سامي النصف

لو لم تكن في الكويت ديموقراطية!

يقول بعض المحللين المحليين اننا كنا قبل 50 عاما نسبق دول الخليج بخمسين عاما من التطور، واليوم تسبقنا بعض دول الخليج بما يقارب الخمسين عاما رغم وجود تشابه يقارب التطابق في اوضاع الكويت وشقيقاتها من حيث الموقع والطقس والتاريخ والدين والثقافة والاعراق والاعتماد على النفط، فلماذا تقدم المتأخر وتأخر المتقدم؟!

يصل هؤلاء المحللون الى نتيجة يرونها منطقية، وهي في ظل التشابه او التطابق السالف ذكره ووجود فارق وحيد هو الممارسة الديموقراطية في الكويت – والبحرين – التي ابتدأت قبل نصف قرن، وهي ان تلك الممارسة السياسية هي وحدها سبب تخلف وتراجع الكويت كونها غلت ايدينا في عمليات الاعمار والتنمية والتطور، بينما بقيت ايدي الجيران طليقة، فأين الحقيقة في ذلك القول الشائع؟!

اعتقد ان التجربة الديموقراطية لو لم تبدأ في الكويت لبقينا على تخلفنا النسبي عن دول الخليج الاخرى لاسباب عدة منها: اننا حصلنا على استقلالنا في بداية الستينيات وهو زمن علو ونهوض الاشتراكية العربية والعالمية بقيادة عبدالناصر والاتحاد السوفييتي مما جعلنا نستورد كثيراً من الافكار والانظمة المتخلفة منهم والتي تقوم على مفهوم الدولة الريعية وتمنع العقاب والثواب وتقضي على الابداع والابتكار في وقت استقلت فيه دول الخليج الاخرى في السبعينيات، اي بعد انحسار تلك التوجهات المدمرة وفي وقت حافظت فيه السعودية على صداقتها المميزة مع الدول الغربية المتقدمة مستوردة كثيرا من انظمتها منها ومبتعدة بالمقابل عن الدول الاشتراكية والماركسية.

لقد تخلت منظومة الدول الاشتراكية وعلى رأسها دول حلف وارسو عن تلك الافكار المعرقلة للتنمية، ومثلها مصر، بينما اصبحنا ومازلنا نجذرها مع كل اقتراح نيابي ريعي غير مسؤول يقدم – وما اكثرها هذه الايام – فاجتمع علينا ما لم تعان منه دول الجيران، اي بيروقراطية الديموقراطية وشيوع الافكار الاشتراكية.

وهناك ثقافة سالبة متوارثة في الكويت – وحتى لبنان – تسببت في قلة الانجاز، ولا يوجد لها مثيل في دول الخليج الاخرى، وهي حدة الجدل ووفرة الصراع السياسي بين الكتل المختلفة وعدم مناعتها لتوقف اعمال التنمية في البلد في انتظار انتهاء تلك الصراعات التي لا تنتهي وتلك الثقافة، ومعها ثقافة التشكيك في كل مشروع حكومي هي امور مترسخة في الاذهان ولا علاقة لها بوجود الديموقراطية من عدمه.

في الخلاصة:
سبب تخلف الكويت عن جاراتها يجب الا يحصر في التجربة الديموقراطية بل ان القضية اكبر من ذلك بكثير، وتستحق المناقشة العاقلة لها لدعم الصحيح وتصحيح الخطأ.

آخر محطة:
من غريب ما نراه في الكويت – ومثلها لبنان – ومما لا نرى مثله في دول الخليج الاخرى دعوى تفشي الفساد المالي والاداري الشديد في البلدين رغم وجود اجهزة رقابية لا توجد لدى الآخرين، ونعني البرلمانات والصحافة الحرة واستقلالية القضاء ودواوين المحاسبة، فماذا كان سيحدث لو لم تكن تلك الاجهزة الرقابية موجودة؟ اي هل سيزيد الفساد ام سيقل؟

احمد الصراف

طلاسم الشؤون وتبرعات رمضان

أعلنت وزارة الشؤون، وفي اعتراف تكرر صدور ما يماثله عشرات المرات، وعلى لسان مدير إدارة «الجمعيات والمبرات الخيرية» فيها، أن هناك بعض «الملاحظات» على عملية جمع التبرعات خلال شهر رمضان، وأن مقترفي هذه «الملاحظات» أشخاص لديهم جهود شخصية (هكذا) للحصول على الأموال بأي شكل، وأنه سيتم الإعلان عن الملاحظات بشكل شامل بعد رمضان! وقال السيد المدير أن هذه «التجاوزات» إساءة وتشويه لتاريخ الجمعيات الخيرية، ولكن على الرغم من ذلك، لم يتم ضبط أي مخالفة، بل بعض «الملاحظات»!
ثم ناقض نفسه بالقول إن لديه «أدلة وبراهين» تؤكد أن الجمعيات الخيرية ذاتها هي التي تطالب بإزالة هذه «المخالفات» من مرتكبيها! وأن الوزارة ستلاحق هؤلاء المرتكبين لعدم قانونية فعلهم(!!!).
من الواضح أولا أن السيد المدير، ناصر العمار، يتحلى بشجاعة نادرة، فالجبهة التي يقاتل فيها ليست سهلة، والأشخاص والجهات الذين يحاول التصدي لهم ليسوا بالعاديين، وفي دول كثيرة يسقط الكثيرون صرعى معارضتهم لجمع مثل هذه الأموال الكبيرة والسهلة، كأموال الخيرات بالذات التي لا صاحب لها ولا رقابة فعالة عليها، وفوق هذا وذاك للقائمين عليها حصة الأسد.
ولكن شجاعة السيد العمار غير كافية لوقف طوفان التجاوزات التي حاول التخفيف من خطورتها بوصفها في تصريحه تارة بـ«الملاحظات»، وتارة بالتجاوزات، ثم زاد «الجيلة» ووصفها بـ «مخالفات»، وأنه ستتم ملاحقة مرتكبيها! فكيف تكون هذه الأفعال غير السوية من «قبل البعض» ملاحظات مرة، وتجاوزات مرة ثانية، ومخالفات غير قانونية في الوقت ذاته، ومتى كانت السلطات الحكومية تلاحق المواطنين وتعاقبهم على «ملاحظات»؟
كما نشك في أن يفي السيد العمار بتعهده، ويقوم بكشف أسماء الأشخاص الذين ارتكبوا تلك المخالفات غير القانونية، وإن فعل ذلك فلن يستطيع في نهاية الأمر كشف الأدلة والبراهين التي يمتلكها، والتي قال إنها تدين بعض «الجمعيات الخيرية» التي وقفت وراء هؤلاء المخالفين وطالبته شخصيا بإسقاط تهمة المخالفات القانونية عنها. وإن قام بذلك، وهذا ما نتمناه، فإنه سيعجز عن توقيع أي عقوبة حقيقية بحق أي طرف منهم، والأهم من كل ذلك أن الأموال التي جمعت بغير حق لن تسترد بعد أن طارت الطيور «الخيرية الطيبة» كالعادة بأرزاقها!
نريد فقط أن تكون وزارة الشؤون الاجتماعية جادة لمرة واحدة مع هذه الجمعيات والمبرات الخيرية التي أصبحت دولة داخل دولة، والمنتمون إليها ليسوا رجال دين فقط، بل ويعملون في الوقت نفسه أئمة مساجد ورؤساء وأعضاء لجان شرعية في البنوك والمؤسسات المالية، في الوقت الذي تعمل أغلبيتهم موظفين كبارا في مصالح حكومية معروفة. وقد وردتني شخصيا رسائل هاتفية قصيرة من السيد خالد المذكور تطالبني بالتبرع لأحد مشاريعه. كما تضمنت صحف رمضان الكثير من الفلايرز التي تحمل صورته من أجل جمع تبرعات. فهل حصل السيد المذكور على إذن الجهات المختصة بجمع التبرعات، خصوصا أنه يعمل في وظيفة حكومية ويدير ويشارك في عشرات اللجان الشرعية في مختلف المصارف والمؤسسات المالية مقابل أجر؟
نتمنى أن تتمكن جهة ما من فك كل هذه الطلاسم، وتجيب ولو عن بعض تساؤلاتنا.

أحمد الصراف