قبل ما يربو على 60 عاما، حذر أحد الضباط الإنجليز، في فترة منتصف الخمسينيات، المناضل الكبير عبدالعزيز الشملان في لحظة من لحظات النقاش بشأن الاتهامات التي وجهت إلى مناضلي هيئة الاتحاد الوطني ورغبة المناضلين في محاكمة علنية أمام الناس… حذره الضابط الإنجليزي بالقول: «في عشكم ثعبان لا تعرفونه».
ولا أدري كيف تجرأ الضابط الإنجليزي وقتذاك بقول هذه العبارة لشخصية أصبحت ركنا من أركان «حب البحرين»؟! لأن الثعبان المقصود، معروف، وهل يخفى على رموز الحركة الوطنية… بل رواد الحركة الوطنية ذلك الثعبان الشهير؟
المهم، أن المناضلين رحلوا… والإنجليز رحلوا… والثعبان المقصود حينذاك… رحل أيضا… وحب البحرين الحقيقي رحل، اللهم إلا من النزر القليل القليل وحل محله الحب الاستعراضي… بل يؤسفني القول إن الصادقين والمخلصين لخدمة البلاد والحركة الوطنية التي تعزز اللحمة بين الحاكم والمحكوم، وبين السلطة الشعب… أيضا رحلوا…
من الذي بقي إذا؟
مع شديد الأسف، الثعابين هي التي بقيت؟
فلم يعد في العش ثعبان واحد… هناك أكثر من ثعبان، على رغم صغر عشنا… بلادنا الغالية قطعا!
سيكون الحديث عن الثعابين طويلا، لكن ليتسع صدر المسئولين وكذلك عامة الناس الطيبين من أهل هذه البلاد الطيبة لأن يكون الكلام رمزيا… لأن في قول الحقيقة ما يؤلم، وما يجعل من مخالفة القانون التهمة التي تحوم على رأسي، لذلك ألتمس العذر… لكن، لن يطول المقام في كشف الثعابين كثيرا.
هل نبدأ؟ إذا، تفضلوا…
أول مقتل حقيقي، بحسب نظري، هو مقتل ثعابين مدينة المحرق الزاهرة، وذلك المقتل لم يفنهم ولم يقطع رؤوسهم، لكن بقياس الخناعة والذل والهوان وسوء النوايا، فإن هروبهم من أمام الضربة الموجعة التي تلقوها من وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، جعلتهم يختبئون وسيمكثون في مخبئهم إلى أن يجدوا فرصة أخرى للظهور.
فلقاء الوزير مع مجموعة من أهالي مدينة المحرق، ممثلين في أهالي حالة بوماهر، وذلك الموقف الشجاع والوطني الكريم الذي وقفه الوزير أمام أسرته المحرقية، ليعلن رفضه لكل ما يسيء إلى السلم الاجتماعي والنسيج الوطني، هو ذاته موقف القيادة… ولأن القيادة تدرك خطر تلك الثعابين، فليس أشد من أن يجدوا وزير الداخلية وقد فتح صدره ليستمع من الناس ما يريدون قوله، ثم لتعود الأمور إلى نصابها، لأن الأهالي، لم يكونوا يوما يعادون بعضهم بعضا إلا حينما نشطت «الثعابين».
تلك الثعابين كانت تحوم خارج مجلس الشيخ راشد المريخي حينما استضاف ذات ليلة سيدعبدالله الغريفي في لقاء بحريني أصيل طالما حفظه أهل البحرين واحترموه – أقصد اللقاء بين أبناء الطائفتين الكريمتين – وطالما أشادت به قيادة البلاد ورحبت… فـ «الشيوخ» لا يمكنهم أبدا تقديم الثعابين، على أناس طيبين لا يريدون الا مصلحة البلاد والعباد.
لكن، لا عزاء للثعابين؟ وللحديث صلة.