خلال شهر رمضان المبارك، قدِّر لي أن أصاب بالذهول الشديد وأنا أستمع الى قصة مأساوية حقّا… تفوق مئات القصص التي نسمعها ونقرأ عنها بين الحين والحين من جرائم مدمني المخدرات… لربما هي قصة يتلذذ بها تجار هذه الآفة السامة ومروجوها والذين حققوا الثراء الفاحش الحرام من ورائها… لكنها قطعا، تصيب بألم موجع في القلب.
يقول محدثي، وهو داعية من الدعاة الخليجيين الأفاضل، إن أحد المدمنين، حطم حياته الأسرية تحطيما بسبب إدمانه بل وصل به الأمر الى الاستيلاء على النقود المذخرة لإطعام طفله الرضيع، وفي ذات يوم، عاد الى البيت وشيطان المخدرات يشتعل في رأسه… هاج وماج طالبا النقود، فرفضت زوجته التضحية بما تبقى من نقود قليلة للطفل… فما كان منه إلا أن هددها بقتله!
لم تكن تلك الزوجة تصدق أن الأب، سيقتل طفله الرضيع فقالت له: «اقتله إن أردت، لكن لن تحصل على ما تريد» وبالفعل، أخذ الطفل الرضيع وركض به كالمجنون الى سيارته، وسط ذهول الأم وحالة الذعر التي لا توصف، لكنها كانت تعتقد أنها محاولة للضغط عليها، لكن المجرم نفذ جريمته، فمن أعلى أحد الجسور المعلقة «الكباري» أوقف سيارته وحمل طفله الرضيع ورماه الى نهر الشارع المكتظ بالسيارات المسرعة ليتناثر ذلك الجسد الصغير الطاهر البريء الى أشلاء.
كل ذلك، وشيطان المخدرات ينتشي فرحا مسرورا، لعنه الله!
من أجل ذلك الطفل الرضيع، ومن أجل كل طفل وكل أم وكل أسرة، يستحق رجال الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية بوزارة الداخلية، وخصوصا عناصر مكافحة المخدرات الأشراف النبلاء، كل الشكر والتقدير والثناء على جهودهم الوطنية والإنسانية التي تكللت بالنجاح بتمكنهم من إحباط محاولة لتهريب 142 كيلوغراما من المخدرات الى بلادنا عن طريق البحر مساء السبت الماضي، ونقول لهم إن هذا الإنجاز شرف لنا كمواطنين يحق لنا أن نفخر به بدرجة أكبر بكثير من شدة الصفعة التي تلقاها مهربون كانوا يحلمون بجني ربع مليون دينار من عرق وشقاء واستقرار ولقمة عيش أسر كثيرة يستهدفون شبابها وشاباتها ورجالها ونسائها وحتى أطفالها.
نقول لوزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، ولكل فرد في قسم مكافحة المخدرات: «إن أطلقتم النار بعد تحذير المهربين فلا لوم عليكم… وإن شددتم القبضة على كل الرؤوس الصغيرة والكبيرة ممن يتاجرون بالسموم لتدميرنا جميعا فلكم الشكر، لأن هؤلاء المجرمين الذين يتفننون في استخدام الوسائل التقنية ويطورون من تحركاتهم وسبل اتصالاتهم وخطط ترويج تجارتهم، لابد أن يدركوا أن هناك العيون الساهرة لهم بالمرصاد… وهناك شباب البلد الذين يتسلحون بالمعرفة والعلوم الحديثة في الترصد والمتابعة، وبعد… ليعلموا أن القانون يطبق على الجميع، أيا يكن الرأس/ الرؤوس». الشكر موصول أيضا، الى كل مواطن يقوم بدوره في مكافحة تلك الشرذمة، ويبلغ عنهم من باب شعوره بالمسئولية الدينية والوطنية، فكم من بيوت تدمرت وكم من شباب في عمر الزهور سقطوا ضحايا لنشوة تجار المخدرات ومروجيها… فجعت بهم أمهاتهم وزوجاتهم وأطفالهم وأَحبَّتُهم فيما يشرب أولئك الشياطين، نخب الانتصار وهم يحولون الملايين الى المصارف، ويخططون إلى الغد، حيث المزيد من تجارة الموت، لكن شاء الله أن يوفق رجالا لأن يكونوا لهم بالمرصاد، برّا وبحرا وجوّا…
لنتذكر جسم طفل رضيع تناثر أشلاء… ولنكن في مستوى المسئولية للتصدي لعصابة تجار السموم