سامي النصف

أخطاء شائعة في الثقافة السائدة

منذ عهد الاستقلال الاول ونحن نعيش ثقافات سائدة تم السكوت عنها فكبرت واستشرت حتى أضرت، منها الايمان القاطع لقطاع من الشباب والبراعم الصغار بأن الاوضاع الحالية كحلية، وان المستقبل مظلم وكل شيء في البلد خطأ وكل قرار خطيئة، وهو ما يجعل تلك النظرة السوداوية التشاؤمية تؤثر في النهاية على انتاجيتهم في العمل وصحتهم الشخصية، بل انها أحد أسباب دفع بعضهم للتطرف والمخدرات والتسبب في حوادث السيارات، فمن سودت الصورة أمامه حتى أصبح لا يرى إلا ظلاما في ظلام لا نستبعد عنه أن يرخص حياته حتى يودعها أول عمود نور في طريقه.

ومن الثقافات السائدة التي لها أثر سالب على أداء البلاد العام ولعبته السياسية الاعتقاد الراسخ لدى البعض بأن الحكومات المتعاقبة التي ضمت مئات اذا لم نقل آلاف الكويتيين ممن عملوا كوزراء ومسؤولين كبار لا ينامون الليل تآمراً على مكتسبات الناس «الذين هم في النهاية منهم» ولا يقل لنا أحد: لماذا لم نسمع قط من المسؤولين السابقين تفاصيل تلك المؤامرات الضارة والخطط الجهنمية التي تخطط ضدنا؟!

لنحسن النوايا في المبدأ والمنتهى ولنوقف هذه الايام اشاعات «الحل» التي هي أقرب لأكذوبة جحا التي صدقها من قالها. ومن تلك الثقافات الخاطئة المتوارثة القبول بمبدأ الاستجواب على «الهوية» لا على «القضية» فما دام هذا الوزير لا يستقبلنا بالطريقة التي نودها أو ذاك لا يبتسم بوجوهنا يحق لنا استجوابه، بل ومحاولة جمع أصوات طرح الثقة قبل المداولة وسماع رد، ولا يهم في هذا السياق مدى اخلاصه وتطويره لعمله أو حتى ما ستخسره الكويت من خسارتنا كمواطنين له ولإصلاحاته.

ومن تلك الثقافات غير الصائبة الاعتقاد بأن جهاز خدمة المواطن ما خلق الا للتدخل في الانتخابات النيابية وترجيح كفة على كفة، والحقيقة ان ذلك الجهاز ـ كما هو مسمى ـ وضع لخدمة المواطن الكويتي، وهو ما يعمله طوال العام حيث يستقبل معاملات المواطنين ويحاول تسهيلها ومتابعتها لدى الوزارات المختلفة، ومن ثم فهو لا يملك صلاحية بذاته لعمل أي شيء مما قيل عنه.
 
والـ B.O.T ليس مخدرا أو شيئا محرما حتى تترسخ ثقافة «اتهام» بعض الناس بتعاطيه، قبل ذلك النظام كان المواطنون يهربون من مطار الكويت فأصبحوا بعده يتقاطرون عليه، وتسبب ذلك النظام في خلق أسواق ومطاعم ومراكز ترفيهية ما كنا نحلم بها وأصبح ملايين المواطنين والمقيمين يستمتعون بها ويزورنا عشرات آلاف السائحين الخليجيين لرؤيتها والاستمتاع بها، لنوقف على الفور ثقافة قطع الرأس لعلاج الصداع والايمان بمبدأ هدم المعبد على الجميع أو سياسة الارض المحروقة التي لا تبقي ولا تذر، في النهاية، الكويت بألف خير وسنستمتع بها أكثر كلما أسرعنا جميعا بالتخلص من الثقافات السالبة السابقة، وأكثرنا من «الواقعية» و«التفاؤل» و«الاعتدال» في حياتنا اليومية، لنجرب هذه الثقافة الجديدة وستختفي المشاكل ونشعر كم هي جميلة الحياة في الكويت.

آخر محطة:
يصوت بعض الديموقراطيين في الكونغرس الأميركي مع الجمهوريين والعكس صحيح دون أن يحاسب أحد على ذلك كون الديموقراطية في البدء والمنتهى هي الايمان بالحوار كوسيلة للاقناع وترسيخ مبدأ الرأي والرأي الآخر بعيداً عن نظرية العصا الغليظة.