محمد الوشيحي

هجّصوا مع دبدوب يا بيرم

أكثر من استخدم كلمات «هجص» و«هجايص» و«تهجيص»، ومعناها بلغتنا الدارجة «الهبل والخبال»، هما الأديبان الكبيران الراحلان بيرم التونسي ومحمد عفيفي رحمهما الله. وبيرم التونسي، أو «الكاتب الشاخر» كما أسماه زملاؤه، والذي غنت له أم كلثوم روائع خالدة لا يمكن أن تنتهي صلاحياتها، هو في الوقت نفسه كاتب مقالات لا يشق له ماء ولا هواء. وكان قد «زوّد عيار» النقد على وزارة الداخلية آنذاك فقررت طرده إلى تونس، مسقط رأس جده، وعند الحدود المصرية قال له الضابط المسؤول عن الترحيل وهو يدفعه بشدة ويركله برجله: «غور يا حمار يا ابن الكلب»، فالتفت له «الشاخر» وقال كلمته الشهيرة وهو ينفض ملابسه من الغبار بعد أن أسقطته الركلة: «يخرب بيوتكو، فيه حمار في الدنيا أبوه كلب؟ حتى الشتايم هجصتوها». متابعة قراءة هجّصوا مع دبدوب يا بيرم

سامي النصف

حواديت عربية معاصرة

كانت ومازالت هناك توأمة روحية بين الكويت ولبنان، فهل كانت هناك فرصة لضمهما في دولة واحدة؟! الجواب هو نعم، ففي فبراير 1958 تقررت وحدة مصر وسورية وانضمت لهما السعودية واليمن، لذا قرر العراق خلق مشروع الاتحاد الهاشمي، وطلب نوري السعيد من اميركا وبريطانيا اقناع الكويت ولبنان بالانضمام لتلك الوحدة كي تصبح رباعية كحال الوحدة الأخرى، الا ان الشيخ عبدالله السالم رفض تلك الدعوة مما جعل الرئيس اللبناني كميل شمعون يتردد في قبولها بعد أن كان موافقا عليها.

قامت الوحدة المصرية – السورية وصدر قبل أيام كتاب «شاهد من المخابرات السورية 1955 – 1968» وهو مذكرات فوزي الشعيبي الساعد الأيمن لعبدالحميد السراج، والشعيبي هو من كشف مؤامرة حلف بغداد للثورة في سورية عبر تتبعه لتحركات شكيب وهاب، وكانت تلك المؤامرة هي التي عجلت بالوحدة، كما شرح تفاصيل قضية المليون وتسعمائة الف جنيه استرليني التي دفعت للسراج للانقلاب على الوحدة، فسلمها لعبدالناصر الذي كان في زيارة لدمشق.

ويستمر الشعيبي في مذكراته فيروي تفاصيل تدخل سورية ومصر في شؤون لبنان واشعال الثورة على كميل شمعون، ومعها تفاصيل مقتل الزعيم الشيوعي اللبناني فرج الله الحلو اثناء تعذيبه، وان نفى تذويبه بالاحماض كما اشيع، ويضيف انه سجل بواسطة احد زعماء محافظة السويداء تفاصيل المؤامرة التي خططت للانفصال بالاسماء والرتب، وانه حمل شريط التسجيل لمكتب المشير عامر في دمشق الذي طلب تسليم الاشرطة لمدير مكتبه دون ان يستمع له، وقد حدث الانفصال تماما كما أتى في المخطط، وانفصمت عرى وحدة عربية كبرى بسبب اهمال المشير المعتاد حتى ان مؤامرة الانفصال قام بها ضباط مكتبه.

والى «الجنة الضائعة» أي مذكرات نزيهة الحمص حرم اكرم الحوراني زعيم الانقلابات في سورية، وتذكر ضمنها ما حدث عندما خرج الحوراني وصلاح البيطار وميشيل عفلق هاربين من سورية الى لبنان عام 1953 واحضر لهم الزعيم الوطني اللبناني الكبير (…..) في سيارته الفولكسفاغن امرأة اجتمعت بالزعماء الثلاثة على انفراد، وعندما خرجت ابلغها الحوراني بأنها مرسلة من اسرائيل تعرض عليهم تبنيهم ودعمهم، وان ذلك الزعيم كان يعرف تفاصيل مهمتها.

وتروي الحمص ما حدث بعد شهرين من قيام الوحدة ووجودها وزوجها نائب رئيس الجمهورية اكرم الحوراني في جناحهما في فندق شبرد في القاهرة عندما دخل عليهما ليلا دون «احم أو دستور» رجال مخابرات صلاح نصر وفتشوا شنطهما أمامهما، كما عذب قريب زوجها عبدالفتاح السيهان ليتجسس عليهما، وتقول ان عبدالناصر كان يعتمد بالمطلق على ما تقوله وتكتبه مخابراته دون نقاش، وكان يستهزئ أمامهم بالعشرين الفا من معتقلي الواحات، ويقول إن اعداد الاخوان المسلمين منهم تكفي لبناء عدة مساجد، واعداد الشيوعيين تكفي لبناء عدة مستوطنات زراعية (كولخوزات) وقد أنهت تلك الوحدة حالة الود والاخوة القائمة قبلها بين مصر وسورية.

آخر محطة:
ما يفعله العرب بالعرب، مرت علينا قبل ايام الذكرى 30 لجريمة خطف الإمام المظلوم موسى الصدر ورفاقه ابان زيارتهم الرسمية لليبيا، وقد صدر قبل مدة قصيرة كتاب «معارك كلامية» للدكتور الباحث مأمون فندي، وقد أتى في صفحة 160 ان شقيقة زوجة من حل محل الامام المخطوف وشريكته في محطته الفضائية (….) قد «جمعت ثروتها من خلال عقد مع القائد الليبي معمر القذافي استطاعت بموجبه أن تطبع مليون نسخة من الكتاب الاخضر» وأمجاد يا عرب أمجاد.

سعيد محمد سعيد

الحمار والديك

 

أنتقل معكم في هذه المساحة الى رحابة الطرافة واللطافة استعدادا لإجازة نهاية الأسبوع، ولنغير مسار وطبيعة القضايا التي عادة ما تحمل الهم للقراء الكرام، فلا بأس من الاستراحة قليلا…

قبل أيام، تسلمت رسالة تحمل سؤالا: «لماذا يرى الحمار الشياطين ويرى الديك الملائكة؟ والسائل ذاته يجيب بالقول إن النبي محمد (ص) قال في حديث، ونترك موضوع صحة الحديث وسنده… قوته وضعفه لأهل الاختصاص، قال فيه :«إذا سمعتم أصوات الديكة فسلوا الله من فضله فإنها رأت ملكا، وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطانا».

لم تنته الرسالة، ففيها إضافة تتعلق بالاكتشاف العلمي المبهر في شأن قدرة الجهاز البصري المحدودة لدى الإنسان، والتي تختلف عن قدرة الحمير، وبدروها تختلف عن قدرة الديكة، وبالتالي فإن قدرة البصر لدى الإنسان محدودة لا ترى ما تحت الأشعة الحمراء ولا ما فوق الأشعة البنفسجية… لكن قدرة الديكة والحمير تتعدى ذلك! وأيضا، يأتي السؤال: «كيف يرى الحمار والديك الجن والملائكة؟».

والجواب كما في الرسالة، هو أن الحمير ترى الأشعة الحمراء والشيطان وهو من الجان خلق من نار -أي من الأشعة تحت الحمراء – لذلك ترى الحمير الجن ولا ترى الملائكة! أما الديكة فترى الأشعة البنفسجية والملائكة مخلوقة من نور – أي من الأشعة البنفسجية – لذلك تراها الديكة!

هنا، يمكن حل اللغز في هروب الشياطين عند ذكر الله سبحانه وتعالى، فالسبب، وفق الرسالة، هو أن الملائكة تحضر إلى المكان الذي يذكر فيه الله فتهرب الشياطين! حسنا ولماذا تهرب الشياطين عند وجود الملائكة؟ الجواب لأن الشياطين تتضررمن رؤية نور الملائكة. بمعنى آخر، يضيف المرسل، إذا اجتمعت الأشعة الفوق بنفسجية والأشعة الحمراء في مكان واحد، فإن الأشعة الحمراء تتلاشى.

ردود الفعل لم تكن مبشرة، اللهم من شخص واحد عضو في المجموعة الذي أجاب على رسالة موجهة الى الكل: «الآن فقط فهمت لماذا يزداد نهيق الحمير في الأوساط السياسية والبرلمانية والدينية في العالم العربي والإسلامي، ولا نرى الديكة الا في الأرياف». وعلى أي حال، نعوذ بالله من الشيطان الرجيم.