محمد الوشيحي

عشرة الشهر

إذا اشترينا للسلحفاة «سيكل» تنجز به مشوارها فلن تصل قبل موعدها، أبدا. هي هكذا بطيئة لأنها سلحفاة أباً عن جد. وإنْ رششنا على الحكومة مياه المحيطات فلن تستيقظ من غفوتها لأنها ميتة إكلينيكياً وتتنفس بالأجهزة، ولولا النفط والفوائض المالية التي تغطي خيبتها لقرأنا نعيها في الصحف وذكرنا محاسنها بقلوب مؤمنة بقضاء الله.

وأقسم بالله إن حكومتنا في غيبوبة، ولم أضحك في حياتي كما ضحكت عليها في جلسة استجواب الشيخ أحمد العبدالله عندما كان وزيرا للصحة (هو الآن وزير للنفط، لأننا لم نعد نحتاج إلى النفط)، وكانت الحكومة – قبل الاستجواب – قد اتفقت مع «حدس» أن يتم الاكتفاء بالاستجواب من دون طرح ثقة، يعني قولوا يا حدس كلمتين ثلاث ثم نتفق على تشكيل لجنة تحقيق وتفضلوا على العشاء. فما الذي حدث بعد ذلك ليتسابق النواب على التوقيع على طرح الثقة بالوزير؟ شوف:

أثناء رد الوزير على محاور الاستجواب، نهض الدكتور وليد الطبطبائي (أحد النواب الثلاثة المستجوبين) وذهب إلى مقاعد الجمهور حيث النائب السابق الدكتور فهد الخنة، ودار بينهما حديث سريع قام على اثره فهد الخنة وعلى وجهه جدية مَن سيتخذ قرارا صعبا، وراح وجاء، وبدأت التحركات السريعة يا صاحبي، وما هي إلا ربع ساعة حتى اكتمل العدد المطلوب للتوقيع على طلب طرح الثقة بالوزير، مع ملاحظة مهمة وهي أن أيا من النواب الحدسيين لم يكن من ضمن الموقعين! وهنا بلغ الخبر الدكتور بــــدر الناشــــــي (أمين عام «حــــــــــدس») فانتفـــــض وفــــــز بسرعــــــة في اتجاه الخنـــــــة، وشاهدنـــــاهمــــا – نحن الحضور- يتحاوران، ثم شاهدنا الناشي وهو ينادي نواب «حدس» ويتحدث معهم، ثم يسود الارتباك وتبدأ الجلبة، نواب يخرجون ونواب يدخلون، واستطاعت حدس بعد لأي شديد إضافة اسم أحد نوابها إلى كشف الموقعين، وترددت على ألسنة الحضور كلمة «طرحوه، طرحوه»، أي أن النواب نجحوا في جمع التواقيع المطلوبة لتقديم طرح الثقة، بل إن الخبر وصل إليّ بعدما غادرت القاعة فعدت أدراجي لأشهد نهاية الفيلم، وتحول الحديث من محاور الاستجواب وأداء الوزير والنواب إلى الحديث عن أسماء العشرة الموقعين، ثم جاء دور الحكومة في الحديث، وكانت الطامة الكبرى، أي والله.

تحدثت الحكومة فشكرت النواب المستجوبين على اهتمامهم بالقطاع الصحي، وأعلنت عزمَها التعاون مع البرلمان للنهوض بالقطاع، وأنها ستكلف الوزير (لاحظ) بتقديم تقرير خلال أربعة أشهر، وراحت تنثر الورود المعلبة على رؤوس النواب وتنظم فيهم قصائد المديح، وكررت كلمة «التعاون» مليونا وألف مرة، والسلام عليكم ورحمة الله! يا للهول، يبدو أن الحكومة لا تعرف ما الذي دُبّر لها في المقاعد الخلفية وكراسي الجمهور، معقول؟ الناس وضعوا أيديهم على رؤوسهم وأفواههم لشدة دهشتهم من غيبوبة الحكومة، تعاون مين يا عمتنا الحكومة؟ الناس جمعوا تواقيع الاعدام، وستُعرض أوراق الوزير على المفتي، والسالفة شربت مروقها! وانقلبت الأحوال في مقاعد الجمهور، وتحولت الدهشة إلى ضحك هستيري أشبه بالبكاء على بلد تقوده حكومة بهـــــذا المستــــــوى من الغيبوبــــــــــة، وقـــــال أحدهم متهكمـــــا: «سأهاجـــــر، عيالــــي برقبتـــــك يا بو سلمان»، وودعته وأوصيته بدعاء السفر، وإنا إلى ربنا لمنقلبون.

حكومة الغيبوبة تلك هي ذاتها التي تقودنا الآن، عناصرها الرئيسية لم تتغير، ولذلك نشاهدها الآن بعدما تقدمت بمشروعها الاقتصادي تسعى بنفسها إلى إفشاله، (تابعوا صحف الحكومة الثلاث وستكتشفون ذلك)، طيب ليش تتراجع؟ حماية لرئيسها من استجواب التكتل الشعبي كالعادة، وإنا إلى ربنا لمنقلبون.

سامي النصف

شعارنا.. السلامة أخيراً!

العزاء الحار لآل الغانم الكرام بفقيدهم وفقيد الكويت المرحوم عبدالله يوسف الغانم، للفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله ووطنه الصبر والسلوان و(إنا لله وإنا إليه راجعون).

والعزاء الحار للكويت قاطبة ولأهالي الابرياء من ضحايا حريق صالة أفراح الجهراء، فللفقداء الرحمة والمغفرة، ولأهلهم وأوطانهم الصبر والسلوان، ونقول في هذا المقام إن ظرف الكارثة المؤسف يستوجب التعامل المحترف معها لضمان عدم تكرارها ووقوع المزيد من الضحايا أكثر من التسابق على عمليات اللوم «المبكر» لهذا الطرف أو ذاك، فواضح أن وزارة الصحة قد قامت بما عليها ضمن الامكانات المتوافرة، وهي بالطبع لا تستطيع مهما فعلت أن تعيد الحياة لمن ذهب ضحية الادخنة الخانقة أو عمليات التزاحم القاتلة.

ترفع الدول المتقدمة التي تؤمن بحق الانسان في الحياة شعار «السلامة أولا» على مسار أمورها، فتنشئ ادارات الاطفاء ومعها الوزارات المعنية لجان سلامة مختصة تقوم بعمليات كشف دورية على المباني والمصاعد والمنشآت، فإذا ما وجدت قصوراً في مخارج الطوارئ أو معدات مكافحة الدخان والحريق تقوم بإغلاق تلك المنشآت على الفور وفرض العقوبات المالية الباهظة عليها، ولا تفتح إلا بعد تصحيح تلك الأخطاء، في بلدنا نؤمن دائما بشعار «السلامة أخيرا» ونظريات دفع الدم وازهاق الارواح قبل تصحيح الاوضاع الخاطئة بشكل «مؤقت» انتظارا لفاجعة أخرى.

واذا كانت فاجعة الكويت كبيرة كما رأينا في ضحايا حريق الجهراء الحالي وقبله ضحايا حرائق الشقق والمباني، فهل لنا أن نتصور ما سيحدث عندما نفجع ذات يوم بسقوط إحدى الطائرات ـ لا سمح الله ـ وفقداننا لمئات الضحايا مما سيجعل الكويت بأكملها تتشح بالسواد، ولن يخلو بيت في بلدنا حينئذ من حالة حزن وعزاء.

لقد حذرنا كمختصين في سلامة الطيران ومازلنا نحذر وبشدة من التهاون في عمليات السلامة الجوية خاصة بعد أن ألغى وزير المواصلات الأسبق النائب الفاضل عبدالواحد العوضي خطة تحديث اسطول المؤسسة وأبقى بالتبعية على الطائرات القديمة المتهالكة والتي يوجب استمرار تشغيلها الاهتمام بالسلامة الجوية بشكل مضاعف بعكس ما نراه قائما، إن كثرة الاعطال الفنية تدل كما يعرف خبراء السلامة على قرب وقوع الحوادث و… وقد اعذر من أنذر.

آخر محطة:
سؤال ساذج وبسيط، هل تأكد أحد بعد فاجعة الجهراء المؤلمة من إجراءات السلامة في جميع صالات الأفراح الأخرى وأن مخارج الطوارئ غير مقيدة فيها؟! لا اعتقد، لخوف البعض من أن يلام على حادثة الجهراء فيما لو بدأ يسأل عن إجراءات السلامة لدى الآخرين.

احمد الصراف

تزلج حدس وجريمة حماس

حاول المتشددون، لا بل استماتوا لمنع احتفالنا بعيدي الاستقلال والتحرير بحجة التضامن مع اخوان مسلمي «حماس»! وان من غير المستساغ الاحتفال واهالي غزة الذين من لم يمت منهم اصبح يتلحف السماء وهو جائع، وان الفرح والسعادة والغبطة والابتسامة ليست من الدين، ولا تمت الى عاداتنا ولا الى تقاليدنا بصلة، وكأن الكويت سبق ان احتلت واستقلت وحررت عشرات المرات من قبل، واصبح عرفا تجاهل اعيادها، فلم الاحتفال بها الآن؟! ولكن هؤلاء المتزمتين «الهيبوكرتس» لم يترددوا في الوقت نفسه عن اقامة احتفالاتهم الصاخبة بمناسبة انتصار حماس الوهمي في غزة والرقص والتدبيك على الطريقة الفلسطينية، وكأن جراح غزة قد التأمت ومعاناتها قد انتهت!
وقرر هؤلاء، وفور سماعهم بقرار الحكومة اقامة احتفالات «هلا فبراير» قرروا، بذكائهم التآمري المعروف، خطف المناسبة لمصلحتهم، ولو بـ «الفرهود» حيث فرضوا انفسهم على لجان الاحتفال واعلنوا، من خلال حملة صحفية كبيرة خصت بها جريدة محددة تقريبا، عن اقامة «حفل كبير» تحت عناوين دينية وهمية عديدة بأن «ثلة» من رجال الدين «المختلطي» الجنسية من امثال نبيل العوضي ومحمود المصري ومحمد حسان ومشاري العفاسي ومحمد حسين يعقوب وسليمان الحبيلان ويعقوب عبد المحسن ومحمد العوضي سيقومون بالقاء الخطب فيها على مدى ايام! والطريف، او المثير للضحك فعلا، ان الاعلان ذكر ان الحفل سيقام في صالة التزلج على الجليد، وهو المكان نفسه الذي طالما وصفه هؤلاء الملتحون بانه «وكر للفساد في البلاد»!
كما ورد في تلك الاعلانات المكلفة، والغريبة التمويل، أن جوائز ومفاجآت تنتظر جمهور المهرجان، ولم يرد هنا ايضا مصدر التمويل، خصوصا ان الحضور مجاني، واعلن ان شعار مهرجان هؤلاء سيكون احلى حياة.. خلونا نعيشها! ولو نظرت الى وجوه من سيحيي تلك الليالي لوجدت ان لا علاقة لهذا بذلك! فكيف اصبح فجأة الاحتفال بـ «هلا فبراير» حلالا زلالا؟ ومن الذي يقف وراء مثل هؤلاء؟ وكيف سمحت الحكومة لهم بخطف مناسبة سعيدة، كالاحتفال بالتحرير، وتحويلها الى مهرجان سياسي ديني بحت؟ وهل سيكتفون في السنة المقبلة بالقدر نفسه من المال والوقت اللذين اعطيا لهم، ام سيستولون على نسبة وقدر اكبر من انشطة الاحتفالات بحيث يصبح الامر بكامله في حضنهم؟

***
* ملاحظة: قامت «حدس» الجناح السياسي لـ«الاصلاح الاجتماعي» الفرع المحلي للتنظيم العالمي للاخوان المسلمين، بصرف مبالغ طائلة على اعلانات سياسية تهدف لتبرئة ساحة حماس من تهمة الوقوف بجانب صدام خلال غزوه للكويت، ولا ادري ما مبرر هذه الحملة؟ هل هو بسبب بدء تدفق الملايين الى جيوب قادة الطرفين، ام لتأكيد انتمائهم لتنظيم دولي واحد، ام لاعتقادهم بان عشرين عاما تكفي لكي ينسى الكويتيون مواقف حماس المخزية؟
لو كانت حدس صادقة في تبرئة حماس لفعلت ذلك بعد التحرير مباشرة وليس بعد مرور 19 عاما!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

منتدى البحرين الدولي

 

سيكون أمام مملكة البحرين في العام المقبل، وبعد أن انتهت أعمال «منتدى ومعرض الأمن» الذي عقد يومي 23 و24 فبراير/ شباط المنقضي، تحديات كبيرة تندرج تحت إطار دور هذه البلاد الصغيرة في بحث القضايا الأمنية الكبيرة التي تهم منطقة الشرق الأوسط والعالم، وخصوصا بعد موافقة معالي وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة بالاقتراح الذي قدمه ممثل المملكة العربية السعودية لتغيير اسم المنتدى إلى «منتدى البحرين الدولي».

أن تكون البحرين مشارك رئيسي في صياغة الأمن العالمي؛ فهذا أمر نفتخر به من دون شك، وخصوصا في حقبة تواجه فيها كل دول العالم مخاوف متزايدة من تأثير المد الإرهابي على استقرار البشرية، في الدول النامية والمتقدمة على حد سواء، ولعلنا هنا نشير إلى ما طرحه رئيس الأمن العام اللواء عبداللطيف الزياني فيما يتعلق بتقييم البحرين للمخاطر والتهديدات الأمنية التي يمكن أن تواجه المملكة، وقد تم ترتيب هذه المخاطر ضمن أولويات لوضع الحلول المناسبة لها ضمن القدرات الذاتية، وإنه لمن المؤكد أيضا أن هذه المخاطر تواجه جميع الدول، وسيكون التأثير عليها بمقدار حجم وإمكانات تلك الدول، ونحن في البحرين نعمل بكل طاقاتنا وإمكاناتنا لدرء هذه المخاطر ضمن استراتيجية أمنية تعمل على كل المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.

وفي الإشارة إلى المستوى الوطني، فإن كل الدول التي شاركت وستشارك في المنتدى، قادرة على طرح مرئيات جديدة وفاعلة في محور العدالة الاجتماعية، ولا شك في أن اللجنة المنظمة للمنتدى جديرة بأن تضيف هذا المحور إلى جلسات المنتدى في عامه المقبل، وأجد النقطة التي طرحها رئيس تحرير «الوسط» منصور الجمري من أن الأمن الداخلي لكل بلد يتعزز بصورة مباشرة من خلال تحقيق شعار الأمم المتحدة (مجتمع للجميع)، وتحقيق مثل هذا الشعار، يتطلب التزام الحكومات بإنشاء إطار للعمل من أجل تعزيز العدالة الاجتماعية على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي (الوسط – 25 فبراير).

إن هذه المشاركة الكبيرة والناجحة لممثلين من مختلف دول العالم، تسجل كنقطة تميز للجنة المنظمة ورئيسها العقيد رياض عيد في إعداد وإدارة منتدى بهذا الحجم من الأهمية، فتوجيهات وزير الداخلية لتسجيل ووتوثيق كل ما طرح من أفكار وآراء داخل المنتدى في مطبوعات وأقراص كمبيوتر، لحفظها وتوزيعها على المشاركين، وإقامة ورش عمل حولها، يؤكد الحرص على توحيد الرؤى الأمنية وتأكيد ضرورة مواجهة أخطر التحديات التي تواجه دول العالم، من خلال أساليب العمل الجماعي الدولي أو الإقليمي، وحين تكون البحرين ركنا رئيسيا في صياغة استراتيجية أمنية عالمية، فإن تحديات المنتدى في العام المقبل ستكون أكبر، لكننا على ثقة بأن اللجنة المنظمة قادرة على تجديد قراءة المشهد الأمني العالمي وتقديم قراءة مرجعيتها (منتدى البحرين الدولي)