البلد مصاب بـ«فري في الرأس» ويحتاج إلى «أم مشعل» لتعمل له «صبخة». الطب الحديث لم يعد ينفع. و الحكومة مثل الطالب البليد، تقف على رجل واحدة رافعة يديها ووجهها إلى الحائط ولا تدري من هو «طقاقها» ولا من أين يأتي «الطق»، وفي كل يوم أزمة، وآخر أزمة هي «أزمة البزمة»، ومن جرف إلى دحديرة يا قلب لا تحزن.
والنائب الفاضل أحمد المليفي يتعامل مع سمو رئيس الحكومة بـ«شخصنة» لا نظير لها في الأسواق العربية والإسلامية، ويراقبه «مان تو مان»، و«قاعد له ع الوحدة»، ويعتقد بأنه ليست من مسؤولياته مراقبة أي وزير آخر، المهم هو الرئيس فقط، وفقط تعني فقط، وهي نظرية منسوخة وحقوقها محفوظة للاعب نادي الفحيحيل السابق «ربيع سعد»، وهو لاعب أسمراني رائع يتضاءل مارد الخاتم بجانبه ويتشعبط على زنده، ولو لحق بك ربيع سعد والكرة معك فستترك له الكرة والمحفظة وستهرب خارج الملعب، وستبكي، وستلعن الساعة التي تعلمت فيها لعب كرة القدم. لكن مشكلة ربيع سعد هي أنه مبرمج على مهاجم واحد فقط برمجة لا يمكن فكها أو تغييرها، أنت فقط شاور بيدك إلى المهاجم المنحوس، وبسم الله والله أكبر، عليّ النعمة سيلتهمه.
والنائب أحمد المليفي مبرمج على الرئيس فقط، فهو سيتتبع هدايا الرئيس، وسيسأل عن سعر البزمة و«تولة دهن العود» وعقد الألماس، وسيترك المليفي المصفاة الرابعة بملياراتها والصحة بمشاكلها والجامعة بمآسيها والبنية التحتية بآلامها والبلد بأنينه وسيركز فقط على «البزمة»، فالهدف واحد والرب واحد.
والمليفي برلماني معتق، يمتلك رصيدا هائلا من الخبرة، ولذلك أعلن عن موعد تقديم الاستجواب وحدّده في السادس من نوفمبر المقبل، وبهذا ضرب خصمين بحجر واحد، رئيس الحكومة والتكتل الشعبي. والمليفي يعلم بأن التكتل الشعبي انتهى من إعداد مسودة استجواب الرئيس، وأنه منحه الفرصة الأخيرة، وبانتظار قرار الحكومة النهائي وجوابها الأخير بخصوص تحويل عقود المصفاة الرابعة إلى لجنة المناقصات المركزية، ماذا وإلا… وكان المليفي يخشى من أن يتقدم الشعبي باستجوابه فيتم حل البرلمان من دون أن يكون له (أي المليفي) دور في المعركة، ولذا استخدم هذا التكتيك السياسي الذكي بأن أعلن عن موعد الاستجواب، لكن تكتيكه هذا مضر بمصالح البلاد والعباد، وإن كنا نتفق معه ونوقّع على بياض على سوء أو قل كارثية أداء رئيس الحكومة.
وسنتابع إلى ماذا ستؤول نهاية «استجواب البزمة»، على أن رئيس الحكومة إذا كان لا يستطيع صعود المنصة والدفاع عن أدائه ووجهة نظره في «بزمة»، فلن يغضب أحد لو أوقف سيارته على جانب الطريق كي لا يعيق حركة المرور.
***
جاءني من يحذرني من أن هناك من يكيد لي المكائد، فقلت: «لا مشكلة لدي، حتى ولو صحّ الخبر، المهم ألا يفتروا عليّ وألا ينزلوا بالخصومة إلى الدرك الأسفل ويلفقوا أمورا لها علاقة بالعرض والشرف، مثلا، أو أن يتهموني بالمخدرات وما شابه، أما ما سوى ذلك من خصومات سياسية ومصالح شخصية وغيرها، فلا يهم».