تقدمت أحزاب الكويت السياسية الدينية لوزير العدل الأستاذ حسين الحريتي بترشيحاتها لشغل منصب أمين عام مركز الوسطية الذي شغر بمغادرة عصام البشير الكويت، غير مأسوف عليه، على الأقل منا ومن السلف!!
على الرغم من كفاءة بعض الذين رشحت أسماؤهم لشغل هذا المنصب الهلامي التوصيف، فان من الصعب تصور حيادية أي منهم مادام ترشيحهم جاء من حزب سياسي ديني محدد، فهذا سيجعله مدينا لذلك الحزب ساعيا لإرضائه ما أمكن من خلال طريقة صرف موازنة المركز الكبيرة أو شغل وظائفه العديدة من مناصري ذلك الحزب الذي أتى به أمينا، وهذا كفيل بإعادة مركز الوسطية لدوامة الصراع الحزبي الذي كان يتقلب بناره طوال سنوات ثلاث.
إن مشكلة المركز الحقيقية لا تكمن فقط في صعوبة إيجاد الشخص المناسب لشغل وظيفة أمانته ولا يكون محسوبا على حزب ديني معين، فهذا المحايد، إن وجد، لن تقف معه أي جهة سياسية وسيسقط في نهاية الأمر، وغير المحايد سوف يعارضه الطرف الآخر ويسقطه لا محالة بعد فترة، مشكلة «المركز العالمي لنشر الوسطية» تكمن في اسمه الذي لا يخب على إدارته فقط، أيا كانت، بل على الكويت برمتها. فليس هناك ما يمنع من الاعتراف بأننا نفتقد الكفاءات والقدرات والأموال اللازمة لنشر «وسطية» محددة في العالم أجمع. فهذا ليس دور الكويت ولا أي دولة إسلامية في العالم، لسبب بسيط هو عدم وجود تحديد معين لما تعنيه الوسطية ضمن «العائلة الواحدة»، فما بالك بين البلد والآخر أو القارة والأخرى!!
ما يعنينا حقا هو نشر الوسطية في وطننا الصغير، وهو ما فشل في تحقيقه هذا المركز وسيفشل في تحقيقه أي جهاز حكومي مسيس!! فنشر الوسطية لا يمكن أن يتحقق عن غير طريق المناهج الدراسية، فمنها بدأت مشكلة التطرف وفيها لا تزال تكمن وبتعديلها يكمن الحل!!
نتمنى على وزير العدل العادل حسين الحريتي الضغط على إبرة إنهاء حياة المركز إلى الأبد، بعد أن ثبت عدم جدواه، كما أن وضعه الإداري لن يستقر أبدا، فما يراه «الإخوان المسلمين» أمرا وسطا قد لا يكون كذلك برأي السلف ونظرهم، دع عنك رأي بقية التجمعات الدينية المخالفة الأخرى!! ففي تصفية المركز تكمن الوسطية الحقة، وفي إنهاء عمله يكمن وأد الفتنة بعد أن أصبحت شؤونه ساحة حرب لمختلف التوجهات الدينية ومصدر توتر سياسي لن ينتهي، فوضعه الإداري المهلهل أصلا وهدفه الهلامي غير الواضح وموازناته وحفلاته ستكون دائما شوكة في خاصرة كل وزير عدل قادم!!
ملاحظة:
وردتني عشرات الردود على الانترنت على مقال الاثنين «العريفي وغوغل»، وكانت في غالبيتها تهاجم وتنتقد موقفي من العريفي تارة او موقفي من محمد تقي تارة اخرى!! ولم يردني اعتراض واحد شمل الاثنين!! وهذا يعني ان كل طرف كان معترضا على الكتابة عن «صاحبه» ولكنه راض في الوقت نفسه عن الكتابة ضد «صاحب» الآخرين!! هل وصلنا لقمة التناقض وعدم الموضوعية؟ لا اعتقد ذلك، فلا يزال هناك متسع!!
أحمد الصراف