سامي النصف

وما الذي أسقطه الحل؟

أول الأمور التي أسقطها حل الأربعاء الماضي أكذوبة وأسطورة مقولة «الحل غير الدستوري» المتكررة، فقد اتضح بما لا يقبل الشك أن القيادة السياسية في عهد صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد تلعب فقط من خلال الدستور وليس خارجه، ومن نافلة القول ان الزمن لو عاد لكان حل مجلسي 76 و86 دستوريا حيث لم ينجز الحل غير الدستوري شيئا بل أصبح شماعة و«خيال مآتة» وقميص عثمان جديدا يتباكى حوله المتباكون بدموع التماسيح على الديموقراطية محاولين صرف الأنظار عن أخطائهم الجسيمة في حق الوطن والدستور و..الديموقراطية.

وينبني على هذا المعطى الذي أكده سموه في اكثر من خطاب سياسي ولقاء إعلامي معلن ومكتوب ان تسقط إلى الأبد نظريات «التآمر على الدستور» و«تفريغ الدستور من مضمونه» واسطوانة «الحل غير الدستوري» المشروخة والمتكررة والترشح تحت شعار غير مسبوق في الديموقراطيات الاخرى وهو «الحفاظ على الدستور».. الخ.

إن الدستور الكويتي واحترامه أمر باق إلى الأبد وقد التزمت به القيادة السياسية قولا وفعلا، فليتم إخراجه كذلك إلى الأبد من المخيمات والندوات الانتخابية المقبلة، وليستبدل بالتركيز على برامج ومشاريع تمس متطلبات الشعب الكويتي قاطبة من تعليم وصحة وتوظيف واسكان وأمن ونهج أمثل لصرف مدخراته المالية التي ضاعت جميعا في خضم الازمات السياسية الطاحنة الممجوجة.

ومما أسقطه الحل الدستوري منهاجية الغوغائية في القول والعمل والتطاول بالألفاظ النابية على المسؤولين والانحدار بمستوى الخطاب اللفظي والسياسي، والتي امتدت حتى الى المواطنين، حيث يلحظ المراقبون كثرة ووفرة الدعاوى القضائية المقامة على بعض النواب ممن يستغلون الحصانة النيابية التي لم تخلق قط لمثل تلك التعديات على الآخرين، وقد أتى الحل ليقول باسم الشعب الكويتي كافة: «كفى»، فلن يسمح بخروج اللعبة السياسية عن اطارها السليم والصحيح، ولن تصبح الديموقراطية الكويتية العريقة «القدوة السيئة» للديموقراطيات الناشئة المقبلة للمنطقة.

وقد أسقط الحل منهاجية إساءة الظن بالآخرين وعرقلة مشاريع الدولة الهادفة لخدمة المواطنين وإخراج الاستجوابات عن مقاصدها الخيّرة واستهداف المسؤولين على هوياتهم لا إنجازاتهم، ومحاولة تقديم مصلحة النائب الشخصية وإبراز نفسه اعلاميا وانتخابيا على مصلحة الوطن، وكم من مكاسب للشعب الكويتي حصدتها طلقة الاربعاء الصائبة!

آخر محطة:
وفت وكفت وزارة الإعلام بشقيها التلفزيوني والإذاعي في تغطية الاحداث المتلاحقة وقد دعمها في هذا النهج الإعلامي المحلي الخاص المرئي والمقروء فلم يحتج احد لمتابعة الأخبار من الخارج.

احمد الصراف

أحلام العصافير وشواذ أميركا

حددت وزارة التخطيط، في الدراسة المفصلة التي اعدتها لمشروع بناء مدينة الصبية (مدينة جابرالاحمد) ومشروع تطوير جزيرة بوبيان، حددت برنامجا زمنيا لتنفيذ هذا المشروع المهم والحيوي، وسيقوم «المجلس البلدي» بدوره، وفي جلسة خاصة بمناقشة دراسة وزارة التخطيط خلال الايام القليلة المقبلة. تبين من الدراسة ومن برنامج الوزارة المعنية ان مدينة الصبية ستستوعب اكثر من مائة الف نسمة خلال 25 عاما. وسيرتفع عدد سكانها الى 250 الفا بعد فترة مماثلة، كما ستخلق هذه المدينة الجديدة اكثر من 33 ألف وظيفة جديدة في القطاعين العام والخاص. ولكن كل هذا يتطلب الالتزام ببناء 1500 وحدة سكنية كل عام كحد أدنى. وشددت الدراسة على ضرورة «عدم تأخير تنفيذ المشروع تحت كل الظروف أو لأي اسباب سياسية او أخرى»! وقد حددت مقومات برنامج مشروع الصبية على اساس اتخاذ قرار البدء بوضع التصميمات التفصيلية مع نهاية مارس (!!) وبعدها بسنة يبدأ التنفيذ الفعلي للمشروع بحيث يصل أول ساكن للمنطقة مع بداية سبتمبر 1987(!!).. يرجى تكملة القراءة فليس في الأمر خطأ مطبعي او ما شابه ذلك، فهذا ما ورد في خبر رسمي نشر في صحيفة الوطن بتاريخ 25 – 1 – 1983، اي قبل اكثر من ربع قرن! ولا تزال مدينة الصبية تنتظر وصول اول القاطنين إليها، ولا تزال منذ 25 عاما الوحدات السكنية بانتظار من يبنيها والشوارع من يخططها والمدارس من يعلم فيها. اما اصحاب الـ 33 ألف وظيفة فقد انتقل الكثيرون منهم للسكن في الصليبخات.. الى الأبد، واختار ابناء البعض منهم اخذ دور آبائهم في طابور الانتظار!
نقول ذلك ونستغرب حقا في مدى تفاؤل البعض بامكان وصول اعضاء مميزين إلى مجلس الامة وحكومة قادرة وفاعلة للتعامل معهم، فلا شيء تغير منذ نصف قرن، ولا شيء سيتغير بعد نصف قرن. لا بل نحن راضون ببقاء الاوضاع على ما هي عليه، فالاحتمال الاكبر انها ستتدهور إلى الاسوأ بكثير!

ملاحظة: الزميل عادل القصار، الكريم في نسبة المئوية، ذكر في مقال الاربعاء ان نسبة الشواذ جنسيا في بعض ولايات أميركا اكثر من 51%. عاد في اليوم التالي وصحح الخطأ المطبعي واكد ان نسبة الشواذ جنسيا في «اميركا» تصل الى 15% وان هذه النسبة لا تعد اتهاما خطيرا بحق مجتمع تلك الدولة، بل نسبة 51% هي الاتهام الخطير!
لا ندري مدى ضرورة ايراد النسبة ان لم تكن تشكل اتهاما خطيرا، ولا ندري من أين استقى الكاتب معلوماته، ولكن نود القول، بناء على تلك النسب، ان 90 ألف عسكري ومدني اميركي من اصل 600 ألف، شاركوا في تحرير وطننا من الاحتلال العراقي كانوا من الشواذ جنسيا! فكيف قبلنا بذلك في حينه؟ كما يمكن تطبيق الامر ذاته على الطواقم الطبية وغيرها العاملة في مستشفيات اميركا التي يرتادها المرضى من الكويت والتي يصل عدد العاملين في بعضها الى 15 ألفا، وهذا يعني ان عدد الشواذ جنسيا من اطباء وممرضي اي منها لا يقل عن الالفين!
ألم يحن الوقت لان نحترم أنفسنا، عن طريق احترامنا للآخرين، وخاصة ان كانوا افضل منا.. بكثير؟

أحمد الصراف