د. شفيق ناظم الغبرا

انغلاق السبل وآفاق الحرب الإقليمية

كلما تقدم بنا الوقت تبين أن الوضع يزداد تعقداً وتأزماً في منطقتنا، بين اليوم والآخر تزداد كثافة السحب المؤكدة للاحتقان السائد، كل يوم تقع أحداث جديدة توتر المنطقة وأحداث أقل تخفف من التوتر، تقاطعات عدة من العراق إلى غزة، ومن إيران إلى بيروت، ومن حاملة الطائرات الأميركية «كول» إلى سورية. متابعة قراءة انغلاق السبل وآفاق الحرب الإقليمية

سامي النصف

الصحف الصُّفر تدمر مصر

أول ما نلحظه في الصحف الصفراء المصرية انها لا تخدم مصر ولا تراعي، على الإطلاق، المصلحة العامة، بل تتعمد كل صباح إحباط الشعب المصري كافة، فكل شيء خراب وكل المسؤولين فاسدون وكل المشاريع مسروقة رغم ان الواقع والحقائق الجلية يظهران الامور على العكس من ذلك تماما، فمصر في عهد مبارك تحولت الى ورشة عمل ضخمة وبات قطاع كبير من المصريين يمتلك ليس فقط سكنه بل سكنا آخر على الساحل الشمالي او على سواحل البحر الاحمر، كما تظهر ارقام عمليات شراء غير مسبوقة للسيارات والكماليات ووجود 30 مليون مواطن مصري يمتلك هواتف نقالة، ما يعني تكوين طبقة متوسطة واسعة لها مصلحة باستقرار مصر.

المؤسف ان تلك الصحف الرصيفية لا تقول الحقيقة، بل تعتمد كثيرا في عملية «صناعة الإحباط» على العنوان الكاذب الذي يقرؤه المارة ويتأثرون به وينسون انه دون فحوى او مضمون، والا فكيف نفسر على سبيل المثال «مانشيتا» على شاكلة «بالوثائق نظهر فساد بطانة الرئيس» وعندما تذهب القلة التي اشترت الجريدة للصفحات الداخلية تجد انها تتحدث عن كتاب اصدره البرغوثي، احد مرافقي «الرئيس» عرفات، ويتحدث فيه عن بطانة ابوعمار!

وما ان ينته نهار الإحباط لدى المواطن المصري حتى يبدأ ليل الإحباط الكبير، وذلك عبر البرامج الحوارية واسعة الانتشار على القنوات الخاصة والتي يعمل بها، حالها كحال الصحف المثيرة، كبار العاملين في الصحف القومية والتلفزيون الرسمي! وتعمد تلك البرامج الحوارية الى استضافة وجوه حانقة مؤججة متكررة الظهور، لها أنياب زرقاء مليئة بالسموم، وسحنة صفراء لا تبشر بالخير.

ويشرح الدكتور المختص علي هلال لمجلة روزاليوسف التأثير الخطير لعملية «الإحباط» المتكرر، تلك التي يروج لها الإعلام الخاص كل صباح ومساء، فيرى انها تولد شعوبا «عاجزة» لا تحقق شيئا ويرى ان الهدف مما تقوم به الفضائيات المدغدغة والصحف المدمرة خلق حالة يأس في النفوس يتولد عنها الفوضى والانفجار اللذان سيصيبان – لا سمح الله – القلب العربي الذي تمثله مصر في مقتل.

والأفلام المصرية كما راقبنا وشاهدنا هي عامل ثالث في نشر ثقافة اليأس والإحباط، حيث تروج أفلام الموجة الجديدة التي ابتدأت بـ «عمارة يعقوبيان» وانتهت بـ «طباخ الريّس»، الذي يعرض هذه الايام، ومرت على افلام كان لها انتشار شعبي كبير مثل «هي فوضى» و«حين ميسرة» لنفس ثقافة الانهيار والنهاية السوداوية، وكان الله في عون مصر من اعمال بعض ابنائها!

آخر محطة:
للمعلومة، عندما كانت اميركا وبريطانيا لا تمتلكان الا سلسلة او سلسلتين من المحلات الكبرى امثال هارودز وميسيس كانت مصر في الثلاثينيات والاربعينيات تمتلك العشرات من تلك المحلات امثال عمر افندي وشكوريل والصالون الاخضر.. الخ، وغفر الله لمن أممها في الستينيات وحولها الى خرائب.

احمد الصراف

يا وزير الأوقاف أين أنت؟

يقول محمود القمني: منذ دخل العلم الحديث، وظهرت طبقة المتعلم ، تراجع دور الشيخ المهيمن على شؤون البشر، وقد عرف الشيخ ان العلم الحديث هو ألد اعدائه، ومن ثم كانت سلسلة التكفيرات والتحريمات لمنجزات هذا العلم!
سبق ان كتبنا مقالات عدة عن فظائع وفضائح المركز العالمي لنشر الوسطية، الذي تسيطر عليه جمعية الاصلاح، فرع التنظيم العالمي للاخوان، وهي الفضائح التي ايدتها تقارير ديوان المحاسبة تاليا، كما كتبنا كذلك عن مشروع مركز الوسطية الاخير الخاص باعداد «علماء المستقبل»، وهو البرنامج الذي وصفه وكيل الاوقاف في حينه بانه علمي ورائد وبانه سيتخصص في تخريج علماء شريعة وسطيين في سلوكهم وفكرهم، وان اعمار المشاركين في البرنامج ستكون بين 13 و16 عاما، وستكون مخرجات البرنامج كافية لسد احتياجات البشرية من العلماء الربانيين! علما بان اعمار هؤلاء بعد تخرجهم سوف لن تتجاوز العشرين بكثير!
كتبنا كل ذلك واكثر منه، مع ايراد الاسماء وتفاصيل اكثر، ولكن لا احد من الوزارة اهتم بالامر، والسبب معروف بطبيعة الحال.
مرّ شهر ونصف الشهر تقريبا على آخر مرة كتبنا فيها عن ذلك الموضوع، واعتقدنا في حينه ان بعض الوقت سيمر قبل ان يرى مشروعهم النور، لكن فجأة طالعتنا الصحف بخبر الشروع في البرنامج بمحاضرة «احمد القطان»! والاسئلة التي تطرح نفسها هنا بإلحاح:
1 ـ كيف تمكن المشرفون على المركز العالمي لنشر الوسطية خلال اقل من شهرين من الانتهاء من وضع منهج «علماء المستقبل»، خصوصا ان هؤلاء سيكونون علماء ربانيين يفيدون البشرية بعلمهم بعد 3 سنوات دراسة، وهم لم يتجاوزوا العشرين ربيعا بكثير؟
2 ـ من اين حصل المركز على طلبته، والعام الدراسي في منتصفه؟ هل قام باخراجهم من مدارسهم العادية وحرمهم من تلقي العلم الصحيح في مثل هذه السن اليافعة، مقابل مكافآت مادية عالية، ام انهم من غير المنخرطين في الدراسة؟
3 ـ اين تم الاعلان عن حاجة البرنامج للطلبة، ام ان الموضوع تم حصره ضمن جدران جمعية الاصلاح؟
4 ـ لمَ الإصرار على قطع صلة دارس المواد الدينية بالمواد العلمية المهمة كالفيزياء والاحياء والاحصاء وغيرها؟
ان نتيجة هذا البرنامج ستكون في حكم الكارثة على المشاركين فيه، ولن تفيد غير المشرفين عليه والمحاضرين فيه. فليس هناك من بامكانه اقناع اي عاقل بأن اطفالا في الثالثة عشرة من العمر يمكن ان يخلق منهم علماء ربانيين بعد ثلاث، او عشر او حتى عشرين سنة من الدراسة ضمن منهج لم يستغرق اعداده اكثر من شهر، علما بأنني اشك في وجود منهج اصلا، فقد ورد في الصحف ان احمد القطان، صاحب النباطة الشهيرة، وعضو جمعية الاصلاح القى درساً على طلبة هذا البرنامج بين لهم فيه فوائد «التكرار»!! كما حذرهم من قراءة المجلات والجرائد «المشينة»!! ولم يحدد الاخ القطان للطلبة تعريف «المشينة»، وبالتالي فمنعه سيسري على جميع الصحف والمجلات، ومنها هذا المقال!
ان مشروع علماء المستقبل مشروع غامض وفضيحة علمية ومالية وحتى اخلاقية، كما انه خطر لأنه يدعو الى الترويج لفكر وعقيدة حزب سياسي ديني معين.
لا نتمنى على وزير الأوقاف أكثر من سؤال مدير مكتبه عن حقيقة هذا المشروع، وسيسمع العجب!!

أحمد الصراف