د. أحمد الخطيب

الكويت من الإمارة إلى الدولة (5)

محطّات من العمل القومي والوطني

منذ عودتي إلى الكويت كان لي برنامج يومي تقريباً التزمته لفترة من الزمن، فحالما أنتهي من دوامي بوزارة الصحة، أتوقف في سوق التجار ثم أمرّ على الشيخ سعد العبدالله الصباح في مكتبه قبل الذهاب إلى البيت للغداء، ثم أعود إلى الدوام في الصحة يلي ذلك اجتماعات تنظيمية وزيارات للدواوين. كانت الصرامة في استخدام الوقت أفضل استخدام عنصراً مهماً في العمل السياسي والاجتماعي، فمن ممارسة ملتزمة للطب وتكريس وقت للعلاقات الاجتماعية والعمل التنظيمي، وهكذا كان هناك تواصل دائم مع التجار، إضافة إلى وجود علاقة منفتحة وخالية من العقد مع الأسرة الحاكمة. ولعل أحد الأمثلة الدالة على ذلك أنه حينما أنشأنا لجنة شعبية لجمع التبرعات اتصل بنا الشيخ سعد العبدالله الصباح طالباً الانضمام إلى تلك اللجنة. ويتجلى المثال الآخر من خلال حادثة إغلاق جريدة «الفجر»، التي كانت قد أغلقت بأمر من دائرة المطبوعات التي كان يرأسها الشيخ صباح الأحمد الصباح، وقد تصادف خارج البلاد بعد ذلك القرار فكان أن ذهب يعقوب الحميضي للحديث مع الشيخ جابر الأحمد الصباح في مدينة الأحمدي مطالباً إياه بالسماح للفجر بالعودة إلى الصدور، وقد أمر بإعادة صدورها فوراً، وطلب منا أن نلتقي عنده في «الجوهرة»، وأفصح لنا عن رغبته في وجود دستور للكويت عندما ذهبنا إليه أنا ويوسف إبراهيم الغانم وجاسم القطامي، وبدأنا منذ ذلك الوقت نعمل معاً لتحقيق هذا الهدف، وعقدنا عدة اجتماعات في بيته «الجوهرة» لبحث مجمل الأوضاع في الكويت. متابعة قراءة الكويت من الإمارة إلى الدولة (5)

د. أحمد الخطيب

الكويت من الإمارة إلى الدولة (4)

الكويت بوابة الانفتاح

لم تكن عودتي إلى الكويت عادية هذه المرة. عدت محملاً بمشروع قومي
واعد كنت أرى فيه خلاص الأمة من الضياع والتشتت، ولربما يتمثل في تحقيقه
الوصول إلى آمال هذه الأمة نحو التقدم والرفاهية. كذلك عدت هذه المرة بتجربة
تنظيمية وسياسية ثرية، كنت أرى أنها تعني الكثير لنهوض الكويت، ذلك البلد
الصغير الذي كنت قد تركته شاباً صغيرًا، وعدت إليه كأوّل طبيب كويتي.

متابعة قراءة الكويت من الإمارة إلى الدولة (4)

د. أحمد الخطيب

الكويت من الإمارة إلى الدولة (3)

أيـام الدراسـة وأحداثـها

إذاً، فطفولتي وحتى فترة مراهقتي بعيداً عن الوطن وبداية تعليمي بالخارج لم تكن عادية على الإطلاق، إلا أن تلك الأجواء العامة الجميلة وبوجود شخصية كخالد العدساني وصديق كمرزوق فهد المرزوق، جعلتنا نفكر ونحن طلاب في المرحلة الثانوية أن نعمل شيئاً من أجل الكويت ونبدأ بإنشاء نادٍ أدبي في المرحلة الأولى من عملنا الوطني. فاتصلنا نحن الثلاثة، أنا ومرزوق فهد المرزوق وعبدالله يوسف الغانم، بالطلبة الكويتيين الدارسين في مصر نطلب منهم التعاون والتنسيق، وكان ردهم إيجابياً. واتفقنا أن نلتقي في إجازة الصيف بالكويت لنطرح الموضوع على بعض الأصدقاء الموجودين في الكويت، وتم ذلك. متابعة قراءة الكويت من الإمارة إلى الدولة (3)

د. أحمد الخطيب

الكويت من الإمارة إلى الدولة (2)

الـطـريـق إلـى الجامعة

لم يكن قرار السفر إلى الخارج للدراسة لشاب في الرابعة عشرة من عمره وبوصاية والدة لا تعرف القراءة والكتابة بالقرار السهل. لعلها كانت قوة شخصية الوالدة، وكونها قد تحملت مشقة تربيتنا، وكدحت لإعاشتنا. لعلها إذاً قد رأت في التعليم فرصة لحياة أفضل، أو لعلها رأت فيه تعويضاً عما قاسيناه في حياتنا، وخصوصاً بعد إصابة الوالد. وهكذا لم تمانع في سفر أخي عقاب للدراسة في البحرين، ولا في سفري إلى بيروت. أما أنا فلعلي لم أدرك مشقة الغربة، أو أن إحساسي بمصاب والدي، الذي لم يعالج معالجة صحيحة بعد معركة هدية، وبقي الكسر الكامل ليده اليمنى كما هو دون أن يلتئم، كان دافعاً للسفر لتحصيل العلم والعودة لتعويض والدتنا ما تحملته من شقاء. متابعة قراءة الكويت من الإمارة إلى الدولة (2)

د. أحمد الخطيب

الكويت من الإمارة إلى الدولة (1)

البدايات… من الدهلة إلى بيروت

“الدهلة” فريج أو حي صغير من أحياء مدينة الكويت القديمة يقع في وسطها تقريباً، بين حديقة البلدية الآن التي شيدت في موقع مقبرة قديمة على شارع الجهرا غرباً وسوق واجف شرقاً والصفاة جنوباً وفي الشمال حي السبت الذي يعزل الدهلة عن فريج الجبلة وفريج سعود اللذين ينتهيان “بالفرضة” الميناء التجاري الرئيسي للكويت في ذلك الزمان. وفي ذلك الوقت من عام 1928 وفي ذلك الحي ولدت. متابعة قراءة الكويت من الإمارة إلى الدولة (1)