1ــ عزيزي الرجل الأبيض. دعني أخبرك عن أمر يهمك.. عند ولادتي يكون لون جلدي أسود. وعندما أكبر ويتقدم بي العمر يبقى لون جلدي أسود، كما ولدت، وعندما أجلس في الشمس طويلا، لا يزداد لوني سوادا. وعندما أصاب بنوبة برد لا يتغير لوني عن الأسود. وعندما أجزع أو أصاب بالرعب لسبب ما لا يتغير لون جلدي لأي لون آخر، وكذلك عندما أصاب بالمرض أبقى على سوادي الطبيعي والجميل. وعندما يأتي موعد رحيلي عن هذه الدنيا أموت وأنا أسود، كما سبق أن ولدت أسود!
ولكن الحال معك يا عزيزي الرجل الأبيض مختلف تماما. فعند ولادتك يبدو لونك مائلا للوردي، وعندما تكبر تصبح أبيض، وعندما يطول مكوثك في الشمس يتحول جلدك الى اللون الأحمر، أو النحاسي، وعندما تصاب بالبرد تصبح أزرق، وعندما تشعر بالرعب يتحول لون وجهك للصفار، وعند مرضك يميل لونك الى الاخضرار، وعندما تموت يتحول لونك للرمادي الفاتح.. بعد كل هذا أرجو أن تخبرني من هو الملون فينا، أنا أم أنت؟
2ــ عندما يتم إسناد أحجار الدمينو بطريقة فنية دقيقة خلف بعضها البعض فإن أي دفعة لأول حجر منها يؤدي لتوالي سقوط بقية الأحجار بتردد جميل، وهذا يسمى بـ«الدمينو إففكت»! وفي الحياة يعني تنازل طرف ما عن موقف أو رأي محدد أنه ربما سيقبل تنازلات أخرى، والعكس صحيح كذلك!! نقول ذلك بمناسبة الندوة التي نظمتها «الجمعية الجغرافية الكويتية» في العاشر من سبتمبر، حول علاقة علم الأرصاد بعلوم الفلك، التي حاضر فيها الفلكي المعروف عادل السعدون عن ضوابط وشروط رؤية الهلال بشكل عام، حيث طالب الحكومة بضرورة تعيين فلكيين في هيئة الرؤية الشرعية!
على الرغم من وجاهة طلب الصديق الفلكي السعدون فإن هناك شكا كبيرا في تجاوب الحكومة، أو من يسيّر أمورها في مثل هذه المواضيع، لهذا الطلب العقلاني والعصري! وسبب ذلك يعود لاعتقاد هؤلاء بأن تنازل أعضاء الهيئة الشرعية وقبولهم لوجود عالم فلك حقيقي بينهم يعني ببساطة نهاية دورهم كـ«علماء». فمن الذي سيكون بحاجة لمجموعة من رجال الدين الذين ينتظرون دخول شخص بسيط عليهم ليشهد برؤية الهلال وقبض المقسوم، إذا كان بينهم فلكي يستخدم مرصدا يرى فيه ما لا تراه العين المجردة بمئات المرات، ويقول عكس ذلك؟ كما يعني وجود فلكي في اللجنة أن القبول بوضع العلم الدقيق محل التقدير الجزافي، ومشاهدة منافعه ودوره الموحد يعني زيادة الثقة به، والتقليل من دور رجال الدين في تسيير أمور الحياة العصرية التي لم تكن يوما من مهامهم كقضايا تحديد النسب والعلاج وتحديد القرابة!! ولا شك في أن رجال الدين بشكل عام، وأعضاء الهيئات الشرعية بالذات على علم بأن الوقت لن يطول قبل أن تضطر حكومة هنا أو سلطة هناك الى الاستعانة بالعلم الحديث بدلا من التخمين والحدس وضرب الرمل، ولكنهم يحاولون قدر الإمكان تأخير قدوم ذلك اليوم ما استطاعوا لذلك سبيلا. وعندما يبدأ الصف الأول من أحجار الدمينو بالتساقط فالدور سيصل للصف الأخير لا محالة.
ملاحظة: الجزء الأول من المقال مترجم عن الإنترنت.
أحمد الصراف