سامي النصف

نريد حل أبو بدلة

تزامن انهيار الأسهم والعقار في الكويت عام 82 مع انهيار مماثل في سنغافورة، في الكويت ألبسنا حلولنا الدشداشة كما قيل في حينه فبقينا في تبعات تلك الكارثة حتى اليوم، في سنغافورة شاهدت على تلفزيونهم إبان زيارتي لهم آنذاك كبار مسؤوليهم وهم محاطون بالخبراء السويسريين والإنجليز والأميركان ممن لم يعدوهم كحالنا بوصفة سحرية تنهي الإشكال في لحظة بل طلبوا منهم تعديلات جذرية تختص بالتعليم والتدريب للتحول إلى منهاجية التقنيات العالية بالعمل مع الحض على المزيد من الانفتاح كي ترتفع وتستقر أسعار الأسهم والعقار وهو ما تم خلال سنوات قليلة، نرجو أن نتواضع ونحضر هذه المرة الخبراء والمختصين الأجانب لنصحنا بكيفية تجاوز الأزمة الحالية كي لا تتحول من أزمة طارئة إلى كارثة دائمة، خاصة أننا لا نملك الخبرات اللازمة لإدارة الأزمات الكبرى.

ودعيت قبل 3 سنوات لحضور منتدى القادة في دبي وقد اخترت ضمن جمع صغير لا يزيد على عشرة أشخاص للقاء القادة خلال الاستراحة وكان مما استمعنا له وما كتبته في حينه هو تحذير بعض المحاضرين الأميركان خلال ذلك اللقاء الخاص من العجز الخيالي في ميزان المدفوعات الأميركي وأن اقتصاد الولايات المتحدة مقبل على كارثة عظمى بسبب الصرف غير المسؤول وعدم وجود أجهزة رقابية تخلق ضوابط لما يحدث، التساؤل المحق: لماذا لم نسمع بشكل مسبق تحذيرا واحدا من خبرائنا مما يجري هذه الأيام؟!

لو كان هناك جمع من الناس وأصيب بعضهم بمرض خطير، المتوقع حال وصول المسعفين أن يتعاملوا مع المرضى، لا أن يتوجهوا لإعطاء الأصحاء الأدوية والمقويات، خطة إنقاذ البورصة تتركز هذه الأيام على شراء أسهم المؤسسات المالية المتعافية وترك ما أصابها المرض، المفترض أن تشتري الدولة أسهم الشركات المعتلة ثم تقوم بإعـادة هيـكلتــها وتثبـيت من يصلح من إدارتـــها والتخلص ممن يقامرون بأموال المساهمين.

لا اعتقد أن هناك من رجال التشريع من سيعترض على خطة إنقاذ البورصة كونه سيتعرض لغضب ناخبيه من المساهمين، إضافة إلى تحمله تبعات تداعيات ما سيحدث للشركات مستقبلا، حيث إن الاقتصاد هو عبارة عن عجلة يستفيد منها الجميع متى ما تحركت ويتضرر منها الجميع متى ما توقفت، راجين أن نرقب تعاونا مثمرا بين السلطتين للتخفيف من تداعيات الأزمة الحالية، وللعلم كارثة مناخ واحدة في العمر تكفي وتزيد.

آخر محطة:
 يقوم بعض أعضاء مجالس إدارات الشركات المهمة بالبيع على الصناديق الحكومية من منطلق أن الدعم سيتوقف يوما وستهبط الأسعار وحينها سيشترون ما باعوه اليوم بثمن بخس، لذا فلست متفائلا على الاطلاق بنتائج الربعين الثالث والرابع لمعظم الشركات والبنوك كونها قد تطبخ بعكس ما يعتقد، لإظهار عجوزات مصطنعة كبيرة تساعد على الشراء من القاع.

احمد الصراف

بشائر الطبطبائي وديوان الحجي

بعد سلسلة الانهيارات التي اصابت الاسواق المالية العالمية، وبعد ان تبين وجود خلل كبير في انظمة الرقابة، قام البعض من مدعي المعرفة والتدين بكتابة مجموعة من المقالات التي انتقدوا فيها النظام المالي العالمي، وان الخلاص يكمن في التخلي عن نظام الفوائد الحالي، الذي يعتقد البعض بعدم شرعيته، واستبداله بالنموذج الاقتصادي الاسلامي!! لا اعرف ان كان البعض من هؤلاء يحاول ادعاء الغباء ام انهم حقا كذلك. فمن المعروف ان لا مؤسسة مالية في العالم تعطي قروضا او تسهيلات مالية من دون تحميلها فوائد مالية بطريقة او بأخرى. ومعروف ايضا ان النظام المتبع في المؤسسات التي تدعي العمل بموجب الشريعة الدينية الذي يسمى بـ«المرابحة» اكثر كلفة من نظام الفوائد الثابتة، ولكن هذه قصة اخرى.
في هذا السياق بشرنا النائب وليد الطبطبائي، (الوطن 26ــ9) بنية اليابان والمانيا التفكير جديا في تطبيق النظريات الاقتصادية الاسلامية! كما بشرنا بأن المكسيك خصصت حافلات ركاب (باصات حسب قوله) مخصصة للسيدات فقط، وهذا، في نظره، يمثل نوعا من الفصل الجنسي. كما ختم سلسلة تبشيراته بالقول ان بريطانيا اعلنت عن انشاء محاكم تعمل وفقا للشريعة الاسلامية!.
السيد الطبطبائي خريج كلية الشريعة الاسلامية، ويربي لحية كبيرة، وهو بالتالي شكلا وعقلا اقرب إلى رجل الدين منه إلى السياسي البرلماني، وهو وصورته العامة وتصريحاته يؤكد ما لم نتوقف عن التحذير منه من خطورة «خلط» الدين بالسياسة، فعندما يكذب السياسي، وعادة ما يضطر إلى ذلك، او حتى يميل إلى الكذب، فإن من الصعب عدم ربطه تدينه بتصرفه العام!
لعلم السيد الطبطبائي وقرائه والمعجبين به من ناخبين وغيرهم، لا اليابان ولا المانيا تفكران، ولا غيرهما، لا من قريب ولا من بعيد، لا جدا ولا هزلا، بتطبيق، او حتى بدراسة النظريات الاقتصادية الاسلامية، لسبب بسيط يتعلق بعدم وجود «نظريات اقتصادية اسلامية» اصلا. وان وجدت مبادئ وقواعد هنا او هناك، فدرجة الاختلاف بين مطبقيها اكثر من ان تحصى. كما انها في غالبها تصلح لمجتمعات اقل تعقيدا واكثر بساطة في العيش!
فإذا كان العالم الاسلامي برمته، وبعد اكثر من 14 قرنا، يفتقر الى دولة واحدة، او حتى مجتمع اسلامي واحد، يطبق مبادئ تجارية دينية، دع عنك «نظريات اقتصادية اسلامية متكاملة»، فمن اين لليابان والمانيا هذه النظريات؟ وكيف يمكن تصديق ادعاء النائب بأن هاتين الدولتين تفكران في تطبيق اي منها؟ واين نجحت اصلا لكي تكون قدوة لهم او لغيرهم؟ ولماذا يصر البعض على تحميل عقائد سامية بأثقال دنيوية لم تخلق من اجل تقديم حلول لها؟
اما عن موضوع قيام السلطات في المكسيك بتخصيص حافلات خاصة لنقل الركاب فلا يعني الخبر شيئا، مع افتراض صحته، ولسنا في معرض نفي ذلك. فتخصيص حافلات للسيدات فقط امر يمكن توقع حدوثه في اي مجتمع، وهو اجراء طبيعي يسمح للفرد باختيار ما يناسبه، شريطة ان تتوافر له البدائل الاخرى. ما يحدث عندنا اننا نجبر المرأة، او الرجل، عن طريق القانون، بضرورة اتباع نظام معين لا لشيء الا لان ذلك النظام يتفق وهوى البعض وآراءه وليس لان ذلك النظام هو الاسلم والاصح. ونعلن هنا للسيد الطبطبائي بأننا لسنا فقط على استعداد لوضع يدنا بيده ومطالبة الحكومة بتخصيص حافلات خاصة بالسيدات فقط، بل ونزيد على ذلك باستعدادنا للتبرع بثمن خمس حافلات منها تخصص للغرض الذي يدعو إليه النائب وليد، شريطة قبوله بمساواة وضع المرأة لدينا بالمرأة المكسيكية!
اما ادعاؤه ان بريطانيا «اعلنت» عن انشاء محاكم تعمل وفق الشريعة الاسلامية فهو مجرد «ادعاء»، وغير صحيح، ولم يزد على كونه رغبة ابداها اسقف كنتنبري للحكومة البريطانية بضرورة اعطاء الشريعة دورا اكبر في قضايا الاحوال الشخصية المتعلقة بمسلمي بريطانيا من المسلم! وياليت مشرعنا يفكر بمثل هذا التفكير الراقي مع قاطني الكويت، من غير المسلمين، من مواطنين وغيرهم!

ملاحظة:
لا اعرف حقيقة عمل «المحافظ»، ولكني ابتسمت مطولا وانا اقرأ ما اعلنه محافظ الفروانية، السيد عبدالحميد الحجي، عن معاودته «استقبال رواد ديوانيته اثناء اوقات العمل صباح كل اثنين! فهل يقتدي جميع مسؤولي الحكومة بهذا العرف الجميل لتتحول وزاراتنا الى دواوين سوالف وشرب قهوة وشاي؟

أحمد الصراف