اكتسحت الساحة الاعلامية في اميركا في السنوات الثلاثين الماضية ظاهرة الدعاة الجدد الذين تحولوا مع الوقت الى «نجوم»، ولكن لاسباب معروفة لم ينبهر احد لمشهدهم في الاماكن العامة، كما الحال مع نجوم السينما. ويسمى نجوم الدعوة هؤلاء بـ Evangelists، وكانت التسمية تطلق اساسا على رجال الدين من المبشرين الانجيليين البروتستانت، ولكن مع انتشار التلفزيون في اميركا وضخامة عدد مشاهديه، وخاصة من قبل ربات البيوت وكبار السن، الاقرب للقبر منهم للحياة، فقد استغل عدد من الدعاة المفوهين ذوي الكاريزما الموهوبين، وان لم يكونوا جميعا من المتخصصين في العلوم الكنسية، او اللاهوت، استغلوا هذه الوسيلة في الدعوة للكنائس التي ينتمون لها او لكنائس جديدة قاموا بتأسيسها، ونجح البعض منهم في خلق هالة عظيمة حوله مكنته من التأثير في حياة الكثير من المشاهير والسياسيين المعروفين، كما قام البعض بتحقيق ثروات خيالية نتج عنها فساد وفضائح كبيرة.
مثل كل بدعة نأخذها من الغرب ونضيف إليها ما يشوهها من واقع بيئتنا، قام البعض من المقلدين الجيدين والمتحدثين المميزين باتباع اساليب الايفانجليست الاميركيين نفسها في الدعوة للدين، وخاصة بعد زيادة ما اصبح يصرف من اموال البترودولار على القنوات الدينية، حيث شاهدنا ظهور طبقة «الدعاة الجدد» او «نجوم الدعوة» من غير مرتدي الجبة والقفطان والعمة والجلباب، ومن غير خريجي المعاهد الدينية، بل كانوا خليطا من المتحذلقين البارعين في صف الكلام ورصه، من مهندسين ومدرسين وكتبة. وتمكن البعض منهم، وفي وقت قياسي، من اثبات وجودهم بجدارة عن طريق ملء ساعات البث المملة والطويلة في المحطات الدعوية بأحاديثهم وفتاواهم وارشاداتهم الدينية التي لا تنتهي، وقد ساعدهم في الانتشار كسل، او بساطة علم، غالبية مشاهدي هذه القنوات وتسليمهم بكل ما يقال من خلالها من دون نقاش، والامثلة اكثر من يسعها اي كتاب، وسبق ان تطرقنا الى البعض منها قبل فترة.
وكمثال على ما يقال من قبل البعض من هؤلاء الدعاة، او نجوم الدعوة في القنوات الفضائية نورد حادثتين: الاولى كانت مع النجم محمود الجندي في برنامج عمرو اديب، وحيث قام طفل لا يتجاوز عمره السنوات الثماني بسؤال الداعية النجم عن حرمة هدايا الكريسماس فأفتى الجندي بأنها حرام، وان على يوسف ان يستبدل ببابا نويل «بابا ثانياً»!
اما الحادثة الثانية فهي لرئيس قناة «اقرأ» ورئيس مكتبة «عالمي الممتع» ورئيس مجلس ادارة «الريادة الدولية» والمشرف العام على موقع الاسرة السعيدة، حيث جاء على لسانه التالي على قناة «اقرأ»:
«.. بحثت في بعض المواقع على الانترنت عن العلاقة الجنسية بين الحيوانات(!!) واكتشفت ان الكثير من الحيوانات اذا اراد الذكر منها ان يجامع الانثى فإنه يتجنب المكان، يعني لا يكون مع المجموعة الحيوانية في الغالب.. والقصة التالية وردت في نصوص دينية معترف بها عن مجتمع القرود، حيث ان قردة جامعها قرد ليس هو القرد الذي دائما يجامعها، او المعتادة عليه، فاجتمع مجتمع القرود وقرر ضرب هذه القردة بالحجارة عندما شاهدوها تجامع قردا غير الذي يجامعها عادة..».
هل فهمتم العلاقة بين الستر في الجماع بين الحيوانات والغيرة الجنسية عند القرود؟ انا شخصيا لم افهم شيئا، ولكن وقت البرنامج الديني ضاع على قصص فارغة المعنى والهدف، تضر اكثر مما تنفع. فالداعية «الكبير» اكد في قصته الخرافية وغير الحقيقية تلك ان الأنثى، حتى في عالم الحيوان، هي التي تعاقب وترجم ويعتدى عليها بالضرب عند وقوع الزنى، اما الذكر فله المتعة والامان، هذا اذا صدقنا ملاحظة صاحبنا عن طريقة الحيوانات في الجماع، ومدى مناسبة الحديث في قناة فضائية.
رابط الانترنت الذي يحتوي على الحديث موجود لدينا لمن يود الاطلاع عليه.
أحمد الصراف