علي محمود خاجه

الكويت ورويشد والقادسية

تلك الأشياء الثلاثة المحببة لازمتني منذ الصغر، فأنا لا أطيق البعد عن الكويت أكثر من ثلاثة أسابيع كأقصى تقدير، ولا يرى النور ألبوم للرويشد إلا أكون في شارع بن خلدون أنتظر صدوره، ولا تفوتني مباراة للقادسية سواء كانت في الجهراء أو الفحيحيل أو الفروانية، إلا في حالات نادرة جدا.

مشكلة عبدالله رويشد أنه لا يقدّر إمكانات صوته جيداً، فحنجرة ذهبية «ما شاء الله» مثل حنجرة «بوخالد» بإمكانها أن تتبوأ عرش الطرب العربي بكل جدارة واستحقاق، فرويشد قد يكون الفنان العربي الوحيد الذي يتمتع بما يسمى بالقرار والجواب في الموسيقى بشكل عذب مميز، فهو يستطيع أن يغني بعذوبة رائعة كما هو الأمر في أغنية «صدقيني» وبهدوء لا مثيل له كما في أغنية «تمنى»، وهو متميز بالغناء الشعبي الكويتي كـ«السامري» و«الصوت» و«الحدادي»، ويبدع أيضا في الفن اليمني الجميل والأغاني الطربية بالفصحى، وبالمقام العراقي كذلك، إلا أنه للأسف يحصر إمكاناته الهائلة في نطاق ضيق محدود جداً سواء كان السبب المجاملات أم بعض المحيطين به من الناصحين غير الجيدين، كم أتمنى أن يعي الرويشد ذلك ويتفاداه ليبدع بشكل أكبر.

والقادسية مشكلته الأزلية هي الإدارة، سواء كانت بقيادة قائمة الجميع أو أبناء النادي، فالإدارة الحالية مثلا تملك من المال الكثير «اللهم زد وبارك» وتملك معه قِصَر النظر بشكل أكبر، فموقع النادي في حولي يعطيه فرصاً كبيرة للاستثمار وهو ما تحقق، فمركز سلطان افتتح أخيراً في النادي بالإضافة إلى عمارات ضخمة أعتقد أنها مؤجرة بالكامل، فضلاً عن ميسوري الحال من أعضاء مجلس الإدارة، وعلى الرغم من كل ذلك، فالملاعب القدساوية لا ترقى إلى المستوى المطلوب، بل المحترفون في النادي أيضاً دون المستوى في كل الألعاب، فأنا أعتقد أنه يوجد أكثر من خمسين شابا كويتيا ممن يلعبون في الساحات العامة يفوقونهم في القدرات والإمكانات، وهذا يعني أن لدينا كقدساوية غزارةً في الأموال وسوءاً في التخطيط والإدارة.

أما الكويت بسلطتيها التنفيذية والتشريعية، فمشكلتها أنها مزيج بين الرويشد والإدارة القدساوية. بالإضافة إلى بعض أصحاب اللحى الذين هم أسوأ بلا أدنى شك من مشاكل رويشد والقادسية معاً.

خارج نطاق التغطية:

كم هو جميل أن نجد بعض الأثرياء الكويتيين في قائمة أغنى أغنياء العالم، وما هو أجمل هو أن ينهي أحد هؤلاء الأثرياء العالميين مشاريعه المعطلة في الكويت، كاستاد جابر المقرر إنهاؤه في أكتوبر 2006 ولم ينته إلى مارس 2009.

سامي النصف

هل استمعتم للنذير العريان؟!

تخرج الخبير الاقتصادي العالمي د.محمد العريان في جامعة كمبريدج العريقة وحصل على الدكتوراه من جامعة اكسفورد وأدار محفظة جامعة هارفرد لسنوات، كما اصبح مسؤولا عن منطقة الشرق الاوسط في صندوق النقد الدولي، ويعتبر العريان وبحق «عبقريا» في انجازه وادائه وفكره الاقتصادي وقد حضر للكويت قبل مدة وألقى محاضرة عن الاوضاع الاقتصادية وأجاب بعدها عن العديد من الاسئلة مما رسم خارطة طريق واضحة للسبيل الامثل لتقليل اضرار الكارثة القائمة والقادمة.

وبعد ان سلط د.العريان الضوء على اربعة امور بدأت في صيف 2006 وانتهت في منتصف سبتمبر 2008 اي تاريخ سقوط بنك ليمان براذرز رأى ان القضية هي اشبه بأربع انابيب تشفط الاوكسجين من صالة «العالم» ومن ثم فالامر يحتاج الى ضخ الاوكسجين اي السيولة النقدية والثقة في نفوس الناس بالسرعة الممكنة، كما يرى ان المشكلة الحالية غير مسبوقة في التاريخ البشري وان العالم سيمر بمرحلة حرجة جدا العام الحالي، كما سينتهي الامر مستقبلا بنظام اقتصادي جديد تتحول فيه الحكومات من حكم لما يجري الى لاعب فاعل في الملعب، كما ستتغير المفاهيم العامة للبشر من حب حيازة وملكية البيوت والسيارات.. الخ الى التفكير الجدي في الادخار وحماية المستقبل.

لا أعلم كم من النواب الافاضل قد حضر واستمع لتحذير الخبير العالمي د.محمد العريان من الخطورة الشديدة للأوضاع القائمة وتبعيات عدم عمل اي شيء بحجة ان قانون الاستقرار الاقتصادي يقصد منه انقاذ 20 شخصا ! وان كنت اعلم ان الجهل بالعمل السياسي هو الذي دمر اللعبة السياسية في البلد وشوّه صورته عندما اختزل الدستور في مادة حق الاستجواب ونسي المواد الاخرى، كما دمر الجهل بالشأن الاقتصادي مشاريع التنمية العقارية وأوقف B.O.T وتسبب في هجرة المليارات للدول الاخرى.

ان قروض الشركات ومحافظها في البنوك التي اشترتها او عومتها الدول الاخرى وآخرها الشقيقة قطر ستسبب ـ ما لم تعالج ـ إفلاس الشركات العامة والبنوك والدولة معها، فمقابل قروض الشركات المقدرة بالمليارات تم ايداع محافظ اسهم كرهونات فمن اقترض 90 مليون دينار على سبيل المثال سلّم محفظة اسهم بـ 100 مليون دينار لم تعد تساوي بعد تأخر عملية الانقاذ الا 10 ملايين، فإذا لم تتدخل الدولة فستفلس الشركات والبنوك وتبدأ عملية «الجري للبنوك» التي ستكلف الدولة ما يقارب 25 مليار دينار كثمن لضمان الودائع التي لم يكلف الدولة فلسا حتى اليوم.

ان عملية الانقاذ والاستقرار الاقتصادي اهم بآلاف المرات من اي عملية اخرى كونها تؤثر بشكل مباشر على 3 ملايين مواطن ومقيم (لا عشرين شخصا) كما تؤثر في الوقت ذاته على مستقبل البلد وبقاء مؤسساته الاخرى كالتأمينات ومشاريع الاسكان وغيرها، ان من يريد من النواب ان يضع اي تعديلات يراها عليه أن يقبل بعد ذلك بالخيار الديموقراطي المعروف، اي القبول بها او رفضها دون تهديد او وعيد، فقد شبعنا من قوانين ومواقف ظاهرها رحمة وباطنها عذاب، ينطبق عليها المقولة الشهيرة «العملية نجحت ولكن المريض اي الكويت قد مات» ولا حول ولا قوة الا بالله.

آخر محطة:
العزاء الحار لآل الحجرف الكرام وللكويت كافة بوفاة الراحل الكبير المرحوم هيف الحجرف، فللفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان.