محمد الوشيحي

في انتظار القطة

لشدة تسارع الأحداث السياسية هنا، تمنيت لو أنني أستطيع اعتراض طريقها بيديّ ورجليّ وجسمي كما يفعل حراس مرمى كرة اليد، كي أوقفها وأعلق عليها حدثا حدثا. وأخشى الآن أن أكتب عن شيء فتستجد بعد دقائق أحداث أهم وأخطر! والساعة في يدي الآن تشير إلى الرابعة والثلث عصرا، ولا أدري ما الذي سيحدث بعد قليل، هل ستعلن الحكومة الموافقة على صعود الرئيس، أم سيُحل المجلس، أم حامض حلو، أم شربت. كل الاحتمالات مفتوحة بما فيها خيار الشربت. والشربت يقود إلى التهلكة لكنه خيار مستبعد حتى هذه اللحظة… قلعته.

أسراب الشائعات تحلق فوق رؤوسنا وتتوالد وتحجب أشعة الشمس، والحكومة لم تسترد بعد لسانها من القطة الخبيثة، ولايزال البحث عن القطة مستمرا، والحديث يدور عن أن هناك حلا لمجلس الأمة يعقبه «مرسوم ضرورة» بتغيير الدوائر الانتخابية لتصبح عشرا بدلا من خمس! وتغيير الدوائر ضرورة في نظر الحكومة، بينما تطوير الصحة والتعليم والبنية التحتية وغيرها هو «كماليات». والوزراء الشعبيون حالهم من حالنا، على باب الله، ينتظرون تحت أشعة الشمس، و«لا حد عبّرني يا جميل»، والمصيبة بعدما تم تطنيشهم بهذه الصورة أن تأتيهم الأوامر فـ«يدنّقون» ويبصمون على تغيير الدوائر ويبيعون الشعب بالتنزيلات؟ ويا خبر اليوم بفلوس. لكن الذاكرة ستدون الأسماء والمواقف كما حدث في «دواوين الاثنين» التي نشرتها هذه الصحيفة على حلقات. وتقول لي قارئة وهي تضحك: «إذا أصابني الغرور فبسبب جريدتكم وحلقات دواوين الاثنين التي نشرتموها، فأنا ولا فخر ابنة أحد أبطال المناطق الخارجية في تلك الأيام»… افخري يا بنت.

وما يهم الآن هو مواقف النواب والتيارات السياسية، فإذا قبلوا وخاضوا الانتخابات على قانون الدوائر العشر فنحن بصراحة نستحق ما تفعله الحكومة بنا. والنائب الكبير أحمد السعدون يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية، بقدر مكانته في أعين الناس، وعليه أن يقود جبهة الرفض، فقانون كهذا يجب أن يسن في البرلمان لا في أي مكان آخر، وقوانيننا ليست قطعة خام ياباني يفصلها لنا كل رئيس حكومة على ذوقه هو من دون أن يقيس أجسامنا، لنكتشف بعد ذلك أن الدشداشة ضيقة تظهر كروشنا المترهلة، أو قصيرة تظهر سيقاننا وكأننا دراويش مولد السيدة نفيسة.

* * *

انهمرت الرسائل التلفونية والاتصالات عليّ بعد إعلان نتيجة المزاد على الرقم المجنون (55555555) والذي اشتراه سعودي بـ(360) ألف دينار و900 فلس، بعد تحدّ شرس مع مشترٍ قطري. ولم أفهم حكاية التسعمئة فلس هذه.

وكنت قد كتبت مقالة خمّنت فيها أن الرقم هذا سيباع بـ(180) ألف دينار فقط، وجاءني اتصال بعد المزاد مباشرة من السيد مشعل فهد الغانم عضو مجلس إدارة الشركة الكويتية للمزادات العلنية ليقول لي: «معلش يا بو سلمان، الرقم بعناه بضعف توقعك»، وبعده جاءني اتصال من رئيس مجلس إدارة شركة «فيفا» ضاحكا وفي صوته نبرة الفائز عندما يتحدث مع خصمه المهزوم، وقال إنه فكر بالرد على مقالتي السابقة في وقتها لكنه تراجع في انتظار نتيجة المزاد، وشدد على أن المبلغ المتحصل عليه من مجموع المزاد تجاوز الـ(644 ألف دينار) وسيتم التبرع بها كلها لبعض الجهات، مثل جمعية المكفوفين وبيت عبدالله والبيئة وغيرها.

مبروك لشركتي «فيفا» والشركة الكويتية للمزادات العلنية وللزميل المبدع بركات الوقيان، ويحق لكم الشماتة فيني، لكنني على الأقل أهون من صاحبيّ اللذين توقع أحدهما أن يباع بعشرين ألف دينار، في حين توقع الثاني بيعه بخمسين ألف دينار على أقصى تقدير. وجيه فقر… لكن اللافت هو توقع أحد المعلقين على المقالة هنا في «الجريدة» تحت اسم (neo) والذي كتب: «ليس أقل من (250) ألف دينار وسيفوز به خليجي والأغلب من قطر»! يااااه… جنب الخشبة يا لعّيب.

سامي النصف

استجواب تعسفي = حل دستوري

نرجو ان تكون الرسالة المتكررة قد وصلت واتضحت مقاصدها الخيرة ومعانيها وهي ان الاستخدام الجائر والتعسفي لاداة الاستجواب هو امر لن يسمح به وسيقابله في كل مرة استعمال اداة دستورية مشروعة هي الحل الدستوري رغم ما في ذلك من تعب وعناء، الا انه افضل من الشلل الذي يصيب البلد نتيجة لتلك الاستجوابات الجائرة.

وقد لحظنا التعسف في استخدام اداة الاستجواب من اوجه عدة، منها انه اصبح يستخدم كأول الخيارات لا آخرها، كما انه بات يستخدم في قضايا معروضة على السلطة القضائية او يتضمن محاور تمت ابان عمل الحكومات السابقة بعكس ما ينص عليه الدستور، كما شهدنا التهديدات الظالمة المستعجلة باستخدام اداة الاستجواب تجاه وزيري الصحة والتربية قبل حتى معرفة تفاصيل ما حدث.

وما يظهر بشكل قاطع «ازدواجية المعايير والمقاييس» وتفشي الظلم الشديد لدى بعض النواب، تصور ما كان سيحدث لو ان «الورقة الشهيرة» كانت مرسلة من الوزير أو رئيس الوزراء للنائب وليست من النائب للوزير، وما كنا سنراه من تهديد بالثبور وعظائم الامور وطلب استجواب واستقالة وتأزيم للاوضاع وتعطيل للمصالح الوطنية، الا ان الامر تحول بردا وسلاما بعد ان اكتشف ان الفاعل هو احد الاعضاء وليس احد الوزراء.

وما نرجو ان نراه خلال فترة الحل الدستوري اقرار مشروع انقاذ الاقتصاد الوطني الذي لا يحتمل التأخير او التأجيل، كما اوصى بذلك الخبراء الاجانب الزائرون ومعه اقرار مشروع القرض العادل الذي تقدم به بعض النواب كونه جزءا من حزمة تنشيط الاقتصاد التي لا يجوز تعطيلها، وكي يتم القضاء نهائيا على المقترح المجنون بشراء ديون بعض المواطنين، وكأن الدين اصبح جائزة يجب ان يستفرد بمكافأة من قام بها.

وعلى المستوى الشعبي، نرجو منا كناخبين ان نحسن الاختيار هذه المرة، فنركز على المرشح القوي العادل العاقل المتزن الحكيم الذي يطفئ الازمات لا ان يشعلها، ومن يدفع بعمليات التنمية في البلد لا ان يتفنن في تعطيلها، وان نبتعد عن جماعة الدغدغة التي تريد ان تحيل البلد الى ما هو اقرب لـ «شركة تحت التصفية» يجب ان تنهب موجوداتها وتترك على «الحديدة» دون النظر لمصالح اجيالنا المقبلة.

وكنا اول من اظهر خطأ الايمان بأن الدوائر الخمس ستقضي على التخندقات وعمليات شراء الاصوات، كما كان يدعي ذلك بعض مخضرمي المجلس، ومازال ايماننا قائما بأن الدوائر الـ 25 هي النظام الامثل والافضل لو فعّل القانون معها وان كان نظام الدوائر العشر افضل من الدوائر الخمس متى ما اعتمد على التوزيع الجغرافي والتمثيل الشرائحي والنسبي لا العددي للمجتمع الكويتي كما هو الحال في جميع الانظمة الديموقراطية الاخرى.

آخر محطة:

الحل الدستوري سيعدل كفة ترى ان الاستجواب (عرس النائب) هو معادلة فيها ربح دائم للنائب ولا تتسبب له في أي خسارة مما يجعل جميع النواب يتسابقون عليه. تظهر التجارب الماضية ان المجتمع الكويتي يشتهر بحب العناد والمناكفة لذا فإن تسليط بعض وسائط الاعلام للهجوم والاستهزاء ببعض المرشحين لن يسقطهم بل سيدفعهم على الارجح للمراكز الاولى وستتضرر الكويت وعمليات التنمية من تلك النتائج بالتبعية، المرجو اظهار الحقائق بطريقة متزنة وحكيمة ومحترفة وترك الامر للناخب بعد توعيته بتبعات الاختيار حالنا حال الديموقراطيات المتقدمة الاخرى.

احمد الصراف

مركز العوضي والشراح للعلوم الطبية

كتبنا قبل أيام مقالاً عن سوء أحوال ما يسمى بـ«مركز العلوم الطبية»، الذي يدار مشاركة من قبل النائب والوزير السابق عبدالرحمن العوضي، والذي يمتلك ويدير شركات عدة تعمل في مجالات صناعة الأدوية والاجهزة والخدمات الطبية، ومن نائبه في المركز السيد يعقوب الشراح، وكيل وزارة التربية السابق، الذي نتمنى لو وضح لنا تخصصه الوظيفي، وقد سبق أن قمنا بانتقاد مشروعهما الأخير المتعلق باصدار معجم «طبي» مفسر، وأثرنا اسئلة عديدة وملاحظات عليه، وطلبنا من السيد الشراح الرد علينا وتوضيح عدم دقة أو صحة ادعاءاتنا، ولكن يبدو أنهم أذكى من أن يفعلوا ذلك، ولو تقاعست الصحافة عن دورها في كشف الأمور، ودق النفير، فإن الجهة المعنية بالأمر، وهو «مجلس وزراء الصحة العرب»، المفترض ان من واجبه مراقبة أعمال المركز ومحاسبة المشرفين عليه، ان بدر منهم أي تقصير، لا يمكن ان يتحرك ضد إدارة المركز، فالمجلس الوزاري أعجز من ان يفعل شيئا، وما علينا هنا سوى توجيه رسالتنا الى وزير الصحة الكويتي، لعل وعسى يقوم بفعل شيء مع بقية زملائه من وزراء الصحة العرب!
بعد كتابة المقال السابق عن مشروع المركز المتمثل في ترجمة مئات آلاف الكلمات من اللغة العربية بشكل خاص وإلى اللغة العربية، وتسمية المشروع بـ«المعجم المفسر للطب والعلوم الطبية» (!!) والذي حصل بجدارة على سخرية كل طبيب يحترم نفسه بعد الاطلاع على الجزء الأول منه، نقول بعد كتابة المقال، أرسل لنا قارئ المعلومات التالية عن تاريخ نشأة المركز:
انشئ المركز قبل ربع قرن، وعلى الرغم من ذلك لم يتحقق من وجوده شيء يذكر، بخلاف نشاطه الجم في سنوات تأسيسه الأولى. وكان وقتها يدار من قبل السيد سليمان كلندر، الذي توفي قبل سنوات، والدكتور شوقي سالم ولست متأكدا من الاسم.
وقد قاما، بمعاونة فريق المركز، بإنجاز مشروعات ضخمة عدة في مجال المعلوماتية الطبية العربية، وهي على سبيل المثال لا الحصر: قاعدة معلومات آلية خاصة بالمؤسسات التعليمية الطبية في الوطن العربي، وأخرى للمستشفيات الطبية العربية، اضافة الى مركز معلومات عن الاطباء العرب، وموسوعة طبية عربية، كما قام المركز في حينه بانشاء الشبكة العربية للمعلومات الطبية، بالتعاون مع اليونسكو، ومشروع آخر مع المكتبة الوطنية للطب في الولايات المتحدة الأميركية، لانشاء قاعدة معلومات عن «رؤوس الموضوعات الطبية ثنائية اللغة».
ويقول القارئ ان المعجم المفسر الذي يتبناه السيد يعقوب الشراح، لا يزيد، ان لم يقل عن «المعجم الطبي الموحد»، الذي يصدره المركز الاقليمي لمنظمة الصحة العالمية والذي يديره الدكتور هيثم الخياط، فهل هناك هدف لتكرار الجهود وصرف الملايين بسبب رغبات شخصية لقيادات ادارية لا ناقة لها ولا جمل في ميادين العلوم الطبية؟
ويقول القارئ ان اسم المركز عند تأسيسه كان «المركز العربي للوثائق والمطبوعات الصحية»، ولكن بعد استلام السيد الشراح لمسؤوليته عام 1994 وتصادمه مع سليمان كلندر منذ اليوم الأول، فقد تسبب ذلك في حينه باستقالة الكثيرين من خيرة خبرات المركز وبعدها صفا الجو للإدارة، ومنها اقترحت تغيير تسمية المركز ليصبح ما هو عليه اليوم، وهذا ربما سهل عملية تغيير برامجه واهدافه بعدها، لتصبح أكثر هلامية وغموضا!
من كل ذلك يمكن الاستنتاج بأن هناك أسباباً جوهرية تكمن وراء فشل غالبية المنظمات العربية الاقليمية، وما أكثرها وما اقل نفعها، حيث تنتهي الحال عادة بغالبيتها لتصبح هياكل إدارية نفعية لمواطني دولة المقر، وفي ظل غياب أي نوع من المراقبة والمحاسبة يمكن توقع أي شيء!!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

تحذير من «تطرف الشباب»

 

إن لم تبادر الدولة، بمسئولية وحرص وإدراك وحزم، لتحسين الواقع الشبابي في بلادنا، سواء على مستوى التربية والتعليم والعمل والشباب والرياضة، فإننا سنكون، حسب ظني المتواضع، أمام عقدين من الزمان قادمين، نواجه فيهما جيلا متطرفا بشدة، في الكثير من الأفكار والسلوكيات…

حينها، لن تنفع الحلول الاجتماعية ولا الحلول الاستراتيجية ولا الأمنية ولا هم يحزنون… بل لن تتمكن، لا الدولة ولا حتى القيادات والرموز، دينية كانت أم سياسية أم شبابية، من تطويق حركة تشبه التمرد على واقع الشباب…

ومن المهم الاستدراك هنا للإشارة، إلى أنني لا أقصد أن يتطرف الشباب لمجرد القول أنهم محرومون من حقوقهم، وبذلك، نستسيغ التصرفات الطائشة التي تبدأ بترك مقاعد الدراسة في مختلف مراحلها ثم التسبب بمشاكل لأنفسهم ولذويهم ثم لمجتمعهم، ثم يتجه بعضهم إلى العنف والتحريق والتخريب والتهديد والترهيب اللامقبول مدعيا المطالبة بالحقوق، فيما يتجه طرف آخر إلى التقتيل والتفجير وسفك الدماء مدعيا الجهاد ودحر الكفار الذين يختلفون معه مذهبيا وفكريا… هذه كلها مرفوضة تحت أي عنوان، لكن المقصود، هو أن هناك حاجة لرعاية الشباب وحمايتهم من التطرف، بمن فيهم من وقع في التطرف أصلا.

صحيح أن الكثير من الشباب في مجتمعنا يعانون من مشكلات تحول دون تحقيق طموحاتهم، وبعضهم يحمل الهموم الوطنية، السياسية، الاجتماعية، الديمقراطية، لكن هذا لا يعني أن كلهم بلا استثناء يملكون الإدراك والقدرة للتعاطي مع قضايا المجتمع.

وليسمح لي القارئ الكريم، أن أشير إلى أن هذا الموضوع كبير ومتشعب، لذلك، سأتناوله على امتداد المسموح من الإمكانات، لأهميته وضرورة طرحه من باب (إرضاء الضمير)، والباقي… متروك على الدولة وأجهزتها، وسأبدأ بمحور التطرف.

فمنذ مدة، وقعت على نتائج دراسة خليجية قيمة، لابد للمسئولين الحكوميين في البحرين – بلا استثناء – الاستفادة منها، فقد كشفت الدراسة الأولى من نوعها، أن غياب الوعي الديني لدى الشباب يمثل المرتبة الأولى في أسباب ظاهرة التطرف بنسبة 72.7 في المئة، مقابل 4.8 في المئة من العينة عارضت ذلك.

ووافقت 42.5 فى المئة من إجمالي عينة الدراسة موافقة تامة على أن بعض وسائل الإعلام شجعت لأفكار وأطروحات التطرف والمتطرفين بالإضافة إلى 36.7 فى المئة وافقوا على ذلك ولكن في خانة (إلى حد ما).

وبشأن الاعتداءات الظالمة على بعض الشعوب الإسلامية من خلال بعض وسائل الإعلام، بلغت نسبة المؤكدين على أن تلك الإعتداءات تعد سببا من أسباب بروز ظاهرة التطرف وبلغت نسبتهم 59.9 في المئة، وعارض الفكرة 8.3 في المئة، والنسبة المتبقية وهي 31.7 وافقت إلى حد ما…

والسؤال الأهم هو: هل يمكن السيطرة بسهولة على تطرف الشباب مستقبلا؟ الإجابة (لا)! لكن للحديث بقية.