للهنود الحمر طريقتهم الجميلة والمميزة في إطلاق الأسماء على الناس، وبدلا من «بيرنارد» و«سكوت» و«وليام» و«إبراهيم» و«أحمد» و«مطلق» و«جاسم»، نجدهم يسمّون الأشخاص بصفاتهم، فقائدهم البطل الذي هزم الجيش الأميركي في أشهر معركة دارت بين الجنسين الأميركي والهندي «معركة فلوريدا» يسمونه «الثور الجالس»، وهو أشهر القادة الهنود وأشجعهم وأنبلهم، وسمّي «الثور» لضخامته وهو وصف حميد في ثقافتهم، أما «الجالس» فلأنه أثناء صباه وبدايات شبابه كان كثيرا ما يجلس فوق الجبال وحيدا يفكر في توحيد القبائل وزعامتها، وهو بالفعل استطاع ذلك، ووحد القبائل تحت لوائه وهزم الجيوش الأميركية في معارك عدة، لكن الأميركان استخدموا الحيلة واستعانوا ببعض الهنود الخونة، وتمكنوا من القبض عليه بعدما قاموا بتخديره، لتتفكك القبائل من بعده ولتبدأ السيطرة البيضاء تدريجيا، وليهرب البقية الناجية من الهنود إلى السلفادور وبوليفيا ونيكاراغوا حيث أبناء العمومة.
وبالإضافة إلى «الثور الجالس»، هناك أيضا «ذو الشفة الواحدة» و«صديق الخيل» و«فم التمساح» وغيرها من الأسماء التي تعتمد على الصفات.
وباستخدام طريقة الهنود في التسمية، سيحمل الكشاف والفنان العذب والطفل الكبير الزميل صلاح الساير اسم «تقسيم عشرة»، وهو كي تعرف عمره الحقيقي، احسب عمره الحالي واقسم على عشرة، فهو الآن في الخامسة من عمره، عذرا صلاح، وهو سيغضب لدقيقتين وعشرين ثانية ثم ستتعالى ضحكاته الطفولية في الأرجاء، وسيجلس مع العامل البنغالي المسؤول عن تنظيف الشارع أمام منزله، وسيتناول معه الحديث وسيتبادلان الضحك حتى يخيّل إليك بأنهما سيتشاركان في مشروع عما قريب، وهو ما أن يبدي رغبته في الخروج لتناول القهوة حتى يزدحم المقهى ويفيض بمحبي حكاياته وطفولاته.
أما بليغنا ومعلمنا وأستاذنا عاشق حروف الجر وصاحب الضمير المتصل الزميل صالح الشايجي، فهو «الشاري دماغه»، وهو لا يعرف ما وراء الأكمة فقط بل وما تحتها أيضا، لكنه، وبعد التجارب، باع الهم والغم واشترى بأرباحهما دماغه ،وهاجر إلى مصر، أو هو هاجر إلى شقيقه النيل.
أما «خويّ الطريق» الزميل سعود العصفور فهو «قووقل»، ولن تحتاج للإنترنت لتبحث عن معلومة وسعود حي يرزق، أصلا عيب، فقط اتصل بسعود وستجد الإجابة على وجه السرعة، وعلى قفاها إن أردت، وهو سيغفر لك كل شيء إلا أن تقول له بأن معلومته خاطئة، لا قدّر الله.
و«المتحدث ماشياً» هو الزميل الجميل خالد هلال رئيس تحرير جريدة الجريدة، فهو سيذرع الغرفة ذهابا وإيابا أثناء حديثه وستستمع له برقبتك المجردة، وسيختفي عنك لكن صوته لن يختفي، هو في مكان ما بالقرب منك، انتظر وسيظهر أمامك من جديد، فقط قبل أن تجلس مع خالد قم بتدليك رقبتك بعناية، وتأكد من سلامة طبلتها، فالحديث معه مهم وشيق، وأفكاره لن تجدها عند أحد غيره.
أما الصديق الذي لا يحبه سوى خمسة نفر، أنا وأربعة آخرون، الزميل نبيل الفضل، فهو «داعم الطوف»، ولو أن فريق إزالة المخالفات على أملاك الدولة، أو أعداء الديوانيات كما أسماهم البعض، عرفوا نبيل الفضل من قبل لما احتاجوا للبلدوزرات، فمن أفضل من أبي براك اصطداما بالحيطان المسلحة؟ وبجلوسك معه ستكفر بمقولة «الحيطان لها آذان»، فحديثكما سيستمع له كل من في المقهى والمقهى المجاور، وكل مشروك مبروك. ونبيل من أنظف الناس قلبا، بعدما عرفته عن قرب.
ومحدثكم هو «التائه دائما»، ولا يمكن أن أطلع من المنطقة العاشرة باتجاه الديرة أو الجهراء دون أن يكون معي أحد على الهاتف يرشدني ويوجهني: «أول إشارة بعد العديلية خذ يسار، تجيك الجهراء على إيدك اليمين، طوف الجهراء تلقى مخفر، روح له وقل للعساكر اسحبوا مني الليسن أنا ماني مضبوط»، هكذا وصف لي احد الأصدقاء الطريق إلى منطقة النزهة.
***
لم أعاني بعد كتابة موضوع كما عانيت من الكتابة عن «مؤسسة الكويتية»، فبعد نشر أي مقالة لها علاقة بالكويتية يجتمع بي فريق من الموظفين هناك ليقسم بأن الحق في هذا الاتجاه، بينما يقسم الفريق الآخر بأن الحق في الاتجاه المخالف، وما بين هؤلاء وهؤلاء، كثرت الاجتماعات وطالت وشعرتُ بالتوهان فرفعت الراية البيضاء وأعلنت اختلاط الأمور عليّ، ولذلك سأتوقف عن الكتابة عن «الكويتية» إلى أن يتضح لي الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
لكن هناك جزئية لا علاقة لها بصراع المتصارعين، وهي جزئية الطلبة الكويتيين الدارسين في مصر والذين يشتكون من عدم مساواتهم ببقية الطلبة الكويتيين الدارسين في الدول الأخرى، ويستغربون كيف يحصل نظراؤهم في الأردن وفي أميركا وبريطانيا وغيرهم على خصم على التذاكر والوزن، لهم ولأسرهم أيضا، بينما «نحن الطلبة الكويتيين في مصر لا نحصل على أي خصم»! نتمنى تدخل سعادة السفير الكويتي في القاهرة الدكتور رشيد الحمد ورئيس الكويتية الأخ حمد الفلاح لإنصاف أبنائهم هناك، مع الشكر.