سامي النصف

خياراتنا الصعبة

لا اعرف لماذا نضع بلدنا في خـيارات صـعبـة وغـريبة، واليـك عزيزي القـارئ بعضا من تلك الامثلة:

ـ خـيـار إما السـكوت على تجـاوزات بشـعـة على أملاك الدولة وصلت إلى حـد البناء فوق محولات الكـهرباء وتأجيرها أو عــدم إزالة تلك التــشـوهات إلا بعــد أن تصاحبها إزالة الحدائق الجميلة التي تزين البـيــوت في جـمــيع المناطق السكـنيـة الكويتـية، بمـعنى تعزيز خـيـار إما بقـاء الاثنين أو إزالة الاثنين، بينما الحل الواقعي والمفيـد للوطن يكمن في «إزالة» المخالفات البـشعـة و«تسـوية» أوضاع المخالفات الجميلة عبر وضع مـواصفات فنية وفرض رسوم مالية للدولة عليها.

ـ من المسـلمــات القــول أن القــوانين الوضعية لا يمكن أن تكون ملائمة ومنصفة لكل الحــالات ولجـمــيع البـشــر في كل الأوقات، لـذا اخــتـــرع العــالـم نظام «الاسـتثناء» لكي يتم تـطبيـقه في أضيق الحـدود لـلحـالات الإنسانية الفــريدة المسـتحـقـة له، لكن لدينا مـا أن يتم وضع نص الاسـتــثناء حـتى تتــوسع المطالب والضـغوط لنصـبح بين خـيارين: إما أن يغلق البـاب أمام الجـميع وفيـه ظلم أو أن يفتح الباب للجميـع وفيه ظلم كذلك، حيث يتحول الاستثناء المحدود إلى قاعدة عامة.

ـ ومهما بلغت الكويت من رقي في قطاع الصحـة فستـبقى هناك حاجـة للعلاج في الخـارج، وهو أمر مـعـمـول به حـتى في انجلتـرا وفـرنسا، حـيث تبـعث الحـالات المستـعصـية للولايات المتـحدة، أمـا لدينا فـتدخلت الألعاب السـياسـيـة الخاطئـة والمصــالح الانتـخــابيـة في هـذا القطاع الإنساني الحيـوي، فـأصبح الخـيار إما إرسال من لا يحـتاج للعـلاج للسيـاحة في الخارج أو إغلاق الباب أمـام المحتاجين لمثل ذلك العلاج المتقدم.

ـ وفي مـجال الإعلام، أغلق البـاب لمدة طويلة على خمس إصدارات يومـية عربية، وبدلا من أن يـفــتح البـــاب لإصدار أو اصــدارين جـديدين يـواكـبــان الزيادات السكانية كـحال انجلترا عندما فـتح الباب لإصدار «الاندبندنت»، تم فـتح البـاب على مصراعـيه على قاعدة خيـاري: إما ظلمة أو سـراجين، أي لا تصـاريح على الإطلاق أو« من طق البــاب لقي جــواب»، حـتـى بتنا نخــشـى أن نصل يومـــا إلى إصدارات السفارات والمزايدات التي تحرق الأوطان.

ـ وبقـيت الكويت طويلا لديـها شـركـة طيـران واحـدة كـأغلب الدول الصـغـيـرة تحمـيهـا قوانين النقل التـجاري المتـبادل، وفجأة تحـول الوضع من خيار المنع المطلق إلى الإباحة المصاحـبة لسـياسـة الأجواء المفتوحـة، حتى أصبحت شـركات الطيران الخليـجـيـة العـمـلاقـة تسـتـغل الوضع لعمليات Dumping غير مشروعة تسوق لها لعمليات الفائض والكراسي الزائدة بأسـعار ارخص من الأسعار التي تقدمهـا في بلدانها لنفس المحطـات، وفي ذلـك ليـس إضرارا بـ «الكويتية» فحسب، بل وبأي شركة طيران كـويتيـة أخرى قـائمة أو قـادمة تنشـأ في بلدنا، حـيث سـينافـسـون بميـزانيـاتهم المحـدودة شركـات عـملاقـة مـدعومـة من حكومـات شديدة الـثراء تنتـهج سـياسـة الإغراق لدى سوق النقل الكويتي.

آخر محطة :
العزاء الحار للـزميل نصار الخـمـسان على فـقـيـده الغـالــي، للابن الرحـمة والمغـفـرة ولأهله وذويه الصبـر والسلوان.