سامي النصف

سفراء وإعدام صدام

ربيع 1990، الوضع في الكويت والخليج هادئ الى اجل غير مسمى نتيجة لتوقف الحرب العراقية الايرانية وقبول ايران لشروط المجتمع الدولي وتطبيق القرار 598، ومن ثم انتهى الخوف في دول الخليج من احتلال ايران للعراق والتوجه جنوبا لباقي دول الخليج.

وكان العراق قد خرج منتصرا من تلك الحرب بسبب الدعم المباشر له من قبل دول الخليج التي اثنى عليها صدام اكثر من مرة وخصوصا الكويت، وكان واضحا آنذاك ان الشعب والجيش والقيادة العراقية قد ملت من حروب الخارج والداخل التي استمرت سنوات طويلة، وكانت القيادة العراقية تستجدي العالم كل صباح لوقف الحرب الاخيرة ومن ثم كان العراق يحتاج الى ما لا يقل عن 10 سنوات من الهدوء والسكينة لاعمار ما دمرته الحروب المتلاحقة.

في مثل هذا الجو الهادئ والمسالم والتصور الواقعي في حينه كان يفترض بأي دولة مؤثرة تعتزم تعيين سفير جديد لها في الكويت ان تختار من هو قريب من التقاعد لترشيحه سفيرا في بلدنا وان تترك سفراءها المؤثرين والفاعلين لعواصم دول المواجهة الساخنة في المنطقة كسورية ولبنان واسرائيل.

الا ان ما حدث في ربيع 90 كان على العكس من ذلك تماما، فإحدى الدول المؤثرة الكبرى في العالم رشحت مدير ادارة الشرق الاوسط في وزارة خارجيتها سفيرا لها في الكويت، كما رشحت دولة عربية مؤثرة رئيس مخابراتها في الوقت ذاته سفيرا لها في عاصمتنا، وواضح ان حسابات هاتين الدولتين قد تم بناؤها لا من تصريحات واكاذيب صدام المطمئنة بل من افعاله ومنها حفاظه على قدراته العسكرية في مرحلة سلام كان يفترض ان يسرح بها جيشه، اضافة الى افتعاله عمليات تسخين غير مبررة ضد المجتمع الدولي لتبرير بقاء عملية تسلحه، كما التزمت قياداته باللبس العسكري الخاكي بدلا من المدني الذي يرمز للسلام.

نذكر تلك الوقائع ونحن نرقب اعادة دولة اسلامية مؤثرة في المنطقة تعيين سفير سابق لها في بلدنا مرة اخرى ممن لهم صلة ومعرفة وثيقة بالداخل الكويتي بعد ان امضى ـ كما سمعت ـ سنوات عديدة في وزارة الداخلية ـ لا الخارجية ـ في بلده، وقد يرى البعض ان لهذا التعيين دلالات على ان قيادات بلده موقنة بقيام احداث ساخنة في المنطقة تحوجهم لسفراء لديهم معرفة مسبقة بشؤون الداخل الخليجي حيث قد لا يكون هناك وقت كاف لتعلمه.

والله اعلم.

آخر محطة:
لا مبرر للفرحة الكبرى بصدور حكم الاعدام على صدام فالاجراءات الدستورية العراقية تحتاج في النهاية لتصديق القيادات العراقية الثلاث عليه والتي أعلنت احداها قبل اشهر ـ ونعني الرئيس جلال الطالباني ـ انها لن تصدق على حكم اعدام صدام ان صدر، وهو امر قد يقوم بمثله رئيس مجلس النواب، اضافة الى وجود 10 قضايا اخرى تحتاج الواحدة منها الى عام على الاقل يعني «عقد» بالمجمل، الخوف ان يموت اهالي الضحايا ولم يعدم صدام.