محمد الوشيحي

صلوا ركعتين… للقبيلة

وزير الداخلية سيحارب الفرعيات، كما أعلن. جميل جدا، هذا ما نريده ونتبرع بالدم لأجله. لكن لو تمعنا قليلا لوجدنا أن وزير الداخلية «زات نفسو» تم توزيره لأنه من أبناء عمومة رئيس الحكومة، لا أكثر ولا أقل. وبصورة أوضح: يقوم رئيس الحكومة الشيخ ناصر عادة بتوزير أربعة أو خمسة من أبناء عمومته حتى ولو كانت علاقتهم بالسياسة كعلاقتي بالموضة، مجرد معرفة وجه وسلام من بعيد. أي أن الشيخ يبحث عن منفعة أبناء عمومته، لأنهم فقط أبناء عمومته، على حساب البلد وأبنائه، ويحارب أبناء وبنات القبائل إن هم انتخبوا أبناء عمومتهم. أمر غريب… نحن أيضا نحب أبناء عمنا يا شيخ ناصر. لست وحدك من «يصل الرحم».
على أي حال، سأودع موضوع توزير الشيوخ في البنك هذه الأيام لأعود له لاحقا، وسأركز الآن على دوري، كمواطن، في الانتخابات… بصورة شبه يومية نجتمع، على حساب أعمالنا ومصالحنا الخاصة، لنضع خطط إعاقة «الفرعيات». خوفا من أن تقدّم القبيلة، أي قبيلة، مرشحا «كديش» يهين قبيلته قبل أي أحد آخر، أو خشية حرمان الكفاءات من أبناء القبيلة ذاتها من تقدم الصفوف، أو خوفا من أن يتعرض أبناء القبيلة للمهانة بسبب الجرجرة ما بين النيابة والمحاكم، ثم لأننا نعتقد بأن نجاح نائب «رأس» لا تربطنا به صلة قرابة خيرا لنا من نجاح نائب «ذنب» من أبناء قبائلنا… وقبل هذه وتلك لنتذكر بأنه «إذا فسدت القبيلة وصلحت الدولة، فستتكفل الدولة بإصلاح القبيلة، أما إذا ما فسدت الدولة وصلحت القبيلة، فستُفسد الدولة القبيلة. بمعنى، أن الدولة تقود القبيلة إلى الإصلاح أو الفساد، وليس العكس». ولذلك فالدولة أهم من القبيلة، منطقيا… ألا تبا للقبيلة إن كانت سببا لفساد الدولة. أو بالأصح، تبا لأبناء القبيلة إن هم أفسدوا دولتهم دون أن يدركوا بأنهم سيفسدون قبيلتهم.
البعض من أبناء القبائل يعتقد بأن «الحضر» هم مَن وراء صدور قانون منع الفرعيات ليستفيدوا هم ويخسر أبناء القبائل. ولا أدري هل يعتقد هذا البعض أنه لو تم منع الفرعيات فسيقوم علي الراشد ومحمد الصقر ومشاري العنجري، على سبيل المثال، بترشيح أنفسهم في دوائرنا؟ عليّ النعمة لو ترشح محمد الصقر في الدائرة الخامسة لاصطدم بجدران المدارس والمستوصفات. ولا نستبعد دخوله على ديوانية ليطلب دعمها، ليكتشف قبل خروجه بأن الديوانية هذه لشقيق أحد المرشحين، فيضطر الصقر لقلب الأمر إلى مزحة: معاكم الكاميرا الخفية، «نزيع والا ما نزيعش؟».
من سينجح في الدائرتين الرابعة والخامسة، هم من أبناء القبائل الكبيرة فيها. الموضوع محسوم وغير قابل للمساومة. بالفرعيات أو من دونها. والدليل: ابحث لي عن أي من أبناء قبيلة الرشايدة الكرام يفكر، مجرد تفكير، في خوض الانتخابات في الدائرة الخامسة، أو ابحث عن أي من أبناء قبيلة العوازم الكرام يفكر في النزول في الدائرة الرابعة. مستحيل… الموضوع باختصار هو أن بعض النواب السابقين أو أبناء «الفخوذ» الكبيرة في القبيلة، المستفيدين من بقاء الأوضاع كما هي، هم مَن «يروّج» بأن «مجد القبيلة سابقا بالسيف والحصان والآن بالانتخابات الفرعية». فينقاد خلفهم بعض أبناء الفخوذ الصغيرة من دون تفكير… على أن المحزن في موضوع الفرعيات، هو بروز صغار السن والعقل على سطح الحدث.
تمادت القبيلة سياسيا، وأخشى أن يفتي أحد «مرشحي الدين القبليين» بأن الصلاة ركعتين للقبيلة فرض كفاية، من لم يستطع القيام به فليقبّل أيدي ستين شيخا من أبناء الأسرة الحاكمة.
***
لو رشح عدنان عبد الصمد واحمد لاري نفسيهما، وهما سيفعلان كما علمت، فسيحصدان جوائز الأوسكار كلها. بينما سيكون حسن جوهر هو المتضرر الأكبر «شيعيا». وهو لا يستحق ذلك.

 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *