احمد الصراف

بلاستيك حكومتنا «المدودهة»

أظهرت الأرقام الصادرة عن إدارة مراقبة البيئة في الدول الغربية، زيادة مخاطر استخدام الأكياس البلاستيكية على البيئة وقاطنيها من بشر وكائنات برية وبحرية أخرى.
ويقال إن هناك ما يزيد على تريليون كيس بلاستيك تستخدم في العالم سنويا، وما يعاد تدويره منها لا يزيد على 1%، علما بان تكلفة جمع وإعادة تصنيع طن من هذه الأكياس يقارب 4000 دولار، ولا تباع بأكثر من 35 دولاراً!
وتشكل أكياس القمامة والمنتجات البلاستيكية الأخرى ــ التي تقوم عشرات آلاف السفن بإلقائها في البحار والمحيطات كل يوم ــ مشكلة حقيقية للبيئة البحرية، وعلى الرغم من ان هذه الأكياس لا تتحلل بسهولة فإنها تتفتت مع الوقت إلى قطع بالغة الصغر وتتحول إلى مواد لها تأثير خطير في تسمم التربة والمجاري والممرات المائية. وكنتيجة لذلك، فإنها تدخل في غذائنا اليومي من دون ان نشعر!
وبينت الدراسات انه لو قام فرد من كل خمسة أفراد، في الولايات المتحدة الأميركية فقط، بالاستغناء عن استخدام الأكياس البلاستيكية، واستخدام بدلاً منها أكياس القماش التي يعاد استخدامها المرة تلو الأخرى، فإن بالإمكان توفير 1330560000000 كيس، خلال حياة جيل واحد. وفي هذا السياق، قامت بنغلادش بمنع استخدام الأكياس البلاستيكية بشكل مطلق، كما منعت الصين صرف الأكياس البلاستيكية مجاناً، ووفرت ايرلندا 90% من استهلاكها من هذه الأكياس بعد فرض ضريبة على استخدامها. وقائمة الدول التي تمنع استخدام هذه الأكياس في ازدياد، ومنها على سبيل المثال رواندا واسرائيل وكندا، كما أصبحت سان فرانسيسكو قبل عام، أول مدينة أميركية تمنع استخدام أكياس التسوق هذه.
والآن، ما الذي بإمكان دولة صغيرة وغنية ان تفعله لحماية بيئتها؟!
لا شك ان هناك الكثير الذي يمكن القيام به، لو كانت لدينا حكومة غير «مدودهة»، ومجلسنا يعرف أولوياته حق المعرفة، ويفترض هنا أن الجهات الوطنية والاقليمية المهتمة بالبيئة تعرف مدى خطورة وأهمية عملها، ولكن هذا ابعد ما يكون عن الواقع!
قد أكون من أكبر المستفيدين في الكويت من بيع الأكياس البلاستيكية، لكنني على أتم الاستعداد لمشاركة أي جهة، ماديا ومعنويا، ترغب في المشاركة في التقليل، على الأقل، من استخدام الأكياس البلاستيكية في الجمعيات التعاونية والأسواق المركزية كمرحلة أولى وترويج استخدام أكياس قماش تباع بثمن رمزي لتشجيع استخدامها، بدلاً من هذه المواد الخطرة على البشر والزرع والحيوان والطير، وحتى على شكل الماء والحجر!
الدعوة مفتوحة.. فهل من مجيب؟

أحمد الصراف

سامي النصف

نريد حل أبو بدلة

تزامن انهيار الأسهم والعقار في الكويت عام 82 مع انهيار مماثل في سنغافورة، في الكويت ألبسنا حلولنا الدشداشة كما قيل في حينه فبقينا في تبعات تلك الكارثة حتى اليوم، في سنغافورة شاهدت على تلفزيونهم إبان زيارتي لهم آنذاك كبار مسؤوليهم وهم محاطون بالخبراء السويسريين والإنجليز والأميركان ممن لم يعدوهم كحالنا بوصفة سحرية تنهي الإشكال في لحظة بل طلبوا منهم تعديلات جذرية تختص بالتعليم والتدريب للتحول إلى منهاجية التقنيات العالية بالعمل مع الحض على المزيد من الانفتاح كي ترتفع وتستقر أسعار الأسهم والعقار وهو ما تم خلال سنوات قليلة، نرجو أن نتواضع ونحضر هذه المرة الخبراء والمختصين الأجانب لنصحنا بكيفية تجاوز الأزمة الحالية كي لا تتحول من أزمة طارئة إلى كارثة دائمة، خاصة أننا لا نملك الخبرات اللازمة لإدارة الأزمات الكبرى.

ودعيت قبل 3 سنوات لحضور منتدى القادة في دبي وقد اخترت ضمن جمع صغير لا يزيد على عشرة أشخاص للقاء القادة خلال الاستراحة وكان مما استمعنا له وما كتبته في حينه هو تحذير بعض المحاضرين الأميركان خلال ذلك اللقاء الخاص من العجز الخيالي في ميزان المدفوعات الأميركي وأن اقتصاد الولايات المتحدة مقبل على كارثة عظمى بسبب الصرف غير المسؤول وعدم وجود أجهزة رقابية تخلق ضوابط لما يحدث، التساؤل المحق: لماذا لم نسمع بشكل مسبق تحذيرا واحدا من خبرائنا مما يجري هذه الأيام؟!

لو كان هناك جمع من الناس وأصيب بعضهم بمرض خطير، المتوقع حال وصول المسعفين أن يتعاملوا مع المرضى، لا أن يتوجهوا لإعطاء الأصحاء الأدوية والمقويات، خطة إنقاذ البورصة تتركز هذه الأيام على شراء أسهم المؤسسات المالية المتعافية وترك ما أصابها المرض، المفترض أن تشتري الدولة أسهم الشركات المعتلة ثم تقوم بإعـادة هيـكلتــها وتثبـيت من يصلح من إدارتـــها والتخلص ممن يقامرون بأموال المساهمين.

لا اعتقد أن هناك من رجال التشريع من سيعترض على خطة إنقاذ البورصة كونه سيتعرض لغضب ناخبيه من المساهمين، إضافة إلى تحمله تبعات تداعيات ما سيحدث للشركات مستقبلا، حيث إن الاقتصاد هو عبارة عن عجلة يستفيد منها الجميع متى ما تحركت ويتضرر منها الجميع متى ما توقفت، راجين أن نرقب تعاونا مثمرا بين السلطتين للتخفيف من تداعيات الأزمة الحالية، وللعلم كارثة مناخ واحدة في العمر تكفي وتزيد.

آخر محطة:
 يقوم بعض أعضاء مجالس إدارات الشركات المهمة بالبيع على الصناديق الحكومية من منطلق أن الدعم سيتوقف يوما وستهبط الأسعار وحينها سيشترون ما باعوه اليوم بثمن بخس، لذا فلست متفائلا على الاطلاق بنتائج الربعين الثالث والرابع لمعظم الشركات والبنوك كونها قد تطبخ بعكس ما يعتقد، لإظهار عجوزات مصطنعة كبيرة تساعد على الشراء من القاع.

احمد الصراف

بشائر الطبطبائي وديوان الحجي

بعد سلسلة الانهيارات التي اصابت الاسواق المالية العالمية، وبعد ان تبين وجود خلل كبير في انظمة الرقابة، قام البعض من مدعي المعرفة والتدين بكتابة مجموعة من المقالات التي انتقدوا فيها النظام المالي العالمي، وان الخلاص يكمن في التخلي عن نظام الفوائد الحالي، الذي يعتقد البعض بعدم شرعيته، واستبداله بالنموذج الاقتصادي الاسلامي!! لا اعرف ان كان البعض من هؤلاء يحاول ادعاء الغباء ام انهم حقا كذلك. فمن المعروف ان لا مؤسسة مالية في العالم تعطي قروضا او تسهيلات مالية من دون تحميلها فوائد مالية بطريقة او بأخرى. ومعروف ايضا ان النظام المتبع في المؤسسات التي تدعي العمل بموجب الشريعة الدينية الذي يسمى بـ«المرابحة» اكثر كلفة من نظام الفوائد الثابتة، ولكن هذه قصة اخرى.
في هذا السياق بشرنا النائب وليد الطبطبائي، (الوطن 26ــ9) بنية اليابان والمانيا التفكير جديا في تطبيق النظريات الاقتصادية الاسلامية! كما بشرنا بأن المكسيك خصصت حافلات ركاب (باصات حسب قوله) مخصصة للسيدات فقط، وهذا، في نظره، يمثل نوعا من الفصل الجنسي. كما ختم سلسلة تبشيراته بالقول ان بريطانيا اعلنت عن انشاء محاكم تعمل وفقا للشريعة الاسلامية!.
السيد الطبطبائي خريج كلية الشريعة الاسلامية، ويربي لحية كبيرة، وهو بالتالي شكلا وعقلا اقرب إلى رجل الدين منه إلى السياسي البرلماني، وهو وصورته العامة وتصريحاته يؤكد ما لم نتوقف عن التحذير منه من خطورة «خلط» الدين بالسياسة، فعندما يكذب السياسي، وعادة ما يضطر إلى ذلك، او حتى يميل إلى الكذب، فإن من الصعب عدم ربطه تدينه بتصرفه العام!
لعلم السيد الطبطبائي وقرائه والمعجبين به من ناخبين وغيرهم، لا اليابان ولا المانيا تفكران، ولا غيرهما، لا من قريب ولا من بعيد، لا جدا ولا هزلا، بتطبيق، او حتى بدراسة النظريات الاقتصادية الاسلامية، لسبب بسيط يتعلق بعدم وجود «نظريات اقتصادية اسلامية» اصلا. وان وجدت مبادئ وقواعد هنا او هناك، فدرجة الاختلاف بين مطبقيها اكثر من ان تحصى. كما انها في غالبها تصلح لمجتمعات اقل تعقيدا واكثر بساطة في العيش!
فإذا كان العالم الاسلامي برمته، وبعد اكثر من 14 قرنا، يفتقر الى دولة واحدة، او حتى مجتمع اسلامي واحد، يطبق مبادئ تجارية دينية، دع عنك «نظريات اقتصادية اسلامية متكاملة»، فمن اين لليابان والمانيا هذه النظريات؟ وكيف يمكن تصديق ادعاء النائب بأن هاتين الدولتين تفكران في تطبيق اي منها؟ واين نجحت اصلا لكي تكون قدوة لهم او لغيرهم؟ ولماذا يصر البعض على تحميل عقائد سامية بأثقال دنيوية لم تخلق من اجل تقديم حلول لها؟
اما عن موضوع قيام السلطات في المكسيك بتخصيص حافلات خاصة لنقل الركاب فلا يعني الخبر شيئا، مع افتراض صحته، ولسنا في معرض نفي ذلك. فتخصيص حافلات للسيدات فقط امر يمكن توقع حدوثه في اي مجتمع، وهو اجراء طبيعي يسمح للفرد باختيار ما يناسبه، شريطة ان تتوافر له البدائل الاخرى. ما يحدث عندنا اننا نجبر المرأة، او الرجل، عن طريق القانون، بضرورة اتباع نظام معين لا لشيء الا لان ذلك النظام يتفق وهوى البعض وآراءه وليس لان ذلك النظام هو الاسلم والاصح. ونعلن هنا للسيد الطبطبائي بأننا لسنا فقط على استعداد لوضع يدنا بيده ومطالبة الحكومة بتخصيص حافلات خاصة بالسيدات فقط، بل ونزيد على ذلك باستعدادنا للتبرع بثمن خمس حافلات منها تخصص للغرض الذي يدعو إليه النائب وليد، شريطة قبوله بمساواة وضع المرأة لدينا بالمرأة المكسيكية!
اما ادعاؤه ان بريطانيا «اعلنت» عن انشاء محاكم تعمل وفق الشريعة الاسلامية فهو مجرد «ادعاء»، وغير صحيح، ولم يزد على كونه رغبة ابداها اسقف كنتنبري للحكومة البريطانية بضرورة اعطاء الشريعة دورا اكبر في قضايا الاحوال الشخصية المتعلقة بمسلمي بريطانيا من المسلم! وياليت مشرعنا يفكر بمثل هذا التفكير الراقي مع قاطني الكويت، من غير المسلمين، من مواطنين وغيرهم!

ملاحظة:
لا اعرف حقيقة عمل «المحافظ»، ولكني ابتسمت مطولا وانا اقرأ ما اعلنه محافظ الفروانية، السيد عبدالحميد الحجي، عن معاودته «استقبال رواد ديوانيته اثناء اوقات العمل صباح كل اثنين! فهل يقتدي جميع مسؤولي الحكومة بهذا العرف الجميل لتتحول وزاراتنا الى دواوين سوالف وشرب قهوة وشاي؟

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

كرة قدم

ما الذي يميز 22 لاعباً وكرة واحدة تسلب ألباب الناس وتجعلهم يتعلقون بها بهذا الشكل؟! بأمانة لأول مرة وأنا أتابع إحدى المباريات الكروية أخذت أفكر في كل تلك الأمور، فوجدت الأسباب منطقية وكثيرة أعرضها عليكم لعلها توضح الصورة لكم كما أوضحتها لي من قبلكم:

في الرياضة بشكل عام وفي كرة القدم بشكل خاص المهم هو تسجيل الأهداف بشكل أكبر في الفريق الخصم، فلا يهم إن سجل هذه الأهداف لاعب كبير في السن أم صغير، أو إن كان ذا بشرة داكنة أم فاتحة، أو إن كان ذا لحية طويلة أم أجرد الوجه، أو إن كان ذا شعر طويل أم أصلع، أو إن كان متشبّها بالنساء أم رجلا… كل ما يهم هو أن تسجل أو تساعد فريقك على الفوز.

لا يهم إن كنت قبل المباراة ذاهباً إلى الصلاة أم إلى بيوت الهوى، ولا يهم إن كنت صائما أم غير ذلك، فكل ما يهم هو تسجيل الأهداف وفوز فريقك، هذا ما يهم مجلس الإدارة واللاعبين وجمهور فريقك.

أما بالنسبة للحكم، فهو لا يهتم باتخاذ قراراته إن كنت أصيلاً أم «بيسري»، ولا يهتم إن كنت ستذهب إلى حسينية أو مسجد أو كنيسة، أو إن كنت حضرياً أم بدويا، فكل ما يهمه هو العدل الإنساني في قراراته، وإن وجدت مراقبة الحكام بأنه يحابي طرفاً ضد الآخر فسيعاقب، فالحكم لا يهتم إطلاقا إن أقسمت له بالله أو بأي مقدس تراه، فما يراه يحكم به ولا تعنيه أي أمور أخرى.

ويأتي بعدها اختيار المنتخب، وهو مما يتضح من اسمه بأنه صفوة لاعبي الدولة، الذين يتم اختيارهم ليمثلوا البلاد التمثيل الحسن في منافساتهم، وحين الاختيار لا يهم إن كان معارضا للتيار الحاكم أو مؤيدا له، أو إن كان معارضا لتعديل الدستور أو مطالبا بالتغيير، أو إن كانت تربط اللاعب صلة قرابة بالحاكم أو الرئيس أو المدير (هذه الحال لا تنطبق على بلداننا العربية)، كل ما يهم هو الكفاءة والقدرة على الفوز بنقاط اللعبة.

إذن، فالمهم هو الفوز وما ستفعله قبل المباراة وبعدها لا يهم لأنه شأن يخصك، سواء كان في علاقتك بربك أو بأهلك أو غيرها من شؤون، لهذا فكرة القدم والرياضة بشكل عام ناجحة بكل المقاييس، وأغلبية سكّان العالم تتابعها.

أعتقد أننا يجب أن نتعامل مع الكويت كفريق نريد له الفوز غير مكترثين بشيء إلا الكفاءة، فهل من مطبّق؟

خارج نطاق التغطية:

مدونة «لا أرى لا أسمع لا أتكلم» من المدونات المتميزة بالمواضيع المهمة، نشرت موضوعا بعنوان «لا للتربية نعم للتعليم» يكشف مصائب في المناهج الدراسية، أعتقد أنه موضوع يستحق القراءة www.the-3-monkeys.blogspot.com.

سامي النصف

مع الجمهوريين وضد ماكين

استضافتنا الزميلة منتهى الرمحي ضمن برنامجها الشائق «بانوراما» الذي تبثه قناة «العربية» للحديث حول الانتخابات الاميركية وكان رأينا ان الجمهوريين اكثر فائدة للعرب من الديموقراطيين، حيث يدعمهم في العادة رجال النفط ومن ثم سيبقون اسعار النفط في مستويات معقولة بعكس الديموقراطيين، القادمين لا محالة، ومعروف ان النفط هو المورد الرئيسي للدول الخليجية والعراق وسورية ومصر والسودان وليبيا والجزائر واليمن اي اكثر من 85% من الشعب العربي، كما ان سياسة الجمهوريين الحازمة ستردع بعض المتربصين بوطننا العربي اضافة الى منعها قيام حرب اهلية في العراق قد تمتد الى جيرانه.

هذا الموقف الموجب والمؤيد للجمهوريين لا يمنعنا من الوقوف ضد المرشح ماكين بسبب غطرسته وعنجهيته حينما لم ينظر في المناظرة الأولى لمنافسه اوباما كما استخدم معه في المناظرة التالية مصطلح «هذا الواحد» وهو مصطلح يستخدمه بعض المتعصبين البيض عند تحدثهم عن السود، اضافة الى محدودية القدرات وقلة الذكاء حتى عند مقارنته بالرئيس بوش الابن الذي وصف اميركيا بالغباء وادت قراراته الى الكوارث لأميركا، والعالم، واحراج اصدقائها ومؤيديها.

ففي مقابل اوباما الحائز على الدكتوراه من جامعة هارفورد (في اميركا لا يتباهون بحرف الدال كما هو الحال عندنا) نجد ان سيرة ماكين تظهر انه انضم للكلية البحرية بواسطة من والده الادميرال، وقد كان ترتيبه عند التخرج هو 894 مما مجموعه 899 طالبا، وللمقارنة فالرئيس بوش الابن خريج جامعة ييل وقد اصبح طيارا في الحرس الوطني بواسطة كذلك من والده بوش الاب بعد سقوطه في امتحان تأهيل الطيران (الابتديود تست) حتى لا يخدم في ڤيتنام.

ولم يسقط بوش الابن اي طائرة قادها بعد سقوطه في امتحان القبول اما ماكين فقد اسقط 5 طائرات حربية في التمارين قبل ان يسقط وطائرته فوق هانوي وهو معدل لو قام به كل طيار حربي اميركي لانتصر الاتحاد السوفييتي على اميركا دون حرب، وقد اصيب ماكين في يديه – حتى انه لا يستطيع ان يصفف شعره بيده هذه الايام – ورجليه كونه لم يضمهما كما يعرف كل طيار حال خروجه من الطائرة بعد اسقاطها وقد سمي من قبل الاسرى الآخرين بـ «الكناري المغرد» بسبب حديثه لإذاعة ڤيتنام الشمالية وهو ما جعل هؤلاء الاسرى يخلقون تجمعات ومنتديات الكترونية ضده.

وقد بدأ معسكر ماكين بإطلاق اسم «حسين» على اوباما ووصفه بالخطر والغريب عن البلاد ومحاولة ربطه بإرهابي كان يعمل في الستينيات عندما كان عمر اوباما لا يتجاوز 8 سنوات (!) ونسي ذلك المعسكر ان ماكين هو من جمهورية بنما حسب مولده، كما ان سيرته الشخصية لا تسر على الاطلاق فقد تخلى عن زوجته الفقيرة الأولى التي وقفت معه ابان اسره بعد تعرضها لحادث سيارة وطلقها ليتزوج فتاة ثرية تصغره بحوالي 20 عاما استطاع ان يستخدم اموال ونفوذ والدها للوصول الى الكونغرس ومحاولة الوصول للرئاسة بعد ان كان راتبه لا يتجاوز 25 الف دولار في العام كضابط، وقد التزمت زوجته الاولى الصمت كونه التزم بمصاريف علاجها الباهظة طوال عمرها كتسوية طلاق.

آخر محطة:
تواترت الأنباء بأن رئيس جهاز الامن القومي الاميركي اصدر قرارا سريا بإطلاق النار على سارة بالين فور وفاة الرئيس جون ماكين، وقد اتى في شرح القرار عدم معقولية ان يحكم شخص بمحدودية خبرات وقدرات سارة باركودا، كما تسمى في الاسكا، دولة بحجم الولايات المتحدة، وتضمن القرار التذكير بكيفية وفاة الحاكمة شجرة الدر في مصر.

احمد الصراف

فردوس السالمي

يعتبر تكليف الموظف، المدني او العسكري، بالعمل في مركز حدودي نوعا من عدم الرضا عن ادائه الوظيفي. وتلجأ بعض حكومات الدول المتخلفة، وما اكثرها معنا وحولنا، لاستخدامه كنوع من العقاب الاداري، او الانتقام من غير المرضي عنهم، ولكن ما لا يعرفه الكثيرون ان العمل في الوظائف الامنية في بعض نقاط الحدود الكويتية، كالسالمي او النويصيب، يعتبر نوعا من العمل الذي تتهافت عليه بعض الفئات لما تتوافر فيه من مزايا! فقد أخبرني من يعمل في مركز حدودي مهم منذ اكثر من 12 عاما، الذي ربما نسيته او تناسته ادارته هناك لسبب ما، والذي لم يبذل أي جهد للانتقال من عمله بسبب قربه من الشاليه الخاص به، اضافة الى نظام نوبات العمل القصيرة المعمول به، والذي يتيح له التمتع باجازته المستمرة لايام، يقول ان المستويين الامني والاخلاقي في المركزين في انحدار مستمر منذ التحرير وحتى اليوم. فالانضباطية شبه معدومة، كما يسعى البعض لتوسيط نواب لنقلهم الى احد هذين المركزين، حيث ان وجودهم بالقرب من المحيط السعودي يوفر لهم ميزة مساعدة من يودون مساعدته في المرور، او الهروب، من خلال النقاط الامنية من دون تدقيق، وحتى زيارة اهاليهم هناك بشكل شبه يومي. وقد حفلت الاخبار بنجاح الكثيرين في التسلل من والى الكويت من دون جهد كبير بسبب وجود من هو على استعداد لمساعدتهم مقابل مال او لقرابة ما، حدث ذلك مرات عدة على الرغم من وجود قيود امنية عدة تمنع مغادرة هؤلاء او دخولهم البلاد.
كما ساهم وجود هذه النوعية من العسكريين او المدنيين العاملين في نقاط الحدود هذه في خروج البعض بهويات او مستندات سفر لا تخصهم. والاخطر من كل هذا وذاك ما نما الى علمنا ان بعض العاملين في تلك المراكز، ومنهم رؤساء نوبة، عليهم احكام سابقة او ملاحظات امنية بسبب مخالفات “ادارية” جسيمة، وقد عوقبوا بنقلهم الى تلك المراكز الحدودية العالية الاهمية والخطورة.
قد لا يكون هناك ما يؤكد او يعزز صحة جميع هذه الادعاءات والاتهامات الخطيرة، هذا على الرغم من عدم اطمئناننا لوجود ادارة في الداخلية غير مخترقة من فئة فاسدة او غيرها، فالحوادث والجرائم التي يكون احد اطرافها عسكريا في الدفاع او الداخلي اكثر من ان تحصى، وهذا يوجد في كل اجهزة امن العالم، ولكن نسبتها تبدو عالية جدا في دولة صغيرة كالكويت يعيش شعبها، او هذا يفترض، في تخمة مالية ودينية واضحتين!
نتمنى على الفريق احمد الرجيب، وكيل وزارة الداخلية، النقر باصابعه على ازرار جهاز الكمبيوتر الموجود على مكتبه والاطلاع على كامل اسماء العاملين في مراكز الحدود، بما في ذلك المطار، والاستعلام عن خلفياتهم والتدقيق في سوابقهم الامنية، وربما سيفاجأ وقتها ان وجود مثل تلك الاختراقات في تلك الاماكن الحساسة ليس بالامر الغريب. وعندما يكتشف ذلك ما عليه غير سد اذنيه وقطع الحرارة عن هواتفه النقالة والثابتة، وعدم الرد على توسلات النواب الذين سيحاولون التوسط، او التوسل لديه، للابقاء على “عناصرهم” في مقار عملهم تلك!
كما تحتاج نقاط الحدود هذه الى اجهزة حديثة والى ضبط وربط امني في ما يتعلق بالمخارج والمداخل، حيث ان وجود البقالات والمطاعم والمساجد تشجع البعض على ارتيادها من دون المرور على الاجهزة الامنية.
لا نهدف للتسبب في ايذاء احد، ولا نعرف حتى فردا واحدا يعمل في تلك النقاط الحدودية، بما في ذلك المطار، ولا يهمنا غير الوطن وامنه وسلامته، وسلامتكم وتعيشون!

أحمد الصراف

سامي النصف

كي يزداد السوق الأخضر اخضراراً

اللون البهيج الاخضر الذي صبغ تداول يوم الخميس الماضي يحتاج الى متابعة كي يبتعد عن الانهيارات التي اصابت بعض الاسواق الاخرى، خاصة ان الآخرين في المنطقة يتوقعون الحلول من الكويت صاحبة التجربة الرائدة في الأسواق المالية، ومن الامور التي تحتاج الى تسليط الضوء عليها حقيقة ان بنوكنا وشركاتنا مرتبطة بأسواقنا المحلية وقل ان تجد في ميزانياتها من له امتداد فاعل بالاسواق الاميركية الا ما ندر، كما ان اقتصادنا قد فك ارتباطه بشكل مبكر مع الدولار الاميركي الذي يتعرض للضغوط هذه الايام.

لقد ضخت الدول المتقدمة مئات المليارات في اسواقها المالية ولا يحتاج الامر في الكويت إلا لإنشاء محفظة «جامبو» لا تزيد مدتها عن 3 سنوات ولا يزيد رأسمالها عن مليار دينار كي تقوم بتوفير السيولة العاجلة للسوق لتمنع انهياره، ويمكن لهذه المحفظة ان يكون لها مردود مالي جيد حال استرداد السوق عافيته كونها ستشتري الاصول بأدنى أسعارها لبيعها حال انتهاء موجة الانخفاض.

والشركات المساهمة المدرجة بالبورصة هي المنفذ البديل لتوظيف الكويتيين واي ضرر يصيبها سيرغمها على القيام بعمليات خفض عمالة مما سيزيد من عدد العاطلين الكويتيين ويرسل رسالة قوية للشباب مضمونها عدم وجود ضمان وظيفي في شركات القطاع الخاص مهما كبرت، ومن ثم سيصطف الجميع مستقبلا في طوابير الخدمة المدنية كي توظفهم الدولة.

ويمكن للكارثة الحالية ان تصبح اداة تقييم ومحاسبة لأداء المدراء في البنوك والشركات فيكافأ من خرج من الازمة بأقل الخسائر ويعاقب من تسبب بخسائر معقولة تفهما للظروف العامة، ويحاسب من نام بالعسل وورط شركاته فيما لا يحتمل واكتشف انه لا يملك الذكاء والدهاء والمعرفة والمتابعة المطلوبة، إن نظرية أن المدراء هم كأسنان المشط في ادائهم لا صحة لها على الاطلاق والازمة الحالية هي اقرب للنار التي تمتحن بها معادن المدراء.

ومما هو ملاحظ ان الدول المتقدمة لا تربط امرا بأمر آخر، فحال وقوع الكارثة المالية العالمية قامت على الفور بضخ مئات المليارات لإنقاذ وتعويم الاسواق والشركات، ولم يقم احد بالكونغرس الاميركي او غيره بربط تلك الحلول بأمور اخرى كالقول لماذا ندفع للأسواق المالية ولدينا ملايين العاطلين ومن ينامون في الشوارع؟ ان القضايا المختلفة تناقش بشكل منفصل حتى لا نكرر في الاقتصاد ما قام به صدام في السياسة، اي عندما اعلن انه لن ينسحب من الكويت إلا اذا انسحبت سورية من لبنان واسرائيل من فلسطين.. الخ.

آخر محطة:
 اخشى ما اخشاه هو ان تنتهي الازمة العالمية الطارئة لتبدأ بعدها كارثة عربية واقليمية دائمة.

احمد الصراف

«الهاكرز».. والقرضاوي

ورد في وسائل الإعلام المهتمة بالإنترنت أن صراعا داميا نشب بين متشددي الشيعة وغلاة السنة في الآونة الأخيرة كانت ساحته الفضاء الإلكتروني، حيث قامت مجموعة من «الهاكرز الشيعة» بشن هجمات على مواقع إلكترونية تخص شيوخ ورجال دين سنة، وقاموا بتدميرها. وقد فوجئ زائرو تلك المواقع بوجود ما يدل على هوية «الهاكرز» الذي قام بتدمير تلك المواقع وشعاره المعبر عن هويته وما يشبه العلم الإيراني يغطي وجه شخص وآية قرآنية تقول: «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم»، في إشارة إلى هجوم سابق تعرضت له بعض المواقع الشيعية، ومنها موقع المرجع الشيعي علي السيستاني، إضافة الى ثلاثمائة موقع شيعي اخرى للتسخيري والصفار وغيرهما، حيث تم تخريبها وإتلاف كامل محتوياتها التي لا تقدر، عند كل طرف بثمن، حيث أنها تختصر جهود سنوات طويلة من العمل الكتابي والفني المضني. كما حرص الهاكرز المفترض أنه شيعي، على وضع خلفية موسيقية للمواقع التي تم تدميرها مع صورة لعلم إسرائيلي ممزق وخارطة لدول الخليج، بعد وصفه بالفارسي!!
وكان الموقع الإلكتروني العائد لرجل الدين السعودي المتشدد عايض القرني أحد تلك المواقع التي تم تدميرها بكاملها. كما لم يسلم موقع «البرهان» لفالح الصغير وموقع «الصوفية» وموقع «عبدالعزيز بن باز» من التدمير. وورد في الصحف السعودية أن عدد المواقع التي تعرضت للهجوم ربما بلغ 900 موقع.
ويبدو أن أوار هذه الحرب التي تفتقد الى الاخلاق لدى الأطراف المخربة، التي لا أحد يعرف حتى الآن هويتها الحقيقية، التي ربما لا تؤمن أصلا بحرية الرأي، ستستمر لبعض الوقت، بسبب ضيق صدر كل طرف بأدبيات ومعتقدات الطرف الآخر، على الرغم من إدعائهم بأن دينا ورسالة أخلاقية واحدة يجمعانهم(!!) كما بينت هذه الاعتداءات الخطيرة مدى عمق الخلافات الدينية والعرقية بين الجهات الممثلة لطرفي الصراع، التي لم تفلح أي من مؤتمرات التقارب الوهمية في القضاء عليها أو تقريب أي طرف لنفسية الطرف الآخر، لإحساس كل منهم وثقته بأنه على حق وما على الآخر غير التنازل والاعتراف له بصحة موقفه ومعتقده، مهما كانت تصرفاته الدينية غير منطقية في بعض أو كل جوانبها!!
ويبدو أن لتصريحات يوسف القرضاوي، الداعية القطري المصري الإخونجي، التي أعلن فيها الحرب على التقارب بين المذهبين السني والشيعي، بسبب سعي القوى السياسية الشيعية للتمدد للمجتمعات السنية، علاقة بنشاط هؤلاء الهاكرز. والحقيقة أن هذه الأفعال التخريبية وأقوال القرضاوي في أنشطة الشيعة بينت بوضوح أن غالبية أتباع كل طرف لا تؤمن على الإطلاق بصحة عقيدة الطرف الآخر. وأن الفوارق الفقهية بين الطرفين أعمق بكثير مما يحاول البعض تصويره على أنها اختلافات فرعية، فالاختلافات الفرعية لا تؤدي عادة الى مثل هذا التكفير الذي نقرأه في أدبيات الطرفين، وما نسمعه في القنوات الفضائية لكل طرف بحق الطرف الآخر، وأن الشائع والمتفق عليه بين «كبار وخيرة» كل طرف أن الآخر ليس على حق، وأن هناك فئة واحدة ستدخل الجنة وهي التي على الحق، وهذا ما قاله يوسف القرضاوي في كلمته الأخيرة المثيرة للجدل وما كرره في رده على من تهجم عليه. فإذا كان الشيعة فرقة ضالة بنظر السنة، وإذا كان السنة فرقة ضالة بنظر الشيعة فمن هي إذاً الفرقة الناجية؟ وألم يحن الوقت لتتقدم العلمانية وتطرح نفسها كحل وحيد ونهائي لكل معاناتنا النفسية والأخلاقية والدينية؟!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

في «عشكم» ثعبان – 3

 

لا أملك الاّ أنْ أنحني احتراما وإجلالا لكل أهالي المحرّق، رجالا ونساء.. ممن اتصل مبديا وجهة نظره بشأن موضوع «الثعابين»، وذلك الحس الوطني العظيم الذي أجمعوا عليه والذي يؤكد دون أدنى شك أنّ أهالي المحرّق، جميعهم بلا استثناء، يرفضون كلّ الممارسات التي تهدف الى تقويض الاستقرار والسلم والتعايش البحريني العريق في هذه المدينة.. أيا كان مصدر تلك الممارسات وشخوصها، وأيا كان نوع «الثعابين» التي تنوي شرا.

لماذا التركيز على مدينة المحرّق من دون غيرها؟

والإجابة لا تحتاج الى عناء كثير، فلأنها تمثل النموذج الحضاري الكبير للتعايش بين أبناء الطائفتين، ولأنها امتداد تاريخي مهم ولأنها جزء نابض بحب الوطن.. تتجه إليها أنظار من يريد أنْ يعبث ويحاول إضعاف ذلك الموروث الذي لا يمكن للبحرين أنْ تتخلى عنه يوما.

كل ذلك، يجعل من «ثعبان» المحرّق وغيره من الثعابين في كل مكان في البلد، يصطدمون بالخيبة والخسران كلما حاولوا أن يبثوا سمومهم، فحين يسعى «الثعبان» لأنْ يثير الضغائن والأحقاد، ويؤجّج الفتنة الطائفية ويتحرّك في المجالس تارة، وفي المنتديات الإلكترونية تارة أخرى، ويصدر البيانات التي لا تتحدث إلاّ عما يطمح إليه من مكاسب شخصية على حساب السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية، فإنه يريد أنْ يظهر بمظهر المواطن الشريف المخلص لوطنه، في محاولة يائسة كريهة عفنة، بحثا عن راحة نفسه «الخبيثة» التي لا ترتاح إلاّ بمشاهدة مظاهر الصدام والنزاع والخلافات.. لكن أنى لتلك النفس أنْ ترتاح والناس في هذا البلد لا يساومون على تعاضدهم وإصرارهم على التصدّي لكلّ عمل خبيث ظاهرة الخير والوطنية، وباطنه التدمير والتأجيج.

والثعابين ليست في المحرّق فحسب.. يُخطئ من يعتقد ذلك! فهي موجودة هنا وهناك، وحتى إذا تحركت بخفية فإنّ حفيفها يصبح مسموعا ولا غرابة في أنْ يصل ذلك الحفيف الى آذان المخلصين من أهل البلد من الطائفتين.. نعم، لابدّ من الاعتراف بأنّ هناك محاولات نشهدها بين الحين والحين لإرهاق البلد وأبنائه بمشاحنات لا طائل من ورائها الاّ التأزيم.

على أيّ حال، لا يمكن قبول محاولات الثعابين التي تؤجّج الوضع في البلد وتثيرالناس ضد الدولة وضد الطائفة السنية الكريمة وتعرّض الأرواح والممتلكات للخطر، والعكس صحيح، فلن يكون مقبولا السماح لمَنْ يُريد التشكيك في ولاء وانتماء أبناء الطائفة الشيعية، وينسب ولاءهم الى إيران أو الى العمائم أو الى الصفويين ومؤامرتهم الكبيرة الخطيرة للنيل من المجتمع الإسلامي وتحطيمه بحسب الزعم، والعمل ليلا نهارا لرفع شعار الدفاع عن الصحابة وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم؛ لتبقى نار العداوة مشتعلة بقوّة، لكن، العتب كلّ العتب على أجهزة الدولة التي تتهاون، وعلى رجال البلد من وجهاء وعلماء دين ممن لا نرى منهم تحركا حقيقيا للتصدي لتلك المحاولات، اللهم إلا القليل منهم، وذلك القليل، يتعرّض في الغالب الى التهميش والإقصاء ونشاط الثعابين لإحباط تحركهم الوطني الذي يصب في مصلحة البلد وأهل البلد.

لن يتوقف فحيح الثعابين إلا بتطبيق القانون على كل صوت يسعى لإشعال الفتنة ويستمر في غيه غير مكترث بالمصلحة العليا للوطن، ولا نقصد هنا أخذ الناس بالظنة ظلما وبهتانا، بل بإثبات الدليل على أيّ طرف تمادى في إلحاق الضرر، جهرا وسرا، بأهم ما نملك، وهو أمن البلد واستقراره، وحق الناس في العيش بأمان وصيانة للحقوق..

ولا أعتقد بأننا سننسى أنّ البحرين للجميع.

احمد الصراف

حرمة الموسيقى

لا يوجد فكر في العالم، من أقصاه لأقصاه، يحرم سماع الموسيقى غير فكرنا الديني السياسي، الذي لا صلة له بالواقع ولا بالعقل والمنطق. فرسالة الموسيقى تتعدى وتتحدى جميع الحدود ولا يمكن لعقل أن يستوعب مدى تأثيرها في النفس ومدى سطوتها الرائعة على المشاعر والأحاسيس بحيث تنسيك الكثير من الآلام والأوجاع، وتجعلك في الوقت نفسه انسانا سامي الخلق عذب الاحساس، وهذه هي رسالة الفن الحقيقية، ودور المطرب في هذا الفن الرفيع لا يقل عن دور الملحن أو العازف، فتجمع الثلاثة طالما أعطى البشرية، طوال تاريخها أروع الأغاني وأعذب الأصوات وأكثرها قربا للنفس البشرية التواقة لكل جميل وطبيعي ورائع.
وفي حياتنا المعاصرة، لا يمكن الفكاك بسهولة من صوت الموسيقى وانتشارها العجيب بحيث أصبحنا نسمعها في ردهات الفنادق وأروقتها، وتلحق بك الى المصاعد ويتسلى بها المسافرون على الطائرات وفي الحافلات والسفن. كما أنها تسلي المتسوقين ومراجعي العيادات الطبية وممارسي الرياضة. ولا يمكن أن تغفلها الأذن في الكثير من المحال والأماكن العامة الأخرى. كما أنها تواجهك متحدية في السينما ومن خلال الشاشة الصغيرة والاذاعة وجميع أماكن التسلية واللهو، وكل هذا الحضور الطاغي شكَّل في مرحلة ما معضلة للكثير من رجال الدين المسلمين، من أزهريين وغيرهم، ومن آية الله الخميني، قائد الثورة الايرانية، الذي كان يعتقد مع غالبية معاصريه من رجال الدين، ومن سبقهم، بحرمة الاستماع لها أو عزفها، ولكن مع كثرة السؤال عنها جعله في نهاية الأمر يخفف من حدة موقفه بشأنها، بعد أن أدرك بحسه السياسي أن التحريم المطلق لن يجدي نفعا مع شعب محب للحياة ومباهجها، كانت الموسيقى طوال تاريخه تشكل العمود الفقري للهوه ومرحه وعنوانا لشغفه بالمتعة. ولكن من جانب آخر لم يكن بمقدور الخميني ترك الباب مشرعا أمام كل أنواع الموسيقى الراقصة أو الأغاني المبتذلة، فأفتى وقتها بجواز سماع ما لا يلهي من اللحن الموسيقي، وحرم الماجن منه والغناء، ولكن ربما غاب عنه أن أي لحن لا يلهي، ويجبرك على الاستماع له، ليس بلحن أصلا!! كما أنه ليس هناك من في مقدوره وضع خط فاصل بين ما هو ماجن أو مائع من الموسيقى وما هو عكس ذلك!!
موقف الخميني من الموسيقى لا يختلف عن موقف السواد الأعظم من رجال الدين والمفتين، فغالبيتهم يجدون أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه عند سؤالهم عن موقفهم منها، وهو يشبه وضع الـ Catch 22، فلا هم في حل من تحليل سماع الموسيقى على اطلاقها أو تحريمها كلها، وذلك لصعوبة تصديق أن هناك لحنا ماجنا محرما وآخر وقور حلالا. فما يصدر عن آلة «كمان» ــ ان كان جميلا وممتعا ــ لا يختلف كثيرا عن صوت الايقاع الجميل الذي يصدر عن دف بدائي!! فكما أن صوت «الكمنجة» يمكن أن يهز وسطا فان صوت آلة الدف يمكن أن يؤدي إلى الشيء ذاته، وحفلات الصوفيين الدينية الراقصة التي لا يستخدم فيها عادة غير الدفوف، خير دليل على ذلك.
يمكن، حسب فهمي المتواضع، تقسيم الموسيقى إلى أنواع ثلاثة أساسية في عصرنا الحديث:
موسيقى كلاسيكية أوروبية، موسيقي عصرية لكل دولة أو مجموعة من الدول، وأخيرا موسيقى شعبية. ولكل نوع من هذه الموسيقى محبوها والمعجبون بها، وسعداء الحظ هم أولئك الذين يستمتعون بكل أنواعها.

أحمد الصراف