هو أمر غريب للغاية… ذلك الذي يسقط على إثره كل صوت وطني شريف يدعو إلى إزالة المشاحنات «المفتعلة» بين الطائفتين الكريمتين في البلد، في فخ التسقيط والتخوين والإساءة الكريهة والكلام البذيء! وكأن هناك من يتفنن من أصحاب المؤامرات الخفية، في ملاحقة كل عالم دين، أو ناشط اجتماعي، أو كاتب صحافي أو أي مواطن عادي يؤمن بضرورة العمل الميداني بين أبناء البلد للتصدي للفتن الطائفية والمشاحنات والأفعال المضرة بالسلم الاجتماعي، وكأنهم أخذوا على أنفسهم عهدا ألا يظهروا إلا بالمظهر الذي ألبسهم إياه الشيطان!
هناك فخ جاهز… كل ما عليك فعله هو أن تنشط قليلا لتقود مبادرة كالتي يقودها الرئيس الفخري لجمعية الإمام مالك بن أنس (رض) الشيخ راشد المريخي هذه الأيام في مختلف مناطق البلاد، للالتقاء بالرموز الدينية للطائفة الجعفرية الكريمة، والاستعداد للقاء عدد من علماء الطائفة السنية الكريمة، لينبري البعض ممن اتخذ من المنتديات الإلكترونية الطائفية المتخفية وراء الأسماء المستعارة، للتشهير والتسقيط والتفنن في استخدام أسوأ وأحقر الألفاظ والشتائم والنبش في الماضي، والتحذير من هذه الشخصية أو تلك من باب أنها جزء من مؤامرة كبيرة على المجتمع، وكأن الذين يعيشون واقعا مثل هذه المبادرات لا عقل لهم.
لكن من حسن الطالع، أن تلك الأفخاخ معطوبة لا أثر لها… يكفي أن من ينصبها لا يظهر للعيان، فهو إما مختبئ كالفأر في جحره، وأقصد بجحره ذلك الحيز في منتدى إلكتروني هنا أو هناك تحت اسم مستعار، أو هو من أهل الظلام لا ينعق إلا في الظلام ويخاف النور.
نعود قليلا إلى الضربات الموجعة التي يتلقاها الجرذان في جحورهم… فأولئك نشطوا بشكل واضح في عدد من المنتديات الإلكترونية، وفي بعض الكتابات الصحافية على مستوى محدود جدا، وعلى مستوى خطب جمعة لا تعدو كونها «هرطقات» ليثيروا الشكوك والظنون وسوء النية في التحرك الوطني الخالص الذي جمع عددا من أبناء الطائفتين الكريمتين ضمن مبادرة الشيخ المريخي… تلك الضربة الموجعة هي زيارة سمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة لمجلس الشيخ راشد المريخي يوم الجمعة الماضي، لتصبح هذه الزيارة المباركة بمثابة رسالة من القيادة إلى كل أبناء الوطن المخلصين، مفادها أن مسعاكم مقدر ومعتبر من جانب قيادة البلاد الرشيدة، وهذا يعني أن ثمارها آتية.
ولا بأس من القول إن مثل هذه المبادرات لابد وأن تصطدم تارة هنا وتارة هناك بالحاقدين على الوطن، سواء ممن يحذرون من الصفوية والمد التابع لها في البحرين من جهة، أو أولئك الذين يحرقون ويدمرون بلا غاية سوى ارتداء اللثام وزعزعة الأمن خلاف ما تبتغيه الرموز الدينية والسياسية الوطنية… هاتان الفئتان هما الخطر الأكبر، ولماذا التحذير منهم والكل يعلمهم ويدرك أبعاد ما يقترفون من إساءة إلى الوطن والمواطنين؟!
على أي حال، سيفهم كل طرف جوهر الموضوع وفقا لهواه، وما الضير… فليفعل! إلا أنه من المبشر الشعور بالطمأنينة والارتياح في نفوس الكثير من المواطنين وكذلك المقيمين، من المقاصد السامية لمبادرة الشيخ المريخي، ويكفينا فخرا أن سمو رئيس الوزراء قدر له هذا المسعى الكريم…
وإن لم يكن ذلك شافيا، فلنذكر أصحاب الأفخاخ بعبارة قالها جلالة عاهل البلاد في افتتاح دور انعقاد المجلس الوطني: «رص الصفوف وتقديم المصلحة الوطنية»، وهذا ما لا يعجبهم يا سادة.