أ.د. غانم النجار

زمن عبدالله السالم الاستقلال 10 جمال عبدالناصر

ما إن أعلنت الكويت استقلالها في 19 يونيو 1961 حتى توالت البرقيات من العديد من زعماء الدول في المنطقة وخارجها. وقد تطرقنا لبرقية رئيس الوزراء العراقي عبدالكريم قاسم التي وصلت في 21 يونيو، والتي كان فيها من التلميحات المبطنة الكثير، كما عرضنا كيف رد عليها الشيخ عبدالله السالم.

إلا أن تأخر وصول برقية بعينها أثار شيئاً من القلق. وصلت البرقية المنتظرة أخيراً بعد خمسة أيام، وكانت من جمال عبدالناصر، وتضمنت تأكيد الموقف الداعم لاستقلال الكويت مثل “في هذا اليوم الأغر الذي انبثق فيه فجر جديد في تاريخ الوطن العربي باستقلال الكويت وسيادتها، لا يسعني إلا أن أبادر بالإعراب عن ابتهاج شعب الجمهورية العربية المتحدة، وعظيم اغتباطنا لهذا الحدث التاريخي المجيد…”. متابعة قراءة زمن عبدالله السالم الاستقلال 10 جمال عبدالناصر

أ.د. غانم النجار

زمن عبدالله السالم الاستقلال 9 لماذا بكى الشيخ؟

بدأ هجوم قاسم القاسي على الكويت عموماً وعبدالله السالم خصوصاً يتصاعد بحدة، حكاية شبيهة بما مر علينا في ١٩٩٠. والتي بدأت بـ”قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق”، ثم اجتياح فاحتلال دام سبعة أشهر، ثم ادعاء بتبعيتنا لمملكة حمورابي، هكذا. التاريخ لا يعيد نفسه، ربما تتشابه الأحداث، ولكن تتباين التفاصيل. يروى عن ماركس قوله “التاريخ يعيد نفسه مرتين، الأولى كمأساة والثانية كمهزلة”. متابعة قراءة زمن عبدالله السالم الاستقلال 9 لماذا بكى الشيخ؟

أ.د. غانم النجار

زمن عبدالله السالم الاستقلال ٨ بين «عبد الله» و«كريم»

جاء “الزعيم الأوحد” عبدالكريم قاسم لحكم العراق في ١٩٥٨ عبر انقلاب دموي، أسقط فيه الحكم الملكي. وظل في الحكم حتى أطاح به انقلاب آخر سنة ١٩٦٣، وأعدم رمياً بالرصاص، ونشرت صورته مقتولاً، فكان الانقلابيون أشد قسوة من قسوته، أو كما قيل في المثل رحم الله الحجاج عن ابنه. أحد شخصيات انقلاب ١٩٦٣ كان عبدالسلام عارف، كان هو من أطلق عبارة “لا زعيم إلا كريم وهذا حدنا وياكم” الشهيرة. اشتهر قاسم بألقابه الكثيرة، مثل “الغضنفر” و”أبودعير” و”الزعيم العبقري” و”الأسد الهصور” و”الرجل الرجل” و”المعلم الأول”، وألفوا فيه الأغاني مثل “عبدالكريم كل القلوب تهواك” و”أرواح الشعب فدوى لابن قاسم”. كما قيل إن صورته ظهرت على وجه القمر، كما أكد البعض أنهم رأوا صورته على بيضة دجاجة. متابعة قراءة زمن عبدالله السالم الاستقلال ٨ بين «عبد الله» و«كريم»

أ.د. غانم النجار

زمن عبدالله السالم الاستقلال وأصياف الكويت ٧

الصيف جمعه أصياف، ولأمر ما تحتدم الأمور وتشتد سياسياً في أصياف الكويت أكثر من أشتائها. هل هي درجة الحرارة؟ وهكذا ظهرت أزمة الكويت في ١٩٦١، واستقلالها، وكذلك غزوها، كما كان حل مجلس الأمة مرتين بأدوات غير دستورية في ١٩٧٦ و١٩٨٦، كلها كانت أحداثاً صيفية. والآن اشتعلت أزمة سياسية دون سابق إنذار بسبب قانون الإعدام السياسي الذي أصدره مجلس الأمة مؤخراً في الصيف أيضاً.

إذاً أصياف الكويت على عكس ما يفترض تتجه للسخونة السياسية، لتتوافق بذلك ربما مع سخونة الجو وارتفاع درجة الحرارة. متابعة قراءة زمن عبدالله السالم الاستقلال وأصياف الكويت ٧

أ.د. غانم النجار

زمن عبدالله السالم الاستقلال والعزل السياسي 6

قام مجلس الأمة مؤخراً بتعديل قانون الانتخاب باتجاه “العزل السياسي”، بحرمانه بصورة دائمة وأبدية، لمن “أدينوا” بالإساءة. ومع أهمية الجدل الدائر حول تطبيق المنع على عدد من السياسيين، إلا أن ذلك البعد هو الأقل أهمية، فالقانون سيكون سيفاً مصلتاً على الجميع، وحرمان مواطنين من حقوقهم إلى الأبد.

رفض التعديل لا يعني الموافقة على الإساءة، فالأمر مشابه لما أصدره مجلس فبراير ٢٠١٢ متواطئاً مع الحكومة ضد الناس، قانون “إعدام المسيء”، فكانت حكمة صاحب السمو بالمرصاد لذلك الانحراف التشريعي، مستخدماً صلاحياته الدستورية حين رد القانون. متابعة قراءة زمن عبدالله السالم الاستقلال والعزل السياسي 6

أ.د. غانم النجار

زمن عبدالله السالم الاستقلال ٥

“أزمة الكويت”، كما تعرف في أدبيات العلاقات الدولية، والتي نتجت عن رفض الزعيم العراقي عبدالكريم قاسم استقلال الكويت في يونيو ١٩٦١، شكلت الكثير من ملامح النظام السياسي الفريد للكويت المستقلة. وبغض النظر عن التفاصيل، إلا أنه ثبت بالدليل القاطع أن سلوك قاسم الأهوج، ومن بعده سلوك صدام، كانا قد تما بالسر، وبشكل فردي.

ما إن أعلن الاستقلال، حتى بعث قاسم في ٢١ يونيو ببرقية للشيخ عبدالله السالم قال في جزء منها:

“سيادة الأخ الجليل عبدالله السالم الصباح – الكويت

علمت بسرور بأن الإنجليز قد اعترفوا بالغاء الاتفاقية المزورة غير الشرعية، وغير المعترف بها دوليا، والتي سموها اتفاقية ١٨٩٩ بعد أن عقدوها بالباطل مع الشيخ مبارك الصباح، قائمقام الكويت التابع لولاية البصرة، دون علم إخوته في الكويت، ودون علم السلطات الشرعية في العراق آنذاك. وقد سبق للشيخ حمود أن رفض التوقيع عليها أو تنفيذها، الأمر الذي اضطر الإنجليز على تهيئة شهود الزور من عملائهم، للتصديق على توقيعها. فالحمد لله الذي هو وحده ينقذ العالم من التبعية والاستعمار، ومن جريمة الكفر بحق العرب والمسلمين، وبحق الوطن وبحق إخوانكم في العراق… ونؤكد لكم أننا سنبقى ونحن إخوانكم في الجمهورية العراقية الخالدة، لا تنطلي علينا خدعة الاستعمار، وسنظل نعمل بقوة وعزم لنصرة العرب والمسلمين… وختاما فإننا نرجو لشخصكم الكريم بالذات ولإخواننا الكرام أهل الكويت الشقيق كل خير وتقدم ورفاه”.

متابعة قراءة زمن عبدالله السالم الاستقلال ٥

أ.د. غانم النجار

زمن عبدالله السالم الاستقلال 4

تصادف يوم أمس الذكرى الـ٥٥ لاستقلال الكويت. وكالعادة تمر الذكرى مرور الكرام، بلا “إحم” ولا “دستور”. ما علينا، فحديثنا عن الاستقلال وحقبته، وليس عن الحقبة الحالية، فوجه الله أبرك.

عانى الشيخ عبدالله السالم في ١٩٥٨، وهي السنة الأخيرة للحكم الملكي في العراق، من ضغوطات رئيس الوزراء العراقي نوري السعيد، مستخدماً كل ما لديه من علاقات ومكانة خاصة لدى الإنكليز لضم الكويت للاتحاد الهاشمي العربي، والذي تشكل في نفس السنة من العراق والأردن. كان عبدالله السالم مطلعاً على تلك الضغوط، مدركاً تفوق نوري السعيد عليه وحظوته لدى البريطانيين. كما زاد من دواعي القلق تباين الرؤى البريطانية حول مشروع ضم الكويت. ومع أن رسائل مطمئنة كانت قد وصلت إلا أن الخوف كان منطقياً ومبرراً. وهكذا لم يكتف عبدالله السالم بتلك التطمينات، بل تحرك بفطنة عالية تجاه مصر عبدالناصر، الذي رأى في الاتحاد الهاشمي مشروعاً استعمارياً لمحاصرة الجمهورية العربية المتحدة المشكلة في نفس السنة من مصر وسورية. يضاف إلى ذلك تشكيل حلف بغداد الذي رآه عبدالناصر مرتكزاً للنفوذ الاستعماري في المنطقة، فكان أن تطابقت مصالح الكويت مع مصالح الجمهورية العربية المتحدة، يضاف إليها كيمياء شخصية إيجابية بين جمال وعبدالله. زار عبدالله السالم بغداد في ١٩٥٨، وتعرض خلالها لضغوط كبيرة من قبل مضيفيه، فأعلن حينها أنه سيغادر بغداد إلى مصر. وعبثاً حاول مضيفوه في بغداد ثنيه عن زيارة مصر. غادر بغداد للقاهرة، وعلى الرغم من أن عبدالناصر كان خارج مصر لالتزامات مسبقة، لكنه أصر على الانتظار، لتثبيت الموقف، الارتباط الاستراتيجي بمصر. متابعة قراءة زمن عبدالله السالم الاستقلال 4

أ.د. غانم النجار

زمن عبدالله السالم الاستقلال ٣

ربما كان الشيخ عبدالله السالم هو الحاكم الوحيد الذي تعاقبت عليه ثلاثة أنظمة عراقية مختلفة ومتباينة. فقد عايش نظام الحكم الملكي لثماني سنوات، عانى فيها الأمرين من تحركات نوري السعيد رئيس الوزراء العراقي، الذي ضغط لضم الكويت للاتحاد الهاشمي العربي، المكون من العراق والأردن، حتى جاء انقلاب عبدالكريم قاسم ليطيح بالحكم الملكي. وكان عبدالله السالم من أوائل المهنئين بالانقلاب/ الثورة، فقد أزاح عن كاهله عبء نوري السعيد المقرب من البريطانيين. حاول نوري الهروب بتنكره بلبسه عباية، وقيل دون دليل بأن الأغنية الشهيرة “يا أم العباية” كانت عن نوري السعيد، إلا أن الجانب المأساوي في تلك الحكاية غير خاف، حيث تم سحل جثته، وأفراد آخرين من الأسرة المالكة ومقربين منها. عايش عبدالله السالم حكم نظام عبدالكريم قاسم لخمس سنوات أيضاً عانى فيها الكثير من الضغوطات، وبالذات بعد إعلان استقلال الكويت في يونيو ١٩٦١. حينها أعلن قاسم أن الكويت “قضاء سليب” كان تابعاً لولاية البصرة العثمانية، على أساس أنه وريث شرعي للعثمانيين. كان قد فعل ذلك دون إبلاغ المقربين له بما في ذلك وزير خارجيته المعتق حينذاك هاشمجواد، وقد تصرف صدام بسلوك مشابه قبل غزوه الكويت سنة ١٩٩٠. كما تمكن قاسم من منع الكويت من عضوية الأمم المتحدة عن طريق علاقته بالاتحاد السوفياتي الذي استخدم حق النقض الفيتو ضد الكويت. أطيح بقاسم في انقلاب قام به البعثيون بنسختهم الأولى في ١٩٦٣، وتم قتله في مكتبه وتم عرض جثته بالتلفزيون. فعايش عبدالله السالم نظاماً سياسياً عراقياً ثالثاً مدة سنتين أخريين حتى توفاه الله في نوفمبر ١٩٦٥. ومع أن الشيخ أحمد الجابر، كان قد حكم البلاد ضعف المدة تقريباً التي حكمها الشيخ عبدالله السالم إلا أنه تعامل فقط مع العراق الملكي، ومع أنه تعرض لضغوط مختلفة من جهة العراق، إلا أن حدتها وطبيعتها كانتا مختلفتين. بل إن الضغط الأشد الذي واجهه أحمد الجابر لم يكن مصدره العراق فحسب، بل كانت بريطانيا حين اقتطعت في سنة ١٩٢٢، وخلال ما عرف بمؤتمر العقير ثلثي مساحة الكويت، فبعد أن كانت مساحة الكويت تقارب ٥٤ ألف كيلومتر مربع انكمشت إلى ١٨ ألف كيلومتر مربع، ومع أن وقع ذلك كان قاسياً على أحمد الجابر إلا أنه لم يستطع فعل شيء. وحين أبدى اعتراضه للمقيم السياسي البريطاني حينذاك بيرسي كوكس، رد عليه كوكس بأنه من الأفضل لكم أن تقبلوا اقتطاع ثلثي مساحة بلادكم سلمياً وإلا قد يقتطعها جيرانكم بالقوة، هكذا كان. متابعة قراءة زمن عبدالله السالم الاستقلال ٣

أ.د. غانم النجار

زمن عبدالله السالم الاستقلال ٢

لا تحتفل الكويت بذكرى استقلالها في اليوم الذي تم فيه فعلاً، وهو ١٩ يونيو ١٩٦١، بل تحتفل به في تاريخ ٢٥ فبراير، وهو تاريخ ما كان يطلق عليه “عيد الجلوس”، الذي تولى فيه الشيخ عبدالله السالم الحكم سنة ١٩٥٠، واستمر الاحتفال بعيد الجلوس حتى بعد الاستقلال، وتم دمج “الجلوس” بالاستقلال في الذكرى الخامسة لعيد الجلوس في ٢٥ فبراير ١٩٦٥، وحينها تم دمج المناسبتين وتسميتهما “العيد الوطني”. متابعة قراءة زمن عبدالله السالم الاستقلال ٢

أ.د. غانم النجار

زمن عبدالله السالم الاستقلال ١

مع حلول شهر رمضان قد تجد الكتابة نمطاً آخر، عن زمن عبدالله السالم، خاصة أننا نقترب من الذكرى الخامسة والخمسين للاستقلال، ففيها وخلال أحداثها تمت صياغة معالم الكويت الحديثة، بإيجابياتها وسلبياتها.

في تمام الساعة التاسعة صباحا، في قصر السيف، وبحضور الشيخ عبدالله السالم، والمقيم البريطاني في الخليج وليام لوس، والمعتمد السياسي البريطاني في الكويت جون ريتشموند، استقلت الكويت عن بريطانيا في ١٩ يونيو ١٩٦١، حيث تم استبدال اتفاقية حماية ١٨٩٩ بين بريطانيا والكويت، باتفاقية صداقة لتصبح الكويت بعدها “دولة مستقلة ذات سيادة”، وبذلك صار جون ريتشموند أول سفير لبريطانيا بالكويت. وعلى أثر ذلك أعلن رئيس الوزراء العراقي حينذاك عبدالكريم قاسم أن الكويت ليست إلا قضاء تابعاً لولاية البصرة، بحجة أن العراق الحديث وريث للإمبراطورية العثمانية، وهي وراثة غير مستحقة على أي حال. “أزمة الكويت” تلك تكونت من خمس محطات: إعلان الاستقلال، فتهديد بالضم، فدخول منظمات إقليمية ودولية على الخط، فإنزال عسكري من دولة كبرى هي بريطانيا، فدخول جيش عربي ومغادرة الجيش البريطاني. ومع أن الدراسات المتعمقة للوثائق البريطانية أثبتت أن الأزمة كانت مفتعلة، شارك فيها قاسم والبريطانيون، وعلى رأسهم سفير بريطانيا ببغداد همفري تريفليان، إلا أن “أزمة الكويت” ظلت حالة تقليدية مهمة في أدبيات العلاقات الدولية ومازالت. متابعة قراءة زمن عبدالله السالم الاستقلال ١