وردتني رسالة انترنت تضمنت التساؤلات التالية: هل يعرف اي مواطن اميركي، او يتذكر السبب الذي انشئت من اجله «وزارة الطاقة الاميركية»؟ لا شك ان الغالبية، ان لم يكن الكل، ليس بإمكانها اعطاء اجابة صحيحة. هذا، على الرغم من ان الحكومة الاميركية انفقت مئات مليارات الدولارات على هذه الادارة! الجواب بسيط، فوزارة الطاقة تأسست في 4 ـــ 8 ـــ 1977 للعمل على تقليل اعتماد اميركا على استيراد النفط، ومن الشرق الاوسط بالذات! وهذا يبدو في حد ذاته هدفا حيويا ونبيلا من وجهة النظر الاميركية. ولكن بعد مرور اكثر من 31 عاما على تأسيس الوزارة لا يبدو ان شيئا تحقق من ذلك، على الاطلاق! علما بأن هذه الوزارة يعمل فيها 16 الف موظف، وتجاوزت موازنتها لهذا العام مبلغ 24 مليار دولار!
ولو تركنا اميركا تلعق جراح ازمتها المالية وولينا وجهنا شطر وطننا، الذي بدأت مؤسساته البالية في لحس مبارد العجز المالي، لوجدنا ان ما لدينا من قضايا مماثلة اكثر من هموم البورصة على القلب.
فوزارة شؤون مجلس الامة مثلا، ليس لها مسؤول متفرغ. كما انها متخمة بمئات الموظفين الذين رمتهم اقدار «الواسطة» والمصالح الانتخابية في وزارة لا عمل واضحاً لها، ولا هدف تعمل من اجله، كما ان عملها غير معرض للمحاسبة ولا للتدقيق. وقد بدأت امور الخراب بها منذ ساعات تأسيسها الاولى من قبل الوزير السابق محمد شرار واستمرت مع صحبه، ووصلت القمة مع الوزير المعجزة، الذي لا يمكن الاستغناء عنه، السيد احمد باقر، حيث وصل عدد العاملين في هذه الوزارة إلى 180 موظفا، غالبيتهم لا يداومون في مقار عملهم، والبعض منهم لا يعرف حتى اين تقع مباني الوزارة اصلا، وبين هؤلاء 18 وكيل وزارة، ومدير عام!
اضافة إلى وزارة شؤون مجلس الامة، فهناك «مركز تعريب الطب»! فهذا المركز العجيب والغريب، الذي سبق ان كتبنا قبل سنوات عن ضحالة مخرجاته، والذي لم تسمع به غالبية هذه الامة نصف الدائخة، والتي لا يعرف جميع النواب حتى اين تقع مكاتبه، سيحتفل قريبا بمرور 20 عاما على تأسيسه، وعلى نجاحه في تحقيق لا شيء يذكر.
يحدث ذلك على الرغم من عشرات الملايين التي انفقت عليه في هذا الزمن الاغبر، فهدف المركز، على الرغم من وضوحه، فإنه لا يعني الكثير. فمن الصعب تخيل استفادة اي جهة او طبيب منه، غير اولئك الذين رمتهم الاقدار لإدارته والاستمرار في ذلك بفضل «السوبر غلو»! ويقال ايضا، وايضا ان هؤلاء قاموا باستثمار مئات آلاف الدنانير من ارصدة المركز في «صندوق التمويل الذاتي»! وان من يدير الصندوق له صلة قرابة بكبار موظفي المركز، كما ان هؤلاء واولئك يتقاضون الكثير مقابل قيامهم بمهمة ادارة المركز والاشراف على انشطة الصندوق وحضور الاجتماعات و«الاضطرار» للسفر الى دول اوروبا الغربية (!!) ومن بعدها التفرغ للاشراف على ترجمة خمسة او ستة كتب سنويا واصدار دورية شهرية هزيلة التوزيع، لم يثبت انها افادت جهة تحترم نفسها. فالطبيب الذي يعتمد على تطوير قدراته ورفع مستواه بالتعرف والاطلاع على آخر المكتشفات الطبية والدوائية وطرق العلاج على دورية محلية تترجم الحدث بعد مرور عدة اشهر على وقوعه، لا يمكن توقع الكثير منه، علما بأنه من الصعب تخيل وجود طبيب مميز لا يتقن لغة اجنبية مميزة واحدة او اكثر. وبالتالي، فإن دوريات المراكز الطبية وفضاء الانترنت الواسع هما المصدر الذي يمكن استقاء آخر الاخبار الطبية منه، وليس دورية تصدر في دولة متخلفة علميا تقوم بترجمة ونشر الحدث بعد معرفة العالم به.. بأشهر عدة!
ملاحظة: ان صح ما اشيع عن اسباب استبعاد الخبير المصرفي، ورئيس المديرين في البنك الوطني ابراهيم دبدوب، من لجنة الانقاذ، فإنه يدل على عدم النضج، والمستوى غير المحمود الذي وصلت إليه اخلاقياتنا في التعامل مع الآخر! علما بأن كل الكوارث المالية التي اصابت الكويت كانت صناعة وطنية خالصة!
أحمد الصراف