سامي النصف

جمهورية الموز

في عام 2000 جرت انتخابات نيابية تنافس فيها آل غور الذي يمكن وصف قدرته بالعبقرية ومنافس له محدود القدرات هو الرئيس جورج بوش الذي كان يعتمد على دعم عائلته وأصدقاء والده كحال انتخابات الأرياف العربية، وقد انتهت الانتخابات في البلد الأكثر تقدما في العالم بالفوز بالتلاعب بها وخطفها من المرشح الأكثر شعبية كما يحدث عادة في دول العالم الثالث وجمهوريات الموز الشهيرة.

وفي سبتمبر 2001 قام إرهابي كبير يدعى أسامة بن لادن بالتعدي على الأبرياء في نيويورك وقتل ما يقارب 2000 منهم – نفس عدد ضحايا المرور خلال أسابيع قليلة في أميركا ونصف عدد قتلى الأميركان في العراق – وبدلا من خلق رد فعل عاقل يضر بالجاني لا المجني عليه تمت عملية رد فعل عنيفة رهيبة انتهت بتحقيق نتائج مدمرة للذات لم يحلم بها بن لادن نفسه وتحويل أميركا من دولة عالم أول إلى عالم ثالث بامتياز مما أضر بصديقها وأسعد عدوها.

فقد انفعلت القيادة محدودة القدرات تماما كحال قيادات جمهوريات الموز وسطحت الأمر بمجمله إلى معسكر خير ومعسكر شر – نفس منطق عدوها بن لادن وقبله ستالين – وتم شن حروب باهظة الثمن غير محسوبة النتائج في أفغانستان والعراق ولو تم دفع واحد على مليون مما صرف على الحروب على تثوير الداخل ودعمه لسقط نظاما طالبان وصدام بطريقة أسرع وأقل كلفة بكثير.

وسيطر جهاز الأمن على مفاصل الدولة وبدأت المعاملات السيئة وغير الحضارية في المطارات الأميركية وتم سحب المئات دون محاكمات واستخدام التعذيب مع المعتقلين كما سمح بالتجسس على حياة المواطنين والتنصت على مكالماتهم وهي ملكيات فكرية محتكرة لدول العالم الثالث وجمهوريات الموز.

وتشتهــر أنــظمة جمهوريات المــوز بقدراتها العجيبة على تدمير اقتصاديات بلدانها وتحويل فوائضها إلى عجوزات كبرى عبر الصرف المبالغ فيه على النواحي العسكرية وشن الحروب – هل تذكرون صدام؟! – ودعم عمليات الهدر المالي دون اهتمام بالموارد اللازمة لتغطية ذلك الصرف مما يؤدي عادة إلى انهيار سعر العملات واختلال ميزان المدفوعات وفقدان العالم الثقة باقتصاد وأسواق مثل تلك الدول.

وضمن أوصاف وخصائص دول العالم المتخلف الذي انضمت له القوة الكبرى في التاريخ سوء اختيار القيادات في كل المجالات مما يجعلها وسيلة للتندر والتفكه وقيام الشعوب بإطلاق التسميات الشنيعة عليها، كما يتم في جمهوريات الموز عادة سحب الكمبيوترات واللاب توبات من أيدي الشباب وإعطاؤهم السلاح بالمقابل مما يعني عدم الاكتفاء بتدمير حاضر الأمم بل مستقبلها.

آخـر محطـة:
 حسـمت وانتــهت الانتخابات الأميركية الحالية بالانهيار الاقتصادي القائم ونرجو ألا نرقب حربا في الخليج كقرار غير حكيم أخير قبل الرحيل.

سعيد محمد سعيد

في «عشكم»… ثعبان (1) (منوعات)

 

قبل ما يربو على 60 عاما، حذر أحد الضباط الإنجليز، في فترة منتصف الخمسينيات، المناضل الكبير عبدالعزيز الشملان في لحظة من لحظات النقاش بشأن الاتهامات التي وجهت إلى مناضلي هيئة الاتحاد الوطني ورغبة المناضلين في محاكمة علنية أمام الناس… حذره الضابط الإنجليزي بالقول: «في عشكم ثعبان لا تعرفونه».

ولا أدري كيف تجرأ الضابط الإنجليزي وقتذاك بقول هذه العبارة لشخصية أصبحت ركنا من أركان «حب البحرين»؟! لأن الثعبان المقصود، معروف، وهل يخفى على رموز الحركة الوطنية… بل رواد الحركة الوطنية ذلك الثعبان الشهير؟

المهم، أن المناضلين رحلوا… والإنجليز رحلوا… والثعبان المقصود حينذاك… رحل أيضا… وحب البحرين الحقيقي رحل، اللهم إلا من النزر القليل القليل وحل محله الحب الاستعراضي… بل يؤسفني القول إن الصادقين والمخلصين لخدمة البلاد والحركة الوطنية التي تعزز اللحمة بين الحاكم والمحكوم، وبين السلطة الشعب… أيضا رحلوا…

من الذي بقي إذا؟

مع شديد الأسف، الثعابين هي التي بقيت؟

فلم يعد في العش ثعبان واحد… هناك أكثر من ثعبان، على رغم صغر عشنا… بلادنا الغالية قطعا!

سيكون الحديث عن الثعابين طويلا، لكن ليتسع صدر المسئولين وكذلك عامة الناس الطيبين من أهل هذه البلاد الطيبة لأن يكون الكلام رمزيا… لأن في قول الحقيقة ما يؤلم، وما يجعل من مخالفة القانون التهمة التي تحوم على رأسي، لذلك ألتمس العذر… لكن، لن يطول المقام في كشف الثعابين كثيرا.

هل نبدأ؟ إذا، تفضلوا…

أول مقتل حقيقي، بحسب نظري، هو مقتل ثعابين مدينة المحرق الزاهرة، وذلك المقتل لم يفنهم ولم يقطع رؤوسهم، لكن بقياس الخناعة والذل والهوان وسوء النوايا، فإن هروبهم من أمام الضربة الموجعة التي تلقوها من وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، جعلتهم يختبئون وسيمكثون في مخبئهم إلى أن يجدوا فرصة أخرى للظهور.

فلقاء الوزير مع مجموعة من أهالي مدينة المحرق، ممثلين في أهالي حالة بوماهر، وذلك الموقف الشجاع والوطني الكريم الذي وقفه الوزير أمام أسرته المحرقية، ليعلن رفضه لكل ما يسيء إلى السلم الاجتماعي والنسيج الوطني، هو ذاته موقف القيادة… ولأن القيادة تدرك خطر تلك الثعابين، فليس أشد من أن يجدوا وزير الداخلية وقد فتح صدره ليستمع من الناس ما يريدون قوله، ثم لتعود الأمور إلى نصابها، لأن الأهالي، لم يكونوا يوما يعادون بعضهم بعضا إلا حينما نشطت «الثعابين».

تلك الثعابين كانت تحوم خارج مجلس الشيخ راشد المريخي حينما استضاف ذات ليلة سيدعبدالله الغريفي في لقاء بحريني أصيل طالما حفظه أهل البحرين واحترموه – أقصد اللقاء بين أبناء الطائفتين الكريمتين – وطالما أشادت به قيادة البلاد ورحبت… فـ «الشيوخ» لا يمكنهم أبدا تقديم الثعابين، على أناس طيبين لا يريدون الا مصلحة البلاد والعباد.

لكن، لا عزاء للثعابين؟ وللحديث صلة.