د. شفيق ناظم الغبرا

التعليم الجامعي الحكومي وأزمة النظام العربي

إن التعليم الجامعي الحكومي يعاني من تحديات وإشكالات تزداد خطورة وصعوبة كل يوم. فبينما التعليم الخاص العالي الجامعي يستقطب نسبة كبيرة من أبناء وبنات النخبة في المجتمعات العربية(رغم ضعف 80 في المئة من مؤسساته ومخرجاته) إلا أن التعليم الجامعي الحكومي يستقطب ما لا يقل عن 80 في المئة من غالبية الطلاب والطالبات الذين يتخرجون من التعليم الثانوي. في تلك المؤسسات التعليمية، خصوصاً في التخصصات خارج مجال الهندسة والطب والصيدلة، تبنى بدايات الغضب والاحتجاج أو الانكسار الذي يحمل قطاع كبير من الجيل الشاب آفاقه في نفوسهم وفي أوضاعهم. متابعة قراءة التعليم الجامعي الحكومي وأزمة النظام العربي

سامي النصف

كيف نتعامل مع النطق السامي؟

نرجو أن يتم التركيز هذه المرة على كلمات القيادات السياسية التي القيت بالأمس في حفل افتتاح دور الانعقاد الثاني لمجلس الأمة، بعيدا عن النهج المعتاد الذي يرى أنها خطابات محدد دورها بإطار البروتوكول، وبالتالي تستمر إشكالات ما قبل الخطاب قائمة بعده.

لقد اتضح أن أحد أسباب الأزمات السياسية المستفحلة والحل المتكرر لمجلس الأمة هو الهوة الفاصلة بين ما يسمع في تلك الخطابات الهامة وبين ما يعمل بعدها.

لقد أتى النطق السامي لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله، كافيا ووافيا وأقرب لـ «روشتة» علاج لكثير من الإشكالات والأمراض المزمنة القائمة، فقد ابتدأ النطق بالتركيز على قضية الحفاظ على الوحدة الوطنية والبعد عن المساس بالسلطة القضائية بعد أن تطاول عليها من يفترض أن يكونوا أكثر الناس حرصا عليها وفهما لدورها.

ومع تزايد الإصدارات الصحافية وانتشار القنوات الفضائية الخاصة كان طلب سموه بأن تكون مصلحة الكويت النبراس الذي تهتدي به وسائل إعلامنا، فتجعل من أولوياتها الحفاظ على أمن البلد واستقراره ونشر المحبة بين الناس ومد جسور الصداقة للدول الشقيقة والصديقة.

وضمن التعامل الواجب مع الأزمة المالية الطارئة أتى النطق السامي داعيا لتضافر الجهود لتلافي تداعيات تلك الأزمة وملقيا على كاهل رجال السلطة التشريعية مسؤولية إقرار تشريعات تحمي وتحصن اقتصادنا من أي هزات مستقبلية مماثلة، بعد أن تكررت النكسات دون وجود أنظمة تحاسب وتعاقب من يضر بمدخرات وأموال الناس لمصالحه الشخصية.

وأتى ضمن «وصفة» الخطاب السامي ضرورة تنويع مصادر الدخل وإعطاء القطاع الخاص دورا أكبر والتحذير من وضع العقبات وإثارة الشبهات دون دليل أمام تنفيذ مشاريعنا التنموية الكبرى كي لا تتضاعف الكلفة نتيجة للتأخير والعرقلة، وركز النطق السامي على أهمية خلق نشاطات اقتصادية جديدة تعتمد على كفاءة وإنتاجية الإنسان الكويتي وتحذر من الاعتماد على فوائض مالية ذات صفة مؤقتة وخادعة.

آخر محطة:
لم أستوعب نتائج انتخابات اللجان، ففي ظروف اقتصادية صعبة وحرجة يسقط بعض المختصين من اللجنة المالية وينجح من ليس من ذوي الاختصاص، كما عادت اللجنة التشريعية بتشكيلة قريبة من التشكيلة السابقة التي أصدرت التوصيات الأخيرة التي أغضبت الحكومة.

احمد الصراف

أندرسون والبغلي والأقباط

شاهد رجل امرأة كبيرة في السن وقد تعطلت بها سيارتها الأنيقة على جانب الطريق، وكان اليوم يشرف علي نهايته، وتبين له أنها بحاجة للمساعدة. أوقف سيارته المتهالكة أمام سيارتها وتقدم منها، ولكن ابتسامته لم تتغلب على خشيتها منه، فقد كانت إمارات الفقر والجوع بادية عليه. لاحظ الرجل خوفها منه وارتباكها فقال لها بلطف: أنا هنا لمساعدتك. ابقي في دفء سيارتك، فالجو بارد وسأصلح لك الإطار المعطوب، بالمناسبة اسمي «بريان أندرسون».
استلقى بريان على الأرض الباردة تحت السيارة للبحث عن مكان وضع الرافعة، وعندما وجدها شعر بأنه غير قادر على الحركة فقد كان يومه شاقاً، ولكن بعد جهد كبير تمكن من تغيير الإطار وإمارات التعب بادية عليه ويداه متسختان بشكل واضح.
شكرته السيدة بحرارة على مساعدته العظيمة لها وعرفته بنفسها، وقالت إن لولاه لما عرفت ما كان سيصيبها في تلك المنطقة شبه المهجورة، وفي تلك الساعة المتأخرة، رد بريان عليها باقتضاب وهو يغلق غطاء حقيبة السيارة، متمنياً لها سفراً سعيداً، فسألته السيدة عما يطلبه مقابل ما قام به، وانها على استعداد لدفع ما يطلب، فقال لها: عندما عرضت مساعدتك لم أفكر في أي مقابل، بل وجدت أن هناك من هو بحاجة إلي، ولم يكن بامكاني التفكير بأي طريقة أخرى. وإزاء اصرارها قال بريان: اذا كنت حقاً تتمنين فعل ذلك فما عليك سوى عدم التردد في المرة القادمة من مد يد المساعدة لمن ترين أنه بحاجة لها.
بعد عدة أميال من ذلك المكان توقفت السيدة عند مقهى لتناول وجبة خفيفة قبل مواصلة طريقها لمدينتها. فوجئت ببساطة المقهى وتهالك أثاثه المتقادم واضاءته المعتمة، ولكن ابتسامة النادلة خففت كثيراً من عدم اطمئنانها للمكان ومن فيه. لاحظت السيدة ان النادلة تعمل بنشاط مع أنها تبدو حاملاً في شهرها الأخير، وأنها تقوم بعملها والابتسامة لا تفارق وجهها، بالرغم من إمارات الجهد والفقر البادية عليها، وتساءلت بينها وبين نفسها كيف يمكن لمن لا يملك الكثير أن يعطي بكل هذا السخاء خدمة وتميزاً وابتسامة.. وهنا تذكرت «بريان اندرسون»!
بعد أن أنهت السيدة تناول وجبتها أعطت النادلة ورقة من فئة المائة دولار، فغادرت هذه لتحضر الفرق من المكتب الخلفي وعندما عادت لم تجد للسيدة أثراً، واعتقدت أنها ربما ذهبت لقضاء حاجة ولكنها فوجئت بوجود قصاصة ورق حيث كانت تجلس السيدة مدون عليها العبارات التالية، والتي قرأتها والدموع تملأ مآقيها: أنت لست مدينة لي بالفرق يا عزيزتي، فقد مررت بالتجربة نفسها قبل ساعات، عندما ساعدني شخص من دون مقابل، كما أقوم بتقديم المساعدة لك الآن. أتمنى ألا تكسري سلسلة الحب هذه، وتستمري في عطائك! ووجدت النادلة تحت القصاصة مبلغ أربعمائة دولار.
أكملت النادلة عملها وأنهت ما هو مطلوب منها وعندما عادت ذلك المساء إلى بيتها وجلست في سريرها مستذكرة ما مر بها، وكلمات تلك السيدة وكيف عرفت مدى حاجتها وأسرتها لذلك المبلغ، وخاصة أن الأمور ستكون أكثر صعوبة مع قدوم المولود الجديد، وكانت تعرف مدى قلق زوجها من المستقبل والمسؤولية الكبيرة التي عليه حملها في القادم من الأيام، وهنا استدارت نحوه وقبلته بلطف وقال بصوت خافت «أنا أحبك يا بريان أندرسون»!
أسرد هذه القصة المترجمة بتصرف من رسالة انترنت بمناسبة المقال الذي سبقني الزميل علي البغلي إلى كتابته قبل يومين عن الموقف المشرف لصاحب السمو الأمير والحكومة من الكنيسة القبطية، وكيف توفر لرعاة الكنيسة الموقع الجديد المقر المؤقت، بعد هدم مبناهم السابق.
وتمنى الزميل في نهاية مقاله على الحكومة التبرع بمبلغ من المال الذي تعوزه الكنيسة لاكمال مبناها(!!) وهنا اعتقد ان الحكومة ما قصرت، وتقديمها المال اللازم سوف يكون بلا شك محل ترحيب من «الإنسانيين» جميعاً، ولكن ما سيكون له الأثر الأكبر محلياً وعالمياً، ليس الدفع الحكومي، بل أن نقوم، كأفراد احرار ومتسامحين، بأخذ زمام المبادرة والمشاركة في تقديم يد المساعدة المالية للكنيسة. وبالرغم من كبر خسائري في البورصة فانني على استعداد لأن أكون أول المتبرعين. وهنا أدعو «جمعية حقوق الإنسان»، أو أي جمعية أهلية حرة أخرى إلى أخذ زمام المبادرة في هذا الشأن والتصدي لعملية الجمع!!
* * *

ملاحظة:
تقيم الفنانة سكينة الكوت معرضاً لرسوماتها في لبنان اليوم ويستمر حتى 28 اكتوبر، تحت عنوان «لبنان بعيون كويتية». وسيفتتح وزير الإعلام اللبناني المعرض بحضور سفير الكويت.

أحمد الصراف