محمد الوشيحي

الجهراويون… لا يعيدون الأحذية

الزميل مساعد مدير التحرير سعود العنزي، ذو القلب الوسيم (معذرة بو راشد، كتبت «الزميل الوسيم» ومسحتها بعدما تذكرت أن «حبل الكذب قصير») اقترح علينا، نحن الكتّاب، التعقيب على تعليقات القراء المنشورة في موقع الجريدة، من باب التفاعل مع القارئ.

أثناء حديث أبي راشد تذكرت اللقاء الذي أجراه معي «منتدى الشبكة الوطنية»، أكبر موقع إلكتروني كويتي، وكان ضمن آليات اللقاء «الرد المباشر على أسئلة أعضاء المنتدى مدة ساعتين»، وامتدت الساعتان إلى عشر ساعات، هذا مع الاستعجال. وبسببي أُلغي بند الأسئلة المباشرة نهائيا.

يمينا بالله، سأعُك الدنيا، وأخشى أن تُطلَّق نساء وتترمل أخريات إذا تم الاعتماد عليّ في الكمبيوتر والإنترنت. والزملاء هنا في «الجريدة» يعرفون غشامتي الفاقعة في الكمبيوتر رغم أنني مهندس! لكن هذا لا يمنع متابعتي لأغلبية – أو كل – ما يُكتب عني في الإنترنت واستمتاعي بمعرفة بعض المعلومات عني، التي لم أكن أعرفها من قبل. وقد كتب أحدهم أن «الوشيحي يتعرض للطرد من ديوانيات قبيلته بعد مهاجمته الانتخابات الفرعية»! قرأت ذلك وتذكرت أنني كنت البارحة ضيفا على الشيخ فيصل خالد بن حثلين، وقبلها كنا نفكر في السفر معاً، أنا ومحمد سلمان بن حثلين، وقبلها أيضا وبعدها حاولت وأحاول أن ألبّي أكثر عدد ممكن من الدعوات لزيارة دواوين أبناء العمومة، وأتشرف بذلك. وسرت الإشاعة وتكاثرت ونصحني الربع بالرد والتوضيح فرفضت.

وكتب آخر: «صحافة آخر زمن يكتب فيها الصيّاع، والوشيحي أحد أبناء الشوارع المعروفين في منطقة الجهراء»، وهذا كذب بواح عطره فوّاح، والصحيح أنني «كنت أحد أبناء الشوارع المعروفين في الصباحية العظيمة»، ويبدو أن صاحبنا ضعيف في الجغرافيا. والجهراء زرتها مرة واحدة – أثناء الحقبة الشوارعية – بدعوة كريمة من أحد الأصدقاء للمشاركة في هوشة، وأتذكر أننا عندما وصلنا إلى الجهراء والتقى الجمعان في الموعد والمكان المحددين، وخلال ساعة أو أكثر قليلا، تفرق الأعداء بددا وكانوا أقل منا عددا. وأثناء تقاسمنا الغنائم (أحذية الأعداء)، مرّ بجانبنا ابن عم صاحبي يجري هاربا بأقصى سرعة، وكان سمينا يشار إلى كرشه بالبنان، وقال لنا كلاما لم نفهمه، الله لا يوفقه، وضحكنا على منظر فخذيه أثناء هروبه، ويبدو انه لايزال يجري هاربا إلى اليوم، وخلال دقيقة حلّت الطامة، وكبس علينا الأعداء يرافقهم اخوتهم الكبار (كان متوسط أعمارنا ما بين 12 و 13 سنة، بينما كان الأعداء الجدد على مشارف العشرين من أعمارهم)، وسبحان الله تبدلت الأحوال، وأخذوا هم أحذيتنا غنائم، والأحذية يوم لك ويوم على دماغك، وعدتُ إلى الصباحية مظفرا حافيا أعرجَ بعين زرقاء، لكنني تماسكت، والله على ما أقول شهيد، ولم أبكِ إلا بعدما دخلت البيت.

شطح القلم، وشطحت معه إلى الجهراء، وابتعدت عن موضوع التعليقات والردود عليها. وأظن أنه من باب أولى أن أرد على الإيميلات التي تصل إليَّ، بدلا من أن أكتفي فقط بقراءتها من دون رد، لأن الكثرة تغلب الشجاعة. ثم إننا ككتاب لدينا المساحة لطرح آرائنا فلماذا نزاحم القراء في مساحاتهم؟ ومع ذلك سأحاول أن ألبّي طلب الزميل أبي راشد، وذنبه على جنبه، وسأرد على التعليقات «في حدود موضوع المقالة».

* * *

بعدما دفع الزميل نبيل الفضل آلاف الدنانير تعويضا للنائب مسلم البراك، ضحكت إلى أن انكشف حساب دموعي وأعلنت إفلاسها، وهات يا شماتة على حبيبنا الخارج على القانون نبيل بن فضل، وسرّبت اشاعة بأنه يبيع عفش بيته للوفاء بمبالغ البراك، ثم اتصلت بالنائب البراك مهنئا: «راعي النصيفة سالم يا بوحمود»، ودارت الأيام، وها هو وزير المالية مصطفى الشمالي يرفع ست قضايا على البراك، وهي حادثة تحدث للمرة الأولى في تاريخ الكويت، أن يرفع وزير دعاوى قضائية على زميله النائب وهما متزاملان في البرلمان نفسه!

ولو استشارني النائب البراك لنصحته بأن يجمع الاثنين، الفضل والشمالي، ويطلب من الأول تحويل الغرامات مباشرة إلى الثاني، اختصارا للوقت! ولأن للصاحب على صاحبه حقا، فسأفتح باب المزاد على عفش بيت مسلم البراك: خمسة آلاف دينار… تبيع؟

والأخبار السعيدة لا تأتي فرادى، إذ بلغني أن النائبين عبد الصمد ولاري رفعا دعاوى قضائية ضد الزميل في جريدة «الراي» سعود العصفور، وبما أن أبا عبدالعزيز لا يمتلك بيتا فأنا على استعداد لشراء سيارته على خرابها.

سامي النصف

هل هناك حل غير الحل؟!

نعلم جازمين ان القيادة السياسية في الكويت لا تفضل اللجوء للحل الدستوري، ناهيك عن الحل غير الدستوري، وانه لو كانت هناك عشرة خيارات امامها لوضعت خيار الحل في آخر سلم تلك الاولويات، وهو امر اكده مرة اخرى ما تسرب من اخبار عن لقاء الاسرة الاخير ان الحل كالكي لا يستخدم الا بعد استنفاد كل الخيارات الاخرى، وهنا يأتي دور حكماء وعقلاء المجلس في تقديم الخيارات البديلة.

«السياسة» كما هو معروف هي فن الممكن، وواضح ان عدم وجود عمليات تأهيل سياسي للاعبين تحت قبة المجلس حوّل ذلك التعريف الى النقيض منه، واصبحت اللعبة السياسية في الكويت تدار عبر طلب المستحيل لا الاخذ بالممكن وتوجيه رسائل لكبار المسؤولين مفادها ان اخذتم بهذا الخيار استجوِبتُم وان اخذتم بالثاني استجوِبتُم كذلك!

ان الخيارات المتوافرة للخروج من المأزق الحالي صعبة للغاية، فاستمرار القبول بعمليات الاستقصاد ومحاولة الاذلال يسيء لهيبة السلطة ويهدد باستفحال تلك الظاهرة واستخدامها تباعا من قبل «جميع» النواب الآخرين، فلو عثرت دابة في الوفرة او عطست فرخة في العبدلي لوجب اعلان الاستجواب وتعطيل حال البلد.

وفي المقابل، فخيار الحل الدستوري يحمل في طياته موازنة دقيقة بين الربح والخسارة، ففي جانب الربح سيمكّن الدولة من التقاط الانفاس وتمرير مراسيم الضرورة كما يمكن له ان يرسل رسالة مفادها ان عمليات التأزيم والاستجوابات الكيدية لن تمر دون دفع الثمن في محاولة لجعل الحل الدستوري اداة دافعة للحكمة والتعقل، وعلى الجانب السالب لهذا الخيار هناك احتمال ان يعزف رجال عرف عنهم الهدوء والرزانة، كحال الرئيس جاسم الخرافي وغيره، عن خوض الانتخابات المقبلة.

ويتبقى خيار الحل غير الدستوري وله مؤيدون ومعارضون كذلك، فعلى جانب التأييد يرى البعض ان البلد في حاجة ماسة لفترة هدوء طويلة يحتاجها الشارع السياسي قبل الحكومة ليتم خلالها الدفع بعمليات التنمية لحدودها القصوى في الدولة مع تفعيل دور الاجهزة الرقابية الاهلية والحكومية، ويمكن تبعا لتلك النظرية ان تستغل فترة الحل الطويلة في محاولة تغيير كثير من الثقافات السالبة السائدة المتوارثة قبل العودة للحياة السياسية الطبيعية، فالمهم في نظرهم هو انقاذ السفينة ثم الاختلاف بعد ذلك.

على الجانب الرافض للحل غير الدستوري، يرى البعض ان ذلك الخيار قد يتسبب في خلق مشاكل امنية في الداخل ورفض من الخارج، كما يقول ذلك البعض ان ذلك الحل يهز العقد الاجتماعي القائم بين الحاكم والمحكوم، والمستغرب ان رافضي ذلك الخيار لا يوفرون البدائل لما يجري عدا المقولة المدغدغة الخالدة: ان علاج مشاكل الديموقراطية هو بالمزيد منها، دون تفصيل.

آخر محطة:

من الامور التي تساعد على حلحلة المشاكل القائمة القبول بالاخذ بالخيارات الدستورية المتاحة كتأجيل الاستجواب او احالته للجنة التشريعية او المحكمة الدستورية او اقرار سرية بعض جلسات الاستجواب. سواء كان الحل دستوريا (شهرين) او غير دستوري (سنوات) فلن يتغير من الاوضاع شيء بعد العودة، وسنرجع سريعا لمسارات التوتر والتأزيم ما لم نبدأ في خلق اصلاحات وتشريعات واعراف تمس اسس اللعبة الديموقراطية الكويتية، ولهذا الخيار مقال آخر.

احمد الصراف

يوسف المشاري وصالح الكويتي

مرت في العيدين، الوطني والاستقلال، الأخيرين ذكرى مرور 18 عاما على غياب عدد ممن استشهدوا دفاعا عن أرض الكويت وأهلها أثناء فترة الاحتلال الصدامي. وكان صعبا على النفس ملاحظة كيف نسينا تخليد ذكرى شهداء الوطن من أمثال يوسف المشاري وأحمد قبازرد واسرار القبندي ومبارك فالح النوت ويونس مال الله وغيرهم العشرات، فلا شارع ولا مدرسة ولا لوحة ولا حتى زقاق، في الوقت الذي اطلقنا فيه اسماء العشرات من الإرهابيين والمغمورين والإمعات على اهم الشوارع واكبرها، لا لشيء الا لوجود من يحميهم ويدافع عنهم، او لأن منزل «المرحوم» تصادف وجوده في ذلك الشارع! ولو كان عذر من اختار عدم تخليد ذكرى هؤلاء الشهداء الأبطال، الذين ضحوا بأرواحهم من أجل وطنهم الكويت، هو عدم رغبتهم في احراج اي طرف آخر، او التعرض للقيل والقال لأهالي من توفوا بسبب كبر السن اثناء فترة الاحتلال، فإن هذا كلام مردود عليه، حيث كان ولا يزال من السهل تحديد الفرق بين الشهداء والقتلى والأموات، وذاكرة الكثيرين لا تزال حية وحبلى بأحداث تلك الأشهر السبعة المرعبة!
نجد من جانب آخر، ومع الفارق، ان الذكرى المئوية لميلاد الفنان صالح الكويتي لم تمر من دون احتفال ـ بالرغم من ان وطنه الأول، الكويت، نسيه تماما، وتجاهل وطنه الثاني، العراق، الأمر ذاته. وحدها اسرائيل، وطنه الثالث والأخير، تذكرت المناسبة واحتفلت بها بطريقة لائقة. كما اقيم حفل ساهر كبير في دار «البرت هول» العظيمة في لندن بمناسبة ذكراه المئوية، وعرضت بعض روائع فنه. و أطلقت بلدية تل ابيب اسمه، واسم اخيه، داود، على احد شوارع تل ابيب. وقد كتب تيم فرانك مراسل الـ «بي بي سي» في القدس مقالا بعنوان «موسيقيو العدو»، ذكر فيه ان لافتة جديدة ارتفعت في زاوية شارع في تل ابيب تحمل اسم The kuwaiti Brothers، او الاخوين كويتي، (على وزن الأخوين رحباني). وقال المراسل ان كثيرا من سكان ذلك الحي لم يكونوا سعداء لإطلاق اسم «عربي» الرنين على شارعهم، ولكن بلدية المدينة رأت ان الوقت قد حان لتكريم اثنين من فنانيها المنسيين هاجرا اليها قبل 60 عاما تقريبا.
ولمن لا يعرف فإن الفنانين صالح وداود الكويتي كانا من يهود العراق. وسبق ان عاش والدهما في الكويت، حيث ولدا، واضطر صالح وأخوه داود واسرتاهما الى الهجرة الى إسرائيل عام 1951 بعد ان طردت سلطات العديد من الدول العربية جميع اليهود منها (!!)،
ويقول شلومو، ابن صالح الكويتي، ان والده اسس الموسيقى الوطنية الحديثة في العراق بعد انتقاله اليه من الكويت. وان عائلته اكتسبت اسمها من الكويت واحتفظت به حتى اليوم. وكان حاكم الكويت وقتها يسعد بفنهم، وان والده اطلق اسم «صباح» على ابنه البكر، تيمنا بتلك المحبة والصداقة.
ويضيف شلومو ان خيبة الأمل التي حملها والده وعمه معهما الى إسرائيل استمرت مع رفض الإسرائيليين لموسيقاهم العراقية، لأنها كانت تمثل «موسيقى الأعداء»! وبدلا من ان يقوما بالعزف على المسارح الإسرائيلية اصبحا يعزفان في حفلات الزواج واعياد الميلاد والأعياد اليهودية وسط مجموعة من الرواد اللاهين في الأكل والشرب، من دون اكتراث كبير لعزفهما!
كما صدما بعد فترة بسبب تجاهل مساهمتهما في موسيقى العراق، بعد ان نسبت الحكومات العراقية المتعاقبة الفن العراقي للفولكلور القديم، من دون التطرق الى جهود صالح وداود الكويتي لمجرد انهما يهوديان.
توفي داود عام 1976، اما صالح، والد شلومو، فقد توفي عام 1986.
نقول ذلك، ونضيف ان الأوطان لا تساوي شيئا من دون الإنسان، والإنسان لا يساوي شيئا من غير كرامة واحترام!

أحمد الصراف