علي محمود خاجه

هنا الكويت

قد أتمكن من استيعاب أن يتعصب شخص أو مجموعة ما لأفكار ومعتقدات ورؤى معينة، وقد أتمكن أيضا من تحمّل الاختلاف بالرأي والأفكار مهما كانت الأفكار المضادة لأفكاري باعتقادي بالية وغير منطقية، كل هذا من الممكن بالنسبة لي أن أستوعبه وأتقبله.

الدكتور محمد العوضي على سبيل المثال لا الحصر من الأمثلة الجيدة باعتقادي على الثبات على الأفكار والرؤى، وإن اختلفت مع الكثير من أفكاره، إلا أنه لا يسعني إلا أن أقف إجلالاً واحتراماً له لثباته على ما يعتقده دون تناقض أو تلوّن، على عكس الكثير من التيارات في الكويت خصوصا الدينية منها.

ولكن المحير فعلاً وهو ما أراه في أغلبية المجتمع الكويتي أو على الأقل أغلبية من أراهم كي لا أعمم تعميماً قد يكون خاطئا، هو التناقض والهوّة الشاسعة ما بين طريقة تصرف المجتمع الكويتي وطريقة تحدثهم، وسأسوق بعض الأمثلة المدللة على ما أقول:

فالمجتمع الكويتي يختار من يمثله في مجلس الأمة ممن يرفضون الاشتراك بين الجنسين في الأماكن العامة، ونفس المجتمع يذهب ويسعى وأشدد على «يسعى» إلى كل مكان مشترك كالمجمعات التجارية أو المتنزهات أو المطاعم أو حتى السفر إلى البلدان الكافرة!!

المجتمع الكويتي يختار من يمثله في مجلس الأمة ممن يضع ضوابط تصلح كأفلام لهنيدي وأحمد حلمي على الحفلات الغنائية، ويضع أيضا ضوابط على مواعيد عمل المرأة، ونفس هذا المجتمع برجاله ونسائه يملأ الحفلات الغنائية داخل وخارج الكويت، ولعل حفلات العيد الأخير تشهد على ما أقول وحفلات «هلا فبراير» كذلك.

نوّاب التيارات الدينية يرددون بأن المجتمع محافظ لا يرغب في العادات الدخيلة، وهو من يحارب أي محاولات تغريبية، في الوقت الذي نجد فيه الكثير من أبناء هذا المجتمع يتجمهرون بشكل يجعل مجمعاً ضخماً جداً كالأفينيوز يغلق أبوابه لتجمهر عدد كبير من أبناء المجتمع أمام بوابات المجمع فور سماعهم إشاعة مفادها أن مهند ولميس سيوجدان في المجمع!! والأمر نفسه حدث قبل سنوات لدى افتتاح «فيرجن» الذي انكمش حجمه بسبب تدخلات نوّاب الأمة.

تلك هي مجرّد أمثلة أسوقها لكم لتبيان التناقضات التي نعيشها، والمصيبة أننا نناقض أنفسنا وليس غيرنا، وهو الأمر الذي يقودنا إلى الخلف دون شك، فنحن لا نصادق النفس بل نذهب لنصوّت ونسوّق لأطول لحية كي تمثلنا في المجلس، ونهتف في الوقت نفسه لتامر حسني فور دخوله إلى صالة الحفل!!

خارج نطاق التغطية:

النائب الموقر محمد هايف أدلى بتصريح عن ضرورة قيام وزارة أحمد باقر «تسمى قديما بوزارة التجارة» بفصل الجنسين في الحفلات الغنائية، فهل الحفلات الغنائية حلال في نظر نائب الأمة والمشكلة تكمن بوجود الجنسين معا؟

سامي النصف

ادعموها ثم حاسبوها

هناك مفهوم خاطئ متوارث لدى النواب الافاضل هو ان دعم برامج الحكومة يعني عدم القدرة على محاسبتها اللاحقة، والحقيقة ابعد ما تكون عن ذلك بل هي تحديدا على النقيص منه حيث ان معارضة واسقاط كل ما يأتي من الحكومة يعني بالتبعية عدم القدرة على محاسبتها، فكيف تحاسب من غللت يده ومنعته من العمل؟! ان الموافقة على خطة عمل الحكومات، كما يحدث في جميع الديموقراطيات الاخرى تعني المحاسبة طبقا لمبدأ وافقناكم واعطيناكم الفرصة فماذا فعلتم؟!

نقول هذا بعد ان تقدمت الحكومة عبر الامانة العامة لمجلس التخطيط ببرنامج عملها الضخم المكون من مجلدين يحتويان على الف صفحة ويتضمنان مسودة خطة التنمية الخمسية للاعوام 2009 – 2014 لتقديمها لمجلس الامة في 02/01، وبداهة فتعطيل تلك الخطة يعني بكل بساطة ايقاف حال البلد ثم الشكوى بعد ذلك من تقدم الآخرين وتأخرنا.

وأحد الاسباب التي تخلق حالة المعارضة والصدام الدائم بين المجلس والحكومة والتي ادت الى اوخم العواقب في السابق، يقوم على حقيقة ان الناخب الغاضب يخرج دائما نائبا غاضبا، فكلما زار النواب الافاضل دواوين المواطنين وسمعوا منهم تذمرهم ومعارضتهم وتشكيكهم بكل ما يأتي من الحكومة عكسوا ذلك بمواقف حادة في المجلس، فالنائب في النهاية هو مرآة للناخب.

وعليه فان الدعم «الحقيقي» والفاعل لبرنامج عمل الحكومة يقوم على خلق عمل مؤسس منظم يبدأ قبل سنوات من عرض ذلك البرنامج لتسليط الضوء على مشاريع الدولة كي تعطي المواطنين الطمأنة بان اموالهم في يد أمينة وتستخدم لخدمتهم وخدمة اجيالهم المقبلة عبر المشاريع التنموية الكبرى التي تتقدم بها الدولة، ومن ثم ضخ كم كبير من العقلانية والموضوعية والتفاؤل – بدلا من الاحباط والسوداوية – لدى الرأي العام الكويتي.

اننا امام لعبة كرة قدم سياسية متصلة منذ ما يقارب نصف قرن تلعب امام المواطنين الكويتيين تخلى احد طرفيها، ونعني الحكومة، وبشكل فريد عن القيام بأي جهد لكسب الجمهور الذي تحول بأسهل الطرق للفريق الآخر، ونعني النواب، ممن بالغوا في استمالته حتى اصبحوا اسرى دلاله ورغباته التي منها ان يحل هو محل اللاعبين والحكام والمدربين، اننا بحاجة الى وقفة جادة تعيد النظر في قواعد لعبتنا السياسية لتجعلها في رقيها وتقدمها وانضباطها قريبة مما نراه قائما في الملاعب السياسية الأوروبية.

آخر محطة:
ان برنامج عمل الحكومة المقدرة كلفته بمليارات الدولارات حاله كحال أي سلعة أخرى مهما قل ثمنها بحاجة الى تخصيص أموال وموارد لتسويقه، لقد تبنت الحكومة في السابق مشاريع لتسويق الوسطية ومكافحة المخدرات… الخ، والواجب ان تتبنى قضية تسويق برنامجها، فدون تسويق لن ينجح البرنامج.

احمد الصراف

الداعية محمد العريفي وغوغل

وقف الداعية الاسلامي السعودي «محمد العريفي»، وهو شاب في الثلاثينات من عمره، وله لحية سوداء طويلة، ويرتدي غترة حمراء من دون عقال فوق رأس كبير، وعلى أكتافه ترى أطراف عباءة أنيقة، وقف أمام عدد من الميكروفونات اللاقطة للصوت، مع خلفية أنيقة، وبحر من التكنولوجيا البصرية والسمعية المتقدمة تحيط به وتحصي أنفاسه، ولكن لا يبدو أنه مكترث لذلك، أو لكون حديثه يسجل وينقل للعالم أجمع، ولكن مع كل هذا تشعر وكأن ما يحيط به في واد وهو، وكلامه، في واد آخر. ومن المفترض أنه قدم من السعودية لتقوية عزيمة الفلسطيني، ولكنه ساهم، بعلم أو بغير ذلك، في تثبيط تلك العزيمة، وذلك باصراره على الايحاء بأن من الصعب، ان لم يكن من المستحيل، القضاء على اليهود!!
يقول الداعية «العريفي» في خطبته التي ألقيت أمام حشد من مواطني «غزة» يوم 12ــ9ــ2008 من خلال قناة «الأقصى» التي تديرها حماس، أو الفرع الغزاوي للتنظيم العالمي للاخوان المسلمين، وهي الخطبة التي ترجمت وبثت على كثير من قنوات العالم، ليعرف العالم طريقة تفكيرنا وما نعتقده في الغير. يقول الداعية العريفي: «.. بينت الدراسات في «تل أبيب» والأراضي التي احتلها اليهود في فلسطين أنهم يزرعون حول بيوتهم «شجر الغرقد»، وذلك لأن هناك حديثاً أخبر فيه الرسول المسلمين أنهم اذا قاتلوا اليهود فان كل حجر وشجر سيقول: يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي ورائي، تعال واقتله، الا الغرقد فهو شجر من شجر اليهود، يعني مهما اختبأوا وراءه فانه لن يكشف من وراءه (هكذا وردت على لسان الداعية)!!». واستطرد: «والآن التقارير القادمة من هناك تقول ان اليهود بدأوا بزراعة أشجار الغرقد حتى اذا جاء القتال يختبئون وراءها، فاليهودي ليس برجل ليقف أمامك ويقاتل…..» (هكذا). انتهى الشريط المسجل.
لا نريد مناقشة فحوى حديث الداعية، فهذا فكر ديني له أهله، ولكن ألم يسمع «العريفي» بغوغل ارث Google Earth؟ ألم نشبع من نبش الماضي؟ ألا يكفينا ما نتعرض له من مهانة على مستوى العالم أجمع كل يوم على أيدي القلة منا؟ أليس هناك من بإمكانه وقف كل هذا العبث؟ يبدو أن الاجابة: لا كبيرة، خصوصاً بعد سماع شريط حديث آخر لرجل دين شيعي، فند فيه بصورة قاطعة نظرية «دارون»، وبين مدى ما وصلت إليه عقلياتنا من تقدم في كل مجالات البحث الجاد.
يقول الشيخ، الذي ربما يكون اسمه «محمد تقي المدرسي»، إذ إن الاسم الأخير لم يكن واضحا على الشاشة، في حديث بث من قناة أو أرشيف «الموحد»، وهو جالس أمام مكتبة عامرة بالكتب العلمية الجادة متحدثاً عن قصة خلق «الكلب»: «.. أهبط «آدم» في الهند أو سريلانكا، وكانت سريلانكا تابعة للهند آنئذ. واهبطت الحية في سمنان(!!) وأهبطت أمنا «حواء» في جدة، ولا يزال قبرها قائماً في جدة. وأخذ آدم يبكي، وهنا نزل ابليس الملعون المريض، نزل وأخذ يحث السباع وأخبرهم بأن هنالك فرخين طائرين من السماء نزلا، فعليكما بهما، فهجما على آدم حتى يأكلاه.. هنا تقول الرواية، تقول لنا سبب خلق الكلب. الكلب حقيقة خلق من «بزاق ابليس»، فهذا الولع والهلع اللذان كانا عنده أسقطا منه بزاقاً فخلق الله منه كلباً ذكراً وكلباً أنثى، فصارت الكلاب تحمي آدم وتحمي حواء من السباع، ومنذ ذلك الحين النزاع بين الكلب والسبع قائم الى اليوم. انتهى!!
لن نناقش هنا أيضا ما ورد في حديث السيد «محمد تقي» ونترك التعليق عليه لأهل العلم والدراية.
ملاحظة: قامت شركة أميركية بتطوير شاشة LCD كبيرة تعمل باللمس كبعض شاشات الموبايل، بحيث تتحرك خريطة العالم تحت أصابعك بسرعة هائلة حسب حركة الأصابع يمينا أو شمالا أو الى اي اتجاه آخر لتبين موقعك بدقة متناهية. كما يمكن الرجوع الى الموقع نفسه لسنوات عدة سابقة لمشاهدة معالمه وما طرأ عليها من تغيير. كما يمكن بلمسة صغيرة تحويل الصورة الى أبعادها الثلاثية. وقد قامت بعض الجيوش المتقدمة في العالم، اضافة الى شركات التنقيب عن النفط والغاز والاستخبارات والأجهزة السرية، باستخدامها لأغراض شتى!!
نتمنى سماع النائب أبو هايف بهذا الاختراع ليطالب وزارة التجارة بمنع استيراده، لأنه سيكشف عن كل شيء!! وننتهز هذه المناسبة لنهنئ الكويت بالخطوة الظلامية التي أقدمت عليها «حكومتها» بحجب موقع «يو تيوب» YouTube. والى مزيد من التخلف يا حكومتنا الرشيدة، والى مزيد من الانتشار يا يوتيوب، فمن لم يسمع أو يهتم بك بالأمس أصبح الآن يبحث عنك ويشقى للوصول إليك، والطرق الى يوتيوب عديدة وسنعمم أسهلها قريبا. 

أحمد الصراف