سامي النصف

حتى لا تتكرر المأساة ونضيع مرة أخرى

ذكر ضمن تقرير لجنة تقصي الحقائق عن اسباب الغزو ان الضغط السياسي المحلي هو من منع الحكومة آنذاك من عقد اتفاقيات تحالف ودفاع تضمن وجود قوات دولية واميركية على ارض الكويت لحمايتها من تداعيات الحرب القائمة على حدودها بين جارتيها ايران والعراق في الفترة الممتدة ما بين 80 و88.

وهو كلام صحيح، فلو احضرت الحكومة في حينها تلك القوات لما تم الغزو الا ان القوى الثورجية والكلامية وصاحبة الولاءات الخارجية كانت ستجعل من عدم قيام الغزو ذريعة لتثوير الشارع السياسي الكويتي سريع الانفعال على معطى ان الحكومة «العميلة» قد احضرت القوات الاجنبية لقمع الشعب وحماية النظام امام التهديدات «الوهمية» الخارجية، وكان الامر سينتهي قطعا باخراج تلك القوات الحليفة مع الدقيقة التالية لوقف الحرب الايرانية – العراقية بحجة عدم الحاجة وكي لا نصبح موطئ قدم لقوى الاستعمار والصهيونية اي الكليشيه الكاذب المعتاد.

بمعنى ان العلاقة المتوترة والمتشنجة بشكل دائم منذ عهد الاستقلال بل وحتى قبله بين الحكومة والمعارضة والتي تقوم على اربع سياسات ومعطيات مدمرة هي «الغاية تبرر الوسيلة» و«افتراض سوء النوايا الدائم» و«الارض المحروقة» و«عليّ وعلى اعدائي يارب» منعت السلطات من الاستعانة بالقوات الدولية قبل الغزو وكانت ستضمن مغادرتها مع انتهاء حرب الخليج الاولى.

تساؤل الناس المحق هذه الايام هو: هل تغيرت الخارطة الزرقاء لتلك المعادلة السيئة والسياسات المدمرة حتى نضمن هذه المرة اتخاذ القرار المناسب لمنع تكرار زلزال الغزو؟ شخصيا اعتقد ان اوضاعنا السياسية تراجعت كثيرا للخلف بل اصبحت اســوأ هــذه الايـــام مما كان عليه الوضع عام 90 فمازالت اللعبة السياسية المدمرة القائمة لا تمتاز بالحكمة والتعقل ولا تنظر على الاطلاق لمصالح البلاد العليا بل زادت حدة واصبحت كل الاسلحة مشرعة ومشروعة للاحتراب السياسي المحلي الذي لا ينتهي والذي يغض الطرف والنظر عما يجري حولنا من احداث جسام قادمة سريعا للمنطقة.

ما نوده هو تعلم الدروس من الماضي الاليم الذي تدعونا دماء شهدائنا الزكية المسفوكة ودموع اسرهم الساخنة المهدورة لاستخلاص العبر منها، حتى لا تصبح تلك التضحيات الغالية هباء منثورا مادمنا في غيّنا سائرين، اننا بحاجة الى عمليات تواصل دائمة بين الحكومة والقوى السياسية لايجاد السبل للارتقاء بالعمل السياسي لما هو شبيه بما هو قائم في الدول المتقدمة من تقديم مصالح الاوطان العليا على ما عداها حتى لا ننتهي بفوز القوى السياسية المختلفة و… وموت الوطن!

ان الاخطار المحيطة بنا قد زادت كثيرا نوعا وكمّا عما كان عليه الحال عام 90 وهناك حاجة ملحة لقواعد جديدة للعبة السياسية تفرض الحكمة والتشاور الدائم بين كل الاطراف وعدم استغلال الانشغال بالظروف المحيطة لحصد المكاسب الذاتية، ومثل ذلك ضرورة استبدال الولاءات البديلة بالولاء الاوحد للكويت الباقية ومن ثم قيادة الاتباع لذلك المبدأ السياسي الرشيد لا الاستماع للقلة المنحرفة والمتطرفة من كل توجه وجعلها تقود المسيرة السياسية للخراب بدلا من ادخالها لحظيرة المصلحة الوطنية وعمليتي البناء والانماء.

آخر محطة:
بعض ما يجري على الساحة المحلية من مواقف سينتهي بنا للدمار والخراب والضياع مرة اخرى، اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.

سعيد محمد سعيد

عدو الحكومة!

 

كبيرة هي المسافة الفاصلة بين رؤية قيادة البلاد لترسيخ أسس الديمقراطية وبناء المجتمع المدني، وبين أولئك «الخبراء الجدد» الذين تمرسوا في التأجيج، أو لنقل محاولة تأجيج المواقف، بين مؤسسة الحكم وبين أي ناشط سياسي أو كاتب أو خطيب يبدي الرأي تجاه موضوع معين، ليجعلوه في مرمى الصواريخ الموجهة إليه باعتباره «عدو الحكومة»!

ففي الوقت الذي يجب ألا ننكر فيه مكتسبات لا بأس بها تحققت منذ انطلاق المشروع الإصلاحي في البلاد، وفي صدارتها حرية التعبير والرأي بعيدا عن قضبان «أمن الدولة»، لابد من التحذير من ممارسات الخبراء الجدد الذين لا هدف لهم سوى صنع مجد هلامي لمصلحة شخصية، حينما يتحدثون بخطاب القمع، ويتحركون تحت لواء التخوين، ويتنفسون هواء التآمر الفاسد.

بين الحين والحين، يتصيد خبراء الوطنية الصادقة ورموز الولاء الحقيقي على خلق الله ما يمكن تصيده: كلمة تعبر عن رأي أو موقف أو وجهة نظر في مسألة من المسائل الكبيرة والكثيرة التي تحولت إلى ملفات تهم الحكومة والمواطن على حد سواء، ولا نية لأصحابها من الشرفاء إلا أن يقولوا للحكومة والناس: «إننا جزء منكم لكن وراء الأكمة ما وراءها». وحين يصدر النصح أو الموقف أو الخطاب من رموز سياسية وثقافية ودينية واجتماعية، فليس من الإنصاف أن نضعهم خلف قضبان التخوين والتحريض على كراهية نظام الحكم، والسعي لزعزعة الاستقرار… بل على العكس من ذلك، ثبت أن مواقف وممارسات الخبراء الجدد، من يرفعون راية مزيفة في الولاء الوطني ويرددون شعارات مجوفة لا طائل من ورائها إلا التهريج في صحيفة هنا، أو مؤتمر صحافي «معلب وجاهز للتحضير» هناك، أو ندوة وملتقى ليلفتوا الأنظار إلى حقيقة عملهم لمصلحة البلاد والعباد… ثبت أن أولئك لا تهمهم مصلحة البلد ولا تقع في قلوبهم قضاياه ولا ينوون إلا الشر.

قد يسأل سائل :»من هم أولئك؟»، ولسنا في حاجة إلى جهد جهيد لنقرأ بين الفينة والأخرى مقالا صحافيا يرقص رقصة الغانية في حفلة ماجنة، أو تصريحا صحافيا يزكم الأنوف نفاقا وتملقا وزيفا، وقد نجدهم وقد تصنعوا العفة ولبسوا لباس الأولياء الصالحين لينطقوا باطلا بكلمة باطلة لا يحتاج إليها الوطن، ولا تحتاج إليها القيادة.

وفي ظني، مضى عهد تقريب المنافقين واسباغ النعم والهبات والعطاء الدنيوي على وعاظ السلاطين، وجاءت حقبة العمل من أجل هذه البلاد التي يعتز أهلها بقيادتها الشرعية ويصونون حاضرها ومستقبلها كما صانوا ماضيها… ليس فينا نحن أهل البحرين عدو لحكومته… قد يكون بيننا من خانه النطق وخالفه الأسلوب وضاع في هواه، لكنه لابد ثائب إلى رشده، ومستيقظ من غفوة وغفلة، ولربما كان على أولئك الذين لا يستطيعون العيش إلا في بيئة التآمر واستعداء الناس على حكومتهم من جهة، وتقديم قائمة سوداء بأعداء للحكومة يعيشون على هذه الأرض الطيبة، أن يكفوا عن نفاقهم المكشوف المفضوح.

وأخيرا، كلمة لكل خطيب وكاتب وناشط سياسي تدفعه نواياه الحسنة ومسئوليته الوطنية للقول والبوح… أن يقول ويبوح طالما هو معتقد في صدق نواياه وإخلاصه لبلده، وأما الذين لا يعرفون «إلا الفتن»، فسلام سلاما!

نعم، بيننا من يريد أن يوصل إلى قيادتنا صوته، لكن ليس بيننا عدوا لها… فموتوا بغيظكم!