سامي النصف

ثرثرة على النيل

ضمتنا قبل ايام جلسة مسائية جميلة في القاهرة، عاصمة الثقافة العربية الدائمة، كان من حضورها الزميلان صالح الشايجي وماضي الخميس وجمع من الاعلاميين ورجال الاعلام العرب كان منهم مجدي الجلاد زميلنا في «الأنباء» سابقا ورئيس تحرير «المصري اليوم» حاليا التي تعتبر بحق أنجح الصحف المصرية المستقلة.

وكان من ضمن الحضور رجل المال والاعمال احمد المسلماني الذي سحرته اجواء الاعلام واستهوته اضواء الفن والتلفزة، حاله كحال زملائه نجيب ساويرس واحمد عز وهشام طلعت مصطفى، حيث يقوم هذه الايام بتقديم برنامج «الطبعة الاولى» على قناة «دريم»- قام ساويرس بتقليده وتقديم برنامج مماثل على قناة «او تي ڤي»- اضافة الى كتابته المقالات في «المصري اليوم» من حين الى آخر.

والزميل احمد المسلماني، والزمالة بالطبع في مجال الاعلام لا مجال الاعمال، يحب «الافتراء» واظهار النعمة حيث تحفل مقالاته بوصف جميل للبلدان والفنادق والمطاعم الفاخرة والفريدة التي يزورها بشكل دائم والتي يتابعها قراؤه «الغلابى» وهم يتحسرون على عدم استطاعتهم القيام بما يقوم به، كما يتابعها في الوقت ذاته رجال الاعمال العرب والمصريون لمعرفة توجهات الاسواق العالمية.

ومن روايات الافتراء، الذي يقوم به الزميل المسلماني، والتي كان عليها شهود من الحاضرين ما حدث لدى وصوله من سفرته الاخيرة، حيث كان في انتظاره كالعادة طابور طويل من سياراته السوداء الخاصة لحمل الشنط والهدايا التي يحضرها معه – بعد دفع جمركها بالطبع – وقد احتج في حينها سائقو تاكسي وليموزين المطار من عدم احساسه بمشاعر البسطاء امثالهم فاتخذ المسلماني على الفور قرارا فريدا يدل على كرمه وطيب معدنه.

فقد قرر انه سيبقى منذ ذلك اليوم على استخدامه لطابور سياراته السوداء الا انه سيدفع بالمقابل لكل سائق تاكسي في المطار اجرة «توصيلة» للبلد مضاعفة وسيقوم بذلك العمل الخيّر بنفسه ولن يوكله لاحد من مدراء اعماله الكثر كي يرى شخصيا الفرحة على الوجوه، وقد اصبح من الامور المعتادة ان يصطف السائقون في طوابير طويلة للسلام عليه واخذ الصور التذكارية معه، لذا لا تستغرب ان وصلت للقاهرة ولم تجد من يوصلك حيث قد يكون حسن او سوء طالعك قد جعلك تصل مع موعد وصول الزميل المسلماني.

ومما لاحظته ان الزميل الجلاد، وهو اسم على مسمى في حزمه وشدته وصرامته في التعامل مع من يعملون معه، كان يبقي دائما على صلة الود وثيقة مع المسلماني بعد ان عرّفه الاخير اثناء زيارتهما الاخيرة لفرنسا على رؤساء تحرير «لوفيغارو» و«لوموند» و«الاكسبرس» و«لوبارزيان» ولولا قصر الوقت، كما علمنا، لعرفه بالرئيس ساركوزي نفسه.

آخر محطة:
في طريق عودتي من القاهرة جلس بقربي رجل اعمال عربي شهير جدا وقد توقعت ان يطلب جرائد «الوول ستريت» و«الفايننشال تايمز» و«البزنس ويك» الا انه طلب مجلات «جرس» و«المرأة العربية» و«صباح الخير»، ولا عجب ان تدهورت احوال العرب الاقتصادية.

احمد الصراف

قطيع الغنم والتعليم الخاص

تساهم المدارس الخاصة، وفي أي مجتمع كان، بنشر نوع من التعليم والثقافة ومن مستوى رفيع تعجز عادة عن توفيره مدارس الحكومة.
هذه قاعدة عامة يمكن ملاحظتها بسهولة من خلال المقارنة بين مستوى مخرجات التعليم في العام والخاص، أقول ذلك وأنا، ومئات غيري من الأهل والأصحاب، من خريجي مدارس حكومية، ونعرف الفرق بين مخرجات النوعين من خلال مقارنة مستويات تعليمنا بأبنائنا من خريجي المدارس الخاصة، ولكل قاعدة شواذها بالطبع.
من الطبيعي ألا يعجب هذا الوضع الكثيرين لأسباب عدة، فخريجو المدارس الخاصة بغالبيتهم يصعب استقطابهم مذهبيا وعرقيا بسهولة، كما أنهم، بشكل عام، أكثر تسامحا مع الغير بسبب كثرة اختلاطهم مع هذا «الغير» بشكل مستمر.
وفي مبادرة للاعتراض على هذا الوضع المميز، وربما من اجل تخريبه، أبدى عدد من النواب الأشاوس عدم رضاهم عن الوضع، وقاموا بالتصريح بذلك للصحف، ولاشك أن عددا آخر يشاركهم هذا الرأي بصورة أو بأخرى. وللوصول لهدفهم المتمثل بتخريب التعليم الخاص والقضاء عليه بصورة نهائية من خلال «تدجينه» وجعل المنتسبين اليه أقرب، سياسيا وفكريا، لطلبة المدارس الحكومية، وأكثر تقبلا لنظرية القطيع (وين رايحين وياكم)، فقد رفض هؤلاء النواب قيام أصحاب هذه المدارس الخاصة والأجنبية بزيادة رسومها الدراسية، وطالبوا الوزارة باتخاذ إجراءات حاسمة ضدها إن هي أصرت على رفع الرسوم.
لا شك أن معارضة هؤلاء النواب وهم: محمد الهطلان، وصالح عاشور، وراعي الفحماء، وجابر المحيلبي، لم تنبع حتما من حرصهم على مستوى التعليم في الكويت، ولا شفقة على ما يتكبده أولياء أمور طلبة التعليم الخاص من رسوم عالية، فهذا آخر «همّ» غالبيتهم، إن لم يكن جميعهم، ولكنهم على ثقة بأن نجاح مسعاهم في وقف زيادة الرسوم يعني بصورة تلقائية خفض مستوى التعليم، العالي نسبيا، في غالبية هذه المدارس ودفعها دفعا لتتساوى في السوء مع التعليم العام، وبذلك يصبح الجميع سواء.
لا شك أن هناك فئة من أولياء الأمور تعاني الكلفة العالية لرسوم تعليم أبنائها، ولكن هذا لا يعني الضغط على الصالح والطالح في قضية الرسوم، بل يتطلب الأمر إجراء دراسة حقيقية للأسباب التي تدعو هذه المدارس لرفع رسومها، ومحاولة إقرار نوع من الدعم الحكومي لتلك التي تقدم خدمة جيدة ولكنها تشكو من قلة الرسوم.
إن هناك حلولا كثيرة لحل مشكلة الرسوم غير تلك التي ينادي بها هؤلاء النواب، فدفع المدارس الخاصة المميزة لزيادة عدد الطلاب في كل فصل والتخلص من المدرسين المميزين وتقليل الأنشطة الاجتماعية المفيدة ستكون وبالا على الجميع وستخفض من مستويات التعليم في هذه المؤسسات.
على أي حال التعليم الخاص، والمميز بالذات، في طريقه للانهيار، من خلال فرض رسوم مخفضة أو بغير ذلك، بعد زيادة وتيرة تدخل وزارة التربية في خصوصياته ومناهجه وأنشطته!!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

في «عشكم»… ثعبان (2)

 

«في عشكم ثعبان لا تعرفونه»…

أعيد تكرار العبارة التي قالها أحد الضباط الإنجليز في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 1954 للمناضل الكبير عبدالعزيز سعد الشملان بعد إلقاء القبض عليه وعلى زملائه أعضاء هيئة الاتحاد الوطني…

في العمود السابق، كان الموضوع يدور حول «الثعابين» التي بقيت بعد رحيل «الثُّعبان» الكبير الذي لا أحب حتى ذكر اسمه لأنكم كلكم تعرفونه، فهذه الثعابين التي تعيش بيننا اليوم، نعرفها قطْعا وتعرفنا، لا همَّ لها الا العمل على تقويض استقرار البلاد والتأثير على السلم الاجتماعي…

يوم الخميس الماضي أشرت الى الثَّعابين التي حامت حول منزل الشيخ راشد المريخي ليلة زيارة السيد عبدالله الغريفي له في منزله بمنطقة البسيتين، ثم حاولتْ تنفيذ بنود أخرى من خططها التدميرية لكن لقاء وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، أحبط عملهم، إلا أنهم سيعودون إلى العمل من جديد، ولله الحمد، سيكون لهم من سيتصدى لهم! فهم، على رغم الجحور التي يختبأون فيها، فإن كل أهل المحرق من المخلصين لبلادهم، يعرفونهم ويعرفون نواياهم.

الثعابين في «دمستان» أيضا…

في كل قرى المنطقة الغربية – إن جاز لنا التعبير – يعبث بعض الثعابين… وما حادثة القاء الزجاجات الحارقة على ثلاثة من المواطنين إلا واحدة من الحالات البغيضة المقلقة التي يقوم بها الثعابين… سيان بين ثعابين تبث سموم الطائفية وتشعل نار الفتنة، وبين ثعابين تعيث فسادا وتحرق وتدمر وتعرض حياة الآخرين للخطر.

قبل ليلتين، التقيت الأخ حسن مشيمع، وتحدثت معه بشأن اللبس الذي يمنع «العيون» من أن ترى أن هذه الفعالية سلمية للمطالبة بالحقوق المشروعة وفقا للقانون وبما يمنع أية تجاوزات من أي طرف، وبين العمليات الإرهابية والتخريبية والتحريق التي يقوم بها ملثمون «من الثعابين» الذين لا نعلمهم! ما يجعل من التأكيد على دور أهل القرى للتصدي لأية ممارسة دخيلة وكشفها حتى «لا تصبح مسرحية من الحكومة»، مسئولية الجميع، وحجة على من يدعي!

كان لابد من الإشارة الى الحادث البغيض حتى لا يتهمنا البعض بعدم الإنصاف أو بالتستر على «أبناء جلدتكم» أو السكوت عما يفعله «الصفويون» أو ما شابه من عبارات هي في حد ذاتها «كريهة»! فالعنف وتعريض حياة الناس للخطر أمر لا يمكن قبوله شاء من شاء وأبى من أبى… لكن لابد من الإشارة الى أن الحديث عن الثَّعابين، لا يشمل خطباء ومشايخ وناشطين سياسيين ممن يظهرون للناس علنا… فهؤلاء، مهما يكن خطابهم، ومدى اتفاقنا واختلافنا معهم، فإنهم «رجال» ظاهرون أمامنا نراهم ونسمعهم ونستطيع الحديث والاختلاف معهم مباشرة…

لكن «الثعابين» هم أولئك الذين يتحركون في الظلام، ويختبئون في الجحور، ويبثون السُّموم الطائفية والعدوانية بين المواطنين بحذر شديد، حتى وإن كان هناك من يوفر لهم ما يعتاشون عليه، لذلك، سنتحدث عن قصة «الثُّعبان» الذي يظهر خفية بين أحياء وفرجان وبيوت وطرقات المحرق.. ثم يختفي خفية..

سيكون حديثا شيقا… قريبا؟