سامي النصف

الكويتي والكويتية

الفارق بين الكويتي والكويتية تاء مربوطة، فالاثنان مظلومان بشدة بسبب الصورة السالبة النمطية المنتشرة لدى البعض عنهما، والاثنان يحتاجان حقيقةً لمزيد من الإنصاف والاعتدال والواقعية عند التطرق اليهما، وإذا كنا تكلمنا في مقال الأمس عن واقع الكويتي الموجب الذي يدعو للتفاؤل ومثل ذلك مستقبل البلاد في ظل الخطة الطموحة الموضوعة للأعوام الأربعة المقبلة والتي ستحيل الكويت إلى مركز اقتصادي ومالي مؤثر في المنطقة دون الحاجة لتكرار تجارب الغير أو الوقوع في أخطائهم فإننا نحتاج اليوم للحديث عن الكويتية طائرنا المحلق في أجواء العالم.

أحد أسباب النظرة غير المنصفة لمؤسسة الخطوط الجوية الكويتية هو إشكالية التعميم، فما ان يحدث عطل فني يشبهه ما يحدث كل ساعة في جميع شركات الطيران الدولية حتى تبدأ عملية التعميم والمبالغة دون معرفة ان أنظمة الصيانة والسلامة في الكويتية هي من الأفضل في العالم، وان ما أجلت ـ أو أخرت ـ المؤسسة رحلتها وتكبدت الخسائر الباهظة من أجله قد تقوم بعض الشركات المنكوبة في العالم بتفويته حفاظاً على المورد المالي الذي يسخر ويتغاضى عن كل شيء بسببه، ولا تتغاضى بالمقابل الكويتية عنه أبدا، وهذا ما يجعلها تحوز كل عام جوائز السلامة من أرقى المؤسسات المختصة في العالم، ويبقي ملفها نظيفاً من الحوادث ولله الحمد بعد نصف قرن من التشغيل المتواصل. ومما يتكرر الحديث عنه خسائر «الكويتية» دون معرفة ان تلك الخسائر في الأغلب غير حقيقية، بل هي للحفاظ على معايير محاسبية تتعلق بالحفظ الدوري لقيم الأصول، مما قد لا تلتزم بمثله الشركات الأخرى في المنطقة، ومثل ذلك فرض مخصصات بعشرات الملايين تفترض ان جميع موظفي المؤسسة سيتقاعدون في يوم واحد، وهو أمر مكلف للمؤسسة وينعكس بالسالب على ميزانيتها، الا انه لن يحدث أبداً ويبقى أحد المتطلبات المالية الواجب الالتزام بها.

ان «الكويتية» هي مجمل جهد الآلاف من أبنائها من مدراء وطيارين ومهندسين ومختصين في جميع القطاعات المختلفة، ونصفهم أو أكثر من الكويتيين، لذا فالثناء موجه لهؤلاء الجنود المتفانين في عملهم ممن يواصلون الليل بالنهار للتأكد من حسن أداء الخدمة وسلامة الطائرات وهو جهد لو اطلع عليه الجميع لأثنوا معنا على هؤلاء بدلاً من العتب عليهم.

وقد اطلعت على خطة طموحة للاخوة الأفاضل في إدارة العلاقات العامة في المؤسسة تستهدف الانفتاح على المجتمع وعلى الصحافة ووسائط الإعلام المختلفة تطلعهم عبر الزيارات والبروشورات على ما يدور في دهاليز «الكويتية» من خطط طموحة وجهود جبارة تبقي طائراتنا وأعلام الكويت محلقة في مشارق الأرض ومغاربها، وهو ما يشعر كل مواطن منا بالفخـر الشديد به.
 
آخر محطة:
انتشرت عبر SMS رسائل خاطئة عن ان طائرة كويتية أخطأت مسارها بالأمس لدى مغادرتها مطار دلهي في الهند، والحقيقة ان الطائرة التزمت تماماً بمسارها المعهود، كما التزمت بتعليمات برج المراقبة في المطار الذي يملك كامل السلطة والصلاحية على أجوائه، وهو أمر يفرض القانون على الطيار الالتزام الحرفي بإرشاداته حفاظاً على السلامة، لذا فهو من يتحمل كامل المسؤولية حال تحليق الطائرة ـ أي طائرة ـ فوق منزل رئيس الوزراء، كما أتى في تلك الرسالة الخاطئة.

سامي النصف

أخطاء شائعة في الثقافة السائدة

منذ عهد الاستقلال الاول ونحن نعيش ثقافات سائدة تم السكوت عنها فكبرت واستشرت حتى أضرت، منها الايمان القاطع لقطاع من الشباب والبراعم الصغار بأن الاوضاع الحالية كحلية، وان المستقبل مظلم وكل شيء في البلد خطأ وكل قرار خطيئة، وهو ما يجعل تلك النظرة السوداوية التشاؤمية تؤثر في النهاية على انتاجيتهم في العمل وصحتهم الشخصية، بل انها أحد أسباب دفع بعضهم للتطرف والمخدرات والتسبب في حوادث السيارات، فمن سودت الصورة أمامه حتى أصبح لا يرى إلا ظلاما في ظلام لا نستبعد عنه أن يرخص حياته حتى يودعها أول عمود نور في طريقه.

ومن الثقافات السائدة التي لها أثر سالب على أداء البلاد العام ولعبته السياسية الاعتقاد الراسخ لدى البعض بأن الحكومات المتعاقبة التي ضمت مئات اذا لم نقل آلاف الكويتيين ممن عملوا كوزراء ومسؤولين كبار لا ينامون الليل تآمراً على مكتسبات الناس «الذين هم في النهاية منهم» ولا يقل لنا أحد: لماذا لم نسمع قط من المسؤولين السابقين تفاصيل تلك المؤامرات الضارة والخطط الجهنمية التي تخطط ضدنا؟!

لنحسن النوايا في المبدأ والمنتهى ولنوقف هذه الايام اشاعات «الحل» التي هي أقرب لأكذوبة جحا التي صدقها من قالها. ومن تلك الثقافات الخاطئة المتوارثة القبول بمبدأ الاستجواب على «الهوية» لا على «القضية» فما دام هذا الوزير لا يستقبلنا بالطريقة التي نودها أو ذاك لا يبتسم بوجوهنا يحق لنا استجوابه، بل ومحاولة جمع أصوات طرح الثقة قبل المداولة وسماع رد، ولا يهم في هذا السياق مدى اخلاصه وتطويره لعمله أو حتى ما ستخسره الكويت من خسارتنا كمواطنين له ولإصلاحاته.

ومن تلك الثقافات غير الصائبة الاعتقاد بأن جهاز خدمة المواطن ما خلق الا للتدخل في الانتخابات النيابية وترجيح كفة على كفة، والحقيقة ان ذلك الجهاز ـ كما هو مسمى ـ وضع لخدمة المواطن الكويتي، وهو ما يعمله طوال العام حيث يستقبل معاملات المواطنين ويحاول تسهيلها ومتابعتها لدى الوزارات المختلفة، ومن ثم فهو لا يملك صلاحية بذاته لعمل أي شيء مما قيل عنه.
 
والـ B.O.T ليس مخدرا أو شيئا محرما حتى تترسخ ثقافة «اتهام» بعض الناس بتعاطيه، قبل ذلك النظام كان المواطنون يهربون من مطار الكويت فأصبحوا بعده يتقاطرون عليه، وتسبب ذلك النظام في خلق أسواق ومطاعم ومراكز ترفيهية ما كنا نحلم بها وأصبح ملايين المواطنين والمقيمين يستمتعون بها ويزورنا عشرات آلاف السائحين الخليجيين لرؤيتها والاستمتاع بها، لنوقف على الفور ثقافة قطع الرأس لعلاج الصداع والايمان بمبدأ هدم المعبد على الجميع أو سياسة الارض المحروقة التي لا تبقي ولا تذر، في النهاية، الكويت بألف خير وسنستمتع بها أكثر كلما أسرعنا جميعا بالتخلص من الثقافات السالبة السابقة، وأكثرنا من «الواقعية» و«التفاؤل» و«الاعتدال» في حياتنا اليومية، لنجرب هذه الثقافة الجديدة وستختفي المشاكل ونشعر كم هي جميلة الحياة في الكويت.

آخر محطة:
يصوت بعض الديموقراطيين في الكونغرس الأميركي مع الجمهوريين والعكس صحيح دون أن يحاسب أحد على ذلك كون الديموقراطية في البدء والمنتهى هي الايمان بالحوار كوسيلة للاقناع وترسيخ مبدأ الرأي والرأي الآخر بعيداً عن نظرية العصا الغليظة.

سامي النصف

تحالف مع كل لا جزء

سألتني مراسلة وكالة الأنباء الفرنسية عن السبب في عدم اهتمام الكويتيين بفوز الديموقراطيين بالانتخابات الاميركية، وما اذا كانوا لا يعتقدون بتأثير ذلك عليهم، وكانت الاجابة ان الكويت متحالفة مع الولايات المتحدة الصديقة وليس مع حزب من احزابها، كما ان الكويتيين يهتمون اكثر بانتخابات الرئاسة الاميركية، كون الرئيس هو من يملك تقرير السياسة الخارجية كما انه الرئيس الاعلى للقوات المسلحة.

اكتساح الديموقراطيين غير المفاجئ لانتخابات الكونغرس الاميركي يصب في النهاية ضمن اللعبة السياسية الاميركية المعتادة التي لا تسمح باحتكار احد الحزبين السلطة لمدة طويلة وكما ان الحرب الجيدة تساهم ببقاء الحزب الحاكم في موقعه، تفرض الادارة غير الجيدة للحرب خروج الحزب المعني من السلطة.

واذا كان كارل روف هو مهندس الانتصارات الجمهورية، عبر خلقه الشعار الذي رفعه حزبه والداعي للخروج للتصويت، فان النائب الديموقراطي ابراهام امنويل هو مهندس انتصارات الديموقراطيين هذه المرة عندما طلب في شهر سبتمبر الماضي من الصحافة ووسائل الاعلام الاميركية ـ كما تذكر نيويورك تايمز وهي ليبرالية في الاغلــب ـ ان تجعل حرب العراق والإخـــفاق القيادي فيها يتصدران صفحات الصحف وهو ما ادى لان تكون تلك الحرب هي احد المحاور الرئيسية التي قامت عليها الانتخابات.

وتعقد الانتخابات الاميركية في منتصف الاسبوع لا خلال عطلته، كما انها شديدة التعقيد حيث يتم التصويت خلالها على عضوية مجلس الشيوخ والنواب وحكام الولايات والمناصب العامة وتعديل الدستور وقضايا اجتماعية وسياسية وصحية وتعليمية متعددة، كما تستخدم اجهزة معقدة متغيرة للتصويت لذا لا تزيد نسبة الحضور عادة مهما اشتدت المنافسة على 50%.

ويعتقد بعض المفكرين ان ذلك الامر مقصود من قبل منظري اللعبة السياسية الاميركية فلا احد يريد ان يسيّر رجل الشارع العملية السياسية عبر حضوره المكثف، ويقول صموئيل هنتنغتون ان العملية السياسية كي تنجح تحتاج الى كثير من الاهمال من قطاعات كبيرة من الشعب.

وقد فاز أربعة عرب في انتخابات البرلمان وواحد من مجلس الشيوخ وجميعهم مسيحيون، كما فاز مسلم للمرة الاولى في تاريخ اميركا بعضوية مجلس النواب، والغريب ان القائمة على حملته قد اعلنت ان اليهود قاموا بالتصويت له بكثافة، ومعروف ان ذلك النائب ذو افكار تحررية زائدة، حيث يدعم زواج المثليين، وحق الحامل بالاجهاض، كما يؤيد اسرائيل ويرى ان حماس هي من يتسبب بإعاقة السلام في المنطقة.

وقد فازت السيدة هيلاري كلينتون بمقعدها في مجلس الشيوخ المؤثر عن نيويورك بعد حصولها على 8,2 مليون صوت بينما وصل السيد كونراد لنفس المقعد ممثلاً عن منطقة نورث داكوتا الاميركية بعد حصوله على 149 ألف صوت، ووصل فينشتين عن كاليفورنيا بـ 9,3 ملايين صوت بينما وصل يونغ عن الاسكا بـ 115 ألف صوت، وهتسون عن تكساس بـ 7,2 مليون صوت وكاربر عن ديلوير بـ 172 ألف صوت، وبراون عن اوهايو بـ 1,2 مليون صوت، بينما وصل ساندرز عن فيرمونت بنفس المقعد بـ 170 ألف صوت.

آخر محطة :
الديموقراطية نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الاميركي الجديدة كان لها موقف معارض من شن الحرب لتحرير الكويت وكانت حجتها هي الخوف على طيور الخليج من آثار الحرب بحكم اهتمامها بشؤون البيئة.. يعني كان على مواطنينا ان يضعوا أجنحة على اكتافهم كي ترأف بهم!

سامي النصف

عقد جديد لدولة جديدة

الكويت تمر هذه الأيام بمرحلة جديدة، فهناك أمير جديد للبلاد وولي عهد جديد ورئيس وزراء جديد وحكومة جديدة ومجلس أمة جديد، لذا فمن الطبيعي والمنطقي ان نخلق، حالنا كحال الأمم المتقدمة، قواعد جديدة للعبة السياسية ضمن عقد مجتمعي وسياسي جديد يقوم على الثقة المتبادلة بين السلطات والنظر للماضي فيما يعزز انجازاته ويبعدنا عن سلبياته بدلاً من تكرارها كوسيلة لتوتير العلاقة بين السلطتين.

وضمن البرنامج المعلن والجاد للحكومة الجديدة المحاربة الشديدة للفساد وتعزيز الشفافية التي وصلت لمخاطبة منظمة الشفافية الدولية لتطبيق اي مقترحات تراها بهذا الشأن، وتفعيل مبدأ العقاب والثواب والإيمان القطعي بمبدأ فصل السلطات الذي لا يستقيم مسار أو عمل الدولة دونه ومعه دعم العمالة الوطنية وإصلاح الخلل في الموازنة العامة للدولة لوقف الاعتماد على النفط كمورد وحيد للبلاد.

وضمن مشروع برنامج عمل الحكومة للسنوات الأربع المقبلة التي تنتهي عام 2010 والذي اصدرته وزارة التخطيط خطة عمل طموحة جداً وضعت لها جداول زمنية محددة لتطبيقها وتضمنت ميزانية تقارب 13 مليار دينار ومتطلبات بشرية تزيد على 12 الف شخص وحاجة لاستحداث وتعديل قوانين وتشريعات تزيد على 135 تشريعا لتنفيذ تلك الخطة التي تشمل تنمية الاحتياطيات وزيادة الانتاج النفطي وتطوير البنى الأساسية كانشاء موانئ ومطارات عملاقة ومستشفيات ومدارس وجامعات وتغيير في المناهج التعليمية والاهتمام بالتدريب المستمر ورعاية الشباب والتخفيف من الازدحامات المرورية وحوادث الطرق..الخ.

إن تلك المشاريع الطموحة العملاقة تحتاج بالقطع الى مراجعة وتمحيص من الجهات الرقابية والتشريعية المعنية، ثم الإسراع في اقرارها طبقا لقواعد اللعبة السياسية الجديدة حتى تمكن المحاسبة اللاحقة وليست السابقة عليها والا فسيتساءل كل مواطن: كيف يصح اتهام الحكومة بالاخفاق أو عدم الانجاز مادمنا نعرقل كل خطة تضعها وكل تشريع تتقدم به؟!

إن علينا الأخذ بمبدأ «مرر حتى تحاسب»، أما العرقلة المسبقة فتغل اليد عن المحاسبة اللاحقة، كما انها ستبقي البلد في حالة سكون ولن نجد الا أنفسنا نلومها في حال سبق الآخرين لنا.

وجزء هام من العقد الجديد يفرض علينا مسؤولية كبرى في فهم الدور الجديد المنتظر منا كمواطنين ومن ذلك ضرورة افتراض حسن النوايا والتفاؤل بمستقبل البلد والطلب من نوابنا الأفاضل جميعا دعم الخطة العامة للدولة بعد مراجعتها والتي تروم تجهيز الكويت للعمل كمركز عالمي دائم يستقطب ملايين السواح والمستثمرين ويضمن مستقبل أبنائنا أكثر من طلبنا من نوابنا الافاضل قضاء متطلباتنا الشخصية التي يفترض ان تتكفل بها مستقبلا برامج الشفافية والحكومة الالكترونية دون الحاجة لنهج وقوف الناخب أمام النائب أو النائب أمام المسؤول..

والحديث ذو شجون.

سامي النصف

سفراء وإعدام صدام

ربيع 1990، الوضع في الكويت والخليج هادئ الى اجل غير مسمى نتيجة لتوقف الحرب العراقية الايرانية وقبول ايران لشروط المجتمع الدولي وتطبيق القرار 598، ومن ثم انتهى الخوف في دول الخليج من احتلال ايران للعراق والتوجه جنوبا لباقي دول الخليج.

وكان العراق قد خرج منتصرا من تلك الحرب بسبب الدعم المباشر له من قبل دول الخليج التي اثنى عليها صدام اكثر من مرة وخصوصا الكويت، وكان واضحا آنذاك ان الشعب والجيش والقيادة العراقية قد ملت من حروب الخارج والداخل التي استمرت سنوات طويلة، وكانت القيادة العراقية تستجدي العالم كل صباح لوقف الحرب الاخيرة ومن ثم كان العراق يحتاج الى ما لا يقل عن 10 سنوات من الهدوء والسكينة لاعمار ما دمرته الحروب المتلاحقة.

في مثل هذا الجو الهادئ والمسالم والتصور الواقعي في حينه كان يفترض بأي دولة مؤثرة تعتزم تعيين سفير جديد لها في الكويت ان تختار من هو قريب من التقاعد لترشيحه سفيرا في بلدنا وان تترك سفراءها المؤثرين والفاعلين لعواصم دول المواجهة الساخنة في المنطقة كسورية ولبنان واسرائيل.

الا ان ما حدث في ربيع 90 كان على العكس من ذلك تماما، فإحدى الدول المؤثرة الكبرى في العالم رشحت مدير ادارة الشرق الاوسط في وزارة خارجيتها سفيرا لها في الكويت، كما رشحت دولة عربية مؤثرة رئيس مخابراتها في الوقت ذاته سفيرا لها في عاصمتنا، وواضح ان حسابات هاتين الدولتين قد تم بناؤها لا من تصريحات واكاذيب صدام المطمئنة بل من افعاله ومنها حفاظه على قدراته العسكرية في مرحلة سلام كان يفترض ان يسرح بها جيشه، اضافة الى افتعاله عمليات تسخين غير مبررة ضد المجتمع الدولي لتبرير بقاء عملية تسلحه، كما التزمت قياداته باللبس العسكري الخاكي بدلا من المدني الذي يرمز للسلام.

نذكر تلك الوقائع ونحن نرقب اعادة دولة اسلامية مؤثرة في المنطقة تعيين سفير سابق لها في بلدنا مرة اخرى ممن لهم صلة ومعرفة وثيقة بالداخل الكويتي بعد ان امضى ـ كما سمعت ـ سنوات عديدة في وزارة الداخلية ـ لا الخارجية ـ في بلده، وقد يرى البعض ان لهذا التعيين دلالات على ان قيادات بلده موقنة بقيام احداث ساخنة في المنطقة تحوجهم لسفراء لديهم معرفة مسبقة بشؤون الداخل الخليجي حيث قد لا يكون هناك وقت كاف لتعلمه.

والله اعلم.

آخر محطة:
لا مبرر للفرحة الكبرى بصدور حكم الاعدام على صدام فالاجراءات الدستورية العراقية تحتاج في النهاية لتصديق القيادات العراقية الثلاث عليه والتي أعلنت احداها قبل اشهر ـ ونعني الرئيس جلال الطالباني ـ انها لن تصدق على حكم اعدام صدام ان صدر، وهو امر قد يقوم بمثله رئيس مجلس النواب، اضافة الى وجود 10 قضايا اخرى تحتاج الواحدة منها الى عام على الاقل يعني «عقد» بالمجمل، الخوف ان يموت اهالي الضحايا ولم يعدم صدام.

سامي النصف

ابتسامة على شفاه صدام

الحكم الحقيقي على صدام يأتي مما سترويه الاجيال القادمة في المنطقة عنه، فقد وصل الى سدة الحكم في بلاد هي الاغنى في العالم، فسخر مواردها ودماء ابنائها لخدمة اغراضه الشريرة المدمرة التي بدأها بحملة الاعدامات المعلنة عام 1968 ثم استورد بخسة ودناءة القمح المسموم الذي قتل آلاف الفلاحين العراقيين الابرياء عام 1970…

تلا ذلك قيامه بحرب قمع وابادة ضد الاكراد استمرت 5 سنوات، وما ان انتهت عام 1975 حتى بدأ الاعداد لحربه على ايران التي استمرت حتى عام 1988، قام خلالها بحملة الانفال على الشمال التي قتلت ربع مليون شخص وهجرت الملايين، وتلا ذلك احتلاله للكويت ثم تدمير الجنوب والتضحية بمليون ونصف طفل كي يرفع الحصار عنه، وانتهى الامر بحرب 2003 لتحرير العراق من طغيانه، وما نشهده هذه الايام من قطع للرقاب والتفجير العشوائي والتحريض على الاقتتال الطائفي والعرقي هو نـتاج طبيعي لاعمال مخابرات الشيطان القابع في السجن.

وكان احد الاصدقاء قد اسر لي وانا ازور ديوان الصديق يعقوب الصقر ليلة السبت الماضي بضرورة بدء حملة اعلامية تدعو للاسراع بتنفيذ الحكم انتقاما لدماء الابرياء، كما ابدى تخوفه من الا تجرى عملية الاعدام امام انظار الملايين ومن ثم يبقى الشك قائما الى الابد في موت صدام من عدمه، وفي هذا السياق يذكر مراسل بي.بي.سي جون سمبسون انه لاحظ ابتسامة على وجه صدام لحظة مغادرته قاعة المحكمة وابتعاد الكاميرات عنه…

وان شاء الله مو ابتسامة خير…

وحتى ينفذ الحكم تظهر حقيقة ان صدام حسين هو اللاعب الكبير الوحيد في المنطقة الذي وقع في يد العدالة والواجب يقتضي تفريغ ذاكرته مما تحتويه من ألاعيــب وخطط ومؤامرات قام بها هو ونـظامه في العقود الثلاثة الماضية وادت الى الحروب الاهلية في بعض البلدان العربية والحروب الرسمـية بين بلدان اخرى، ان الجرائم المعلنة الـــتي يحاكم عليها صدام هي قمة جبل الجليد فيما تســبب به ذلك الطـاغية من كوارث ومآس في المنطقة.

سامي النصف

كتل ولجان

خلق كتل في مجلس الأمة قضية يفترض بها أن تسهل وتساعد العمل السياسي تحت قبة البرلمان، متى ما حسُنت النوايا وتوحدت الجهود، لخلق الكويت الجديدة، كويت الانفتاح والتحضير لما بعد حقبة النفط، كويت التعليم الجيد، والخدمة الصحية الممتازة، والبنى الأساسية الملبية بشكل متميز لحاجيات البلاد والعباد.

ما حدث في انتخابات اللجان أمر يجب ألا يحمل فوق ما يحتمل والا تتوقف عنده علاقة الكتل بالحكومة، فالجميع يعلم ان التكتلات القائمة خلقت لأهداف خيِّرة ليس منها بالضرورة احتكار عضوية اللجان المختلفة، ومن ثم إبعاد ما يقارب ثلث المجلس (16 عضواً) ممن اختارهم الشعب بالانتخاب الحر المباشر للدخول لمطابخ المجلس، بغض النظر عن كفاءتهم وخبرتهم.

وبودنا في هذا السياق تعلماً مما حدث، في حال العزم على التشاور المستقبلي حول من يجب إيصاله لمثل تلك اللجان التي يفترض ألا يدخلها إلا المتجرد والكفؤ والراغب بالعمل الجاد بعيداً عن الأضواء، ان يتم التشاور مع الجميع ومعرفة من يرغب بالمشاركة، ثم النظر لإنجازاته أو إخفاقاته السابقة ثم تقرير من يصلح أو لا يصلح، ففي عمل تلك اللجان تتبلور نجاحات المجلس ويحصد الثناء ـ أو عكسه ـ من الناس.

لا أعلم من ينظر لتكتل المستقلين ويقترح عليهم المواقف التي يتم تبنيها، وإن أظهرت نتائج الانتخابات الأخيرة خطأ المسار رغم الشعارات «المدغدغة» التي طُرحت، ما نرجوه من التكتل وأعضائه في النهاية اخوة وأبناء مخلصين للكويت، أن يحرصوا كل الحرص على الابتعاد عما هو شبيه بالزوج الذي جدع أنفسه ليغيظ زوجته، وبالتالي فإن إظهار الزعل على الحكومة لا يبرر على الإطلاق طرح أجندات مدغدغة ومُحرجة كإسقاط القروض وزيادة المِنــــح المالية التي يمكن لها في النـــهاية أن تضر باقتصاد الكويــت الوطن الأم للجميع وبسمــعتها الدولية.

آخر محطة:
من المتوقع أن يصدر اليوم الحكم على صدام بالإعدام طبقاً لنتائج التحقيقات والمحاكمات في جريمة الدجيل، وفي هذا الســياق يرغب أهالي ضحايا الـــطاغية في العراق وإيران والكـــويت بأن يتم تنفيذ الحكم خلال شهر من صدوره، كما ينص على ذلك قانون الجزاء العراقي، ولا يرغب أحد بما هو قائم من استمرار المحاكمات ومعها سلسلة الأكاذيب وادعاء البطولات الصدامية إلى ما لا نهاية.

سامي النصف

بيت الخليج ولؤلؤ الفريج

الاشكالات القائمة بين السلطتين اللتين تتقاسمان بيت الامة الابيض المطل على شارع الخليج هي اقرب للاشكالات التي يتعرض لها كل بيت كويتي ومن ثم فالحل واحد لتلك المشاكل في صلبه وبنيانه.

فالبداية الصح تفرض على الطرفين القاطنين في البيت الكبير الاعتراف الصريح بوجود مشكلة بينهما في الماضي تحتاج الى تصحيح، فقد وصلت تلك المشاكل عالية الصوت حتى للجيران ممن باتوا يسألون ابناء البيت «شنو صاير عندكم؟» مما يعطي دلالة على استفحالها وخروجها عن التباينات الصحية المعتادة القائمة في البيوت الآمنة.

وضمن النهج الخاطئ الذي يزيد النار اشتعالا ادخال الابناء في المشاكل التي تحدث بين الطرفين القاطنين في البيت فيستقوي احدهما بالابناء لاخضاع الطرف الآخر ويتسابقان في بعض الاحيان بمحاولة كسب الابناء عن طريق تدليلهم واغراقهم بالمنح المالية التي تضر في النهاية أكثر مما تنفع كونها تعودهم على النهج الاستهلاكي الضار.

وإحدى الدلالات القاطعة على استفحال المشاكل بين طرفي البيت في الماضي هي تكرار حدوث الطلاق البائن وغير البائن بينهما (الحل الدستوري وغير الدستوري) الذي هو بمثابة ابغض الحلال، او حتى انتشار اخبار التهديد به، وفي هذا السياق تنتشر هذه الايام اشاعات عن الرغبة بانشاء مجلس رديف هو اقرب للتهديد باتخاذ ضرة على الزوجة كي تخفف من غلوها وتعديها على صلاحيات الزوج ضمن المثال القائم.

ان حل اشكالات البيت الابيض المطل على البحر ومعه حل اشكال اي بيت كويتي يتعرض لمثل تلك الامور السالبة يكمن في عدة امور مجتمعة، اولها ابداء حسن النوايا من جميع الاطراف والعزم على بداية جديدة توقف ما كان يحدث في الماضي والذي تسبب في جانب منه بزهد بعض ابناء البيت بما يجري في منزلهم من مشاكل متصلة تصرف القائمين عليه عن ترميمه والاعتناء به في وقت تفرغ فيه الجيران لتعمير بيوتهم حتى اصبحت اجمل من البيت الذي كان يسمى في وقت ما لؤلؤة الفريج.
 
لقد اطلعت على برنامج عمل الحكومة وما اصدرته وزارة التخطيط من خارطة طريق مفصلة لاعمار الكويت ـ او البيت ـ بكلفة 13.6 مليار دينار لتجعله مرة اخرى احد اجمل بيوت المنطقة وتوفر لابنائه فرص العمل والسعادة المطلوبة ولا يحتاج الامر بعد الايمان بالبداية الجديدة وعدم اجترار الماضي الا ان يقلل اصحاب المنزل من الاضواء على ما يجري بينهم من نقاشات تستهدف الصالح العام فالبيت السعيد هو البيت الذي لا يسمع له اي صوت، لا من يصرخ اطرافه كل صباح في آذان ابنائه وجيرانه بمشاكلهم.

آخر محطة:
عمر الحكومة والمجلس لا يزيد عن 3 شهور مما يعني عدم عدالة محاسبة اي وزير لقصر المدة، هل نطمح ضمن البداية الجديدة التي يرومها الناس في رفع شعار «عفا الله عما سلف» كي لا يشل البيت ـ كالعادة ـ باستجواب جديد يشغل الانظار عن الزلازل والعواصف المزمجرة التي تهب حولنا؟

نرجو ذلك.

سامي النصف

خطاب النوخذة وأحوال السفينة

جاء الخطاب السامي لأمير البلاد المفدى ونوخذة سفينتها واضحاً في كلماته ومعانيه، وما تحتاجه البلاد هو ترجمة سريعة لما جاء في الخطاب السامي من تعزيز لمبدأ فصل السلطات وعدم تعدي بعضها على صلاحيات البعض الآخرش، ثم حاجة أعضاء السلطتين للجلوس معاً والاتفاق على سلم أولويات وطنية محددة، حتى لا تضيع الجهود وتتسارع الأيام في أفعال حكومية وردود أفعال مضادة نيابية تبقي الوطن في حالة سكون وهو ما لا يوده الناس.

ونود ان نشهد ـ كترجمة للخطاب السامي ـ البدء في التحضير لاجتماع وطني ينظر في مستوى التعليم المحلي الذي لم يعد يواكب العصر وان نبدأ في الأخذ بالمناهج التعليمية والتربوية المتقدمة التي تحيل شبابنا الى نهج الاحتراف في العمل الذي تتكالب عليه انظار الشركات المحلية والأجنبية لا ان يضحوا عالة على أنفسهم ومجتمعهم ومقار عملهم.

وقد التفت سموه الى واقع الصحافة والإعلام المحلي مُطالباً إياها بالبعد عن التجريح والإثارة والتأجيج، مع وضع مصلحة الوطن طوال الوقت فوق كل اعتبار، والترجمة العملية لتلك الكلمات الحانية والهادفة لاستقرار المجتمع الكويتي تعني، ونحن على أبواب الإصدارات الإعلامية والصحافية الجديدة، ان يشعر القائمون على شؤون المؤسسات الإعلامية ومعهم كل محرر وكل صاحب قلم بمسؤولية تجاه وطنه فيبتعد عن التأجيج والتجريح وما يخدش وحدتنا الوطنية.

وعرج الخطاب السامي الى المتغيرات الدولية المحيطة بنا وضرورة ان نكون أمامها من الثبات، بحيث لا تجرفنا، ومن المرونة كي لا تتجاوزنا، داعياً الى تعزيز أواصر الصداقة والتعاون الفاعل مع الدول الشقيقة والصديقة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

وقد أتى خطابا رئيس مجلس الأمة وسمو رئيس مجلس الوزراء مكملين ومترجمين لخطاب سمو الأمير ـ حفظه الله ـ مما يعني ان مسار رحلة سفينة الوطن واضح وشفاف أمام الجميع، ولا يبقى إلا ان تترجم تلك الكلمات الحكيمة إلى برامج عمل متســـارعة، يشعر ويحـس بها المواطن الذي يجب علـــيه بالمقابل ان يعرف دوره المسـاهم في حركة سفينة الوطن المبحرة بعون الله وحفظه الى مستقبل مشرق، لقد وضعت بالأمس خارطة طريق ومسار عمل، فلتفرد الأشرعة، ولتتهادى السفينة فوق الماء، فالرياح مواتية والفرصة ذهبية يجب ألا نضيعها بالخلاف والتباين.