احمد الصراف

الداعية محمد العريفي وغوغل

وقف الداعية الاسلامي السعودي «محمد العريفي»، وهو شاب في الثلاثينات من عمره، وله لحية سوداء طويلة، ويرتدي غترة حمراء من دون عقال فوق رأس كبير، وعلى أكتافه ترى أطراف عباءة أنيقة، وقف أمام عدد من الميكروفونات اللاقطة للصوت، مع خلفية أنيقة، وبحر من التكنولوجيا البصرية والسمعية المتقدمة تحيط به وتحصي أنفاسه، ولكن لا يبدو أنه مكترث لذلك، أو لكون حديثه يسجل وينقل للعالم أجمع، ولكن مع كل هذا تشعر وكأن ما يحيط به في واد وهو، وكلامه، في واد آخر. ومن المفترض أنه قدم من السعودية لتقوية عزيمة الفلسطيني، ولكنه ساهم، بعلم أو بغير ذلك، في تثبيط تلك العزيمة، وذلك باصراره على الايحاء بأن من الصعب، ان لم يكن من المستحيل، القضاء على اليهود!!
يقول الداعية «العريفي» في خطبته التي ألقيت أمام حشد من مواطني «غزة» يوم 12ــ9ــ2008 من خلال قناة «الأقصى» التي تديرها حماس، أو الفرع الغزاوي للتنظيم العالمي للاخوان المسلمين، وهي الخطبة التي ترجمت وبثت على كثير من قنوات العالم، ليعرف العالم طريقة تفكيرنا وما نعتقده في الغير. يقول الداعية العريفي: «.. بينت الدراسات في «تل أبيب» والأراضي التي احتلها اليهود في فلسطين أنهم يزرعون حول بيوتهم «شجر الغرقد»، وذلك لأن هناك حديثاً أخبر فيه الرسول المسلمين أنهم اذا قاتلوا اليهود فان كل حجر وشجر سيقول: يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي ورائي، تعال واقتله، الا الغرقد فهو شجر من شجر اليهود، يعني مهما اختبأوا وراءه فانه لن يكشف من وراءه (هكذا وردت على لسان الداعية)!!». واستطرد: «والآن التقارير القادمة من هناك تقول ان اليهود بدأوا بزراعة أشجار الغرقد حتى اذا جاء القتال يختبئون وراءها، فاليهودي ليس برجل ليقف أمامك ويقاتل…..» (هكذا). انتهى الشريط المسجل.
لا نريد مناقشة فحوى حديث الداعية، فهذا فكر ديني له أهله، ولكن ألم يسمع «العريفي» بغوغل ارث Google Earth؟ ألم نشبع من نبش الماضي؟ ألا يكفينا ما نتعرض له من مهانة على مستوى العالم أجمع كل يوم على أيدي القلة منا؟ أليس هناك من بإمكانه وقف كل هذا العبث؟ يبدو أن الاجابة: لا كبيرة، خصوصاً بعد سماع شريط حديث آخر لرجل دين شيعي، فند فيه بصورة قاطعة نظرية «دارون»، وبين مدى ما وصلت إليه عقلياتنا من تقدم في كل مجالات البحث الجاد.
يقول الشيخ، الذي ربما يكون اسمه «محمد تقي المدرسي»، إذ إن الاسم الأخير لم يكن واضحا على الشاشة، في حديث بث من قناة أو أرشيف «الموحد»، وهو جالس أمام مكتبة عامرة بالكتب العلمية الجادة متحدثاً عن قصة خلق «الكلب»: «.. أهبط «آدم» في الهند أو سريلانكا، وكانت سريلانكا تابعة للهند آنئذ. واهبطت الحية في سمنان(!!) وأهبطت أمنا «حواء» في جدة، ولا يزال قبرها قائماً في جدة. وأخذ آدم يبكي، وهنا نزل ابليس الملعون المريض، نزل وأخذ يحث السباع وأخبرهم بأن هنالك فرخين طائرين من السماء نزلا، فعليكما بهما، فهجما على آدم حتى يأكلاه.. هنا تقول الرواية، تقول لنا سبب خلق الكلب. الكلب حقيقة خلق من «بزاق ابليس»، فهذا الولع والهلع اللذان كانا عنده أسقطا منه بزاقاً فخلق الله منه كلباً ذكراً وكلباً أنثى، فصارت الكلاب تحمي آدم وتحمي حواء من السباع، ومنذ ذلك الحين النزاع بين الكلب والسبع قائم الى اليوم. انتهى!!
لن نناقش هنا أيضا ما ورد في حديث السيد «محمد تقي» ونترك التعليق عليه لأهل العلم والدراية.
ملاحظة: قامت شركة أميركية بتطوير شاشة LCD كبيرة تعمل باللمس كبعض شاشات الموبايل، بحيث تتحرك خريطة العالم تحت أصابعك بسرعة هائلة حسب حركة الأصابع يمينا أو شمالا أو الى اي اتجاه آخر لتبين موقعك بدقة متناهية. كما يمكن الرجوع الى الموقع نفسه لسنوات عدة سابقة لمشاهدة معالمه وما طرأ عليها من تغيير. كما يمكن بلمسة صغيرة تحويل الصورة الى أبعادها الثلاثية. وقد قامت بعض الجيوش المتقدمة في العالم، اضافة الى شركات التنقيب عن النفط والغاز والاستخبارات والأجهزة السرية، باستخدامها لأغراض شتى!!
نتمنى سماع النائب أبو هايف بهذا الاختراع ليطالب وزارة التجارة بمنع استيراده، لأنه سيكشف عن كل شيء!! وننتهز هذه المناسبة لنهنئ الكويت بالخطوة الظلامية التي أقدمت عليها «حكومتها» بحجب موقع «يو تيوب» YouTube. والى مزيد من التخلف يا حكومتنا الرشيدة، والى مزيد من الانتشار يا يوتيوب، فمن لم يسمع أو يهتم بك بالأمس أصبح الآن يبحث عنك ويشقى للوصول إليك، والطرق الى يوتيوب عديدة وسنعمم أسهلها قريبا. 

أحمد الصراف

سامي النصف

في الدفاع عن التوجهين الإسلامي والليبرالي

الليبرالية في الفكر السياسي هي حالة مكملة للتوجه الإسلامي، حيث ان طغيان حالة واحدة على المجتمعات يعني بكل بساطة سيادة الفكر الديكتاتوري القمعي، لما يملكه متشددو الطرفين من أنياب بارزة ستدمي فيما لو تركت منفردة في ساحة العمل السياسي، ومن ثم ستنتهي البلدان والمجتمعات المبتلاة باللون الواحد الى الدمار والإفقار للشعوب والأوطان.

وإذا ما ابتعدنا عما يصم به بعض منضوي توجه التوجه الآخر فسنجد ان التوجه الإسلامي لا يعني في أساسه التطرف والتخلف حيث ان من قادته في الكويت وخارجها وضمن المجالس النيابية والمنتديات الإعلامية قيادات إسلامية شديدة الثقافة والاعتدال، كذلك لا تعني الليبرالية الإلحاد أو الدعوة للانحلال الأخلاقي، حيث ان قياداتها ومنضويها هم أبعد ما يكونون عما يتهمهم به بعض متطرفي الطرف الآخر.

وإذا كان وجود التوجهين و«تنافسهما» يؤدي بالتبعية للارتقاء بممارستهما الفكرية والسياسية فإن عملية النقد وخاصة الذاتي منه تؤدي كذلك لتصحيح الأخطاء وتحسين الأداء، ومن ذلك دعمنا لما خطته قبل أيام الزميلة حنان الهاجري في صحيفة «القبس» تحت عنوان «العيب فيكم لا في الليبرالية» وهي في نهجها السياسي النقدي الهادف شبيهة بالكاتب الإسلامي ساجد العبدلي فيما يكتبه في كشفه لأخطاء التيار الإسلامي لتصحيحها وتلافي تكرارها.

وهناك أسباب عدة لضعف أداء التوجه الليبرالي بشكل عام أولها عدم وجود الدولة الراعية والداعمة له بالخبرات والموارد والتنظير وتسخير وسائط الإعلام كحال الاتحاد السوفييتي سابقا مع الشيوعية، والسعودية مع الإسلام السني، وإيران مع الإسلام الشيعي، فرغم كل ما يقال لا توجد صلة على الإطلاق بين الدول الليبرالية الممتدة من اليابان شرقا حتى الولايات المتحدة غربا والحركات الليبرالية في دول العالم الثالث، بل استطاعت الحركات الإسلامية وبذكاء شديد النهل والاستفادة من الأفكار السياسية والاقتصادية الغربية لدعم توجهاتها ونشرها.

وغياب هذه المرجعية حرم التوجه الليبرالي العربي والإسلامي من التواصل بعضه مع البعض والاستفادة من حالتي الإخفاق والإنجاز في أحد الأقطار لمنع تكرارها أو إعادة تكرارها في القطر الآخر، فالتوجه الليبرالي في الكويت على سبيل المثال غير متصل بمثيله في السعودية والبحرين ومصر ولبنان والأردن والمغرب.. الخ، بعكس التوجهات الإسلامية العابرة للقطر والداعمة بعضها لبعض بالخبرة والتجربة والموارد.

كذلك نجح التيار الإسلامي وببراعة شديدة في ربط توجهه السياسي بمراكزه الاقتصادية من بيوت مال وبنوك وشركات استثمار وبيوت زكاة وجمعيات خيرية وتعاونية، في حين لم ينجح التوجه الليبرالي في مثل هذا العمل حيث نجد الانفصام الحاد بين رجال السياسة وفعاليات الاقتصاد لدى الليبراليين.

ان توافر الموارد المالية لدى التوجه الليبرالي كفيل بخلق فعاليات ونشاطات تستقطب الشباب وتظهر المبرزين منهم كما يحدث مع التوجه الإسلامي الذي أبرز وبشكل جميل قيادات وفعاليات شابة استقطبت الجماهير كعمرو خالد ومشاري العفاسي ومشاري الخراز.

أخيرا، ان دعم وتقوية التوجه الليبرالي في حال ضعفه أو التوجه الإسلامي فيما لو وهن، فيه اصلاح للأمة حالنا حال أمم الغرب التي لا تترك العمل السياسي لتوجه واحد بل تبدأ منذ اللحظة الأولى لصعود توجه ما (جمهوري، عمالي.. الخ) بتقوية التوجه الآخر لعلمهم أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة.

احمد الصراف

الرجل الملون وحجر الدمينو

1ــ عزيزي الرجل الأبيض. دعني أخبرك عن أمر يهمك.. عند ولادتي يكون لون جلدي أسود. وعندما أكبر ويتقدم بي العمر يبقى لون جلدي أسود، كما ولدت، وعندما أجلس في الشمس طويلا، لا يزداد لوني سوادا. وعندما أصاب بنوبة برد لا يتغير لوني عن الأسود. وعندما أجزع أو أصاب بالرعب لسبب ما لا يتغير لون جلدي لأي لون آخر، وكذلك عندما أصاب بالمرض أبقى على سوادي الطبيعي والجميل. وعندما يأتي موعد رحيلي عن هذه الدنيا أموت وأنا أسود، كما سبق أن ولدت أسود!
ولكن الحال معك يا عزيزي الرجل الأبيض مختلف تماما. فعند ولادتك يبدو لونك مائلا للوردي، وعندما تكبر تصبح أبيض، وعندما يطول مكوثك في الشمس يتحول جلدك الى اللون الأحمر، أو النحاسي، وعندما تصاب بالبرد تصبح أزرق، وعندما تشعر بالرعب يتحول لون وجهك للصفار، وعند مرضك يميل لونك الى الاخضرار، وعندما تموت يتحول لونك للرمادي الفاتح.. بعد كل هذا أرجو أن تخبرني من هو الملون فينا، أنا أم أنت؟
2ــ عندما يتم إسناد أحجار الدمينو بطريقة فنية دقيقة خلف بعضها البعض فإن أي دفعة لأول حجر منها يؤدي لتوالي سقوط بقية الأحجار بتردد جميل، وهذا يسمى بـ«الدمينو إففكت»! وفي الحياة يعني تنازل طرف ما عن موقف أو رأي محدد أنه ربما سيقبل تنازلات أخرى، والعكس صحيح كذلك!! نقول ذلك بمناسبة الندوة التي نظمتها «الجمعية الجغرافية الكويتية» في العاشر من سبتمبر، حول علاقة علم الأرصاد بعلوم الفلك، التي حاضر فيها الفلكي المعروف عادل السعدون عن ضوابط وشروط رؤية الهلال بشكل عام، حيث طالب الحكومة بضرورة تعيين فلكيين في هيئة الرؤية الشرعية!
على الرغم من وجاهة طلب الصديق الفلكي السعدون فإن هناك شكا كبيرا في تجاوب الحكومة، أو من يسيّر أمورها في مثل هذه المواضيع، لهذا الطلب العقلاني والعصري! وسبب ذلك يعود لاعتقاد هؤلاء بأن تنازل أعضاء الهيئة الشرعية وقبولهم لوجود عالم فلك حقيقي بينهم يعني ببساطة نهاية دورهم كـ«علماء». فمن الذي سيكون بحاجة لمجموعة من رجال الدين الذين ينتظرون دخول شخص بسيط عليهم ليشهد برؤية الهلال وقبض المقسوم، إذا كان بينهم فلكي يستخدم مرصدا يرى فيه ما لا تراه العين المجردة بمئات المرات، ويقول عكس ذلك؟ كما يعني وجود فلكي في اللجنة أن القبول بوضع العلم الدقيق محل التقدير الجزافي، ومشاهدة منافعه ودوره الموحد يعني زيادة الثقة به، والتقليل من دور رجال الدين في تسيير أمور الحياة العصرية التي لم تكن يوما من مهامهم كقضايا تحديد النسب والعلاج وتحديد القرابة!! ولا شك في أن رجال الدين بشكل عام، وأعضاء الهيئات الشرعية بالذات على علم بأن الوقت لن يطول قبل أن تضطر حكومة هنا أو سلطة هناك الى الاستعانة بالعلم الحديث بدلا من التخمين والحدس وضرب الرمل، ولكنهم يحاولون قدر الإمكان تأخير قدوم ذلك اليوم ما استطاعوا لذلك سبيلا. وعندما يبدأ الصف الأول من أحجار الدمينو بالتساقط فالدور سيصل للصف الأخير لا محالة.
ملاحظة: الجزء الأول من المقال مترجم عن الإنترنت.

أحمد الصراف

احمد الصراف

أفضلية الطاقة على الحرير

انتابت شعوب دول مجلس التعاون، ومنها الكويت، سعادة غامرة عندما ارتفعت أسعار النفط قبل أسابيع قليلة الى مستويات غير مسبوقة. ولم تعرف هذه الشعوب المغلوبة على أمرها والمغيبة في عالم فضائيات الدروشة والشعوذة وفتاوى القتل والتحريم والسحل، والمغرمة بمتابعة مسلسلات التفاهة اليومية أن هذا الارتفاع المؤقت في الدخل سينقلب وبالا عليها في السنوات القليلة المقبلة بشكل كارثي، ان لم تقم حكوماتها باتخاذ خطوات عملية لاستغلال هذه الثروة الطارئة والطائلة التي نزلت عليها في تأمين مستقبل أجيالها القادمة وفي انتاج بدائل محلية للطاقة. فان بقيت أسعار البترول على معدلاتها المرتفعة الحالية، فيمكن عندها الاستمرار في بيعه للدول الأخرى، والاستفادة من الفرق بين ثمن الطاقة المحلية البديلة الرخيص وسعر البترول العالي. وان بدأ العالم الغربي ودول جنوب شرق آسيا بايجاد بدائل لديهم عن بترول الشرق الأوسط، أو تقليل اعتمادهم عليه، وهذا آت حتما، فهم يسيرون بخطى حثيثة في هذا الاتجاه ويحققون تقدما ملحوظا كل يوم، فعندها لن يكون لدينا فقط مصدر طاقة بديل، بل سيكون بامكاننا كذلك بيعها للدول المجاورة، الأكثر تخلفا منا في هذا المجال، وهذا لا يمكن أن يتحقق ان لم نأخذ زمام المبادرة والتحرك اليوم قبل الغد. للعلم فقط فان المشاريع التي تدار حاليا في الكويت بالطاقة الشمسية لا تزيد على العشرة بكثير، بالرغم من توافر مليارات كيلوواط الطاقة الشمسية المجانية لدينا!!
أما ما أعلنته بعض الدول الخليجية من رغبة في الحصول على التكنولوجيا النووية، فانه أمر بالغ الخطورة، ولسنا في مستواه. فان كانت الدول المتقدمة «جدا» تحذر من اللجوء إلى هذا المصدر بسبب مخاطره البيئية والفنية، وصعوبة التحكم في تشغيله بصورة آمنة، فكيف يمكن لمجموعة من الدول الخليجية المتخلفة استغلال الطاقة النووية كمصدر بديل وهي التي لم تتجاوز خبراتها حتى الآن مرحلة اطلاق الغازات الذاتية!!
وربما لا تعرف حكوماتنا، وان عرفت فالمصيبة أعظم، أن هبوط أسعار النفط إلى نصف ما هي عليه الآن، سيتسبب في القضاء على كل خططها التنموية المتواضعة أصلا، ويصعب تخيل تداعيات هذا الأمر على مجتمعات وقبائل ريعية لا تعرف من الانتاج شيئا غير أن نفطا يقوم الآخرون باستخراجه من أرضها ويتصرف غيرهم ببيعه ونقله إلى المستهلكين ويأتون بعائده ليتم انفاقه على الطعام والشراب والملبس والشيشة ولاصدار فتاوى تكفير الآخر والحط من شأنه!!
ان انخفاض أسعار النفط إلى مستويات دنيا ليس بالأمر المستبعد، على ضوء التطورات المالية الخطيرة التي تشهدها أسواق المال في العالم أجمع، وستكون لها تأثيرات مالية سلبية مباشرة علينا، وعلى حاجة العالم للبترول بشكل عام،. ولكننا نجد أننا أمام كل هذه التحديات الخطيرة مشغولون بمنع «اليوتوب» وقتل فأرة كرتونية ولاهون باسقاط القروض واستجواب وزير الشؤون واقالة وزيرة التربية!!
ان حكومة الكويت مطالبة بالبحث الجدي عن مصادر بديلة للطاقة، فالتكنولوجيا المطلوبة معروفة والمواد متوافرة والأموال اللازمة موجودة، والشراء اليوم أفضل بكثير من الغد، فالأسعار سترتفع عندما يصيب التضخم كل شيء. وأعتقد مخلصا أن الاهتمام بتطوير مصادر بديلة للطاقة خير ألف مرة من بناء مدينة حرير لسنا «كفو» لادارة عشر ما تحتاجه من طاقات بشرية وخبرات، مما يعني اضطرارنا إلى جلب نصف مليون عامل من الخارج لينجزوا ما ترفض أيدينا القيام به، فما زالت غالبيتنا تحتقر من يعمل بيده لكسب قوت يومه!!
نقول هذا ونحن على ثقة بأن وزير الطاقة آخر من يفكر في موضوع خطير وحيوي كهذا. أما الثلاثون وكيلا الذين يعملون تحت امرته فلا أعتقد أن الهموم اليومية لغالبيتهم تتعدى الزيادة الأخيرة في الراتب، ومقاومة رياح التجميد أو الاقالة.

أحمد الصراف

سامي النصف

جمهورية الموز

في عام 2000 جرت انتخابات نيابية تنافس فيها آل غور الذي يمكن وصف قدرته بالعبقرية ومنافس له محدود القدرات هو الرئيس جورج بوش الذي كان يعتمد على دعم عائلته وأصدقاء والده كحال انتخابات الأرياف العربية، وقد انتهت الانتخابات في البلد الأكثر تقدما في العالم بالفوز بالتلاعب بها وخطفها من المرشح الأكثر شعبية كما يحدث عادة في دول العالم الثالث وجمهوريات الموز الشهيرة.

وفي سبتمبر 2001 قام إرهابي كبير يدعى أسامة بن لادن بالتعدي على الأبرياء في نيويورك وقتل ما يقارب 2000 منهم – نفس عدد ضحايا المرور خلال أسابيع قليلة في أميركا ونصف عدد قتلى الأميركان في العراق – وبدلا من خلق رد فعل عاقل يضر بالجاني لا المجني عليه تمت عملية رد فعل عنيفة رهيبة انتهت بتحقيق نتائج مدمرة للذات لم يحلم بها بن لادن نفسه وتحويل أميركا من دولة عالم أول إلى عالم ثالث بامتياز مما أضر بصديقها وأسعد عدوها.

فقد انفعلت القيادة محدودة القدرات تماما كحال قيادات جمهوريات الموز وسطحت الأمر بمجمله إلى معسكر خير ومعسكر شر – نفس منطق عدوها بن لادن وقبله ستالين – وتم شن حروب باهظة الثمن غير محسوبة النتائج في أفغانستان والعراق ولو تم دفع واحد على مليون مما صرف على الحروب على تثوير الداخل ودعمه لسقط نظاما طالبان وصدام بطريقة أسرع وأقل كلفة بكثير.

وسيطر جهاز الأمن على مفاصل الدولة وبدأت المعاملات السيئة وغير الحضارية في المطارات الأميركية وتم سحب المئات دون محاكمات واستخدام التعذيب مع المعتقلين كما سمح بالتجسس على حياة المواطنين والتنصت على مكالماتهم وهي ملكيات فكرية محتكرة لدول العالم الثالث وجمهوريات الموز.

وتشتهــر أنــظمة جمهوريات المــوز بقدراتها العجيبة على تدمير اقتصاديات بلدانها وتحويل فوائضها إلى عجوزات كبرى عبر الصرف المبالغ فيه على النواحي العسكرية وشن الحروب – هل تذكرون صدام؟! – ودعم عمليات الهدر المالي دون اهتمام بالموارد اللازمة لتغطية ذلك الصرف مما يؤدي عادة إلى انهيار سعر العملات واختلال ميزان المدفوعات وفقدان العالم الثقة باقتصاد وأسواق مثل تلك الدول.

وضمن أوصاف وخصائص دول العالم المتخلف الذي انضمت له القوة الكبرى في التاريخ سوء اختيار القيادات في كل المجالات مما يجعلها وسيلة للتندر والتفكه وقيام الشعوب بإطلاق التسميات الشنيعة عليها، كما يتم في جمهوريات الموز عادة سحب الكمبيوترات واللاب توبات من أيدي الشباب وإعطاؤهم السلاح بالمقابل مما يعني عدم الاكتفاء بتدمير حاضر الأمم بل مستقبلها.

آخـر محطـة:
 حسـمت وانتــهت الانتخابات الأميركية الحالية بالانهيار الاقتصادي القائم ونرجو ألا نرقب حربا في الخليج كقرار غير حكيم أخير قبل الرحيل.

سعيد محمد سعيد

في «عشكم»… ثعبان (1) (منوعات)

 

قبل ما يربو على 60 عاما، حذر أحد الضباط الإنجليز، في فترة منتصف الخمسينيات، المناضل الكبير عبدالعزيز الشملان في لحظة من لحظات النقاش بشأن الاتهامات التي وجهت إلى مناضلي هيئة الاتحاد الوطني ورغبة المناضلين في محاكمة علنية أمام الناس… حذره الضابط الإنجليزي بالقول: «في عشكم ثعبان لا تعرفونه».

ولا أدري كيف تجرأ الضابط الإنجليزي وقتذاك بقول هذه العبارة لشخصية أصبحت ركنا من أركان «حب البحرين»؟! لأن الثعبان المقصود، معروف، وهل يخفى على رموز الحركة الوطنية… بل رواد الحركة الوطنية ذلك الثعبان الشهير؟

المهم، أن المناضلين رحلوا… والإنجليز رحلوا… والثعبان المقصود حينذاك… رحل أيضا… وحب البحرين الحقيقي رحل، اللهم إلا من النزر القليل القليل وحل محله الحب الاستعراضي… بل يؤسفني القول إن الصادقين والمخلصين لخدمة البلاد والحركة الوطنية التي تعزز اللحمة بين الحاكم والمحكوم، وبين السلطة الشعب… أيضا رحلوا…

من الذي بقي إذا؟

مع شديد الأسف، الثعابين هي التي بقيت؟

فلم يعد في العش ثعبان واحد… هناك أكثر من ثعبان، على رغم صغر عشنا… بلادنا الغالية قطعا!

سيكون الحديث عن الثعابين طويلا، لكن ليتسع صدر المسئولين وكذلك عامة الناس الطيبين من أهل هذه البلاد الطيبة لأن يكون الكلام رمزيا… لأن في قول الحقيقة ما يؤلم، وما يجعل من مخالفة القانون التهمة التي تحوم على رأسي، لذلك ألتمس العذر… لكن، لن يطول المقام في كشف الثعابين كثيرا.

هل نبدأ؟ إذا، تفضلوا…

أول مقتل حقيقي، بحسب نظري، هو مقتل ثعابين مدينة المحرق الزاهرة، وذلك المقتل لم يفنهم ولم يقطع رؤوسهم، لكن بقياس الخناعة والذل والهوان وسوء النوايا، فإن هروبهم من أمام الضربة الموجعة التي تلقوها من وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، جعلتهم يختبئون وسيمكثون في مخبئهم إلى أن يجدوا فرصة أخرى للظهور.

فلقاء الوزير مع مجموعة من أهالي مدينة المحرق، ممثلين في أهالي حالة بوماهر، وذلك الموقف الشجاع والوطني الكريم الذي وقفه الوزير أمام أسرته المحرقية، ليعلن رفضه لكل ما يسيء إلى السلم الاجتماعي والنسيج الوطني، هو ذاته موقف القيادة… ولأن القيادة تدرك خطر تلك الثعابين، فليس أشد من أن يجدوا وزير الداخلية وقد فتح صدره ليستمع من الناس ما يريدون قوله، ثم لتعود الأمور إلى نصابها، لأن الأهالي، لم يكونوا يوما يعادون بعضهم بعضا إلا حينما نشطت «الثعابين».

تلك الثعابين كانت تحوم خارج مجلس الشيخ راشد المريخي حينما استضاف ذات ليلة سيدعبدالله الغريفي في لقاء بحريني أصيل طالما حفظه أهل البحرين واحترموه – أقصد اللقاء بين أبناء الطائفتين الكريمتين – وطالما أشادت به قيادة البلاد ورحبت… فـ «الشيوخ» لا يمكنهم أبدا تقديم الثعابين، على أناس طيبين لا يريدون الا مصلحة البلاد والعباد.

لكن، لا عزاء للثعابين؟ وللحديث صلة.

سامي النصف

معاركنا الخاسرة

لا أعتقد أن إشكالنا الكويتي أو العربي أو الإسلامي هو نتاج الخلاف الديني – العلماني، أو الليبرالي – الإسلامي، أو الديني – الديني، أو المذهبي – المذهبي، لحقيقة ان جميع تلك الفروقات والتباينات موجودة بشكل أو بآخر في أغلب دول العالم دون مشاكل سياسية أو مصاعب أمنية أو حروب أهلية.

ان الإشكال الحقيقي هو بين النهج العاقل والمتزن في مقابل المسار المتشدد والمتطرف أيا كان الرداء الذي يرتديه طرفا تلك المعادلة، فلم نشهد قط دمارا أو حروبا او خرابا بسبب تباين الآراء بين عقلاء تلك التوجهات أيا كانت، في المقابل لم يعمّر بلد قط ساده الجهلاء من ابنائه حتى لو تشابهوا في الأعراق او الأديان والمذاهب.

والمؤسف انني أؤمن حقا بأن النهج الثوري والمتشدد هو المنتصر لا محالة في الخليج وضمن منطقتنا العربية والاسلامية بسبب الأموال الطائلة والطاقات الهائلة التي تخدم ذلك التوجه ومعها وفرة وكثرة الفضائيات ومنتديات الانترنت التي تروج لما يقوله منظرو ومفكرو وحتى مرتزقة ذلك التيار، واذكر في هذا السياق انني التقيت قبل أسابيع بأحد الثورجية ضمن برنامج حواري شهير وعدت بعد أيام لأبحث في محرك الغوغل عن ردود الأفعال حول ذلك اللقاء.

آخر محطة:
العزاء الحار لأسر العيار والأحمد والسالم والغنام والمعجل والبشر على راحليهم الأبرار، للفقداء الرحمة والمغفرة، ولأهليهم وذويهم الصبر والسلوان.