نادرة كتصريحات الحكومة.

الكويت اليوم مهزومة، وبالرب أقسم على أن هذه الجملة ليست مبالغة ولا تشبيها ولا كناية، هي هكذا حرف ومعنى، مبتدأ وخبر، «الكويت مهزومة»، بسبب حكوماتها المتعاقبة، لا دخل للبرلمان ولا للشعب في الهزيمة، صدقوني، مهما أشاع حسنو النية وملعونو الخيّر. الكويت مهزومة، والحكومة -قائد الجيش المهزوم- ليست ببجاحة جمال عبدالناصر في 56 ولا «حزب الله» في 2006 ولا «حماس» في 2008 لتعلن انتصارها. هي انتهجت المصداقية وأعلنت الهزيمة، لكنها حمّلت المسؤولية للغبار والطوز! خربط بربط ضب اضبابة الليلة بلاغة بلغت اندر.

يا صاحبي الظمآن، لا تتلفت بعيدا بحثا عن أجوبة لأسئلتك، الأسئلة كلها والأجوبة في يد الحكومة، وإذا لم تقُدْنا حكومة فولاذية فسينتشر الشينكو وستتساقط الأعمدة، وإنْ لم تغير الحكومة خططها البالية فستفنى الكويت عن بكرتها ومغزلها، وما لم يتقدم صفوف الحكومة من يخاف الله ويخشانا في الحق فستبلى الملابس السوداء على أجساد نسائنا. فهل آن لنسائنا ارتداء الوردي ومتابعة آخر صرعات الموضة، أم توّ الناس يا قمرنا؟

وأنا مثلك، أمقت مقالات الخطب كمقتي لأنانية كتّاب السلطة وجشعهم – الذين يكتب أحدهم مقالته، وقبل أن يرسلها إلى الصحيفة يرسلها إلى هناك وينتظر الـ«لا مانع» ثم يتصل على البنك ليسأل عن آخر ست عمليات – لكن كي لا ينسى البعض، اقتضى التنويه ورفعُ السبابة: الكويت أكبر من الأسماء كلها، كلها دون استثناء. الكويت أكبر من أي مسؤول يرفض صعود المنصة. الكويت أهم من تراتبية أبناء الأسرة الحاكمة، وسياسة «الكبير أحق من الصغير» كما كانت جدتي وضحة رحمها الله تردد. الكويت أكبر من حكومة تتعالى على الناس وترفض تخصيص ساعة يتيمة في الأسبوع لتخرج إليهم في وسائل الإعلام وتحدثهم في شؤونهم. الكويت أكبر من البشوت الجوفاء.

أكتب هذا قبل أن أعرف مَن سيرأس الحكومة ومن سينضم إليها، لكنني أعرف أن الكويت أهم من هؤلاء كلهم وأكبر، مهما كانت بيانات بطاقاتهم المدنية، لذا اقتضى التنويه.

***

في زحمة تنويهاتي، لا أريد أن أنسى الخطاب الذي أرسله رئيس الفتوى والتشريع الشيخ محمد محمد السلمان الصباح، موضحا فيه أن «إدارة الفتوى والتشريع التابعة لمجلس الوزراء لم تحضر اجتماع اللجنة المالية، كما ذكرت أنا في مقالتي «اللي اختشوا ماتوا».

فعلا، كلام الشيخ محمد صحيح، والجهة التي حضرت الاجتماع هي «إدارة الإفتاء» التابعة لوزارة الأوقاف. لذا اقتضى التنويه والاعتذار… والشكر.

سامي النصف

اختلفنا فتخلفنا

لو حللنا عبر رؤية موضوعية سبب كل أزماتنا السياسية وإشكالاتنا الاقتصادية وعرقلة قضايانا التنموية، وتخلف بلدنا الملحوظ في أمور الصحة والتنمية والبيئة والتعليم والرياضة والفنون وغيرها، لأشرنا بأصابع الاتهام لسبب واحد هو اختلافاتنا وصراعاتنا غير المبررة وغير المفهومة والتي ادت في النهاية لذلك التخلف.

فهل هناك حقا سبب جوهري لاختلاف وتناحر أبناء الأسرة الحاكمة حتى وصلوا للإضرار بهيبتهم وهيبة السلطة التي في غيابها تتدمر البلدان؟! وهل هناك بالمقابل ما يبرر هذا التناحر والاختلاف الشديد الذي جعلنا «طماشة» للعالم اجمع بين الحكومة وبين بعض النواب او الكتل ضمن مجتمع اصطلح على تسميته بمجتمع «الأسرة الواحدة» ؟!

وهل هناك كذلك ما يبرر الخلاف والاختلاف بين طوائف وشرائح المجتمع الكويتي من سنة وشيعة وحضر وبادية وقبائل وعوائل ممن عاشوا ومازالوا اخوة متعاضدين متحابين وهو ما رأيته رؤية العين المجردة هذه الأيام ضمن أنشطة الملتقى الكويتي ـ الأردني، حيث تسابق الجميع لرفع اسم الكويت امام الأشقاء الأردنيين، فعلى ماذا يدل تلاقينا خارج الكويت واختلافنا الشديد داخلها؟!

وهل هناك مبرر لدعاوى الاختلاف المناطقي المزعوم بين اهل الداخل واهل الخارج، او جنوب الدائري الخامس وشماله (!) في بلد لا يزيد امتداده الحضري والعمراني على 30 كم شمالا و30 كم جنوبا، وهو أصغر ـ للعلم ـ كثيرا من امتداد كثير من المدن الخليجية والعربية والدولية؟!

لقد اختلفنا فتخلفنا واظهرنا للملأ اننا لسنا جديرين بديموقراطية خلقها آباء حكماء مؤسسون ارادوا لها ان تجمعنا حكاما ومحكومين وتساوينا كمواطنين، فأبى البعض منا الا ان يحولها الى اداة تحريض وفرقة وصراع دائم لا ينتهي، وقد حان الوقت لأن يتوقف الخلاف وان تسود فترة هدوء تام قد تعاد خلالها القاطرات التي تناثرت يمينا وشمالا الى السكة التي ستنقلنا جميعا الى مستقبل مشرق تبدد شمسه حقبة الظلام الدامس التي صنعناها بأيدينا وارتضيناها لأنفسنا عبر اختياراتنا السياسية الخاطئة.

آخر محطة:

فليكرمونا بصمتهم من خاطروا بمستقبل بلدنا ومصير اجيالنا المقبلة وتسببوا في تخلفنا وجعلنا المثال السيئ في الحمق وقلة «الدبرة» بين الأمم عبر الأزمات الغبية والمضحكة التي اختلقوها، نقول لهم لقد طفح كيل الناس وليس هناك من يود العودة الى الوضع السابق حيث الأزمات التي تلد أزمات. حتى لا نكرر التجربة السابقة نحتاج للجنة من حكماء الكويت لإصلاح ما بين الفرقاء وإلا فسنرجع سريعا إلى ما كنا عليه.

احمد الصراف

دعوة باقر والمنطق

دعا السيد أحمد باقر، وزير التجارة والصناعة الكويتي السابق، المنظمات الحقوقية العالمية، ومنها منظمة العفو الدولية، إلى ضرورة احترام خصوصية الشعوب الدينية والثقافية والاجتماعية. وطالبها بعدم فرض هويتها على أحد. جاء تصريح باقر تعقيبا على اتهام منظمة العفو للكويت بالتمييز ضد المرأة وافتقار العمالة المنزلية للحماية، معربا عن أسفه لموقفها (!!!)
أولاً وزير التجارة لا يحق له، حتى بصفته وزيرا لشؤون مجلس الأمة، التصريح بمثل هذا الكلام. فهذا من حق وزير الشؤون أو العدل! وكونه ممثلا للحركة السلفية في الحكومة «المستقيلة» لا يعطيه الحق في التصريح كيف يشاء، فمنظمة العفو، كما يشير اسمها، منظمة دولية غير حكومية ولا تنطق بالتالي باسم أي دولة أو نظام محدد، بل هي تنطلق من مبادئ ومواثيق حقوق الإنسان التي تخولها مراقبة حكومات العالم وحسن تطبيقها للمواثيق الدولية المتعلقة بالبشر، ونشر تقاريرها. ولو أخذت المنظمات الدولية بوجهة نظر الوزير باقر ومنطقه وقررت احترام خصوصية الكويت الدينية والثقافية والاجتماعية، وسمحت لها بالتعامل كيف تشاء مع الخدم والعمالة الهامشية والاستمرار في التمييز ضد المرأة في العمل والراتب والحضانة وغير ذلك، فإن هذا سيدفع دولا أخرى لأن تطالب المنظمة الدولية بالمعاملة بالمثل. وقد تتقدم دول أخرى وتطالب باستثنائها من أمور مخالفة أخرى، وهذا سيفرق هذه المواثيق من مضامينها وتنتفي الفائدة منها تماما. فهذه الاتفاقية، لم توضع إلا لتوحيد التعامل الدولي مع القضايا الشائكة، ولو ترك الباب للاستثناءات لما وجد شيء يمكن الاتفاق عليه.
على الوزير باقر أن يعترف، ولو أنه غير مجبر على ذلك، بكونه ليس الطرف المخول بالحديث عن مثل هذه الأمور، وبأن الكثيرين من شعوبنا قساة جلاف، وحتى مجرمون في التعامل مع العمالة المنزلية، وسجلات المخافر ونسب حوادث الانتحار المتزايدة وقضايا هتك العرض والضرب التي يتعرض لها خدم المنازل ومن في حكمهم، أكثر من أن يتم حصرها والتستر عليها بتصريح أو تهويل فارغ.
أما حقوق المرأة فحدث ولا حرج، ولا أعتقد ان السيد باقر بالذات، مخول بالحديث عن حقوق المرأة أو الادعاء بأن وضعها في الكويت حالة استثنائية وليست بالتالي بحاجة الى من يدافع عنها.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

«الخفاش» الأعور… والأصم خلاف خلقته!

 

وفقا لما تعلمناه منذ الصغر في مناهج العلوم، وما شاهدناه ونحن صغار في بعض البرامج التلفزيونية، فإن «الخفاش»، وإن كانت له عينان، لكنه يعتمد على الذبذبات الصوتية التي يصدرها وارتداد موجاتها في حركته وهجومه، لكن «الخفاش» الذي ابتليت به شخصيا، أعور، وفي ذات الوقت… أصم خلاف فطرته التي خلقه الله عليها؟!

لكن مشكلتي معه، أنه ما زال يصدر ذبذباته ثم ترتد إليه ليتحرك بغير هدى! فقبل أن أكتب يوم 12 مارس/ آذار الجاري في هذه الزاوية عمودا بعنوان: «فقأنا عين الخفاش»، كان أحد المجهولين يمطرني بالاتصالات الهاتفية في أوقات مختلفة، فمرة من بقالة، وأخرى من مطعم وثالثة من محطة بنزين أو من هاتف عمومي مدعيا أنه يريد أن يوصل صوته إلى المسئولين في «الوسط» ليكفوا عن الترويج للإرهاب والتخريب والحرق والاعتداءات، والنظر بعين الاهتمام إلى البيان الصادر من إحدى الجمعيات بشأن ازدواجية التعاطي الإعلامي مع حوادث العنف… فرحبت به مؤكدا على أن الطريق الأصح هو أن أقابله وجها لوجه، فمن عادتي ألا أخاطب مجهولين أو أشباح أو خفافيش! بل ولا أميل إلى طرح موضوع يتصل بطرف خفي! ثم ما الذي يمنع؟ كل القنوات المحترمة متاحة، وكلنا نعمل لصالح بلادنا… إن كانت النوايا صادقة وليست من قبيل الكيد المتخفي تحت الشعارات الوطنية.

وللأمانة، وفي ذات يوم نشر العمود، اتصل رئيس الجمعية المقصودة شخصيا، معاتبا تارة، مؤكدا حسن النوايا تارة أخرى، ومرحبا بالعمل معا من أجل المصلحة العامة، فأبلغته أن الصحيفة أيضا ترحب بالمبادرات التي تصب في مصلحة الوطن والمواطنين بالتحاور وتبادل وجهات النظر قبل (وأشدد على قبل) إصدار بيان من الجمعية، فالأبواب مفتوحة، لكنني قصصت عليه قصتي مع «الخفاش الذي فقأنا عينه» بالسمعة الطيبة للصحيفة بين مختلف الأوساط في البلد، فذلك الخفاش يتصل ليشتم ويهدد ويتوعد وليس لديه الشجاعة الكافية ليقول من هو أصلا؟ فأكد رئيس الجمعية أنه ليس من بين أعضائها من لديه هذا السلوك الشائن المتخفي وراء الاتصالات المجهولة، وأنه، أي رئيس الجمعية، يعتز بالعاملين معه، كما يعتز بأسرة «الوسط»، وعلى استعداد للعمل سويا لتقريب وجهات النظر.

لكن مشكلة الخفاش، الأعور والأصم في آن واحد، هي أنه يتمتع بنفس طويل وقدرة خارقة في مواصلة (مساعيه الوطنية المباركة)! لكنه لا يتمتع إطلاقا بشجاعة ولو بنسبة صفر في المئة في أن يظهر للعيان أو على الأقل يتصل من هاتف جوال بدلا من المطاعم والبقالات ومحطات البنزين والهواتف العمومية، بل وليست له الشجاعة لأن يحدد المكان الذي يريده هو للتحاور في الموضوع!فاتصل مجددا مطلقا صرخة مدوية اتبعها بالقول: «هناك خفافيش غيري مسحوا بك البلاط في الإنترنت… تستاهل ومن هذا الوضع وأردى»، فضحكت أنا أيضا وقلت: «لا بأس، فلك ولهم كل الاحترام، ولكن، إظهر وبان عليك الأمان»، فاكتفى بالقول: «سأحول حياتك إلى سواد… راح تشوف».

طبعا أيها الخفاش، أنا الآن (ميت من الخوف)! بل من شدة خوفي، لا تقوى رجلاي على حملي فقد حولت حياتي إلى جحيم لا يطاق… فأنا لا أخرج من البيت وإذا خرجت، استعين بجند مجندة خوفا منك… لكن ما أملكه من شجاعة، يكفيني لأن أعيد على مسامعك ومسامع غيرك: أنني ضد العنف من أي طرف كان… وضد العبث بأمن المجتمع… وضد الظلم والجور بكل أشكاله… وضد الافتراء على الناس… وضد التشكيك في ولاء المواطنين، شيعتهم وسنتهم، وضد تمزيق الوحدة الوطنية… ومع كل مبادرات الحوار واللقاءات مع المسئولين للتباحث في مشاكلنا… وضد… ضد نفسي حين تمنعني من الإستمتاع بمكالماتك الشيقة… فلا تبخل علي اليوم باتصالاتك الجميلة، إن استعدت شيئا من البصر والسمع.

واختتم بالآية الكريمة: «إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا»… صدق الله العلي العظيم.