محمد الوشيحي

فقط… يتابع فوزية الدريع

مشكلة إيران ليست مع دول العالم ولا مع «الشيطان الأكبر»، كما تدعي هي، بل مع نفسها ومع الجمارك. فبدلا من تصدير الزعفران الذي اشتهرت به قامت بتصدير القلاقل وأعلام أميركا المحترقة والهتافات: تسقط أميركا، تسقط إسرائيل. إيران خاطت أعلام أميركا أكثر من أميركا نفسها. خاطتها وأحرقتها. لكن محبّي إيران لا يخافون عليها، فلديها مخزون استراتيجي من الأعلام الأميركية والإسرائيلية.
إيران مختلفة ومتفردة في كل شيء، حتى في احتفالاتها، إذ لم أسمع أو أقرأ ولو بالصدفة أن إيران احتفلت بعيد الأم أو عيد الحب، بينما قرأت وسمعت وشاهدت كثيرا احتفالاتها بإنتاج صواريخ الدمار وألغام البحار.
الإنسان الإيراني، في الغالب الأعم، معروف عنه إتقان العمل، سواء ذوو الشهادات العليا أو حتى البسطاء من عمال بناء وأصحاب بقالات، بالفعل البقالة الإيرانية هي الأفضل من بين جميع البقالات. وهذا يؤكد على أن التفاني في العمل جزء من الثقافة الإيرانية. وبناء عليه، لا أعتقد بأن السفير الإيراني في الكويت السيد علي جنّتي مشغول هذه الأيام بمتابعة مباريات مانشستر يونايتد ولا بقراءة الروايات الرومانسية. الرجل بالتأكيد لديه ما يشغله عن هذه وتلك.
كنت أعاني كثيرا عندما يدعوني الصديق أبو فهد للغداء أو العشاء في منزله في منطقة القرين، لسبب بسيط، وهو أنني أعتقد بأن مَن خطط منطقة القرين هو المرحوم «جحا»، لا أحد غيره. وقبل أيام جاءتني دعوة، وبسبب تكرار الدعوات، خجلت من الاتصال على أبي فهد ليعيد توصيف الطريق لي كما اعتدت واعتاد، وقررت الاعتماد على نفسي بعد التوكل على الله ودعوات الطيبين. ولا أدري لماذا أصبت بلوعة في الكبد وجفاف في الحلق بمجرد دخولي القرين، فأغلقت جهاز الهاتف النقال والمسجلة ونزعت غترتي وبدأت بالبحلقة والتركيز، لكنني اكتشفت بأنني أدور في محيط الجمعية! فركزت أكثر، وانطلقت في الاتجاه الآخر فـ«مشت معاي حلاوة» والحمد لله، فتنهدت تنهيدة المنتصر وتمتمت بزهو وغرور «سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا»، وقبل أن تكتمل البسمة على شفاهي ظهرت الجمعية أمامي مرة أخرى، هل كيف! عندها توقفت على جانب الطريق وأشعلت سيجارتي ورفعت رأسي ورددت بصوت مبحوح: يا منجّي يونس من الحوت أنجني من القرين ومن هذه الجمعية الخبيثة… وبعدما استنفدت الاحتياطي الاستراتيجي للصبر اتصلت بالصديق مستنجدا، فأبى بكل نذالة مساعدتي، فأسقط في يدي واضطررت لاستخدام آخر الحلول، فاتصلت ببدالة الاستعلامات وطلبت رقم السفارة الإيرانية «قسم القرين».
من أراد منكم أي معلومة فليتصل بالسفارة الإيرانية، وليحدد القسم المطلوب: قسم متابعة السلف، قسم متابعة الإخوان المسلمين، قسم مراقبة الصحف والمطبوعات، قسم الأرامل والمطلقات… لكل شيء قسم، فالسفير الإيراني في الكويت لا يتابع مباريات مانشستر يونايتد ولا يقرأ الروايات الرومانسية، هذه الأيام. هو فقط يتابع برنامج فوزية الدريع ليعرف كيف «يتعامل» معنا.

 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *