محمد الوشيحي

كفاني الله… «الريوق»

معركة أصحاب الدواوين ليست مع الحكومة، بل مع أصحاب الشاليهات والقسائم الصناعية. الحكومة ما هي إلا «الواد برعي» صبي المعلّم، الذي ينتظر صرخة معلّمه: «مفتاح عشرة يا واد يا برعي»، فيهرول الواد برعي ليجلب «مفتاح عشرة»… هذه مهمته، لا أكثر.
بالعقل كده، على رأي المصريين، هل يستطيع شخص أن يبني أو يزرع أو يحفر أمام منزل شخص آخر؟ الجواب هو «لا» كبيرة. لماذا؟ لأن المساحة الواقعة أمام المنزل هي لصاحب المنزل، بالعقل كده… بصورة أخرى، جرب أن تجلس أمام منزل أحدهم، في «الارتداد» كما يسمونه، وهو المساحة ما بين المنزل والشارع، وستجد بأن صاحب المنزل أتاك ليستفسر منك عن سبب جلوسك في «حرمة منزله». جيرانه لا يحق لهم التدخل. فقط سيقومون بإبلاغه عن جلوس رجل غريب أمام منزله. صح؟ وبصورة ثالثة، هل يستطيع «الواد برعي» أو الحكومة بناء مجسم، مثلا، أمام منزل أحد؟ بالطبع لا، لأن هذه المساحة، بالعرف والعقل، ملك لصاحب المنزل. متابعة قراءة كفاني الله… «الريوق»

د. شفيق ناظم الغبرا

إيران… في الإطار العام لحرب مقبلة؟

هل صحيح أن تاريخ منطقتنا يعيد تكرار ذاته مرة كل عشرة أعوام. عبد الناصر في الخسمينات والستينات تحوّل إلى بطل العالم العربي وعوالم عدم الانحياز إلى أن وقع في مصيدة الحرب والتكتيك الدولي، وانتهى مع هزيمة العام 1967، وبالطريقة نفسها تحوّلت المقاومة الفلسطينية إلى قوة كبرى في العالم العربي امتدت بعد حرب عام 1967 من عمان إلى بيروت طوال السبعينات، بينما كانت تحرك الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج. ولكن الظروف هي الأخرى تحركت فأنتجت حرباً أهلية في الأردن، وأخرى في لبنان، وحروباً إسرائيلية – فلسطينية لا حد لها، مما أدى إلى ضرب المقاومة الفلسطينية كظاهرة عربية وحوّلها إلى ظاهرة محاصرة تعاني من انشقاق وتكافح ليومها بصعوبة. من جهة أخرى برز صدام حسين في العالم العربي في الثمانينات، وأصبح بين يوم وليلة حارس البوابة الشرقية: فتح الحرب على إيران وتحرك بعد ذلك إلى احتلال الكويت. ولكنه هو الآخر واجه مقاومة لتوجهاته، وواجه رفضاً لخططه، وانتهى في حصار وعقوبات امتدت لأكثر من عقد قبل أن تتقدم القوات الأميركية لتحتل بغداد وتزيحه عن حكمه. السؤال الآن: هل أصبحت إيران وريثة عبد الناصر، ووريثة المقاومة ووريثة صدام؟ كيف سيتم التعامل مع إيران من قبل صناع القرار الدوليين، خصوصاً الولايات المتحدة؟ وهذا يقودنا إلى السؤال التالي: هل احتمالات الحرب قائمة إبان شهور أم عام أم عامين؟  متابعة قراءة إيران… في الإطار العام لحرب مقبلة؟

سامي النصف

الساحر الذي رحل

فقدت الكويت برحيل الزميل والصديق د.أحمد الربعي جزءا من حكمتها فقد كان أبوقتيبة – رحمه الله – براغماتيا من الطراز الأول لا يكل ولا يمل من الدعوة للحوار والقبول بالرأي الآخر واخذ الأمور بمأخذ حسن، كما كان دائم الترويج للتفاؤل والإيمان بالمستقبل المشرق للكويت.

ويحسب لأبوقتيبة – رحمه الله – عدم تردده في الاعتراف بالخطأ متى ما حدث ومن ذلك تكراره القول إنه سعيد لعدم نجاح الثورة الماركسية التي انضم لها في ظفار في مقتبل حياته ومعروف ان الاعتراف بالخطأ هو إحدى خصال الرجال الكبار وقد كان الربعي واحدا منهم.

كما تميز د.الربعي بتواصله مع الناس جميعا وعدم مبادلة الإساءة بالإساءة، لذا لم يعرف عنه الرد قط على من يتعرض له بالقول أو المقال ولذا أحبه الأعداء قبل الأصدقاء والتقى على وده جميع ألوان الطيف السياسي والاجتماعي الكويتي وتلك نعمة – لمن يعلم – ما بعدها نعمة.

وقد كانت أروع ساعات أبوقتيبة وأجلها قاطبة عندما تصدى في حقبة ما بعد 91 لفيالق الإعلام الصدامي التي تروّج الوهم وتسوّق العدم فهزمها في كل أرض معركة فضائية أو صحافية التقاها مستغلا عقله وفكره وثقافته العالية مما جعله يحصد ثناء وحب الكويت قاطبة من حكام ومحكومين.

وقد امتلك الراحل الكبير شبكة علاقات واتصالات واسعة تمتد من الخليج الى المحيط وقد زاملته في أكثر من سفرة كما شاركته في أكثر من لقاء إعلامي وكانت ملاحظاتي له – رحمه الله – انه بحاجة لتقليل تلك الاتصالات التي كانت تجعل هاتفه النقال دائما في يده وكنت أذكره بأن الأخبار التي يلاحقها بشكل شخصي عبر الهاتف ستعلن بعد وقت قصير للجميع فليوفر على ذهنه وعقله تلك الملاحقات المرهقة.

كما كان – رحمه الله – شديد الحركة لا يمنح نفسه أو عقله الراحة اللازمة خاصة قبل اللقاءات الإعلامية بل يبدأ يومه منذ الصباح الباكر ويظل مستمرا في العمل دون انقطاع حتي موعد تلك اللقاءات الإعلامية الليلية التي يتجلى بها، ولا يعلم أحد من مشاهديه ومحبيه مقدار الإرهاق والتعب والضغط الذهني الذي يقاسيه لأجل إتمام تلك اللقاءات، رحم الله فارس الكويت وساحرها د.أحمد الربعي وغفر له وأسكنه فسيح جناته وإنا لله وإنا لله راجعون.

آخر محطة:
حال سفري منذ مدة دون اطلاعي وتأبيني لفارس آخر من فرسان الكويت هو العم المرحوم عبدالمحسن الزبن، فللفقيد الرحمة والمغفرة ولآله وذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.

احمد الصراف

الفريق والفريق الأول

كان السيد جاسم القطامي، أول مدير عام للإدارة العامة للأمن العام، التي أصبحت بعد ذلك وزارة الداخلية، أكثر «وكلاء الداخلية» وضوحاً وحزماً، وصاحب موقف. وكذلك السيد عبداللطيف الثويني، أطول من خدم في تلك الوظيفة الحساسة، وكان ذكياً وصاحب ذاكرة قوية. أما السيد يوسف الخرافي فقد كان الأكثر غموضاً وقوة خفية. أما الأقل كفاءة فقد كان، برأينا، الوكيل السابق، الفريق الأول ناصر العثمان، الذي تقاعد قبل أيام. ففي عهده لم يتقدم أداء وزارة الداخلية كثيراً، إن لم يتقدم كثيراً على الرغم من كل ما صرف على الأمن والأجهزة الأمنية من مال، وعلى الرغم من كل ما طرأ على الوسائل والطرق الأمنية من تطور كبير. ولو نظرنا مثلاً الى خدمة النجدة أو الثلاث سبعات، وهي الأكثر أهمية والأكثر قابلية وسهولة للتطوير، لوجدنا أن لا شيء تحسن في هذه الخدمة خلال عهد الوكيل السابق على الرغم من كم الشكاوى التي وردت على تلك الخدمة. ولو نظرنا للمشكلة المرورية كمثال آخر، وهي أكثر تعقيداً، لوجدنا أن وضع المرور في الكويت أصبح مأساوياً وفي تردٍ مستمر.
ومسؤولية المرور ليست فقط من اختصاص مدير عام الإدارة العامة للمرور، بقدر ما هي مسؤولية رئيس المجلس الأعلى للمرور، الذي شغله لسنوات عدة الوكيل السابق، الفريق الأول المتقاعد العثمان.
في الكلمة التي ألقاها الفريق «أحمد الرجيب» وكيل وزارة الداخلية الجديد، عقب توليه مهام منصبه، في أول لقاء له بقيادات الوزارة والمديرين العامين ومساعديهم، أكد ضرورة عودة هيبة رجل الأمن التي تأثرت كثيراً لأسباب عدة (!!). وقال إن التسيب والإحباط لهما أسبابهما أيضاً ويجب معرفة ذلك ووضع الحلول المناسبة للقضاء على التسيب (!!) وقال إن من الضروري تكريم المجد، وعدم تأجيل ذلك (!!) وانه ليس هناك مكان للمتقاعسين في الوزارة (!!).
وعلى الرغم من إشادة الوكيل الجديد بسلفه، فان من الواضح والمنطقي الاستنتاج، أن ما أصبحت تتصف به إدارات عمل وزارة الداخلية من تسيب وما أصاب العاملين المخلصين فيها من إحباط للوكيل السابق دور سلبي فيه. ففي عهده الوظيفي، الطويل نسبياً، تخلفت أجهزة وزارة الداخلية بشكل كبير. كما لا يمكن إخلاء مسؤوليته، كما قلنا، عما يعانيه الكثير من إدارات الوزارة من تخلف واضح.
لنا أمل كبير أن تتقدم أوضاع وزارة الداخلية في عهد الوكيل الجديد إلى الأحسن، وقد رأينا أول الغيث قبل أيام عندما قام مدير عام الإدارة العامة للتحقيقات بزيارة مفاجئة لعدة مخافر في منطقة الجهراء، ليكتشف هناك غياب كامل طاقم التحقيق من ثلاثة مخافر، الأمر الذي دعاه لتحويل المحققين الغائبين لـ «التحقيق»!!
كما نتمنى للوكيل، الذي لم يسبق أن التقينا به، التوفيق في عمله وجعل الكويت بلداً آمناً، أو قريباً من ذلك. ونشكره على قراره الأخير المتعلق بمنع رجال الأمن من ارتداء ملابسهم الرسمية خارج أوقات الدوام!! نقول ذلك ولا نعلم الآلية التي سيتم بها تنفيذ هذا القرار، مع غياب الشرطة العسكرية. فهل مطلوب من موظفي الدولة مثلاً الامتناع عن خدمة ضابط، أو عسكري يقوم بتخليص معاملته وهو بزيه الرسمي؟ وما دورنا نحن كمواطنين لو شاهدنا عسكرياً يقوم بإيقاف سيارة الدورية في مكان مخالف لشراء سندويشة فلافل؟ وهل مطلوب منا الإبلاغ عمن يقوم بارتداء ملابس العسكرية الرسمية خارج أوقات الدوام الرسمي، وكيف يتم ذلك؟

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

من أم بدر… كلمات تقطع القلب؟!

 

هي لاتزال في انتظار الغائب… مر على اختفاء وليدها نحو 8 أشهر، منذ تلك الظهيرة الحارقة من صيف يوليو/ تموز من العام الماضي 2007… كان يوم الثلثاء العاشر منه، هو يوم حزين كئيب… ليس لأم بدر وحدها، بل لكل أم في البحرين، ولا أبالغ حينما أقول، إنه كان يوما “مفجعا” لكل إنسان سمع بقصة اختفاء الطفل ذي السنوات الثلاث في ظروف غامضة لا يعلم سرها إلا الله سبحانه وتعالى.

في داخلها، شعور لا يمكن أن تكذبه، فهي تشعر به حيا يرزق… فقلب الأم دليلها! مكامن إحساس الأمومة في روحها تبلغها بأن الصغير الذي غادر حضنها، سيعود إليه يوما ما… عسى ألا يطول الانتظار، وعسى يوم العودة قريبا!

لسان حال الأم يجيب على السؤال التائه الحائر: “هل لاتزالين تعتقدين بأنه على قيد الحياة؟”، لتجيب: “وهل عثروا عليه ميتا حتى أفقد الأمل وأكذب إحساسي؟”.

ثمانية أشهر بلياليها المرهقة المتعبة القاتلة، وأيامها الثقيلة الموحشة الباكية، كفيلة بأن تذيب الصبر، لكن صبرها كونها أما لم يتصدع… وماذا بعد، ألا يتصدع قلب الأم؟ بلى، هذه الأم التي ليست كأم الطفلة المفقودة فاطمة، التي اختفت في شهر فبراير/ شباط من العام 2001… فأم فاطمة ليست موجودة وإلا تكررت مأساة الوالدتين، ولربما التقتا معا لتشد كل منهما أزر الأخرى… أم بدر تصدع قلبها، وكان الله في عونها… فهي الآن، على فراش المرض، ودخلت المستشفى لإجراء عملية في القلب.

منذ اختفاء الطفل، عكس التضامن الأهلي صورة جميلة من أجمل صور المحبة في المجتمع البحريني الذي بدأ يعاني من التشظي المرير والمؤسف!

فهذا الحادث المحزن، جمع المواطنين من الطائفتين الكريمتين في حالة إنسانية رائعة هي الصورة الحقيقية للمجتمع البحريني التي لن تؤثر عليها حالات “التشظي” تلك، وحتى اليوم، لايزال هذا التواصل مستمرا مع والدة الطفل وأسرته، وإن قل كثيرا عما كان عليه في السابق، لكن لايزال من الجيران ومن المواطنين من يتواصل مع الأسرة ليتابع احتياجاتها ويصبر الوالدة ويأخذ بخاطرها.

أم بدر، وهي على فراش المرض، تريد أن يعيش الناس، كل الناس، معها على أمل عودة الغائب… هي تشعر بأن وليدها على قيد الحياة، ولعله يكون عند أحدهم، لذلك هي ترسل رسالتها الحزينة: “نظرة عطف إلى حالي كوني أما فقدت طفلها… من يعرف أين فأرجوه يخبرني… من أخذ طفلي فليعده إليّ… سأسامح من حرمني منه ولكن فليعده إليّ… أعلم أنه حي، ولو تيقنت من أنه غادر هذا الدنيا، سأسلم أمري إلى الله، لكنني أنتظر عودته”.

هذه هي رسالة الطفل الغائب بدر من والدته، نوصلها إلى كل مواطن ومقيم… فعملية البحث مازالت مستمرة من جانب الفريق الأمني الذي تعجز الأسرة عن توجيه الشكر له وللمسئولين في وزارة الداخلية الذين هم في تواصل مستمر كما يقول ابنها محمد، وهو يعجز أيضا عن شكر كل المواطنين والمقيمين الذين بذلوا ما في وسعهم للبحث عن أخيه الصغير، بدءا من أهالي قرية سماهيج وقلالي والدير، وجميع أهالي المحرق، وعموم أهل البحرين، لكن يوصيهم بألا ينسوا والدته التي عانت الكثير حتى أرهقها المرض، وألا يتردد أي شخص عن تقديم أية معلومة مهما كانت لأنها قد تنفع الفريق الأمني المكلف بالبحث، فالأمل موجود لديه بأن أخاه على قيد الحياة، ونسيان القضية أو إهمالها من جانب المواطنين والمقيمين سيلقي بها في طي النسيان.