هو بيت واحد، يحوي غرفا كثيرة… كبر أم صغر ذلك البيت، ففي ليوانه مساحة، وفي شرفاته إطلالة لابد أن تبقى جميلة، وفي أمان جميع ساكنيه، أمان لأساساته وأعمدته، وفي سرائه وضرائه، مواقف تجمع الأسرة.
أليس هو البيت البحريني، الذين يعيش فيه المواطنون في غرف متعددة، تحت سقف واحد، حفظ حق الجميع. فلماذا نعجز اليوم يا ترى عن رأب الصدع؟ وما الذي يجعلنا نعيش في دوامة من الخلاف والاختلاف تظهر تارة في هيئة اضطراب أمني، وتارة في هيئة شكوك في النوايا، وتارات تتلون بالصدام الطائفي، لتصبح الحرائق في شوارعنا وقرانا ومرافقنا لها اسم، ويصبح للتخريب أكثر من اسم، وتتعقد الأمور تحت مسميات كثيرة لتمتد الأيدي فتغلق الأبواب التي من الممكن أن تبقى مفتوحة أمام الراعي والرعية لنصل الى بر الأمان؟
أمام صور مثيرة للمخاوف، نعيشها بين الحين والآخر، لن يكون السلم الاجتماعي في مأمن، فلا الأبواب الموصدة ستنجينا، ولا العنف والحرائق والتخريب سيضفي على حياتنا الأمل في يوم الخلاص من الملفات المؤرقة، ولن يكون التحريض على استمرار المطالبة بالحقوق وسيلة تؤتي ثمارها يوما… أبدا.
الحوادث الأخيرة التي مررنا بها أعادتنا الى نقطة لا يرغب مواطن واحد في العودة اليها أو استذكارها، وليس أشد من أن تعيش القرى حالا من الرعب والخوف والعنف، ولربما ازداد الوضع سوءا مع تقديم خيار جر الساحة الى العنف، ولكن هل من حل؟
أيا كانت دوافع ومسببات العودة الى العنف، واستمراره، وتشعباته الخطيرة، فلن نجني من الاضطراب سوى المزيد من النتائج السلبية وسوء العاقبة، في الوقت الذي لا يمكن فيه أن نتجاهل أن دفع الشباب والصبية الى مواجهات أرهقت المواطنين وكدرت صفو العيش في البلاد سيضاعف من هوة الخلاف، واذا استمر ابتعاد أصحاب الكلمة المسموعة والمؤثرة عبر الاستفادة من القنوات المتاحة أمامهم للتواصل مع مؤسسة الحكم، وتم افساح المجال لثقافة التحريض وتضييع حاضر ومستقبل الشباب ومستقبل المجتمع بأسره، فإن ثمة دلائل على أن الخسائر لن يتحملها طرف واحد فقط: لن تتحملها الحكومة وحدها ولن يتحملها الاقتصاد وحده ولن يتحملها رجال الأعمال وحدهم ولن يهرب المستثمر ليضيف الى من يعتقد أنه كسب جولة نقاط انتصار جديدة… الخسائر ستقع على رؤوس الجميع قطعا.
في ظني أن الفرص مازالت مواتية، واذا كان اللقاء الأخير الذي جمع وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة مع رؤساء تحرير الصحف اليومية فيه تبيان واضح للظرف الذي تمر به البلاد، فإن في اليد فرصا أخرى للمطالبة وايصال الصوت بالوسائل السلمية، ومنح السلطة التشريعية والجمعيات السياسية وعلماء الدين مساحة هادئة لفتح جميع الملفات الرئيسية من خلال الحوار والتواصل مع السلطة، ليغلق الباب أمام التحريض والعنف والدخان الأسود، ولندخل بقناعة بين كل الأطراف الى بوابة الحلول السياسية الهادئة أيضا لأن الأطراف المسئولة كلها – إن لم تعطِ الاهتمام الكافي للتوافق – فإن ترك المجال أمام الطائفية والتخريب والحرائق والتحريض وتأجيج الساحة بالحديد والنار، سيصيبنا بمقتل.