سامي النصف

ثرثرة على النيل

ضمتنا قبل ايام جلسة مسائية جميلة في القاهرة، عاصمة الثقافة العربية الدائمة، كان من حضورها الزميلان صالح الشايجي وماضي الخميس وجمع من الاعلاميين ورجال الاعلام العرب كان منهم مجدي الجلاد زميلنا في «الأنباء» سابقا ورئيس تحرير «المصري اليوم» حاليا التي تعتبر بحق أنجح الصحف المصرية المستقلة.

وكان من ضمن الحضور رجل المال والاعمال احمد المسلماني الذي سحرته اجواء الاعلام واستهوته اضواء الفن والتلفزة، حاله كحال زملائه نجيب ساويرس واحمد عز وهشام طلعت مصطفى، حيث يقوم هذه الايام بتقديم برنامج «الطبعة الاولى» على قناة «دريم»- قام ساويرس بتقليده وتقديم برنامج مماثل على قناة «او تي ڤي»- اضافة الى كتابته المقالات في «المصري اليوم» من حين الى آخر.

والزميل احمد المسلماني، والزمالة بالطبع في مجال الاعلام لا مجال الاعمال، يحب «الافتراء» واظهار النعمة حيث تحفل مقالاته بوصف جميل للبلدان والفنادق والمطاعم الفاخرة والفريدة التي يزورها بشكل دائم والتي يتابعها قراؤه «الغلابى» وهم يتحسرون على عدم استطاعتهم القيام بما يقوم به، كما يتابعها في الوقت ذاته رجال الاعمال العرب والمصريون لمعرفة توجهات الاسواق العالمية.

ومن روايات الافتراء، الذي يقوم به الزميل المسلماني، والتي كان عليها شهود من الحاضرين ما حدث لدى وصوله من سفرته الاخيرة، حيث كان في انتظاره كالعادة طابور طويل من سياراته السوداء الخاصة لحمل الشنط والهدايا التي يحضرها معه – بعد دفع جمركها بالطبع – وقد احتج في حينها سائقو تاكسي وليموزين المطار من عدم احساسه بمشاعر البسطاء امثالهم فاتخذ المسلماني على الفور قرارا فريدا يدل على كرمه وطيب معدنه.

فقد قرر انه سيبقى منذ ذلك اليوم على استخدامه لطابور سياراته السوداء الا انه سيدفع بالمقابل لكل سائق تاكسي في المطار اجرة «توصيلة» للبلد مضاعفة وسيقوم بذلك العمل الخيّر بنفسه ولن يوكله لاحد من مدراء اعماله الكثر كي يرى شخصيا الفرحة على الوجوه، وقد اصبح من الامور المعتادة ان يصطف السائقون في طوابير طويلة للسلام عليه واخذ الصور التذكارية معه، لذا لا تستغرب ان وصلت للقاهرة ولم تجد من يوصلك حيث قد يكون حسن او سوء طالعك قد جعلك تصل مع موعد وصول الزميل المسلماني.

ومما لاحظته ان الزميل الجلاد، وهو اسم على مسمى في حزمه وشدته وصرامته في التعامل مع من يعملون معه، كان يبقي دائما على صلة الود وثيقة مع المسلماني بعد ان عرّفه الاخير اثناء زيارتهما الاخيرة لفرنسا على رؤساء تحرير «لوفيغارو» و«لوموند» و«الاكسبرس» و«لوبارزيان» ولولا قصر الوقت، كما علمنا، لعرفه بالرئيس ساركوزي نفسه.

آخر محطة:
في طريق عودتي من القاهرة جلس بقربي رجل اعمال عربي شهير جدا وقد توقعت ان يطلب جرائد «الوول ستريت» و«الفايننشال تايمز» و«البزنس ويك» الا انه طلب مجلات «جرس» و«المرأة العربية» و«صباح الخير»، ولا عجب ان تدهورت احوال العرب الاقتصادية.

احمد الصراف

قطيع الغنم والتعليم الخاص

تساهم المدارس الخاصة، وفي أي مجتمع كان، بنشر نوع من التعليم والثقافة ومن مستوى رفيع تعجز عادة عن توفيره مدارس الحكومة.
هذه قاعدة عامة يمكن ملاحظتها بسهولة من خلال المقارنة بين مستوى مخرجات التعليم في العام والخاص، أقول ذلك وأنا، ومئات غيري من الأهل والأصحاب، من خريجي مدارس حكومية، ونعرف الفرق بين مخرجات النوعين من خلال مقارنة مستويات تعليمنا بأبنائنا من خريجي المدارس الخاصة، ولكل قاعدة شواذها بالطبع.
من الطبيعي ألا يعجب هذا الوضع الكثيرين لأسباب عدة، فخريجو المدارس الخاصة بغالبيتهم يصعب استقطابهم مذهبيا وعرقيا بسهولة، كما أنهم، بشكل عام، أكثر تسامحا مع الغير بسبب كثرة اختلاطهم مع هذا «الغير» بشكل مستمر.
وفي مبادرة للاعتراض على هذا الوضع المميز، وربما من اجل تخريبه، أبدى عدد من النواب الأشاوس عدم رضاهم عن الوضع، وقاموا بالتصريح بذلك للصحف، ولاشك أن عددا آخر يشاركهم هذا الرأي بصورة أو بأخرى. وللوصول لهدفهم المتمثل بتخريب التعليم الخاص والقضاء عليه بصورة نهائية من خلال «تدجينه» وجعل المنتسبين اليه أقرب، سياسيا وفكريا، لطلبة المدارس الحكومية، وأكثر تقبلا لنظرية القطيع (وين رايحين وياكم)، فقد رفض هؤلاء النواب قيام أصحاب هذه المدارس الخاصة والأجنبية بزيادة رسومها الدراسية، وطالبوا الوزارة باتخاذ إجراءات حاسمة ضدها إن هي أصرت على رفع الرسوم.
لا شك أن معارضة هؤلاء النواب وهم: محمد الهطلان، وصالح عاشور، وراعي الفحماء، وجابر المحيلبي، لم تنبع حتما من حرصهم على مستوى التعليم في الكويت، ولا شفقة على ما يتكبده أولياء أمور طلبة التعليم الخاص من رسوم عالية، فهذا آخر «همّ» غالبيتهم، إن لم يكن جميعهم، ولكنهم على ثقة بأن نجاح مسعاهم في وقف زيادة الرسوم يعني بصورة تلقائية خفض مستوى التعليم، العالي نسبيا، في غالبية هذه المدارس ودفعها دفعا لتتساوى في السوء مع التعليم العام، وبذلك يصبح الجميع سواء.
لا شك أن هناك فئة من أولياء الأمور تعاني الكلفة العالية لرسوم تعليم أبنائها، ولكن هذا لا يعني الضغط على الصالح والطالح في قضية الرسوم، بل يتطلب الأمر إجراء دراسة حقيقية للأسباب التي تدعو هذه المدارس لرفع رسومها، ومحاولة إقرار نوع من الدعم الحكومي لتلك التي تقدم خدمة جيدة ولكنها تشكو من قلة الرسوم.
إن هناك حلولا كثيرة لحل مشكلة الرسوم غير تلك التي ينادي بها هؤلاء النواب، فدفع المدارس الخاصة المميزة لزيادة عدد الطلاب في كل فصل والتخلص من المدرسين المميزين وتقليل الأنشطة الاجتماعية المفيدة ستكون وبالا على الجميع وستخفض من مستويات التعليم في هذه المؤسسات.
على أي حال التعليم الخاص، والمميز بالذات، في طريقه للانهيار، من خلال فرض رسوم مخفضة أو بغير ذلك، بعد زيادة وتيرة تدخل وزارة التربية في خصوصياته ومناهجه وأنشطته!!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

في «عشكم»… ثعبان (2)

 

«في عشكم ثعبان لا تعرفونه»…

أعيد تكرار العبارة التي قالها أحد الضباط الإنجليز في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 1954 للمناضل الكبير عبدالعزيز سعد الشملان بعد إلقاء القبض عليه وعلى زملائه أعضاء هيئة الاتحاد الوطني…

في العمود السابق، كان الموضوع يدور حول «الثعابين» التي بقيت بعد رحيل «الثُّعبان» الكبير الذي لا أحب حتى ذكر اسمه لأنكم كلكم تعرفونه، فهذه الثعابين التي تعيش بيننا اليوم، نعرفها قطْعا وتعرفنا، لا همَّ لها الا العمل على تقويض استقرار البلاد والتأثير على السلم الاجتماعي…

يوم الخميس الماضي أشرت الى الثَّعابين التي حامت حول منزل الشيخ راشد المريخي ليلة زيارة السيد عبدالله الغريفي له في منزله بمنطقة البسيتين، ثم حاولتْ تنفيذ بنود أخرى من خططها التدميرية لكن لقاء وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، أحبط عملهم، إلا أنهم سيعودون إلى العمل من جديد، ولله الحمد، سيكون لهم من سيتصدى لهم! فهم، على رغم الجحور التي يختبأون فيها، فإن كل أهل المحرق من المخلصين لبلادهم، يعرفونهم ويعرفون نواياهم.

الثعابين في «دمستان» أيضا…

في كل قرى المنطقة الغربية – إن جاز لنا التعبير – يعبث بعض الثعابين… وما حادثة القاء الزجاجات الحارقة على ثلاثة من المواطنين إلا واحدة من الحالات البغيضة المقلقة التي يقوم بها الثعابين… سيان بين ثعابين تبث سموم الطائفية وتشعل نار الفتنة، وبين ثعابين تعيث فسادا وتحرق وتدمر وتعرض حياة الآخرين للخطر.

قبل ليلتين، التقيت الأخ حسن مشيمع، وتحدثت معه بشأن اللبس الذي يمنع «العيون» من أن ترى أن هذه الفعالية سلمية للمطالبة بالحقوق المشروعة وفقا للقانون وبما يمنع أية تجاوزات من أي طرف، وبين العمليات الإرهابية والتخريبية والتحريق التي يقوم بها ملثمون «من الثعابين» الذين لا نعلمهم! ما يجعل من التأكيد على دور أهل القرى للتصدي لأية ممارسة دخيلة وكشفها حتى «لا تصبح مسرحية من الحكومة»، مسئولية الجميع، وحجة على من يدعي!

كان لابد من الإشارة الى الحادث البغيض حتى لا يتهمنا البعض بعدم الإنصاف أو بالتستر على «أبناء جلدتكم» أو السكوت عما يفعله «الصفويون» أو ما شابه من عبارات هي في حد ذاتها «كريهة»! فالعنف وتعريض حياة الناس للخطر أمر لا يمكن قبوله شاء من شاء وأبى من أبى… لكن لابد من الإشارة الى أن الحديث عن الثَّعابين، لا يشمل خطباء ومشايخ وناشطين سياسيين ممن يظهرون للناس علنا… فهؤلاء، مهما يكن خطابهم، ومدى اتفاقنا واختلافنا معهم، فإنهم «رجال» ظاهرون أمامنا نراهم ونسمعهم ونستطيع الحديث والاختلاف معهم مباشرة…

لكن «الثعابين» هم أولئك الذين يتحركون في الظلام، ويختبئون في الجحور، ويبثون السُّموم الطائفية والعدوانية بين المواطنين بحذر شديد، حتى وإن كان هناك من يوفر لهم ما يعتاشون عليه، لذلك، سنتحدث عن قصة «الثُّعبان» الذي يظهر خفية بين أحياء وفرجان وبيوت وطرقات المحرق.. ثم يختفي خفية..

سيكون حديثا شيقا… قريبا؟

د. شفيق ناظم الغبرا

السلطوية وتشويه الديموقراطية… تجربة الكويت وتجارب العرب

السلطوية عكس الديموقراطية، هناك تناقض كبير بين سياسة القمع التي تمس الحريات الفكرية والإنسانية وبين الديموقراطية كمفهوم. في واقعنا السياسي العربي وفي تجربتنا في الكويت هناك تداخل بين التسلطية من جهة وبين الديموقراطية التي نطبقها. والكويت ليست استثناء، فهي مثلها في هذا مثل بقية الدول العربية التي تحاول السير في طريق الديموقراطية، بينما المناخ الثقافي والذهني والنفسي للثقافه العربية الإسلامية في الأسرة، كما في الشارع وفي المدرسة، كما في الجامعة وفي الحزب، كما في الجمعية ليس ديموقراطياً، ويميل إلى ممارسة التحكم، انطلاقاً من أن التحكم أفضل الطرق لتحقيق الأهداف(حماية التقاليد والعادات)، مع أن التاريخ والواقع يؤكد بأن التحكم هو أفضل الطرق وأقصرها للفشل في تحقيق هذا الهدف. متابعة قراءة السلطوية وتشويه الديموقراطية… تجربة الكويت وتجارب العرب

سامي النصف

تفنى أمة ليحيا فرد

المفهوم الإنساني العاقل هو أن يفنى فرد لأجل أن تحيا وتبقى أمة من البشر، وقد شهدت الإنسانية بالمقابل في القرن الماضي مفاهيم متوحشة معاكسة فحواها هي أحقية أن تفنى أمة ويموت الملايين من أجل أن يبقى فرد واحد في موقعه حتى لو أثبتت الأحداث والأفعال تباعا عدم أهليته لذلك الموقع.

خسر الألمان خلال السنوات الخمس الأولى من الحرب الكونية الثانية 3 ملايين قتيل ولم تدمر ألمانيا خلالها لكون الحرب كانت قائمة خارج حدودها ولامتلاكها آلاف المدافع والطائرات للدفاع عن أجوائها، وبعد تلك السنوات الخمس انهزمت الجيوش الألمانية على كل الجبهات وتوقفت المصانع وبانت الهزيمة واضحة جلية وكان المنطق يستدعي أن يضحي هتلر بكرسيه ويقبل الاستسلام أو الانتحار لإنقاذ ألمانيا من الدمار المحقق.

رغم معرفة الطاغية هتلر بتلك الحقيقة إلا أنه أصر على القتال مستخدما الأطفال من مخبئه المحمي تحت الأرض مما تسبب في الدمار الشامل لألمانيا وقتل خلال الأشهر التسعة الاخيرة من الحرب 5 ملايين الماني، وكان العسكر اليابانيون على الجبهة الأخرى يعتزمون القيام بالأمر ذاته أي إفناء الأمة اليابانية لأجل عيشهم وبقاء الإمبراطور هيروهيتو في سدة الحكم ولولا القنبلة النووية التي قتلت الآلاف لفني الملايين، وقد ساعد على إنهاء الحرب تعقل الإمبراطور الياباني وتوقيعه على وثيقة الاستسلام.

هذه المعادلة المجنونة تكررت مرارا وتكرارا في تاريخنا العربي الحديث، ويحسب للرئيس عبدالناصر تقديمه لاستقالته عام 1967 اعترافا بالخطأ ولإنقاذ الأمة، كما أتى في خطاب التنحي، إلا أن ذلك المفهوم لم يتكرر بعدها في محيطنا العربي فبقي عرفات رغم حرق عمان، ومثله شمعون وفرنجية ولحود رغم تدمير لبنان.

والمثال الصارخ الآخر هو صدام حسين الذي كان يعلم علم اليقين أن تركه للحكم سيرفع الحصار عن العراق ويوقف موت الأطفال، حيث كانت وسائل الإعلام وأبواقه المأجورة تفخر بموت 1.5 مليون منهم لأجل بقاء الطاغية على كرسيه رافعين شعار «تموت أمة ليبقى فرد».

والنظرية نفسها والمبدأ نفسه، أي التضحية بالشعوب لأجل الأفراد، قامت بهما ليبيا إبان حصارها الطويل، كما ان ذلك مشابه لما يجري في السودان هذه الأيام والذي سيتسبب تصادمه مع المجتمع الدولي في انشطاره لست دول، وقد سبق لقيادات ثورية في المنطقة أن أعلنت مفتخرة بحروبها أنها لا تهتم بعدد الضحايا من اتباعها بينما يتأثر عدوها عند جرح فرد واحد من أبنائه، وهي وصفة انتصار أفضل منها الهزيمة.

ولا يكتفي بعض ساسة ومفكري التثوير العربي بإفناء الأمة لأجل الفرد، بل يطالبون بإفناء أجيال الأمة المستقبلية لأجل ذلك الفرد أو امتداده بأبنائه القابعين على الكراسي عبر ترديد المقولة المدمرة بأن صدامنا مع الآخرين هو صراع أجيال فإذا لم ننتصر هذه المرة فعلينا أن نرحل تلك الحروب لأجيالنا المقبلة، بينما الآخرون يرحلون مشاريع الإعمار والبناء والتنمية لأبنائهم، وقيادات الضرورة لدينا يتوعدون أجيال الأمة بترحيل الخراب والدمار لهم، بئس المقولة!

احمد الصراف

وسطية الوزير الحريتي

تقدمت أحزاب الكويت السياسية الدينية لوزير العدل الأستاذ حسين الحريتي بترشيحاتها لشغل منصب أمين عام مركز الوسطية الذي شغر بمغادرة عصام البشير الكويت، غير مأسوف عليه، على الأقل منا ومن السلف!!
على الرغم من كفاءة بعض الذين رشحت أسماؤهم لشغل هذا المنصب الهلامي التوصيف، فان من الصعب تصور حيادية أي منهم مادام ترشيحهم جاء من حزب سياسي ديني محدد، فهذا سيجعله مدينا لذلك الحزب ساعيا لإرضائه ما أمكن من خلال طريقة صرف موازنة المركز الكبيرة أو شغل وظائفه العديدة من مناصري ذلك الحزب الذي أتى به أمينا، وهذا كفيل بإعادة مركز الوسطية لدوامة الصراع الحزبي الذي كان يتقلب بناره طوال سنوات ثلاث.
إن مشكلة المركز الحقيقية لا تكمن فقط في صعوبة إيجاد الشخص المناسب لشغل وظيفة أمانته ولا يكون محسوبا على حزب ديني معين، فهذا المحايد، إن وجد، لن تقف معه أي جهة سياسية وسيسقط في نهاية الأمر، وغير المحايد سوف يعارضه الطرف الآخر ويسقطه لا محالة بعد فترة، مشكلة «المركز العالمي لنشر الوسطية» تكمن في اسمه الذي لا يخب على إدارته فقط، أيا كانت، بل على الكويت برمتها. فليس هناك ما يمنع من الاعتراف بأننا نفتقد الكفاءات والقدرات والأموال اللازمة لنشر «وسطية» محددة في العالم أجمع. فهذا ليس دور الكويت ولا أي دولة إسلامية في العالم، لسبب بسيط هو عدم وجود تحديد معين لما تعنيه الوسطية ضمن «العائلة الواحدة»، فما بالك بين البلد والآخر أو القارة والأخرى!!
ما يعنينا حقا هو نشر الوسطية في وطننا الصغير، وهو ما فشل في تحقيقه هذا المركز وسيفشل في تحقيقه أي جهاز حكومي مسيس!! فنشر الوسطية لا يمكن أن يتحقق عن غير طريق المناهج الدراسية، فمنها بدأت مشكلة التطرف وفيها لا تزال تكمن وبتعديلها يكمن الحل!!
نتمنى على وزير العدل العادل حسين الحريتي الضغط على إبرة إنهاء حياة المركز إلى الأبد، بعد أن ثبت عدم جدواه، كما أن وضعه الإداري لن يستقر أبدا، فما يراه «الإخوان المسلمين» أمرا وسطا قد لا يكون كذلك برأي السلف ونظرهم، دع عنك رأي بقية التجمعات الدينية المخالفة الأخرى!! ففي تصفية المركز تكمن الوسطية الحقة، وفي إنهاء عمله يكمن وأد الفتنة بعد أن أصبحت شؤونه ساحة حرب لمختلف التوجهات الدينية ومصدر توتر سياسي لن ينتهي، فوضعه الإداري المهلهل أصلا وهدفه الهلامي غير الواضح وموازناته وحفلاته ستكون دائما شوكة في خاصرة كل وزير عدل قادم!!
ملاحظة:
وردتني عشرات الردود على الانترنت على مقال الاثنين «العريفي وغوغل»، وكانت في غالبيتها تهاجم وتنتقد موقفي من العريفي تارة او موقفي من محمد تقي تارة اخرى!! ولم يردني اعتراض واحد شمل الاثنين!! وهذا يعني ان كل طرف كان معترضا على الكتابة عن «صاحبه» ولكنه راض في الوقت نفسه عن الكتابة ضد «صاحب» الآخرين!! هل وصلنا لقمة التناقض وعدم الموضوعية؟ لا اعتقد ذلك، فلا يزال هناك متسع!!

أحمد الصراف

سامي النصف

لو لم تكن في الكويت ديموقراطية!

يقول بعض المحللين المحليين اننا كنا قبل 50 عاما نسبق دول الخليج بخمسين عاما من التطور، واليوم تسبقنا بعض دول الخليج بما يقارب الخمسين عاما رغم وجود تشابه يقارب التطابق في اوضاع الكويت وشقيقاتها من حيث الموقع والطقس والتاريخ والدين والثقافة والاعراق والاعتماد على النفط، فلماذا تقدم المتأخر وتأخر المتقدم؟!

يصل هؤلاء المحللون الى نتيجة يرونها منطقية، وهي في ظل التشابه او التطابق السالف ذكره ووجود فارق وحيد هو الممارسة الديموقراطية في الكويت – والبحرين – التي ابتدأت قبل نصف قرن، وهي ان تلك الممارسة السياسية هي وحدها سبب تخلف وتراجع الكويت كونها غلت ايدينا في عمليات الاعمار والتنمية والتطور، بينما بقيت ايدي الجيران طليقة، فأين الحقيقة في ذلك القول الشائع؟!

اعتقد ان التجربة الديموقراطية لو لم تبدأ في الكويت لبقينا على تخلفنا النسبي عن دول الخليج الاخرى لاسباب عدة منها: اننا حصلنا على استقلالنا في بداية الستينيات وهو زمن علو ونهوض الاشتراكية العربية والعالمية بقيادة عبدالناصر والاتحاد السوفييتي مما جعلنا نستورد كثيراً من الافكار والانظمة المتخلفة منهم والتي تقوم على مفهوم الدولة الريعية وتمنع العقاب والثواب وتقضي على الابداع والابتكار في وقت استقلت فيه دول الخليج الاخرى في السبعينيات، اي بعد انحسار تلك التوجهات المدمرة وفي وقت حافظت فيه السعودية على صداقتها المميزة مع الدول الغربية المتقدمة مستوردة كثيرا من انظمتها منها ومبتعدة بالمقابل عن الدول الاشتراكية والماركسية.

لقد تخلت منظومة الدول الاشتراكية وعلى رأسها دول حلف وارسو عن تلك الافكار المعرقلة للتنمية، ومثلها مصر، بينما اصبحنا ومازلنا نجذرها مع كل اقتراح نيابي ريعي غير مسؤول يقدم – وما اكثرها هذه الايام – فاجتمع علينا ما لم تعان منه دول الجيران، اي بيروقراطية الديموقراطية وشيوع الافكار الاشتراكية.

وهناك ثقافة سالبة متوارثة في الكويت – وحتى لبنان – تسببت في قلة الانجاز، ولا يوجد لها مثيل في دول الخليج الاخرى، وهي حدة الجدل ووفرة الصراع السياسي بين الكتل المختلفة وعدم مناعتها لتوقف اعمال التنمية في البلد في انتظار انتهاء تلك الصراعات التي لا تنتهي وتلك الثقافة، ومعها ثقافة التشكيك في كل مشروع حكومي هي امور مترسخة في الاذهان ولا علاقة لها بوجود الديموقراطية من عدمه.

في الخلاصة:
سبب تخلف الكويت عن جاراتها يجب الا يحصر في التجربة الديموقراطية بل ان القضية اكبر من ذلك بكثير، وتستحق المناقشة العاقلة لها لدعم الصحيح وتصحيح الخطأ.

آخر محطة:
من غريب ما نراه في الكويت – ومثلها لبنان – ومما لا نرى مثله في دول الخليج الاخرى دعوى تفشي الفساد المالي والاداري الشديد في البلدين رغم وجود اجهزة رقابية لا توجد لدى الآخرين، ونعني البرلمانات والصحافة الحرة واستقلالية القضاء ودواوين المحاسبة، فماذا كان سيحدث لو لم تكن تلك الاجهزة الرقابية موجودة؟ اي هل سيزيد الفساد ام سيقل؟

احمد الصراف

طلاسم الشؤون وتبرعات رمضان

أعلنت وزارة الشؤون، وفي اعتراف تكرر صدور ما يماثله عشرات المرات، وعلى لسان مدير إدارة «الجمعيات والمبرات الخيرية» فيها، أن هناك بعض «الملاحظات» على عملية جمع التبرعات خلال شهر رمضان، وأن مقترفي هذه «الملاحظات» أشخاص لديهم جهود شخصية (هكذا) للحصول على الأموال بأي شكل، وأنه سيتم الإعلان عن الملاحظات بشكل شامل بعد رمضان! وقال السيد المدير أن هذه «التجاوزات» إساءة وتشويه لتاريخ الجمعيات الخيرية، ولكن على الرغم من ذلك، لم يتم ضبط أي مخالفة، بل بعض «الملاحظات»!
ثم ناقض نفسه بالقول إن لديه «أدلة وبراهين» تؤكد أن الجمعيات الخيرية ذاتها هي التي تطالب بإزالة هذه «المخالفات» من مرتكبيها! وأن الوزارة ستلاحق هؤلاء المرتكبين لعدم قانونية فعلهم(!!!).
من الواضح أولا أن السيد المدير، ناصر العمار، يتحلى بشجاعة نادرة، فالجبهة التي يقاتل فيها ليست سهلة، والأشخاص والجهات الذين يحاول التصدي لهم ليسوا بالعاديين، وفي دول كثيرة يسقط الكثيرون صرعى معارضتهم لجمع مثل هذه الأموال الكبيرة والسهلة، كأموال الخيرات بالذات التي لا صاحب لها ولا رقابة فعالة عليها، وفوق هذا وذاك للقائمين عليها حصة الأسد.
ولكن شجاعة السيد العمار غير كافية لوقف طوفان التجاوزات التي حاول التخفيف من خطورتها بوصفها في تصريحه تارة بـ«الملاحظات»، وتارة بالتجاوزات، ثم زاد «الجيلة» ووصفها بـ «مخالفات»، وأنه ستتم ملاحقة مرتكبيها! فكيف تكون هذه الأفعال غير السوية من «قبل البعض» ملاحظات مرة، وتجاوزات مرة ثانية، ومخالفات غير قانونية في الوقت ذاته، ومتى كانت السلطات الحكومية تلاحق المواطنين وتعاقبهم على «ملاحظات»؟
كما نشك في أن يفي السيد العمار بتعهده، ويقوم بكشف أسماء الأشخاص الذين ارتكبوا تلك المخالفات غير القانونية، وإن فعل ذلك فلن يستطيع في نهاية الأمر كشف الأدلة والبراهين التي يمتلكها، والتي قال إنها تدين بعض «الجمعيات الخيرية» التي وقفت وراء هؤلاء المخالفين وطالبته شخصيا بإسقاط تهمة المخالفات القانونية عنها. وإن قام بذلك، وهذا ما نتمناه، فإنه سيعجز عن توقيع أي عقوبة حقيقية بحق أي طرف منهم، والأهم من كل ذلك أن الأموال التي جمعت بغير حق لن تسترد بعد أن طارت الطيور «الخيرية الطيبة» كالعادة بأرزاقها!
نريد فقط أن تكون وزارة الشؤون الاجتماعية جادة لمرة واحدة مع هذه الجمعيات والمبرات الخيرية التي أصبحت دولة داخل دولة، والمنتمون إليها ليسوا رجال دين فقط، بل ويعملون في الوقت نفسه أئمة مساجد ورؤساء وأعضاء لجان شرعية في البنوك والمؤسسات المالية، في الوقت الذي تعمل أغلبيتهم موظفين كبارا في مصالح حكومية معروفة. وقد وردتني شخصيا رسائل هاتفية قصيرة من السيد خالد المذكور تطالبني بالتبرع لأحد مشاريعه. كما تضمنت صحف رمضان الكثير من الفلايرز التي تحمل صورته من أجل جمع تبرعات. فهل حصل السيد المذكور على إذن الجهات المختصة بجمع التبرعات، خصوصا أنه يعمل في وظيفة حكومية ويدير ويشارك في عشرات اللجان الشرعية في مختلف المصارف والمؤسسات المالية مقابل أجر؟
نتمنى أن تتمكن جهة ما من فك كل هذه الطلاسم، وتجيب ولو عن بعض تساؤلاتنا.

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

هنا الكويت

قد أتمكن من استيعاب أن يتعصب شخص أو مجموعة ما لأفكار ومعتقدات ورؤى معينة، وقد أتمكن أيضا من تحمّل الاختلاف بالرأي والأفكار مهما كانت الأفكار المضادة لأفكاري باعتقادي بالية وغير منطقية، كل هذا من الممكن بالنسبة لي أن أستوعبه وأتقبله.

الدكتور محمد العوضي على سبيل المثال لا الحصر من الأمثلة الجيدة باعتقادي على الثبات على الأفكار والرؤى، وإن اختلفت مع الكثير من أفكاره، إلا أنه لا يسعني إلا أن أقف إجلالاً واحتراماً له لثباته على ما يعتقده دون تناقض أو تلوّن، على عكس الكثير من التيارات في الكويت خصوصا الدينية منها.

ولكن المحير فعلاً وهو ما أراه في أغلبية المجتمع الكويتي أو على الأقل أغلبية من أراهم كي لا أعمم تعميماً قد يكون خاطئا، هو التناقض والهوّة الشاسعة ما بين طريقة تصرف المجتمع الكويتي وطريقة تحدثهم، وسأسوق بعض الأمثلة المدللة على ما أقول:

فالمجتمع الكويتي يختار من يمثله في مجلس الأمة ممن يرفضون الاشتراك بين الجنسين في الأماكن العامة، ونفس المجتمع يذهب ويسعى وأشدد على «يسعى» إلى كل مكان مشترك كالمجمعات التجارية أو المتنزهات أو المطاعم أو حتى السفر إلى البلدان الكافرة!!

المجتمع الكويتي يختار من يمثله في مجلس الأمة ممن يضع ضوابط تصلح كأفلام لهنيدي وأحمد حلمي على الحفلات الغنائية، ويضع أيضا ضوابط على مواعيد عمل المرأة، ونفس هذا المجتمع برجاله ونسائه يملأ الحفلات الغنائية داخل وخارج الكويت، ولعل حفلات العيد الأخير تشهد على ما أقول وحفلات «هلا فبراير» كذلك.

نوّاب التيارات الدينية يرددون بأن المجتمع محافظ لا يرغب في العادات الدخيلة، وهو من يحارب أي محاولات تغريبية، في الوقت الذي نجد فيه الكثير من أبناء هذا المجتمع يتجمهرون بشكل يجعل مجمعاً ضخماً جداً كالأفينيوز يغلق أبوابه لتجمهر عدد كبير من أبناء المجتمع أمام بوابات المجمع فور سماعهم إشاعة مفادها أن مهند ولميس سيوجدان في المجمع!! والأمر نفسه حدث قبل سنوات لدى افتتاح «فيرجن» الذي انكمش حجمه بسبب تدخلات نوّاب الأمة.

تلك هي مجرّد أمثلة أسوقها لكم لتبيان التناقضات التي نعيشها، والمصيبة أننا نناقض أنفسنا وليس غيرنا، وهو الأمر الذي يقودنا إلى الخلف دون شك، فنحن لا نصادق النفس بل نذهب لنصوّت ونسوّق لأطول لحية كي تمثلنا في المجلس، ونهتف في الوقت نفسه لتامر حسني فور دخوله إلى صالة الحفل!!

خارج نطاق التغطية:

النائب الموقر محمد هايف أدلى بتصريح عن ضرورة قيام وزارة أحمد باقر «تسمى قديما بوزارة التجارة» بفصل الجنسين في الحفلات الغنائية، فهل الحفلات الغنائية حلال في نظر نائب الأمة والمشكلة تكمن بوجود الجنسين معا؟

سامي النصف

ادعموها ثم حاسبوها

هناك مفهوم خاطئ متوارث لدى النواب الافاضل هو ان دعم برامج الحكومة يعني عدم القدرة على محاسبتها اللاحقة، والحقيقة ابعد ما تكون عن ذلك بل هي تحديدا على النقيص منه حيث ان معارضة واسقاط كل ما يأتي من الحكومة يعني بالتبعية عدم القدرة على محاسبتها، فكيف تحاسب من غللت يده ومنعته من العمل؟! ان الموافقة على خطة عمل الحكومات، كما يحدث في جميع الديموقراطيات الاخرى تعني المحاسبة طبقا لمبدأ وافقناكم واعطيناكم الفرصة فماذا فعلتم؟!

نقول هذا بعد ان تقدمت الحكومة عبر الامانة العامة لمجلس التخطيط ببرنامج عملها الضخم المكون من مجلدين يحتويان على الف صفحة ويتضمنان مسودة خطة التنمية الخمسية للاعوام 2009 – 2014 لتقديمها لمجلس الامة في 02/01، وبداهة فتعطيل تلك الخطة يعني بكل بساطة ايقاف حال البلد ثم الشكوى بعد ذلك من تقدم الآخرين وتأخرنا.

وأحد الاسباب التي تخلق حالة المعارضة والصدام الدائم بين المجلس والحكومة والتي ادت الى اوخم العواقب في السابق، يقوم على حقيقة ان الناخب الغاضب يخرج دائما نائبا غاضبا، فكلما زار النواب الافاضل دواوين المواطنين وسمعوا منهم تذمرهم ومعارضتهم وتشكيكهم بكل ما يأتي من الحكومة عكسوا ذلك بمواقف حادة في المجلس، فالنائب في النهاية هو مرآة للناخب.

وعليه فان الدعم «الحقيقي» والفاعل لبرنامج عمل الحكومة يقوم على خلق عمل مؤسس منظم يبدأ قبل سنوات من عرض ذلك البرنامج لتسليط الضوء على مشاريع الدولة كي تعطي المواطنين الطمأنة بان اموالهم في يد أمينة وتستخدم لخدمتهم وخدمة اجيالهم المقبلة عبر المشاريع التنموية الكبرى التي تتقدم بها الدولة، ومن ثم ضخ كم كبير من العقلانية والموضوعية والتفاؤل – بدلا من الاحباط والسوداوية – لدى الرأي العام الكويتي.

اننا امام لعبة كرة قدم سياسية متصلة منذ ما يقارب نصف قرن تلعب امام المواطنين الكويتيين تخلى احد طرفيها، ونعني الحكومة، وبشكل فريد عن القيام بأي جهد لكسب الجمهور الذي تحول بأسهل الطرق للفريق الآخر، ونعني النواب، ممن بالغوا في استمالته حتى اصبحوا اسرى دلاله ورغباته التي منها ان يحل هو محل اللاعبين والحكام والمدربين، اننا بحاجة الى وقفة جادة تعيد النظر في قواعد لعبتنا السياسية لتجعلها في رقيها وتقدمها وانضباطها قريبة مما نراه قائما في الملاعب السياسية الأوروبية.

آخر محطة:
ان برنامج عمل الحكومة المقدرة كلفته بمليارات الدولارات حاله كحال أي سلعة أخرى مهما قل ثمنها بحاجة الى تخصيص أموال وموارد لتسويقه، لقد تبنت الحكومة في السابق مشاريع لتسويق الوسطية ومكافحة المخدرات… الخ، والواجب ان تتبنى قضية تسويق برنامجها، فدون تسويق لن ينجح البرنامج.