محمد الوشيحي

قطرة واحدة تكفي

موضة «تبرئة الذمة» التي أدمنها بعض النواب الجدد في تصريحاتهم اليومية بصراحة «ما توكل عيش ولا نفّيش». موضة مكشوفة ومحاصرة بالذباب الأصيل.
يصرخ عمال النفط مطالبين بحقوقهم وكادرهم ويستجدون مساواتهم بنظرائهم الخليجيين، والحكومة «مصهينة» لسنوات، أذن من طين وأخرى من فلّين، فيغضب العمال ويعتصمون ويثور الغبار، فيتصل سكرتير أحد النواب الجدد بنائبه: «النواب كلهم مع عمال النفط والدنيا مقلوبة، بسرعة شوف لك تصريح تأييد»، فيرد النائب مذعورا: «شنو الموضوع»؟، فيشرح له سكرتيره الإعلامي الواقعة، فيرسل النائب تصريحا للصحافة: «يجب أن نحافظ على حقوق عمال النفط»، ثم ينام. وبهذا يكون أدى ما عليه وبرأ ذمته أمام الناس. فالأمر لا يحتاج إلى إجراء مقارنة بعمال النفط في دول الخليج الأخرى، ولا يحتاج إلى التفكير بمشروع قانون يقطع عرق التهاون الحكومي ويسيّح دمه. إطلاقا، ديّة الموضوع تصريح، وكان الله بالسر عليما.
وغدا صباحا، ويا فتاح يا كريم يا رزاق يا عليم، تمتلئ مانشيتات الصحف بأخبار مفزعة: «انهيار الاقتصاد العالمي»، و«صغار المستثمرين في بورصة الكويت يصابون بالهلع»، فيصرح النائب: «يجب أن يتم تعويض صغار المستثمرين»، وينام. أي كلام يا عبد السلام، فالموضوع أسخف من أن يحتاج إلى استشارة اقتصاديين ولا مطالبة الحكومة بتقرير عن سبب الهبوط الحاد للبورصة، ولا عقد اجتماع ووضع خطة تمنع تكرار الحدث، ولا كاني ولا ماني. تصريح واحد يكفي، كما في دعاية «صابون فيري» لتنظيف المواعين «قطرة واحدة تكفي». متابعة قراءة قطرة واحدة تكفي

سامي النصف

إضراب

في البدء نحن مع اي مطالبات محقة لإخواننا عمال النفط وغيرهم الا اننا ضد الاضراب كوسيلة للوصول للغايات كونه اسلوبا انصرفت عنه الامم المتقدمة لما يسببه من خسائر مادية فادحة تصيب كل الاطراف، اضافة الى انه ما ان يبدأ في قطاع ما حتى ينتقل سريعا الى جميع القطاعات الاخرى فينتهي اضراب النفط ليبدأ اضراب الاطباء او موظفي الكهرباء او المطار او البلدية ..الخ، مما يحيل حياة المواطنين الى جحيم ويساهم في تدمير اقتصاد بلدنا الذي انخفض دخله خلال اشهر بما يزيد على الثلثين، وفي وسط ازمة مالية عالمية يحلم خلالها الملايين بالحصول على الوظيفة وتوفير الخبز على المائدة.

وأحد الاشكالات التي تسبب الاضرابات في كثير من الاحيان، ضعف مستوى المتفاوضين من الجانبين فنشهد من جانب المسؤولين والمديرين اما رفضا قاطعا لكل ما يقدم ثم انتظار الاضراب لتحقيق بعض المطالب، او بالمقابل الانبطاح الكامل والموافقة سريعا على كل شيء بقصد كسب الثناء والشعبوية وتحميل كبار المسؤولين في الدولة بعد ذلك تبعات رفض المطالب غير العقلانية المقدمة.

على الجانب النقابي هناك كذلك إما اشكالية محاولة فرض الموافقة على كل ما يطلب دون مرونة وتحت راية التهديد بالاضراب، او محاولة استغلال المراكز النقابية للحصول على المكاسب الشخصية ومن ثم التفريط في مصالح العاملين مما يثير غضبهم لعدم الحصول على الحدود الدنيا من المطالب ومن ثم اعلان الاضراب، للمعلومة يستعين الفرقاء في الدول المتقدمة بمفاوضين محترفين ضمن صفوفهم لايصال المفاوضات المضنية التي تستمر لأشهر لبر الأمان بعيدا عن عمليات الاضراب المدمرة التي تضر بالطرفين.

وللتاريخ فان عمليات الاضرابات الحالية والمقبلة المتسبب الرئيسي فيها هو وزير وصل لكرسي المسؤولية في غفلة من الزمن واستخدم الكذب والخداع والانبطاح كوسيلة لكسب الشعبوية واعدا الجميع بتحقيق جميع مطالبهم وان لديه، حسب قوله، ولدى الوزراء كافة القدرة على تحقيق المطالب والقفز على اشتراطات المجالس المعنية كمجلس الخدمة المدنية وغيره.

وقد وضع ذلك المسؤول غير المسؤول كبار المسؤولين ومعهم الجهات المختصة في الدولة في حرج كبير بسبب وعوده الكاذبة بتحقيق جميع المطالب وارسل في الوقت ذاته رسالة لا لبس فيها ومازالت باقية لجميع النقابات بان الاضراب هو الوسيلة الوحيدة والسريعة لتحقيق المطالب وان عليهم الا يصدقوا الوزراء والمديرين عندما يستشهدون بعدم موافقة المجالس المختصة، وقد قرأت على احد المواقع الالكترونية لأحد موظفي ذلك المسؤول السابق ان اضراره على البلد واقتصاده قد قاربت اضرار صدام.

آخر محطة:
 انتخابات اللجان وامانة سر مجلس الأمة مقبلة ونرجو ان نشهد دعما حكوميا قويا للاكفاء و«المختصين» والمخلصين في اللجان المختلفة وخاصة اللجنة المالية لحراجة الاوضاع.

احمد الصراف

قصة استريد مع المستشفى

كتبت “استريد” تقول: اضطررت في يوم الى اصطحاب صديق الى مستشفى يقع جنوب البلاد. وعلى الرغم من عدم ثقتنا جميعا بأي خدمة طبية تقدم جنوبا، بعد هبوط مستوى مستشفى الـ KOC، فان تجربتي مساء ذلك اليوم كانت “غير شكل”. كان لا بد من الاتصال هاتفيا لتحديد موعد. فوجئت بالرد السريع وطلب اختيار اللغة العربية او الانكليزية، وبعكس كل مؤسسات الدولة تقريبا، رد الموظف فور التحويل عارضا المساعدة، ولم تمر دقائق حتى انتهينا من تحديد الموعد وتدوين البيانات الضرورية!
وصلت الى مواقف سيارات المستشفى فوجدته مظللا بكامله، وقد دونت العلامات الارشادية فيه بلغتين، وهذا يدل على حس انساني عظيم، فأكثر من نصف سكان الكويت لا يعرفون العربية.
لاحظت من نظرة سريعة ان الزرع والاشجار مشذبة بشكل جميل ولا توجد مزروعات بلاستيكية او ميتة في أصص مكسورة. كما لا توجد سلاسل صدئة تحجز المواقف القريبة. كما كانت الساحة والممرات نظيفة من أي قمامة، ولا توجد حفر في المواقف وبلاط مكسور او كربستون مهشم من ضربات اصحاب السوبربانات الذين يصرون على ايقاف مركباتهم على الارصفة. كما ان سيارة اسعاف المستشفى تقف في مكانها المخصص وهي، على غير المعتاد، نظيفة ومن غير صدمات!
مسلسل المفاجآت يستمر معك في الداخل، حيث تلاحظ ان النظافة تبدو واضحة على العاملين وعلى تصرفاتهم المهذبة واصرارهم على التحدث معك بلطف، وقدرتهم في الوقت نفسه, على العمل على جهاز الكمبيوتر الموجود امام كل واحد، او واحدة منهم. وبخلاف ما تعودت اعيننا عليه في المستشفيات الاخرى، والحكومية بالذات، فلا تجد هنا موظفين بلا عمل ومرضى يتوسدون كراسي رخيصة ومهترئة، وقطع البلاستك التي كانت تغطيها من المصنع لاتزال معلقة فيها بعد كل تلك السنوات حاملة كل جراثيم العالم. كما لا توجد ملصقات متآكلة لجمعية اعانة المرضى او ملصق لتاكسي او بائع فلافل، حتى سلال القمامة تلمع من الداخل والخارج.
دخلت غرفة الانتظار فوجدت هناك من سبقني. لاحظت ان ليس هناك تجاوزات ولا واسطات ولا تأفف أو تذمر، والجميع تقريبا مشغول بالقراءة، عدا همس مشترك هنا، ومكالمة هاتفية ضرورية هناك.
اضطررت للذهاب الى الحمام فوجدته لا يقارن بحمامات مستشفيات شمال الكويت، فورق التواليت والصابون السائل وورق تنشيف الايدي موجود بوفرة. كما ان فتحة مجاري الحمام لها غطاء وللباب ايضا قفل يحميه، ولا توجد بلاطات مكسورة او دش يدوي مرمي على الارض القذرة ينزف ماء، بل نظافة بمستوى 5 نجوم!
جاء دوري لمقابلة الطبيبة، وتم اجراء العملية بحضوري، ورأيت كيف ان احدا لم يطرق الباب طالبا الدخول، متحديا أي ملصق يمنع ذلك. خرجت بعد ساعتين من المستشفى من دون أن أشاهد أحدا يدخن سيجارة، أو يقع نظري على منافض قذرة مليئة بأعقاب السجائر او بصاق ملوث. كما لم أشاهد في ذلك المستشفى منظر العمالة الرثة السيئة الحظ وهي تتهادى بملابسها القذرة في الممرات تفكر في الكيفية التي ستتمكن فيها من اكمال اشهر بفتات ما يأتيها من راتب!
وقبل ان أخرج اكتشفت أن هناك حديقة صغيرة رائعة التنسيق يمكن لموظفي المستشفى وزواره قضاء وقتهم فيها بعيدا عن ماكدونالد والدونتس.
اعلم جيدا ان ما اقوله يبدو عجيبا، ولا يمكن تخيل وجوده في الكويت، ويا حبذا لو قام وزير الصحة بزيارة المستشفى معي مستقبلا، مع الاعتذار لعدم وجود “شيشة” فيه، ليقوم بتطبيق بعض ما فيه على مستشفيات الدولة!
لا أتكلم هنا عن خيال فالمستشفى موجود ولأي كان حق زيارته، ولكنه مستشفى بيطري خاص.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

لسن سوى نسوة… !

 

منذ كنت طالبا في المرحلة الثانوية، في مدرسة الشيخ عبدالعزيز بن محمد آل خليفة، وهي المرحلة التي بدأت فيها أهتم بقراءة الصحف والمجلات (مع أن هناك من الطلاب في المدرسة ممن كان ضليعا في المتابعة قبلي وقبل غيري… يعني أبو جرايد كما كنا نقول)، وأنا أقرأ وأسمع الكثير الكثير عن معاناة المطلقات في المحاكم الشرعية… والآن أضيف إلى القائمة، فئة المهجورات!

الحق يقال، في المرحلة الثانوية لم أكن أقرأ في الصحف عن «مهجورات»! اللهم في بعض دول آسيا وفي الأفلام التي قد يسمح لنا بمشاهدتها ليالي الجمعة… أقصد الأفلام العربية، والغربية إن كان «لا بأس بها». في تلك الأفلام، نفهم معنى قرية مهجورة… مدرسة مهجورة… بلدة مهجورة… مزرعة مهجورة… والكثير مما يمكن للإنسان أن يهجره… أما أن تكون الزوجة، رفيقة الدرب، الإنسانة، أم العيال، هي المهجورة، ففي ذلك ما هو أسوأ وصف وأشنع معنى مما كنت ومازلت أعرفه مما يمكن «هجره»!

حتى «الهجر» في الحياة الزوجية، وعلى مستوى المعاملة الشرعية كعقاب، فإنه واضح في المضاجع كتأديب لوقت محدود… أما أن يكون الهجر «هكذا»، وكما يقول بعض أهل البحرين، وخصوصا أهل المحرق في مثلهم القديم: «دودهو من دودهك من طقك»… فلا شيء هنا يمكن أن يكون معينا لمن تعرضن للظلم والهجران من أزواجهن سوى القضاة الشرعيين.

المطلقات والمهجورات، أزمة… حقا أزمة في المجتمع البحريني الصغير، والحل في يد القضاة الشرعيين لا غيرهم، ولأن القضاء في بلادنا مستقل، فإن السؤال الذي يمكن أن نوجهه إلى أي من القضاة الكرام، أو إلى أي موظف يعمل في المحاكم الشرعية: أليس صحيحا ما نسمعه عن «مرمطة» أولئك النسوة في أروقة المحاكم؟

لنفترض أن الكلام «غير صحيح»… وهو الجواب المتوقع، الذي تتلوه إجابات طويلة تدخل في دهاليز أكثر تعقيدا لتثبت أن الكلام غير صحيح… لذلك، سأعود إلى دليل يؤكد أن «المرمطة» صحيحة، وأتحدى أي طرف أن ينفي ذلك…

ففي العام 2005، وتحديدا في يوم 25 فبراير/ شباط، صدر تكليف عن جلالة عاهل البلاد، بدراسة مشكلات المطلقات ووضعهن المعيشي في ضوء الأحكام الصادرة بتحديد النفقة ومفرداتها وإجراءات التقاضي، وفعلا أجريت الدراسة بمتابعة شخصية من قرينة عاهل البلاد رئيس المجلس الأعلى للمرأة سمو الشيخة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، من منطلق حرصها على الوقوف على احتياجات المرأة والأسرة البحرينية لضمان استقرارها، وشملت الدراسة بنودا كثيرة لا مجال لذكرها، لكنها أوصت من بين ما أصدرت من توصيات ضرورة تعديل قانون أصول المحاكمات الشرعية بما يضفي صفة الاستعجال على قضايا الأسرة.

إذا، حين تضج مجموعة من المواطنات المطلقات والمهجورات من شدة ما هن فيه من وضع مأسوي، ويتحركن لمخاطبة المسئولين والنواب والمجلس الأعلى للقضاء، وينظمن اعتصاما وثانيا وثالثا، فالعذر معهن، ولا لوم عليهن… ومن يغفل أو يتغافل حقيقة أوضاعهن الصعبة لابد أنه إنسان «غير منصف»!

ربما يثمر تحرك المهجورات والمطلقات، ولو بعد حين، وربما تتعثر خطواتهن وتزداد المعاناة، لكن من المهم أن نأمل خيرا في القضاة الشرعيين لأن يعاد النظر في طريقة التعامل مع ملفات كثيرة هم أدرى بما فيها، وما عليها…

نتمنى أن تثمر التحركات وتعطى كل ذات حق، حقها