درب درب. الكويت تستخدم زلاجات الجليد لتنطلق من أعلى الجبل بأقصى سرعتها للهاوية. ما الذي تبقى؟ كل جميل في الكويت سقط من شاهق ووقع من حالق… الرياضة، سلامو عليكم، حط المفتاح تحت فرشة الباب أو خذه معاك ما عليك أمر. الفن، نايف الراشد حصل على لقب أفضل ممثل في الكويت، ولا تسألني من هو نايف الراشد فوالله الذي لا إله إلا هو لا أعرفه ولا أعرف أين يعمل قبل أن أقرأ خبر فوزه باللقب، ولديّ شهود على صدق كلامي. يستاهل ومطرح ما يسري. والمصائب لا تأتي فرادى عليّ الطلاق، على أي حال، فوز الراشد هو رسالة تحذير للأخ الفاضل روبيرت دي نيرو، وقد أعذر من أنذر. وحدوووه.
وقبل أشهر كانت شعرات الشيب في رأسي ست شعرات عجاف، على ذمة ابنتي غلا، والأسبوع الماضي حدثت طفرة فقفز الرقم إلى إحدى عشرة شعرة بيضاء فاقع لونها، على ذمة الراوي نفسه، وأظن أن الطفرة هذه تحققت لكثرة ما رأيت من تقارير تكشف مصائب وكوارث حكوماتنا المتعاقبة، وكان الله في عون ديوان المحاسبة، أو كان الله في عوننا نحن بعد وفاة «أمين الشعب» براك المرزوق رحمة الله عليه، الذي غافلنا وغادر قبل أن نحسب حسابنا. عزاؤنا للكويت وأهلها.
وقبل أيام، اجتمعت مع مجموعة من الشباب العاملين في هيئة الاستثمار الكويتية، أو هيئة بصيص الضوء في آخر النفق الطويل المظلم، وراحوا يتكلمون ببكاء عن العبث المتعمد بالمال العام، ويدللون بحرقة على كلامهم بالوثائق والمستندات، فهالني ما رأيت وسمعت، وشعرت بصداع ليس كمثله صداع، ووضعت يدي على جبهتي ورحت أتابع معهم الكارثة تلو الكارثة والمصيبة اثر المصيبة والخيبة في ذيل الخيبة، ثم تمتمتُ «هكذا اللعب وإلا بلاش».
وهيئة الاستثمار، بدأت عملها في الكويت عام 53 على شكل «صندوق استثمار» ثم تحول الصندوق إلى هيئة، وهي الآن (أقصد قبل أزمة المال العالمية) تمتلك 256 مليار دولار، زايد ناقص مليار، بينما أنشئت هيئة الاستثمار في أبو ظبي، كما ذكرت في إحدى حلقات برنامج «مانشيت»، عام 81 وهي الآن (أيضا قبل أزمة المال العالمية) تحتكم على 800 مليار دولار، ألف هني وعافية. والفلوس وسخ دنيا.
تسلّمت نسخة من المخالفات، وطلب مني الشباب أولئك كتابة مقالة عن الموضوع فوعدتهم بها لكنني اكتشفت بأن «الزاد أكبر من المزودة»، وأن «مقالة واحدة لا تكفي»، فقررت تخصيص حلقة في برنامج «مانشيت» عن أموالنا واستثماراتنا في الخارج، وعن طريقة تعامل قيادات الهيئة مع هؤلاء الشباب الذين أبدوا احتجاجهم على العبث بالمال العام، فكان جزاؤهم ضربة كوع، لم يشاهدها حكم المباراة، تسببت في دفعهم وسقوطهم خارج الملعب، وإبعادهم عن مناصبهم ليكونوا عبرة لمن تسوّل له نفسه الاعتراض أو الاحتجاج على «الكبار». وهم الآن، أي الشباب، يدورون حول الملعب، لا يحق لهم ركل كرة ولا صد هجمة بأوامر من «الحكم الرابع».
وضحكت كثيرا حتى كدت أسقط على ظهري عندما علمت بأن الشباب تقدموا بشكوى لوزير المالية، رئيس مجلس إدارة الهيئة، أوضحوا فيها التلاعب، فطلب منهم تزويده بالأدلة خلال أسبوع، فزودوه بما طلب خلال الفترة المحددة، فوضع شكواهم في الدرج الأيمن العلوي حفاظا عليها من شمس الصيف وأمطار الشتاء. ثم فوجئوا بأنهم هم أنفسهم محالون للنيابة العامة، هاهاها.
القضية تستحق، كما ذكرت، تخصيص حلقة تلفزيونية كاملة نكشف فيها الحقائق، ونعرف حينها كم هي أرباح الهيئة منذ أن تسلمها مجلس الإدارة الحالي، وأين تم استثمار الأموال، وغير ذلك، لكن الخوف كله أن تتحول أزمة المال العالمية إلى شماعة تبرر العبث والتلاعب، والخوف أيضا أن تتحول استثماراتنا إلى محفظة في جيب راكب في باص مزدحم.