بدأت تحركات شبابية، مثل التجمع الشبابي «صوت الكويت»، إضافة إلى كتاب المدونات، وتجمعات شبابية أخرى، تهدف إلى التصدي للقوانين التي تتناقض مع الدستور ومنها الرقابة على الكتب. فنحن على أبواب معرض الكتاب المقبل في نوفمبر، وبدأت الأجواء الرقابية تشحذ همتها لإحكام عملية القص والمنع بحق الكتب التي ستعرض في معرض الكتاب، وهذا بطبيعة الحال سيفرغ المعرض من مضمونه وقيمته. متابعة قراءة الرقابة في الكويت… والحريات
اليوم: 29 أكتوبر، 2008
خطأ التشفي من كوارث الآخرين
انسانيا يجب الا نقبل من يجد في كوارث الآخرين وسيلة للتشفي منهم حيث ان الكوارث بجميع انواعها لا تختص بالرجال فقط بل تصيب بالتبعية الابرياء من نساء وكبار سن واطفال بل يمتد ضررها حتى للحيوان، ومن ذلك ما رأيناه ابان اعصار كاترينا من اقوال متشفية ومتناسية ان العواصف والزوابع والزلازل والاعاصير تصيب بلداننا الاسلامية التي ينهض من يتم التشفي منهم لدعمها ومساعدتها.
وفي خضم الكارثة الاقتصادية العالمية الحالية وجدنا مرة اخرى من يجدها وسيلة للاستهزاء والتشفي من الآخرين والادعاء بأن في ذلك عقابا لهم على انماط حياتهم او منهاج اقتصادهم ولم يذكر لنا، من قال بذلك، السبب في ان اقتصاديات تلك الدول – رغم ازمتها الاقتصادية – تبقى احسن بآلاف المرات من حال دولنا الاسلامية التي تضررت كذلك من تلك الازمة الخانقة.
والحقيقة ان الرأسمالية حالها كحال الديموقراطية هي السبيل الافضل والاختراع الأمثل لادارة الاقتصاد، وكما ان البديل للديموقراطية هو الديكتاتورية البغيضة كذلك فالبديل للرأسمالية هو الماركسية او الاشتراكية القائمة على الاقتصاد الموجه وتأميم وسائل الانتاج، ان الرأسمالية للعلم حالها حال الديموقراطية لها ألف وجه للتطبيق فالرأسمالية الاميركية تختلف عن الأوروبية وعن الآسيوية فاذا ما فشل أحد تطبيقاتها وجب التحول الى تطبيق آخر دون الخروج عن النظام الرأسمالي.
أما الحديث عن الاقتصاد الاسلامي كبديل محتمل عن الاقتصاد الرأسمالي فهو حديث مبكر وليس مجاله خطاب التشفي بل عبر دراسات المختصين ضمن الغرف المغلقة مع ملاحظة ان دولنا الاسلامية في تاريخها القديم قد تعرضت للمجاعات حتى اوقفت الحدود الشرعية، كما ان من يقرأ تاريخ الدولتين الأموية والعباسية وحتى الفاطمية بتمعن يجد ان موجات الغلاء والجفاف والمجاعات كانت تضرب اركان تلك الدول بين حين وآخر رغم التزامها بمثل ذلك الاقتصاد.
وضمن تاريخنا الحديث نجد ان الدولتين العثمانية والصفوية كانتا مثالا للضعف الاقتصادي والحال كذلك مع دولة طالبان في افغانستان، اما السعودية وايران فيقوم اقتصادهما على الرأسمالية والبنوك العادية، كما تعمل البنوك والشركات الاسلامية الناجحة ضمن النظام الرأسمالي في الدول الاسلامية المختلفة، الخلاصة ان المحك الحقيقي في النظامين الرأسمالي والاسلامي هو حسن الادارة والكفاءة في الفكر والعمل.
فإن اجادت الادارة كان الاداء جيدا كحال البنك الوطني او بيت التمويل او الاستثمارات الوطنية او الدار للاستثمار.. الخ، وإن اساءت كان الفشل والضرر اللاحق ففي المفهوم الرأسمالي الصحيح نجد ان شركة او بنكا اسلاميا يدار بطريقة ممتازة توفر الارباح للمساهمين وتنأى بهم عن الكوارث هو بالطبع خير بمئات المرات من شركة رأسمالية تدار بطريقة خطأ تفقد من خلالها اصولها واموال مودعيها والعكس بالطبع صحيح.
آخر محطة:
للمعلومة رؤساء وشخصيات سياسية رفيعة جداً في دول اسلامية يتصلون بالاقتصادي المرموق ابراهيم دبدوب ويستشيرونه في بعض الامور الاقتصادية في دولهم، لذا نود أن نرى اسم السيد دبدوب مضافا كعضو أو مستشار للجنة الاقتصادية المكلفة بحل الاشكال الاقتصادي القائم، كما نود أن يمنح الجنسية الكويتية تحت بند الاعمال الجليلة بعد عطاء متصل ومستمر منذ 50 عاما وتحقيقه انجازات كبيرة للكويت يشهد بها القاصي قبل الداني، وان تعدل بالتبعية المادة التي تجعل المعتقد الديني يقف عائقا امام تجنيس الكفاءات.
الطاقة وتعريب الفراغ وشرار
وردتني رسالة انترنت تضمنت التساؤلات التالية: هل يعرف اي مواطن اميركي، او يتذكر السبب الذي انشئت من اجله «وزارة الطاقة الاميركية»؟ لا شك ان الغالبية، ان لم يكن الكل، ليس بإمكانها اعطاء اجابة صحيحة. هذا، على الرغم من ان الحكومة الاميركية انفقت مئات مليارات الدولارات على هذه الادارة! الجواب بسيط، فوزارة الطاقة تأسست في 4 ـــ 8 ـــ 1977 للعمل على تقليل اعتماد اميركا على استيراد النفط، ومن الشرق الاوسط بالذات! وهذا يبدو في حد ذاته هدفا حيويا ونبيلا من وجهة النظر الاميركية. ولكن بعد مرور اكثر من 31 عاما على تأسيس الوزارة لا يبدو ان شيئا تحقق من ذلك، على الاطلاق! علما بأن هذه الوزارة يعمل فيها 16 الف موظف، وتجاوزت موازنتها لهذا العام مبلغ 24 مليار دولار!
ولو تركنا اميركا تلعق جراح ازمتها المالية وولينا وجهنا شطر وطننا، الذي بدأت مؤسساته البالية في لحس مبارد العجز المالي، لوجدنا ان ما لدينا من قضايا مماثلة اكثر من هموم البورصة على القلب.
فوزارة شؤون مجلس الامة مثلا، ليس لها مسؤول متفرغ. كما انها متخمة بمئات الموظفين الذين رمتهم اقدار «الواسطة» والمصالح الانتخابية في وزارة لا عمل واضحاً لها، ولا هدف تعمل من اجله، كما ان عملها غير معرض للمحاسبة ولا للتدقيق. وقد بدأت امور الخراب بها منذ ساعات تأسيسها الاولى من قبل الوزير السابق محمد شرار واستمرت مع صحبه، ووصلت القمة مع الوزير المعجزة، الذي لا يمكن الاستغناء عنه، السيد احمد باقر، حيث وصل عدد العاملين في هذه الوزارة إلى 180 موظفا، غالبيتهم لا يداومون في مقار عملهم، والبعض منهم لا يعرف حتى اين تقع مباني الوزارة اصلا، وبين هؤلاء 18 وكيل وزارة، ومدير عام!
اضافة إلى وزارة شؤون مجلس الامة، فهناك «مركز تعريب الطب»! فهذا المركز العجيب والغريب، الذي سبق ان كتبنا قبل سنوات عن ضحالة مخرجاته، والذي لم تسمع به غالبية هذه الامة نصف الدائخة، والتي لا يعرف جميع النواب حتى اين تقع مكاتبه، سيحتفل قريبا بمرور 20 عاما على تأسيسه، وعلى نجاحه في تحقيق لا شيء يذكر.
يحدث ذلك على الرغم من عشرات الملايين التي انفقت عليه في هذا الزمن الاغبر، فهدف المركز، على الرغم من وضوحه، فإنه لا يعني الكثير. فمن الصعب تخيل استفادة اي جهة او طبيب منه، غير اولئك الذين رمتهم الاقدار لإدارته والاستمرار في ذلك بفضل «السوبر غلو»! ويقال ايضا، وايضا ان هؤلاء قاموا باستثمار مئات آلاف الدنانير من ارصدة المركز في «صندوق التمويل الذاتي»! وان من يدير الصندوق له صلة قرابة بكبار موظفي المركز، كما ان هؤلاء واولئك يتقاضون الكثير مقابل قيامهم بمهمة ادارة المركز والاشراف على انشطة الصندوق وحضور الاجتماعات و«الاضطرار» للسفر الى دول اوروبا الغربية (!!) ومن بعدها التفرغ للاشراف على ترجمة خمسة او ستة كتب سنويا واصدار دورية شهرية هزيلة التوزيع، لم يثبت انها افادت جهة تحترم نفسها. فالطبيب الذي يعتمد على تطوير قدراته ورفع مستواه بالتعرف والاطلاع على آخر المكتشفات الطبية والدوائية وطرق العلاج على دورية محلية تترجم الحدث بعد مرور عدة اشهر على وقوعه، لا يمكن توقع الكثير منه، علما بأنه من الصعب تخيل وجود طبيب مميز لا يتقن لغة اجنبية مميزة واحدة او اكثر. وبالتالي، فإن دوريات المراكز الطبية وفضاء الانترنت الواسع هما المصدر الذي يمكن استقاء آخر الاخبار الطبية منه، وليس دورية تصدر في دولة متخلفة علميا تقوم بترجمة ونشر الحدث بعد معرفة العالم به.. بأشهر عدة!
ملاحظة: ان صح ما اشيع عن اسباب استبعاد الخبير المصرفي، ورئيس المديرين في البنك الوطني ابراهيم دبدوب، من لجنة الانقاذ، فإنه يدل على عدم النضج، والمستوى غير المحمود الذي وصلت إليه اخلاقياتنا في التعامل مع الآخر! علما بأن كل الكوارث المالية التي اصابت الكويت كانت صناعة وطنية خالصة!
أحمد الصراف